القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch65 برج الأبروش

 Ch65 برج الأبروش



بينما رحلة إير تشاينا 1713 تصطف مع المدرج 17L

متقدمة من الشمال إلى الجنوب ، 

وتهبط حتى اختفت عن شاشة رادار الاقتراب ، 

دفعت قوه تشيفانغ باب غرفة مراقبة الاقتراب مجددًا ،

لم يمر وقت طويل على انتهاء مناوبتها ، لكنها أسرعت 

بالعودة فور أن وصلها خبر من برج المراقبة —

وما إن خطت داخل الغرفة حتى نهض فانغ هاو من مقعده


قال عبر التردد: " تشاينا إيسترن 570، فينكس 1009، 

هاينان 3124، جميعكم تمسّكوا خارج PZW-112…"


ثم سلّم الطائرات التي يتابعها إلى قوه تشيفانغ ، وانطلق 

مسرعًا إلى الطابق العلوي من برج المراقبة 


لقد صعد هذا الطريق عشرات المرات — أحيانًا ليراقب 

الغيوم والغروب ، وأحيانًا ليبحث عن تشو ييرو


لكنّه لم يسبق أن صعد الدرج بهذه السرعة من قبل ، 

وكأنه يريد أن يسحق كل درجة تحت قدميه


الجو في أعلى البرج مشحون بالتوتر —-

نائب المدير يان شيونغ  موجود 

و أيضاً رئيس إدارة الملاحة الجوية فانغ وي مين موجود


يقف أكثر من عشرين شخص في صمت ثقيل يراقبون ——— ، 

لكن فانغ هاو لم يُعرهم أي اهتمام ؛ و عيناه ، مثل أعين 

الجميع ، مثبتة على طائرة البوينغ 737 القادمة من 

الشمال ، والمتجهة بدقة نحو المدرج


تمتم سون ياو يانغ وهو يحدّق في الشاشة : " اللعنة… السرعة عالية جدًا . 

هل سيتمكنون حقًا من إنجاح هذا الهبوط ؟"

لم يكن في نوبة عمله ، لذا لم يُخفي انفعاله ، ناسياً وجود القيادات حوله


سأل فانغ وي مين: " من هم الطيارون على متن هذه الرحلة التابعة لإير تشاينا؟"


لم يكن لدى يان شيونغ إجابة ، لكن صوت من الزاوية قال: " إنه تشن جيايو من إير تشاينا…

 هو نفسه طيار الحادث قبل ثلاث سنوات ."


عند هذه الكلمات ، التفتت تشو ييرو بحدة —- لم تتواصل 

مباشرة مع رحلة CA1713، لذا لم تربط الأمر سابقًا ،،

نظرت تبحث عن فانغ هاو ، وقد التقت عيناهما ؛ فرأت في 

نظراتها كيف تحوّل الاندهاش إلى قلق صريح


قال فانغ هاو بصوت خرج منه وكأنه يسمعه من بعيد: 

" سيهبط بها بنجاح "


لقد سبق لـ تشن جيايو أن هبط بطائرة إيرباص A330 

بسرعة 226 عقدة ،، أما الآن، فبوينغ 737 من دون جنيحات ، 

بسرعة 190 عقدة ، لن تكون تحدي حقيقي بالنسبة له


كان صوته هادئ لكنه حازم ، فالتفت إليه كل من فانغ وي مين ويان شيونغ في الحال


إلا أن فانغ هاو لم ينظر إليهما ؛ و عيناه ظلّت مثبتة على 

الطائرة وهي تهبط تدريجيًا نحو نهاية المدرج


مئة متر… خمسين متر … ثلاثين متر … عشرة أمتار…


خمسة… أربعة… ثلاثة… اثنان… واحد …


كان الهبوط سلس إلى درجة أن بعض الركاب ربما لم يدركوا 

أصلًا أن الجنيحات لم تكن مستخدمة ،،

وما إن لامست العجلات الخلفية الأرض ، حتى رفع تشن 

جيايو مقدّمة الطائرة قليلًا لتقليل السرعة قدر المستطاع ،

ثم تتابعت الإجراءات : مكابح هوائية ، عكس دفع ، فرامل—

كلها بالتسلسل الصحيح ، 

لم يحتاج إلى طول المدرج كاملًا ؛ استهلك ما يزيد قليلًا عن ثلثيه فقط


مرّ الهيكل الأبيض للطائرة ، الذي يحمل على ذيله العنقاء 

الحمراء ، بجوار برج المراقبة ——

فانفجرت القاعة بالتصفيق — ليس من أجل براعة الهبوط 

فقط ، بل من فرط الراحة ، لأن أزمة أخرى قد انقضت بسلام …..


صافح فانغ وي مين نائبه يان شيونغ، وقد بدا الارتياح واضحًا عليه ،

ثم بدأ يتجول لمصافحة جميع المراقبين المتواجدين ، بمن فيهم فانغ هاو


في المسافة ، اندفعت سيارات الإطفاء مسرعة نحو الطائرة 

لفحص إطاراتها


المزالق الطارئة قد فُعّلت ، وبدأ الركاب بالإخلاء


حاول فانغ هاو أن يلمح الطيارين بزيهم في قمرة القيادة ، 

لكنهم بعيدين للغاية لتمييز ملامحهم


———


داخل القمرة ، 

تنهد تشن جيايو تنهيدة طويلة كان يكتمها منذ البداية ،

ثم قال بهدوء: " إجراءات الإخلاء الطارئ ."


نهض ليساعد طاقم الضيافة في إجلاء الركاب ، 

لكنه لم يرَى أن مساعده دوان جينغتشو يمد يده خلسة ويضغط زرًا خلفه ——-

 


————-


لم يدرك فانغ هاو حالته إلا بعد أن صافح يان شيونغ —-

كان تنفّسه بالكاد ، وأطرافه باردة كالثلج ، وكأنه بالكاد قادر على الوقوف ،

وجد كرسي في الطرف البعيد من البرج وجلس عليه ، يغطي 

وجهه بيديه وكتفاه منحنية


كان الأمر وكأن أحدهم قد قطع عنه الأكسجين ؛ فمهما 

حاول أن يتنفس ، لم يكن الهواء كافي

و جسده بأكمله يرتجف


تشو ييرو أول من لاحظ أن ثمة خطبًا ما. اقتربت منه وأحاطت كتفيه بذراعيها

“ فانغ هاو…”


أمسك بذراعها بإحكام ، دون أن يرفع رأسه ، وتمتم بصوت خافت:

“ همم… أنا هنا "


احمرّت عينا تشو ييرو


فمنذ أن بدأت علاقتها مع تشنغ شياوشو، أصبحت أكثر 

حساسية وعاطفة ، 

وخطر ببالها { لو أن تشنغ شياوشو كان على متن تلك 

الطائرة اليوم ، لربما لم أستطع حتى أن نطق كلمة ، فضلًا عن أن أعطي أوامر }


البرج مزدحم وصاخب ، لكن تشو ييرو استخدمت جسدها 

لتغطي فانغ هاو عن الأنظار ، و تحدثت إليه بصوت خافت :

“ انزل واشرب بعض المياه … خذ فترة من الراحة ،

انتهى الأمر الآن ،، الأخ جيا بخير ، والطيار الآخر بخير . 

الجميع بخير . كل شيء على ما يرام .”


لم يكن فانغ هاو معتاد على أن يُحتضن بهذه الطريقة ، لذا 

وبعد ثوانٍ ، نهض وطلب من تشو ييرو أن تنزل معه


وفي منتصف الدرج ، خطر له فجأة أن يسأل :

“ ذكرتِ الطيار الآخر ؟”


أجابته:

“ إنه دوان جينغتشو. أتذكر أنه زار البرج من قبل. 

أنت…”

لكنها توقفت حين رأت ملامح وجهه تتغير—من خوف 

وارتباك إلى غضب صريح ————


حتى هذه اللحظة ، كان تركيزه كله منصبًا على عملية الهبوط ، 

لقد كان مشغولًا للغاية بتنسيق الرحلات الأخرى وضمان 

عدم حدوث أي خطأ إضافي ، لم يفكر أبعد من ذلك —— 

لكن في اللحظة التي ذكرت فيها ذلك الاسم ، اتضح له كل 

شيء — مكالمة الأمس ، التبديل المفاجئ —— 

هذه الرحلة من بودونغ إلى داشينغ… هي نفسها الرحلة 

التي كان تشن جيايو على متنها مع دوان جينغتشو ——


: “ الملعون ابن الكلب !” احمرّت عينا فانغ هاو 

وكرمش شريط متابعة الرحلة —أو أي ورقة كانت في يده—

إلى كرة مجعدة


تجمدت تشو ييرو

لقد عرفته ثلاث سنوات ، ولم تسمعه يسبّ ولو لمرة واحدة


أدرك فانغ هاو أنه فقد السيطرة على مشاعره

و أخذ عدة أنفاس عميقة محاولًا أن يهدأ

“ آسف… انفعَلت كثيرًا… أنا…”


بدأت تشو ييرو تربط الخيوط ببعضها :

“ انتظر… هل تظنّ… لا يمكن أن يكون…”


لم تكن تعرف إن كان غضب فانغ هاو موجّهًا نحو تشن 

جيايو أم نحو دوان جينغتشو ،

لكن شعور قوي بداخلها أخبرها أن الأمر مرتبط بالثاني أكثر ،

وربما لم تكن المشكلة مجرد عطل في الجنيحات —— 

و ربما هذا السقوط المفاجئ في الارتفاع— خمس دقائق 

كاملة من الصمت اللاسلكي — لم يكن مجرد خلل ميكانيكي ——


لم يكن فانغ هاو واثق إن كان الأمر صدفة أم شيئًا مدبّرًا ، 

لكن إحساسه الداخلي يخبره أن كلما ارتبط اسم دوان جينغتشو —- حدثت مشكلة ،،


ومع كل الحيل والأساليب الملتوية التي اعتاد هذا الأخير أن يستخدمها ، 

لم يستطع أن يطرد الشك من قلبه ،،،،


صحيح أن فقدان الارتفاع عادةً يشير إلى خلل ميكانيكي خطير ، 

لكن دوان جينغتشو لن يغامر بحياته ، ولا بحياة تشن جيايو ولا بأرواح الركاب — { فإن لم يكن صدفة… فلا بد أنه فعل شيئ !!! }


حريق يشتعل داخل فانغ هاو—موجة من الغضب العارم، 

الجامح، المختلط بالندم ،

وكان ذلك الندم لا يزيد النار إلا اشتعالًا 


أخرج هاتفه وبدأ يتصل بـ تشن جيايو

مكالمة لم يُردّ عليها ، ثم أخرى

حتى في المرة الثلاثين ، ألقى هاتفه أرضًا


كان غاضبًا من دوان جينغتشو— على أي حماقة ربما ارتكبها ، مهددًا حياة تشن جيايو والجميع على متن الطائرة


وكان غاضبًا أيضًا من تشن جيايو نفسه ، لعناده الشديد 

بالأمس ، و لرفضه التراجع ، لسيره بخطى ثابتة نحو الخطر وعدم استماعه له ——


لكن أكثر ما كان يغضبه هو نفسه


{ لو أنني ضغطت قليلًا أكثر ذلك الصباح… 

لو أنني تمسّكت بموقفي … لما كان تشن جيايو على هذه الرحلة مع دوان جينغتشو }


آخر محادثة بينهما قد انتهت بالإحباط


وآخر ما قاله له كان بدافع الغضب


والآن توجد هوّة بينهما


{ في تلك الليلة ، كنتُ مدينًا له بـ “تصبح على خير”، وبـ “أشتاق إليك”، وبقبلة ، وبالكثير… 


وقد كدت أفقده ….. 

ولو حدث الأسوأ ، أعلم أنني لن أُسامح نفسي أبدًا ….

ليس في هذه الحياة …. }


كان هناك بعض الارتياح بالتأكيد فالجميع بخير و الطائرة 

هبطت قطعة واحدة و هذا أفضل ما يمكن أن يحدث


لكن ذلك القدر الضئيل من الارتياح ، ذلك الفرح والأمل ، 

لم يكن سوى وميض باهت مقارنة بالخوف الجارف الذي ما زال يعتصره


لقد فقد عالمه كل ألوانه

و لم يتبقّى سوى ثقب أسود ، يسحبه أكثر فأكثر إلى قلبه 

البارد الفارغ ، مهددًا بابتلاعه بالكامل ….


يتبع 

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • عادي
  • متطور
  • ترتيب حسب الاحدث
    عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي