القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch36 احتراق القلب

Ch36 احتراق القلب



كانت المفاجأة كبيرة بالفعل —- ، أو ربما —-  التعبير الأدق 

هو ' صدمة '


فما إن نطق تشي تشاو بهذه الكلمات حتى خيم الصمت 

على المختبر بأكمله ، 

حتى كأنك تستطيع سماع سقوط دبوس على الأرض ،


صرخت إحدى الزميلات الأكبر بعد ثانيتين من الصمت ، 

وقد انكسر صوتها بين القلق والعجلة:

“ هل جننتَ تشي تشاو ؟! اهدأ ! لا تكن متهورًا هكذا !”


في المسلسلات التلفزيونية ، دائمًا تبدو مثل هذه المشاهد بطولية ،

فالبطل لا يخشى أي سلطة ، و البطل يتجرّد من الخوف ، 

البطل — بدافع الشغف والعدل ، يفضح الظلم ويحقق الانتصار ، 

البطل…

لكن البطل في المسلسلات ينجح دائمًا —— ، 

أما في الحياة الواقعية ، فالأمر ليس بهذه البساطة ... 


في الحياة ، الأمور ليست سوداء أو بيضاء دائمًا ، 

وكل شخص منا لديه الكثير من الاعتبارات والمخاوف ….


سأل أحد الزملاء الكبار تشي تشاو ، وهو يمسك بذراعه مباشرةً :

“ هل لديك دليل يا تشي تشاو؟ 

هل أنت متأكد أن هناك مشكلة فعلًا ؟ 

تعلم أن تقديم بلاغ باسمك يعني تحمل المسؤولية أيضًا ! 

إذا انتهت التحقيقات ولم يُكتشف شيء ، ستكون في مأزق كبير ! "


اقترب شخص آخر منه متنهّدًا :

“ تشي تشاو اهدأ قليلًا . طالما ما زلت تستطيع ، انسحب من البلاغ . 

لا يستحق أن تخاطر بمستقبلك من أجل مشروع صغير كهذا .”


ردود فعل الجميع كانت قوية ومباشرة —- 


لم يتصور أحد أن يفعل تشي تشاو شيئًا كهذا


ومن العدل القول إنهم جميعًا كانوا مستاءين ولديهم 

شكوك وشكاوى، لكن هذا مجرد مشروع صغير

و لا أحد يمتلك دليلًا ملموسًا ، وإذا لم يقل حتى الأستاذ فو شيئ ،

 لماذا يتورط الطالب ؟ 

وتوجد فرص كثيرة في المستقبل ، فإذا تأثرت آفاقك بسبب 

هذه المسألة الصغيرة ، فهذا ليس منطقيًا


قال الجميع له بنفس النية الصافية : “ انسَى الأمر "


كلهم تمنوا أن يكون تشي تشاو شجاعًا مثل أبطال الأفلام 

والمسلسلات، لكن الواقع يفرض قيوده


: “ انسحب من البلاغ .”


كانت نصائح الجميع صادقة ، يفكرون بصدق في مصلحة تشي تشاو ، 

لكن تشي تشاو اكتفى بهز رأسه ،

بدا وجهه متعبًا ، و آثار السهر الطويل أثناء كتابة المواد لا تخفى عليه ،


تشي تشاو توقع رد فعل الجميع منذ البداية —

كان مصممًا على متابعة الأمر ، لذا قدّم مواد البلاغ قبل أن 

يتمكن أي شخص من منعه ،

وقال بهدوء لكن حازم :

“ لقد فات الأوان ، لم يعد هناك مجال للندم "


بعد أن نطق تشي تشاو بكلماته ، خيم الصمت على المختبر


الجو الصامت ثقيل بعض الشيء ، وكأنه يضغط على الجميع


فبمجرد إرسال تقرير باسمك الحقيقي ، لا مجال للانسحاب 

بعد ذلك ، وكل العواقب اللاحقة يجب أن يتحملها تشي 

تشاو وحده


تمنحنا القوانين هذا الحق ، لكن المجتمع لا يسمح بإساءة استخدامه


وقد تم تقديم بلاغ تشي تشاو ، وما ينتظره لاحقًا سيكون 

سلسلة لا تنتهي من المحادثات والمواجهات




——


جاء قادة الجامعة ، ورؤساء الأقسام ، وقادة من مستويات 

مختلفة لمقابلة تشي تشاو لفهم الوضع —— 


كان الأمر حقًا مرهقًا ، فقد يمس سمعة قسم أو أكثر 


و يفضل الجميع البساطة على التعقيد ، لذا كان هدف كل 

قائد مع تشي تشاو الهدف نفسه : وهو محاولة إقناعه 

بسحب البلاغ —-


“ لماذا لا تعتذر ببساطة ، و تقول أنك أخطأت ، ويمر الأمر 

مرور الكرام ؟ لن نتابع الأمر أكثر من ذلك .”


“ يا فتى لماذا هذا الإصرار ؟ 

توجد فرص كثيرة في المستقبل . ألا تعرف قدرات البروفيسور فو؟”


“ هذا بلاغ بلا دليل ، افتراء . إذا لم يجد التحقيق أي مشكلة، 

هل تستطيع تحمل النتائج ؟”


حاول هؤلاء الأشخاص بجميع الطرق ، باللين أولًا وبالقوة 

لاحقًا ، لإقناع تشي تشاو ، لكنه كان صامدًا أمام كل ذلك


غضب قادة الجامعة —- ، وفي لحظة انفعال قالوا لتشي 

تشاو أنه لا حاجة لمجيئه بعد الآن ، 

وأن الجامعة لا مكان لها لطلاب أنانيين يركزون على أنفسهم فقط ،


ولم يكن لهذا الأمر أي أثر كبير على مستقبله ، فقد كان 

الأستاذ فو يدعمه من الأعلى ، 

كما أن تشي تشاو كان ينوي الدراسة في الخارج ، 

فبقي الموضوع دون أن يُسجل في ملفه الأكاديمي ——-


تشين كايجي : “ إذاً لماذا فعلت ذلك تشي-غا ؟”


انتشرت أخبار تصرفات تشي تشاو بين جميع المتدربين


بعضهم أثنى بصمت على شجاعته ، بينما لم يستطع 

الآخرون فهم طيشه المفاجئ


سحب تشين كايجي تشي تشاو مجدداً إلى السطح


هبت الرياح المسائية عليهم ، تلاعبت بملابسهم



تشين كايجي: “ كيف جاء بك هذا الطيش فجأة وذهبت لتقدم البلاغ ؟”


وقف تشي تشاو بجانب الدرابزين ، و الأفق بعيد ومبهم


لم يجب


عاد تشين كايجي للسؤال: “ هل شعرت بالظلم ؟”

ثم أضاف: “ ألم تتحمل هذا الظلم ؟”

وتابع: “ أم هناك سبب خفي آخر ؟”


نسيم المساء بارد ، مهما حاول تشين كايجي السؤال ، 

بقي تشي تشاو صامت ، 

صمت كامل ، وكأنه عنيد إلى أقصى حد ، 

غير مبالٍ بكل شيء من حوله ،


فتنهد تشين كايجي بعمق ، عاجزًا : “ لقد كنت متهورًا جدًا، 

تشي-غا "


' لقد كنت متهورًا جدًا ' 

هذا ما قاله الجميع لتشي تشاو


لم يفهم أحد قراره ، لكن بما أن الأمور وصلت لهذه الدرجة، 

لم يكن بالإمكان إنهاؤها هنا


الجميع علم بما حدث ، لذا جاء فريق التحقيق ليتابع


: “ أخبرنا بما تعرفه عن الوضع يا فتى "


لم يكن موقف فريق التحقيق سيئًا أو جيدًا بشكل خاص ، 

كانوا يقومون فقط بعملهم بنزاهة ، و يحققون بموضوعية ، 

حتى أن شخصًا ما قدم بعض كلمات المواساة لتشي تشاو ، 

و مدح فيه شجاعته وإصراره ، 

لكن إجراءات التقديم كانت مرهقة ومعقدة للغاية ، 

مما جعل حياة تشي تشاو أكثر انشغالًا ،

فكل يوم ، إلى جانب التدريب العملي ، كان عليه أن يكون 

مستعدًا لأي إشعار من فريق التحقيق في أي وقت


و كان الأمر أقرب إلى العذاب النفسي


قبل أن تُحسم الأمور ، كل شيء كان غامضًا ؛ المستقبل 

غامض ، والسماء غامضة أيضًا


وكأن الجو يعكس حالته ، فقد استمر المطر هذه الأيام 

الماضية ، والسماء مغطاة بضباب كثيف ، بين الليل والنهار


لم يذهب تشي تشاو إلى المختبر لفترة طويلة


في البداية ، كان السبب انشغاله ، ثم أصبح السبب أنه لم 

يجرؤ على الذهاب


بعد تقديم البلاغ، لم يجرؤ على مقابلة فو نان آن …


كان يخشى أن يلومه الأستاذ فو ، ويخشى ألا يفهمه أيضًا


يستطيع تحمل عدم فهم الآخرين له، لكن لو حتى الأستاذ 

فو وجّه له الانتقاد ، لربما لم يكن قادرًا على التحكم في نفسه ….


لكن ربما كلما امتنع المرء عن رؤية شخص ما، زادت فرص الصدام به


ففي مساء اليوم التالي لمقابلة فريق التحقيق ، اصطدم 

تشي تشاو مباشرة بفو نان آن في الممر


و لحظة رؤيته للأستاذ فو ، شعر تشي تشاو بالذعر


أسرع خطواته بارتباك ، محاولًا المرور بجانبه ، لكن ربما لأنه 

كان مستعجلًا جدًا ، اصطدم بصدر فو نان آن فعليًا ——-


“ آسف ، آسف—”


“ تشي تشاو ؟”


مد فو نان آن يده وأمسك بمعصمه : “ هل هذا أنت، تشي تشاو ؟”


محاصرًا هكذا ، لم يكن أمام تشي تشاو أي إمكانية للهرب ، 


فوقف في مكانه ، وصوته مبحوح حين نادى : “ الأستاذ "


قال فو نان آن بصوت لا يحمل أي أثر للفرح أو الغضب :

“ كنت أبحث عنك للتو ”

ثم قاد تشي تشاو من الممر إلى السطح


وقف الاثنان عند حافة السطح ، 

وقال فو نان آن لتشي تشاو : “ دعنا نتحدث "


كان تشي تشاو دائمًا يحب الوقوف على الأسطح عندما 

يكون في مزاج سيئ ،

فالرياح قوية في الأعلى ، ويبدو الناس صغارًا ، 

والنظر إلى العالم من الأعلى يمنح شعورًا بالسعة وكأن كل 

الهموم تافهة ،


لكن شعور الوقوف هنا مع الأستاذ فو الآن لم يكن كذلك ... 


كان مختلفًا عن الوقوف مع تشين كايجي


شعر تشي تشاو بضغط لا يُرى بالعين ، ضغط غير ملموس 

لكنه حاضر بقوة


“ ع-عن ماذا سنتحدث ؟”


فو نان آن : “ عن أي شيء”


لم يتحدثا منذ أن قدّم تشي تشاو البلاغ …. 

فو نان آن قد حاول التواصل معه عدة مرات عبر ويتشات ، 

لكن تشي تشاو تظاهر بعدم رؤية الرسائل


والآن، ومع وجود الأستاذ فو بجانبه ، خفق قلب تشي تشاو 

بشكل غير منتظم


لم يستطع وصف ما يشعر به ولم يعرف ماذا يقول


فقال فو نان آن أولًا: “ هل التقيت بفريق التحقيق ؟”


قفز الحوار مباشرةً إلى النقطة الأشد حدة —— 


أجاب تشي تشاو بصوت منخفض : “هممم… نعم، لقد التقيت بهم .”


فو نان آن : “ لقد قابلتهم أيضًا ….

لقد بذلت جهدًا كبيرًا هذه الفترة ”


كان نبرة فو نان آن غير قابلة للقراءة ، مما جعل تشي تشاو 

يشعر بالارتباك قليلًا


تشي تشاو : “ أستاذ ، هل تلومني أيضًا ؟ 

هل سببت لك المتاعب ؟”


هز فو نان آن رأسه : “ لا "

صمت للحظة  : “ لقد كان ما فعلته شجاعًا جدًا ،

أنت أشجع منا جميعًا .”


وقف الاثنان صامتين بعد ذلك …. 


كلمات فو نان آن لم تحمل أي قصد للوم تشي تشاو ، 

لكن التعب في عينيه كان من الصعب إخفاؤه ،


و بعد أيام من عدم رؤيته ، بدا فو نان آن قد فقد مزيدًا من 

الوزن ، ودوائر سوداء تحيط بعينيه


خفق قلب تشي تشاو غاية في القلق ، لم يرى الأستاذ فو 

هكذا من قبل، ولم يعرف كيف يرد


وبما أن تشي تشاو لم يرد ، لم يواصل فو نان آن الحديث أيضًا


وقف الجو ، كصراع صامت


و صفير الرياح في الطابق العلوي اصطدم بوجوههم


شعر تشي تشاو بصعوبة وصف شعوره الحالي ، 

كأن حجر يضغط على قلبه ، 

يثقل كاهله أكثر فأكثر ….. بالكاد استطاع التنفس


اشتد الظلام ، وزادت قوة الرياح


الرياح الباردة اخترقت ملابسه ، فسعل مرتين بلا إرادة


كان يرتدي ملابس خفيفة بعض الشيء


كان يشعر بالبرد—برد جسدي وبرد في قلبه


ارتعش تشي تشاو ولم يستطع كبح سعال آخر


كسرت أصوات السعال الطويلة الصمت الممتد ، 

كانت نوبات سعال تقطع القلب ،


أمسك فو نان آن كتف تشي تشاو —— بهدوء


: “ هل أنت بخير ؟”


أومأ تشي تشاو رأسه ، وصوته مبحوح قليلًا : “ أنا بخير أستاذ "


كان صوته مبحوحًا جدًا 


بدا أن فو نان آن وصل إلى حد تحمله ... فقال : “ لماذا ؟”


لم يسمع تشي تشاو بوضوح ، فقال: “ ماذا ؟”


ابتسم فو نان آن قليلاً قبل أن يوضح أكثر ، 

وهو ما يزال يضع يده على كتف تشي تشاو: “ لماذا قدّمت البلاغ ؟ 

لا ألومك تشي تشاو ، لكن هل يمكن أن تخبرني لماذا ؟


أنا أعرف طباعك ... 

أنت شخص مستقيم ومثابر ، لكنك لا تتصرف بتهور ،

أنت لست من النوع الذي يفعل شيئًا دون التفكير في 

العواقب . أنت تدرك تمامًا إيجابيات وسلبيات هذا الأمر . 

لقد فكرت في الأمر طويلًا ولم أستطع معرفة السبب .”


وقف فو نان آن أمام تشي تشاو ، 

و عيناه الرمادية موجهتان نحوه


صوته هادئ ، وعيونه مغطاة بطبقة من الغموض


سأل مجددًا : “ لماذا قدّمت البلاغ ؟”


لماذا 


لقد سأل الجميع تشي تشاو نفس السؤال


لماذا التمس بشدة حول هذا الأمر الواحد ؟


كان مجرد منحة مشروع عادية ، وستكون هناك فرص كثيرة في المستقبل


أمر مرهق بلا مقابل ، ومجهد ، وأصعب ما فيه أنه بلا دليل ؛ 

لا أحد يعلم ما ستكون النتيجة النهائية


مع كل هذا العناء والصعوبة وعدم اليقين ، قدم تشي تشاو البلاغ


السؤال لماذا —


رفع تشي تشاو رأسه ، محدقًا بجدية في عيني فو نان آن


رد : “سمعت كل ما قاله جيانغ مينغيوان لك في ذلك اليوم ،، 

أنت كنت تعلم كل شيء ….”

تحدث كلمة بكلمة ، وصوته يرتجف : 

“ جيانغ مينغيوان هو من فعل هذا ... هو من استبدلنا ”


جيانغ مينغيوان هو من استبدلهم —- و فو نان آن كان يعلم ذلك ….



يتبع



اللعنة تلعنه 

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي