Ch55 بانغوان
كان صحيحًا أن المراسلة لم تُشكّل مشكلة لتشو شو
لكنها مشكلة كبيرة لـ ' عجوز ' وُلِد في أوائل القرن العشرين
ذلك العجوز لم يكن يعرف حقًا كيف يستعمل الهاتف،
وفوق ذلك كان هناك دائمًا أشخاص يدخلون ويخرجون
حوله، يشوّشون عليه أفعاله وأفكاره
حين ناول شيا تشياو هاتفه إلى وين شي
فكّر أن الأمر سيكون أسهل : حتى لو استبعدوا أسلوب
الإدخال ذو الخمس ضربات ، فـ البينيين (النطق اللاتيني)
يجب أن يكون مناسبًا
فقد تذكّر شيئًا قاله له الغا سابقاً :
“ لقد متّ في عام 1995، وليس 1965.”
ولكي لا يتكرر سوء الفهم الذي حصل مع علبة الصودا ،
قرر شيا تشياو أن يجنب نفسه المشاكل ،
فقام مباشرةً بتحويل لوحة المفاتيح من نمط T9 إلى نمط QWERTY.
وأشار إلى الحروف قائلًا:
“ غا ، كل ما عليك هو أن تغيّر الكلمة إلى بينيين وتكتبها
حرفًا حرفًا ،
ثم تختار الحرف الصيني الصحيح من هذا الصف العلوي هنا .”
عبس العجوز بحاجبيه الوسيمين وحدّق في حروف لوحة
مفاتيح QWERTY لعدّة ثوانٍ ، ثم قال ببرود :
“ لم أتعلّم البينيين قط "
عند سماع ذلك ، تأكّد شيا تشياو على الأقل أنّ غا يعرف ما
هو البينيين، لكنه ازداد حيرة :
“ كيف ذلك؟
أليس البينيين كان شائعًا جدًا بحلول عام 1995؟”
رفع وين شي نظره إليه وقال :
“ أنا أُجيد قراءة الحروف مباشرةً ، فلماذا أتعلم البينيين ؟”
شيا تشياو: “…”
ثم قال بخجل: “ آسف، أنا غبي .”
تابع سريعًا ليصحح خطأه ، ربما خوفًا من أن يُهاجمه الغا بالكلمات:
“ في هذه الحالة… فلنستعمل الكتابة اليدوية .”
وبسرعة كبيرة بدّل إلى لوحة المفاتيح الخاصة بالكتابة اليدوية ، وقال:
“ هذا سهل جدًا .
فقط اكتب الحرف الذي تريده ، ثم اختر الصحيح من الأعلى .
إنه أبطأ قليلًا من البينيين، لكن لا توجد به مشاكل أخرى .”
على الأرجح أنّ وين شي أخذ موضوع البطء هذا على محمل الجد
ونتيجة لذلك بدأ يكتب الحروف بسرعة فائقة
فملأ الشاشة بخطوطٍ سريعة ومتشابكة
حدّق شيا تشياو مطولًا في ذلك
لم يكن هناك شك أنّ الخط بدا رائعًا جدًا ، لكن لم يتمكّن من قراءة أي كلمة منه
وبما أنّ شيا تشياو نفسه لم يستطع تمييزها،
فمن باب أولى أن برنامج الإدخال لن يفلح
فأخرجت الشاشة الترجمة الآلية التالية :
“ لسان أوركيد شوكة شيء كافي .”
شيا تشياو فكر مذهولًا { يا إلهي }
وين شي: “…”
وبوضوح ، كان صاحب الخط الأنيق غير راضٍ إطلاقًا عن نظام الإدخال ،
فأدار شاشة الهاتف نحو شيا تشياو وسأله ببرود:
“ ما هذا ؟”
مدّ شيا تشياو إصبعه بصمت وحذف سطر الهراء ذاك
كان على وشك أن يشرح له طريقة أخرى ، حينها وصلهما
صوت نقاش من الغرفة المجاورة
من المحتمل أنّ الدواء قد انتهى من الغلي في المطبخ
و كان لاو ماو في خضمّ نقاش محتدم مع التوأمين—يبدو
أنهم يبحثون عن شيءٍ ما
ثم دوّى صوت دا جاو من هناك مناديًا :
“ شياو تشياو هل أنت مشغول ؟”
ردّ شيا تشياو بصوتٍ عالٍ:
“ ااووه ؟ ما الأمر جيجي ؟”
رفع وين شي رأسه هو الآخر ونظر باتجاه المطبخ
قالت داجاو بصوتٍ صافٍ :
“ هل توجد مناشف ؟”
وأضافت شياوجاو:
“ أو مقبض أواني يكفي أيضًا .”
شيا تشياو: “ نعم ، يوجد .”
دا جاو: “ وأين هي؟ لم نجد شيئ .”
شيا تشياو: “ إنه في الخزانة هناك—”
سحب وين شي الهاتف منه وقطع الحديث قائلًا :
“ اذهب وساعدهم ، يمكننا متابعة هذا لاحقًا .”
وهذا بالضبط ما كان شيا تشياو يفكر به
فأطاع بسرعة واندفع نحو المطبخ ، ونعاله يطرق الأرض بإيقاعٍ متسارع
عاد الهدوء إلى غرفة المعيشة بعد ذلك
لم يبقَ فيها سوى وين شي، جالس وهو منحنٍ قليلًا فوق الهاتف بين يديه
عند باب المطبخ ، كان شيه وون متكئ وهو يلتفت فجأة
ليلقي نظرة نحو غرفة المعيشة
و اصطدمت نظراته بنظرات وين شي، فتجمد الأخير لحظةً
قصيرة ثم انزل بصره
أنزل عينيه من جديد وهو يعبث بهاتف شيا تشياو
وبعد ثوانٍ قليلة ، التقطت أذناه خُطىً خافتة تتجه نحوه
أصوات الخطوات تلك هادئة جدًا، أهدأ بكثير من الضوضاء
الصادرة من المطبخ، لكنها بالنسبة إلى وين شي كانت بالغة الوضوح
فبمجرد أن يسمع هذا الصوت، يعرف مباشرةً من القادم
لم يرفع وين شي رأسه
و جفناه فقط ارتعشت قليلًا ، كما لو أنّه ألقى نظرة عابرة
على قطعة ديكور فوق الطاولة أمامه
لكن حتى بذلك ، دخل شيه وون في مجال رؤيته الجانبية
الأريكة التي يجلس عليها وين شي كانت طويلة ، تسع ثلاثة أشخاص بسهولة
والآن بعد رحيل شيا تشياو، بقي المقعدان على جانبيه فارغين
توقف شيه وون عند حافة الطاولة، تمامًا في زاوية نظره
ومن طرف عينه لم يرَ وين شي سوى بنطال شيه وون
المفصّل الأنيق، يخفي الطاولة جزءًا صغيرًا منه
وبعد أن راقبه قليلًا، رفع وين شي بصره وسأل:
“ هل انتهى غلي الدواء ؟”
قال شيه وون وهو يميل برأسه قليلًا نحو المطبخ، دون أن يُبعد عينيه عن وين شي:
“ انتهى ... لاو ماو والبقية سيجلبونه بعد قليل .”
أجاب وين شي بهدوء: “همم.”
فتح شفتيه قليلًا ، لكنه لم يقل شيئ آخر
ورغم أن نظراتهما لا تزال متشابكة ، غرق الاثنان فجأة في صمتٍ ثقيل
هذا الصمت المفاجئ جعل الجو مشحونًا ، مثل وبرٍ تثيره
كهرباء ساكنة في يومٍ بارد
و كل شعرة منتصبة ، لكنها في الوقت ذاته ناعمة ورقيقة
أبعد شيه وون نظره قليلًا نحو المطبخ، بينما وين شي حوّل
تركيزه إلى مكان آخر بالفعل
وبينما يمرر إبهامه فوق شاشة الهاتف، قال بنبرةٍ متزنة:
“ لماذا تقف هكذا ؟”
لم يُجب شيه وون مباشرة
ربما لم يستطع هو نفسه أن يحدد السبب
اكتفى بهممٍ مبهمة ثم قال:
“ كنت على وشك أن أجلس .”
ومن طرف عينه ، لمح وين شي طرف حذاء شيه وون وهو
يستدير قليلًا، كأنّه يوشك على التوجّه إلى المقعد الفارغ بجانبه…
لكن في النهاية توقف شيه وون بجوار الكرسي المفرد
دوّى صوت شيا تشياو وهو يقترب :
“هل هو ساخن لاو ماو؟ دعني أحمله أنا !”
ردّ لاو ماو : “ تنحَّ جانبًا ، ضع مقابض الأواني على الطاولة
حتى لا نخدش سطحها .”
و تبع الأصوات وقع خطوات كثيرة
كانوا يُحدثون ضوضاء حقيقية عند دخولهم ، فرفع وين شي
رأسه أخيرًا ، بالضبط ليلتقط لحظة ابتعاد شيه وون بنظره عنه
بدا وكأنّ الآخر كان يقوم بجولة عابرة بعينيه في أرجاء المكان ،
أو كأنّ نظرته مرّت على وين شي للحظة سريعة ، مثل
يعسوب يلامس سطح الماء ثم يطير بعيدًا ،
ثم اتجهت عيناه إلى أكثر مكان صاخب —
كان لاو ماو يتقدّم بسرعة وهو يحمل حوضًا حجريًا مليئًا بالدواء الطبي
تبعته دا جاو وشياو جاو
بينما أمسك شيا تشياو بقطعتين دائرية من قماش عازل للحرارة
لا يزال السائل في الحوض يغلي، وبخار أبيض كثيف يتصاعد
منه وينتشر بسرعة في المكان
وبينما وين شي يتأمل ذلك البخار الساخن، تذكّر فجأة
شيء عابر قد سمعه قديمًا—
“ إن رأيته ينظر إليك ، فهذا يعني بالتأكيد أنّه يعرف أنّك رأيته ينظر إليك .”
في ذلك الوقت ، كان أحد تلامذته قد قالها على سبيل
المزاح لشخص آخر ، ولم يكن لها علاقة مباشرة به
لكنه سمعها بحكم وجوده هناك ، وحُفرت في ذاكرته لأنها
كانت قائمة على منطق دائري غريب
والآن عادت إلى ذهنه بلا سبب
بعد تلك النظرة الخاطفة التي تشبه طيران اليعسوب، لم يلتفت شيه وون ثانيةً
و تراجع خطوتين ليفسح الطريق أمام لاو ماو
وكاد أن يعود ليقترب من جانب وين شي وهو يحذّر:
“ انتبه للطاولة لا تندفع نحوي !
هل تريد أن ترشّها عليّ أم ماذا ؟”
قال لاو ماو بنبرة متظلمة:
“ لا أجرؤ ، فقط هذه الجهة أقرب وأسهل لوضعه هنا .”
ثم هبط إلى وضعية قرفصاء ثابتة بجانب الطاولة ، تمامًا في
المكان الذي كان يقف فيه شيه وون سابقًا ،
وأمر شيا تشياو:
“ ضع القطعتين العازلة فوق بعضهما .”
أطاع شيا تشياو بانضباط، وعندها أخيرًا وضع لاو ماو حوض
الدواء على الطاولة
بل إنه عدّل موضعه قليلًا ليكون مواجهًا مباشرةً لوين شي
مدّ وين شي يديه بشكل عفوي، لكن شيا تشياو بادر بالقول:
“ سأجلب وعاءً وملعقة .”
ارتبك لاو ماو :
“ وعاء وملعقة ؟ لماذا ؟”
ازداد ارتباك شيا تشياو أكثر:
“ كي نغرف قليلاً لنشربه طبعًا . وإلا، هل سنرفع هذا الحوض الكبير ونشرب مباشرةً ؟”
قال لاو ماو بضيق :
“ ومن قال إن هذا معدّ للشرب ؟”
ثم أوضح: “ تُنقع اليدان فيه .”
فتح شيا تشياو عينيه بدهشة:
“ حقًا ؟ يكفي نقع اليدين ليكون فعالًا ؟”
لقد اتسعت آفاق تلميذ مثل شيا تشياو، لكنه ظل متشككًا بعض الشيء
: “ هذا الــ…” كاد لاو ماو أن يشرح أثر الدواء على الروح،
لكنه تذكّر أنه حاليًا مجرد ' موظف عند شيه وون ' و من
الطبيعي أن يعرف بوجود الروح ، لكن ليس أن يكون مطّلعًا على تفاصيلها
لذا ألقى نظرة سريعة نحو شيه وون وقال بغموض :
“ على أي حال ، هو مفيد للجسد .”
شيه وون: “…” ببرود :
“ لماذا تنظر إليّ ؟”
أدرك لاو ماو أنه كاد يفضح نفسه ، فأسرع بالرد :
“ فقط أنظر حولي .”
قد لا يكون هذا التوضيح ذا معنى لمن لا يعرف شيئ
لكنه كان بمثابة تلميح لوين شي
عندها سحب يديه فوراً ، اللتين كانتا ممدودتين نحو الحوض ،
وتظاهر وكأنه لم يكن يعلم أن هذا الدواء يُستخدم للنقع
لكن شيا تشياو الأحمق فضحه قائلًا ببراءة :
“ غاااا أنت ذكي جدًا ! عرفتَ فعلًا أن اليدين يجب أن تُنقعا فيه ”
وين شي: “…”
بصوت بارد :
“ لم أكن أعرف . أيّ عين من عينيك رأت أنني كنت أعلم ؟”
لم يكن شيا تشياو يتوقع أن يُوبّخ بعد أن مدحه ، فجلس
بجانب وين شي متضايقًا ، لكنه لم يجرؤ أن يقترب كثيرًا،
فترك مسافة صغيرة بينهما وقال بصوت خافت:
“ كنتَ تمد يدك…”
قال وين شي بجفاء ودون أن يرفع رأسه :
“ لأختبر الحرارة ! .”
لم يكن بارعًا في الكذب ، فاضطر للاعتماد على نبرة صوته وحدها
وقد قرر داخليًا—إن طرح شيا تشياو سؤالًا مزعجًا آخر،
فسوف ينهض ويغادر فورًا
لحسن الحظ لم يُكمل شيا تشياو
بينما التوأمان، على العكس، كانا في غاية الاهتمام والحرص، فأخبراه بحماس :
“ لا يزال ساخن الآن ، يجب أن يبرد قليلًا ، لكن البخار الطبي
مفيد لك أيضًا . لا ضرر من استنشاقه ، ولهذا أحضرنا الحوض كله .”
أومأ وين شي برأسه
تدفقت أبخرة الدواء أمامه
رائحته قوية ، لكنها لم تكن كريهة ؛ بل تحمل أثرًا خفيفًا من
عبير جبل سونغيون
في الحقيقة لهذا الدواء استخدامات أوسع من مجرد طرد
البرودة وتسكين الألم
فوين شي قد استنبط لاحقًا عدة تعديلات أخرى عليه
جوهر الوصفة لم يتغيّر ، لكن مجرد إضافة مقدارٍ بسيط من
مكوّن مختلف كان يولّد نتائج جديدة
على سبيل المثال: تشونغ سي كان بارعًا في تعويذات تثبيت الروح ؛
حرق تعويذتين منها وإضافة رمادهما إلى هذا الدواء يجعل
التركيز أثبت وحالة الروح أكثر استقرارًا
وقد قام وين شي بغليه لنفسه مراتٍ كثيرة من قبل
كان وين شي يعتمد على هذا الدواء عندما لا يستخدم
مصفوفة تطهير الروح
ففي كل مرة بدأ فيها يفقد السيطرة على أفكاره ، كان يستعمله لكبح الانهيار
ومع ذلك، لم يكن الدواء فعّالًا كثيرًا—بل كان كمن ' يشرب السم ليطفئ عطشه '
في ذلك الوقت ، كان يطلب مرارًا وتكرارًا من تشونغ سي تلك التعويذات
ولأن الأخير لم يكن يعرف الغرض الحقيقي منها،
فقد أقلق نفسه فترةً وهو يظن أن وين شي لم يعد قادرًا
على ضبط الدمى وأنه سيتعرض لارتداد عنيف
لكن لاحقًا — حين لاحظ تشونغ سي أن وين شي لم يكن
يضع أي قيودٍ أو سلاسل على دماه عند إطلاقها ،
أدرك أن مخاوفه كانت في غير محلها ، فاكتفى بطي يديه
احترامًا وغادر مطمئنًا
أما الآن —- ، فحتى لو أحرق وين شي عشرة من تلك
التعويذات وأذاب رمادها في هذا الدواء ، فلن تتحسن حالته كثيرًا
أما تشونغ سي ذاك—الذي كان يتباهى دومًا بتعويذاته
الروحية ، يلوّح بها ويقول لإخوته : “ التعويذات الروحية
عندي وفيرة، سأرسم ما تشاؤون، فقط أعطوني شيئًا جيدًا
بالمقابل” فقد رحل منذ زمن بعيد …..
…
سحب وين شي بصره عن الحوض ، ثم نقر بإصبعه على شاشة الهاتف
الشاشة بدأت تخفت ، لكنها أضاءت من جديد — وهذه
حيلة تعلمها من مراقبة شيا تشياو
حرّك أصابعه وكتب الجملة التي أراد إرسالها مجدداً
لكن النتيجة بقيت خربشات غير مفهومة
ظل لاو ماو واقفًا بلا اكتراث بجانب الطاولة ، حاجبًا كرسي الذراع خلفه
ولأن أحدًا لم ينبّهه ، بقي سيده بلا مكان يجلس فيه
وبعد وقتٍ طويل ، شعر وين شي بالمقعد الجانبي يغوص
قليلًا —- جلس شيه وون أخيرًا بجانبه
مع أنه صيف ، كان شيه وون يرتدي قميص بأكمام طويلة
وملمس القماش احتك بخفة بذراع وين شي العاري
لم يكونا متلاصقين تمامًا، ومع ذلك استطاع أن يشعر بحرارة جسد شيه وون وأنفاسه
توقفت أصابعه لحظة
وفجأة أدرك أن شيه وون، خارج الأقفاص، لم يجلس يومًا بهذه القرب منه
بل كان دائمًا يحافظ على مسافة قصيرة بينهما
أما المرة الأخيرة التي اقتربا فيها قليلًا فكانت في معرض
شيبينغ، حين كان شيه وون منغمسًا في الدواء بسبب هالته المريضة بشدة
يومها، كان وين شي على وشك المغادرة، لكن الآخر ربّت
على كتفه بلطف وقال له:
“ سأوصلك لاحقًا .”
أنزل وين شي نظره ، وبلا وعي أعاد محاولة كتابة الجملة
نفسها على الشاشة
قال شيه وون فجأة:
“ هذا البرنامج غبي قليلًا ... إن كتبت بخطٍ متصل فلن يتعرّف عليه .”
أدار وين شي رأسه لينظر إليه
كان الآخر أيضًا ينحني للأمام كما يفعل هو — وأشار بأصبعه
الطويل إلى شاشة الهاتف دون أن يلمسها
نصف جفنه منخفض ، وعظام حاجبه وجسر أنفه ألقيا بظل
على عينيه ، فبدتا عميقتين ومعتمتين
أما شفاهه فكانت شاحبة جدًا
ألقى وين شي نظرة خاطفة عليه وسأله ببرود:
“ لماذا تراقبني وأنا أكتب ؟”
أجاب شيه وون :
“ لمحت بالصدفة وأنا أجلس .”
ثم أشار إلى عينيه
وفي لحظة نادرة ، أبدى شيا تشياو شيئًا من الفطنة وأضاف موضحًا عن الغا خاصته :
“ غا لم يكن يحب استعمال الهواتف في الماضي ، لذا ليس
معتادًا على لوحة المفاتيح .”
قال شيه وون وهو يرفع نظره نحو شيا تشياو
ثم أومأ برأسه :
“ أعلم . لقد سمعتك تذكر هذا من قبل .”
وحين لاحظ شيه وون أن وين شي لا يحرك أصابعه بعد ، رفع راحة يده اليسرى متعمدًا حجب الشاشة عن نظره :
“ الآن لا أستطيع أن أرى شيئ ، اكتب براحتك ~ .”
شيا تشياو { ربما من الأفضل أن نبدّل أماكننا }
لكنه رأى وين شي يثني سبابته قليلًا ويدفع يد شيه وون إلى
الجانب مسافة سنتيمتر واحد فقط،
ثم بدأ يكتب بصمت… فلم يستطع أن ينطق بكلمة
رغم أن الجو كان يصعب وصفه، إلا أن شيا تشياو راوده شكٌّ
واحد: ربما يرو غا أن هذه الطريقة حلٌّ جيد بالفعل
في الواقع، لم يكن لدى وين شي رغبة قوية في التحرك
حوّل كتابته إلى الخط العادي وكتب : [ معك تشين شي
هل الوقت مناسب الآن ؟]
وسرعان ما وصله رد من تشو شو
ثم كتب وين شي: [ أريد أن أسألك شيئ .]
تشو شو رد بسرعة كعادته: [تريد أن تسألني عن شيء؟؟؟ عن ماذا ؟
هل أنت متأكد أنك لا تعرف الجواب لكنني أعرفه ؟]
وين شي: [ ممم ]
تشو شو: [ أنا لا أعرف سوى الكثير من النميمة عن أشخاص عائلتي .]
[ أو التاريخ غير الرسمي والقصص الشعبية المتعلقة بالبانغوان .]
[ أنت لا تنوي أن تسأل عن الخيار الثاني، صحيح؟]
وين شي: [ لا بد أنك تعرف ولو القليل .]
تشو شو: [ هااه ؟]
[ هل الرسائل تتأخر ؟]
[ بما أنك بهذه القوة ، فأنت بالتأكيد لا تسأل عن شيء له
علاقة بالبانغوان. إذن تريد أن تسأل عن أحد من عائلة تشانغ؟
من؟]
وين شي: [ أي تأخير ؟]
تشو شو: […]
من المحتمل أن تشو شو كان على وشك الانهيار ، فبدأ يقصفه بالملصقات
ظل وين شي متجهم الملامح
فمن ناحية ، كان يرى أن تشو شو ذكي فعلًا ؛
ومن ناحية أخرى ، اضطر إلى التحمّل بينما تتدفق أمامه
تلك الصور السخيفة للغاية
وبعد أن توقف الطرف الآخر أخيرًا ، حرّك وين شي سبابته من جديد
كان ينوي أن يكتب [ شيه وون ]، لكن حين بدأ برسم الجذر
الأول ، اجتاحه فجأة إحساس مألوف يصعب وصفه —
وكأنه كتب هذا الاسم من قبل ، منذ زمن بعيد جدًا ——-
توقف وين شي مصعوقًا للحظة
وبعدها مباشرةً ، تلاشى ذلك الشعور المألوف تقريبًا
بالكامل ، ولم يستطع أن يمسك به ثانية
لا إراديًا رفع عينيه نحو شيه وون
كان الآخر يتحدث مع لاو ماو
لكن كفه ظل ممدودًا قليلًا كأنه يحجب الشاشة عن النظر
اهتز الهاتف
لم يحتمل تشو شو الصمت فأرسل بإلحاح :
[ إذن، عن من تريد أن تسأل ؟]
[ من ؟ من ؟]
كتب وين شي: [شيه وون.]
ثم أرسل الرسالة وأغلق الهاتف، لتغرق الشاشة في السواد
وعندما فتح الرسائل مجدداً ، كان منتصف الليل قد حلّ —
وكما هو متوقع من تشو شو —— كتب كثيرًا ،
واضطر وين شي للتمرير مرارًا إلى الأعلى حتى وصل أخيرًا إلى بداية الكلام —-
كتب تشو شو: [ كنت أعلم !
الكثير من الناس فضوليون بشأنه .
لكن لم أتوقع أن تكون أنت أيضًا من بينهم ، لقد أرعبتني فعلًا .]
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق