القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch37 احتراق القلب

Ch37 احتراق القلب



في ذلك اليوم ——- ، عندما جاء جيانغ مينغيوان ليجد فو نان آن —- 

سمع تشي تشاو كل الحديث من بدايته إلى نهايته —— 

سمع كل كلمة من حوارهما ——


لقد أقسم أنه لم يكن يقصد التنصت عن قصد ، لكن صوت 

جيانغ مينغيوان كان مضطرب جدًا وعالي ، 

و وصل إلى أذنه من خلال الباب المفتوح قليلاً


سمع اعتراف جيانغ مينغ يوان بنفسه أنه هو من استبدل القائمة ،، 

كما سمعه يلحّ على فو نان آن بعدم التحقيق أكثر ،،

و قال إن الفريق الذي استبدل فريق فو نان آن ينتمي إلى 

ابن مرشد مدين له بفضل كبير ، 

ويجب عليه رد هذا الدين بأي شكل من الأشكال ——


سمع هذا ، و صُدم تشي تشاو للحظة ، لكنه استعاد رباطة جأشه بسرعة


عدم التحقيق أكثر كان أمرًا مستحيل —— تشي تشاو يعرف 

شخصية الأستاذ فو جيدًا


فهو دائمًا صريح وعادل ، ولن يغطي أبدًا على أحد ، 

ولن يدفن جهود فريق المشروع بأكمله


ابتسم تشي تشاو في صمت ، معتبرًا كلمات جيانغ مينغيوان 

مجرد مزحة ضعيفة ،،


و كانت ردّة فعله الأولى عند سماع اعتراف جيانغ مينغيوان 

شعورًا بالارتياح ،

فبما أن جيانغ مينغيوان يعترف ، فهذا يعني أن فو نان آن قد 

وجد الأدلة بالفعل —- 


ألم يعد هناك ما يدعو للقلق بعد ذلك ؟


قدرة الأستاذ فو لا تحتاج إلى قول —- ومع الأدلة بين يديه ، 

سيكون من المؤكد أن يستعيدوا المشروع الذي يخصهم حقًا


ظهر صوت فو نان آن أيضًا من خلال الباب : “ كان يجب ألا 

تأتي إليّ ….” 


لم يكن عاجلاً مثل صوت جيانغ مينغيوان، بل هادئًا وثابت ، 

يحمل قوة داعمة


تمامًا كما تخيل تشي تشاو —- ، كان ردّ فو نان آن هادئًا جدًا

و لم يتأثر برجاء جيانغ مينغيوان


تابع : “ أنت تعرف طبعي …. 

لقد عرفنا بعضنا البعض لسنوات عديدة . 

هذا ليس مشروعي فقط ، بل جهد الفريق كله ،،

لا يمكنني السماح بحدوث شيء غير عادل كهذا .”


: “ ليس لدي خيار آخر ...” كان صوت جيانغ مينغيوان مليئ 

بالأسف ، بالطبع ، لم يكن راغبًا في ترك الأمر عند هذا الحد، 

واستمر في شرح معاناته لفو : “ كل المشاريع ممتازة . 

أي مشروع أستبدله ، سيجد الناس آراء . عليّ اختيار واحد ، 

وهذا صعب بغض النظر عن من أختاره . 

ولا أستطيع شرح ذلك للمسؤولين فوقي .”


فو نان آن  : “ إذن لماذا اخترتونا نحن؟”


توقف جيانغ مينغيوان لحظة قبل أن يجيب، صوته متردد 

قليلًا ، ثم قال أخيرًا بنبرة منخفضة : “ يوجد سبب 

لاختياركم… أستطيع أن أجد سببًا لاختياركم ،

عيناك … لا تستطيع الرؤية ،،

أستطيع القول إنك غير مناسب لهذا المشروع .”


اشتعل نار الغضب في قلب تشي تشاو فورًا ——-


لم يتوقع أن يقول جيانغ مينغيوان مثل هذا الكلام عن فو نان آن


لو لم يكن بينهما الباب ، لكان اندفع ليمسك جيانغ مينغيوان من ياقته


قدرات الأستاذ فو كانت واضحة للجميع


و مجرد الشك في قدراته لمجرد أنه كفيف ؟ 

هذا تحيز لا يُحتمل ——— وما يزيد الطين بلة ، أن جيانغ 

مينغيوان صديق فو نان آن المقرب والمخلص ، 

وكان يعرف جيدًا قدراته


شد تشي تشاو على قبضتيه ، وحبس أنفاسه منتظرًا رد 

الأستاذ فو القوي والحازم


كان يؤمن أن فو نان آن سيكون غاضبًا كما هو غاضب 


لكن مرّ الوقت ، وما جاء بعده لم يكن سوى صمت فو نان آن


تحدث جيانغ مينغيوان مجدداً ، بنبرة توسل : 

“ لم أرغب حقًا في ذلك .. لم يكن لدي خيار آخر ... 

لم أستطع إيجاد أحد آخر للاستبدال ... 

فقط عيناك … كانت السبب .”


ظل فو نان آن صامتًا لفترة طويلة جدًا


وفي النهاية ، رد فقط : “ أعلم "



{ ' أعلم ؟ '


هذا كل شيء ؟


ثم ماذا بعد ذلك ؟ }

 

تشي تشاو ، خارج الباب ، صُدم


و داخل المكتب ، لمعَت عينا جيانغ مينغيوان على الفور —- 

ضغط قائلاً : “ هل هذا يعني أنك توافق على عدم التحقيق أكثر ؟”


لم يؤكد فو نان آن ولا نفى، واكتفى بالقول : 

“ عليك العودة الآن "


كانت نبرة صوته مرهقة ، إرهاق لم يسمعه تشي تشاو من قبل ،

لم يستطع تشي تشاو تصديق أن للأستاذ فو جانبًا كهذا ….


بالنسبة له ، كان فو نان آن واثقًا تمامًا وقويًا ،،

لقد ذُكرت عيونه مرارًا من قبل ، في الريف ، وأمام نائب 

المدير ، وكان دائمًا متماسكًا ، 

حتى قادرًا على المزاح حول ذلك بشكل طبيعي ، 

لكن الآن —- ، لم يكن تعبيره هادئًا على الإطلاق ، بل بدا مشوهًا بالتوتر


{ فهل ، بسبب كلمات جيانغ مينغيوان —- فو نان آن 

سيستسلم لجهود فريقنا كله ؟ }


لم يستطع تشي تشاو تصديق ذلك


ثم شرح جيانغ مينغيوان طويلًا لفو نان آن ، مطمئنًا إياه بأن 

الأمر سيكون مرة واحدة فقط ، 

ووعده بأنه سيضع فو نان آن في المقدمة لأي مشاريع مستقبلية ،


لم يتحدث فو نان آن مجدداً ، ودفعه إلى خارج الباب


حين غادر ، بدا وجه جيانغ مينغيوان متوتراً ، لذا ظل قلب 

تشي تشاو مملوءاً بالأمل


في نظره ، لم يكن البروفيسور فو شخصاً يُقهر بكلمات قليلة ،


فو كان واضح أن لديه الدليل بالفعل ، فلماذا يتخلى عن 

جهود فريق بسبب كلمات جيانغ مينغيوان؟ 

لم يصدق تشي تشاو أنه سيفعل ذلك ——


لكنه انتظر وانتظر —— 


انتظر حتى تشققت زوايا فم فو نان آن من التوتر ….



انتظر حتى بدأ الآخرون في الفريق التحضير للمشروع التالي


انتظر حتى تبقى يومان فقط قبل انتهاء فترة الإشعار العامة



ومع ذلك ، لم يفعل فو نان آن شيئ …. ظل متعب ، صامت


و لم يعد بإمكان تشي تشاو الانتظار أكثر


و الآن —- ، واقفاً أمام فو نان آن، لم يستطع إلا مواجهته:

“ لماذا لا تقاتل من أجله ؟

أنت لم تكن هكذا من قبل ...” 


واقفان على السطح ، والرياح المسائية تعصف بأذنيه ، 

نظر تشي تشاو بجدية شديدة إلى عيني فو نان آن ،


: “ لماذا لم تدحض كلامه آنذاك ؟”


عبس فو نان آن قليلاً ، وكأن لديه شيئاً ليقوله


لكن تشي تشاو لم ينتظر كلامه


بدلاً من ذلك ، استمر جملة بعد جملة ؛ لقد تحمل طويلاً—-


“ أنت قلت لي بنفسك إن الحقوق تُقاتل من أجلها ،

لماذا تتخلى عن ذلك بسبب كلمات جيانغ مينغيوان؟”


لم يستطع تشي تشاو فهم ذلك حقاً


وصوته بدأ يتوتر تدريجياً …



: “ هل لأنّه ذكر عينيك فلا تجرؤ على القتال ؟ 

بسبب كلماته ، هل ستنكر نفسك وكل جهود فريقنا بأكمله ؟ 

نحن قادرون بوضوح على ذلك ، 

حصلنا على المركز الأول في الدفاع ،

لماذا أصبحت فجأة خائفاً ومتردداً ؟”


توقف فو نان آن للحظة ، قائلاً بصوت خافت : “ أنا…”


أخذ تشي تشاو نفساً عميقاً ، بدا عليه بعض الإحباط :

“ هذا ليس البروفيسور فو الذي أعرفه "


بعد قول ذلك ، غادر تشي تشاو ... و أغلق الباب بصوت 

واضح وحاد


و سرعان ما اختفت خطواته في الممر ، حازماً إلى درجة عدم التردد إطلاقاً


و عندما ارتج صدى صوت صفع الباب بقوة ، مد فو نان آن 

يده بشكل لا إرادي


و بقيت ذراعه معلّقة في الهواء ، ثم أنزلها ببطء شديد


——————



ركض تشي تشاو بسرعة كبيرة ، 


بينما لم يستطع فو نان آن أن يراه ، ولم يتمكن من اللحاق به

و سرعان ما خيّم السكون على المكان من حوله ، 

حتى كاد يخلو من أي صوت


و دون أن ينتبه متى بدأ الأمر ، هطلت الأمطار من السماء


ومع تتابع قطراتها الكثيفة ، لم يتراجع فو نان آن أو يتجنبها، 

بل تركها تتساقط على جسده كما تشاء


وعندما اشتدّت العاصفة ، غامت الرؤية ، وتشوّشت 

الحواس ، وتغلغلت برودة المطر في عظامه



و في النهاية ، غادر فو نان آن السطح ، 

مسح قطرات الماء عن يديه ، وأخرج هاتفه ، وأجرى اتصال


اتصال بلجنة التفتيش التأديبي —- 

قال بصوت هادئ ثابت :

“ الدليل بحوزتي "


كان تشي تشاو محقًّا —— بالفعل ، كان لدى فو نان آن 

الدليل على تلاعب جيانغ مينغيوان بالقائمة


لم تكن أساليب جيانغ مينغيوان محكمة ، لذا ترك وراءه آثارًا يسهل تتبّعها


كان يمكن حلّ هذا الأمر بسهولة في البداية

و كان فو نان آن يعتزم مواجهة جيانغ مينغيوان مباشرةً ، 

ثم تقديم الدليل ، فهو لم يكن ممن يُخفون الحقائق من 

أجل أصدقائهم ، فكيف إذا تعلّق الأمر بكرامة فريق كامل ؟


لكن حين سمع تبرير جيانغ مينغيوان، وحين نطق الأخير 

بتلك الجملة دون تردّد ، حين أشار إلى عينيه ، شعر فجأة 

بعجزٍ عميقٍ يثقل قلبه


قال جيانغ مينغيوان أنه لم يجد سواه هدفًا مناسبًا

و قال إن عينيه هما أفضل ذريعة


فيما بعد ، أدرك فو نان آن أن السبب لم يكن في تلك 

الجملة وحدها ، ولا في ذلك الموقف فحسب ، 


كانت كلمات جيانغ مينغيوان القشة التي قصمت ظهره ، 

فأطلقت سيلًا من المشاعر الكئيبة التي ظلّ يكبتها طويلًا


لقد عرف جيانغ مينغيوان منذ أيام الجامعة ، ورافقه في كل 

لحظات سقوطه ونهوضه ، ومع ذلك ، في مثل هذا الموقف ، 

كان فو نان آن هو أول من خطر بباله كهدف ، 

فقط لأنّه لا يبصر ،


لم يكن شخص واحد ولا حادثة واحدة — بل تجارب متكررة 

عاشها فو نان آن أكثر من أن تُحصى


من الألم والمقاومة ، إلى الابتسامة والتكيّف ، 

حتى لم يعُد يعرف إن كان قد تجاوز الأمر حقًا ، 

أم أنه فقط اعتاد عليه حتى فقد الإحساس …..


في تلك اللحظة —— شعر فو نان آن بتعبٍ حقيقي 


لقد صمد طويلاً جداً


و منحته كلمات جيانغ مينغيوان إحساسًا خادعًا بأن كل جهوده بلا جدوى


وفكّر للحظة في الاستسلام ، متسائلًا إن كانت محاولاته حقًا بلا فائدة


فبعد كل شيء ، هو رجل فاقد لبصره


و حين تغمر الإنسان المشاعر السلبية ، يصعب التفكير بوضوح


حاول فو نان آن أن يقنع نفسه بأن الجهد لن يضيع ، 

لكنه لم يستطع أن يمنع سيل الأفكار السوداوية من الانهمار


{ إن كان حتى جيانغ مينغيوان يراه على هذا النحو ، فهل 

بقي معنى للقتال ؟


هل سينكر الآخرون قدراتي أيضًا ، فقط لأنني لا أرى ؟ }


فجأة ، لم يعد يرغب في القتال ، ولم يعد يجرؤ عليه ….


تصارع داخله المشاعر والمنطقية ، لكنه في النهاية ، اختار الصمت


و لقد كان ذلك ، بلا شك ، قراره الخاطئ


ومنذ اللحظة التي واجهه فيها تشي تشاو بالحقيقة ، أدرك 

فو نان آن ذلك بوضوح


فنجاح الإنسان أو فشله لا ينبغي أن يُحدده الآخرون


لقد أثبت هذا لنفسه مراتٍ لا تُحصى من قبل ،  

بجهده وكفاحه ، وكرّر هذه الحقيقة على طلابه مرارًا وتكرارًا ،

فكيف له أن يفكّر في الاستسلام لمجرّد كلمات قالها جيانغ مينغيوان؟


و لم تدم حيرته طويلًا ؛ كان صراعًا للحظة واحدة


وما إن حسم أمره ، حتى تبددت الغيوم من ذهنه ، 

وصارت الأمور واضحة


كانت أساليب جيانغ مينغيوان غير نظيفة ، ولذا ، بطبيعة 

الحال ، ترك وراءه كثيرًا من الأدلة


ولم يقتصر الأمر على هذه الحادثة وحدها — إذ تتبّعوا 

لجنة التفتيش التأديبي الخيوط ، فكشفوا عن انتهاكات 

أخرى ارتكبها جيانغ مينغيوان ، مخالِفة للقوانين والأنظمة


وبعد تقديم الأدلة ، حاول جيانغ مينغيوان التملّص مجددًا ، 

مستخدمًا عيني فو نان آن كذريعة أخرى


لكن البروفيسور فو لم يعُد يخشى شيئ


تحدّث بثبات ، وعرض الحقائق والأدلة بوضوح


ومهما حاول جيانغ مينغيوان أن يتفنن في الدفاع عن نفسه ، 

ظلّ فو نان آن ثابتًا كالجبل ، لا يتزعزع


وفي النهاية ، انهار جيانغ مينغيوان أمام الأدلة القاطعة —- 

تمتم بصوت خافت :

“ ما قلته كان صحيح أيضًا… ففقدان البصر يجلب مشكلات 

كثيرة بالفعل…”


نظر إليه فو نان آن نظرةً عميقة


كلماته لا تزال جارحة ، لكنها لم تعد تُؤلمه


قال بهدوء :

“ لكنني أعلم أنني أنا من يملك القدرة على حلّ تلك المشكلات ”


وبذلك ، حُلّت قضية المشروع بسلاسة


فبعد أن اتضحت الحقائق ، أصدروا لجنة التحقيق بيانًا 

رسميًا : تمت الموافقة على مشروع فو نان آن، ونال جيانغ 

مينغيوان العقوبة التي يستحقها .

عادت الأمور إلى مسارها الصحيح… إلا أن العلاقة بين فو 

نان آن وتشي تشاو بدأت تبرد شيئًا فشيئًا ….



في البداية ، انشغل فو نان آن بالمشروع ، 

ثم بدأ تشي تشاو في إعداد أوراقه للدراسة في الخارج ،

ومضى أسبوع كامل دون أن يلتقيا


وخلال ذلك الوقت ، أرسل تشي تشاو اعتذارًا إلى فو نان آن 

عبر تطبيق ويتشات ، قائلاً إنه كان متهوّرًا في ذلك اليوم، 

وأنه لم يكن ينبغي له أن يغادر السطح تاركًا الأستاذ وحده



بينما ردّ فو نان آن باعتذار أيضاً ، قائلاً إن الخطأ كان خطأه هو


كانا كلاهما يحاولان الحفاظ على العلاقة بينهما ، لكنّ البرود 

تسلّل بينهما على أي حال ، 

ببطء لا يُلاحظ ، كخيط من ضباب بارد في مساءٍ طويل


—-———————-


مرّ الوقت سريعًا ، وانقضى الأسبوع في غمضة عين


وفي اليوم الذي أُعلِن فيه رسميًا اعتماد المشروع ، 

خرج الفريق بأكمله لتناول العشاء احتفالًا بالنجاح


حجزوا غرفةً كبيرة في أحد المطاعم القريبة من المستشفى ، 

وحتى تشين كايجي — العضو غير الرسمي — حضر


لكن شخص واحد ظلّ غائبًا عن المائدة


قال تشين كايجي بنبرة مازحة وهو ينظر حوله:

“ هاه ؟ أين تشي-غا ؟ أليس هنا؟ 

بعد أن تبيّن فساد جيانغ مينغيوان صار الجميع يعامل تشي تشاو كأنه بطل

فكيف لبطلنا العظيم ألا يحضر مثل هذا الاحتفال المهم ؟”


هزّ الجميع رؤوسهم ، لا أحد يعلم السبب


قال أحدهم:

“ لا أدري ، هل يعرف أحد ؟”


وردّ آخر:

“ أنا لا أعرف أيضًا . تشي الصغير لم يظهر منذ أيام، أليس كذلك ؟”


تنهّد ثالث وقال:

“ ما بال هذا الفتى ؟ 

أليس هو من كان لا يفارق المختبر من قبل ؟”


“ ومن أين لي أن أعرف! اسألوا البروفيسور فو!”


كان الجميع يعلم أن فو نان آن وتشي تشاو على علاقة 

وثيقة ، وأن الأخير كان دائم التواجد إلى جانبه


لذا، بعد أن تكررت التساؤلات ، اتجهت الأنظار جميعها نحو فو نان آن


سألته إحدى الطالبات الأكبر مبتسمة :

“ أين تشي الصغير يا بروفيسور ؟ 

في مأدبة النصر هذه لا يمكن أن يغيب صاحب الفضل الأكبر !”


توقف فو نان آن لحظة عند سماعها، ثم قال بهدوء :

“ لن يأتي ”



قبل أيام —- ، قد اتصل بتشي تشاو بنفسه


لم يكن يريد فقط دعوته إلى عشاء الاحتفال، بل أراد أيضًا لقاءه وجهًا لوجه


فمع أنه لا يستطيع الرؤية ، إلا أن وجود الشخص أمامه 

يمنح الحديث طابعًا مختلفًا، وهناك أمور لا تُقال عبر الهاتف


لكن تشي تشاو رفض الدعوة قائلًا :

“ أستاذ أنا مشغول جدًا هذه الأيام ، لا وقت لدي حقًا. 

أنتم اذهبوا وتناولوا العشاء ، أشكركم على الدعوة ، 

ولا تقلقوا عليّ .”


' مشغول '

هذه الكلمة كان يكررها تشي تشاو دائمًا في الأيام الأخيرة


{ هل كان مشغولًا حقًا ؟ أم أن وراءها شيئ آخر ؟ }

فو نان آن لم يشأ أن يخمّن ، ولم يجرؤ على ذلك


حتى تلك العبارة : ' لا تقلق عليّ '  — لم يستطع أن يجزم إن 

كان يقصد بها العشاء فحسب ، أم أنه كان يلمّح إلى شيءٍ 

آخر… و كأنّه يرسم حدود بينهما


عبّر بعض الزملاء عن أسفهم لغيابه ، لكنهم لم يطيلوا 

الحديث ؛ فالمناسبة كانت سعيدة ، والجميع انشغل بالأكل والضحك


أمّا فو نان آن، فجلس في طرف الطاولة — يشرب الشاي 

بصمت ، بالكاد لمس طعامه طوال المساء


سأله أحد الطلاب الجالسين بجانبه برفق :

“ أستاذ ألن تأكل ؟”


ابتسم فو نان آن : “ همم ….” لكن صوته بدا باهتًا قليلًا :

“ لستُ جائعًا . كُلوا أنتم .”


كانت مائدة الاحتفال صاخبة ، لكنها لم تكن مفعمة بالبهجة تمامًا


ومهما كان شعور الآخرين ، فقد شعر فو نان آن بوضوحٍ بأن هناك من يغيب


وحين انتهى التجمع وخرج الجميع من المطعم ، 

صاحت إحدى الطالبات :

“ الجو بارد جدًا في الخارج !”

حرّك فو نان آن أصابعه ، وشعر هو أيضًا بذلك البرد


كانت الرياح المسائية تلسع أطراف أصابعه ، 

حتى العصا البيضاء في يده بدت كأنها تجمّدت من البرد ، 

و كأن الإمساك بها صار أمرًا صعبًا


منذ وقتٍ ليس ببعيد ، كان تشي تشاو يحب أن يظل ملازمًا له ،،


و بعد كل تجمع ، كان دائمًا يجد شتى الأسباب ليُصرّ على 

مرافقة فو نان آن إلى المنزل


كان بارعًا في الكلام ، وغالبًا يكفي أن يقول جملتين حتى 

يضحك فو نان آن


أما الآن ، فبينما الجميع يسيرون معًا في طريق العودة 

يتحدثون ويضحكون، ظل فو نان آن صامتًا طوال الطريق، 

ولم يسمع الصوت الذي كان ينتظره


{ تشي تشاو لم يأتِي حقًا ...

لم يكذب عليّ }


فو نان آن يعلم …. أن تشي تشاو ربما لن يأتي مجددًا ….


{ في الحقيقة …. هذا …. أمر يُمكن تفهّمه …

ففي اليوم الذي غادر فيه تشي تشاو غاضبًا ، 

أدركت أنني جرحت قلبه …. 

ففي عيني تشي تشاو ، أنا دائمًا ذلك الأستاذ الهادئ القوي …. }



لكن الحقيقة أنه لم يكن مثاليًا ولا ثابتًا على الدوام


هو أيضًا مرّ بلحظات من التردد والعجز


و ذلك التردد كاد أن يتسبب في خطأ فادح ، ويجعل جهود 

الفريق بأكمله تذهب سدى


يُقال إن الكمال ليس للبشر ، فلا أحد معصوم من الخطأ


وبعد أن أدرك فو نان آن خطأه ، حاول بكل ما يستطيع أن يُصلحه


{ لكن الحب شعور ثمين للغاية ، وليس كل من يرى جانبك 

الضعيف والمتردد ، سيظلّ راغبًا في المضيّ إلى جانبك


تشي تشاو لم يكن مُلزمًا بذلك


و مهما كانت الأسباب ، فإن الصورة المثالية قد تهشّمت


وانتهى الأمر …


فالناس يحبّون دائمًا الشخصيات القوية المشرقة التي تسير إلى الأمام ،

ولا أحد يحب بطلًا هشًّا، مترددًا، أو يهرب من مواجهة مشاعره …. 


الهروب يبقى هروب ، والخطأ يظل خطأ … }


لم ينكر فو نان آن ذلك ، لكنه شعر ببعض الندم


ندم لأن الطريق بينه وبين تشي تشاو انقطع ، 

و لأنهما لم يعودا قادرين على السير معًا …


{ لكن ….. ما نفع الندم الآن ؟

ربما لم يكن مقدّرًا لنا إلا أن نتوقف عند هذا الحد }


الطريق الطويل انتهى أخيرًا 

وكعادته ، أوصل فو نان آن طلابه إلى مدخل سكنهم ،

وعلى بُعد مسافة قصيرة تقع المنطقة السكنية التي يعيش فيها


لكنه يعلم…

أنه لم يعد هناك من سيلتفت ليعود فيمشي معه تلك 

المسافة القصيرة بعد الآن …


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي