Ch16 ffb
أخذ لو تشن نفسًا عميقًا وطوّل خطوته وهو يخطو على المنصة ،،،
لم يكن مودل عارض محترف لعروض الأزياء—فطوله لم
يكن كافيًا ،
ويفتقر إلى صقل الخبرة ،
ولحسن الحظ لم يهتم صاحب العمل بمثل هذه التفاصيل
فطالما أن الوجه جذاب والمظهر يتوافق مع القطعة
المعروضة ، فهذا يكفي —-
و السبب الحقيقي بسيط : عارضو الأزياء الشباب مثل لو
تشن كانوا رخيصي الراتب
من المفترض أن تكون مجرد بروفة ، ومع ذلك سيطر
عليه التوتر بشدة
فقد خرج العارض قبل الأخير من الكواليس إلى أضواء الكشافات
وعندما دار ذلك العارض عند نهاية المنصة ، خطا لو تشن
أخيرًا خطوته الأولى
وبصفته العارض الأخير في العرض—الختام الكبير—ارتدى
التاج الوحيد في العرض : تاج رجال من نسخة المقتنين
على عكس الإكسسوارات التي عُرضت سابقًا ، هذا التاج
موجود لغرض واحد فقط : رفع قيمة العلامة التجارية
واستعراض براعة المصمم
وبما أن الأمر مجرد بروفة ، كانت المقاعد المحيطة
بالمنصة شبه فارغة — معظم الحاضرين من موظفي
المنظمين وشركة العلامة التجارية
وكانت هناك استثناءات — مثل الرجل الجالس في نهاية المنصة —-
يرتدي بدلة داكنة مفصّلة بدقة ، مع قميص كلاسيكي بنفس
الدرجة ، و كل زر مُحكم حتى خط الفك ،
مشهد يبهر النظر ، جاذبيته متوازنة بين ضبط النفس
المتواضعة والأناقة الأرستقراطية
( فان شياو )
ساقاه الطويلة النحيلة متقاطعتين بلا مبالاة ، ومع ذلك،
حتى تحت خطوط الأزياء الراقية المفصّلة ، تظهر القوة
والحيوية في هيكله ،
فقط من خلال هذا الوضعية البسيطة ، أصبح نقطة جذب
أخرى في المشهد
عيناه هادئة وثابتة ، يحدق مباشرةً في المنصة
وبعد تحمل العديد من النظرات—سواء كانت مقصودة أو
عفوية—التي وُجهت إليه من الآخرين، كشف أخيرًا عن
ابتسامة—ابتسامة ساحرة بشكل مدمر، مذهلة في فجائتها
تحرك لو تشن للأمام بخطوات واثقة ، إلا أن كل التحصينات
العقلية التي بناها انهارت أمام ذلك الابتسامة
و اجتاح قلبه شعور بالذعر ، وتعثرت قدمه لحظة ، كاد أن يسقط
في الجمهور ، تجهم حاجبا الرجل قليلاً
فك ساقيه المتقاطعتين ، ومع ذلك لم يفقد رباطة جأشه—
لم يظهر على وجهه أي ذعر أو دهشة
استعاد لو تشن توازنه سريعًا ، استقام بظهره ثم واصل
سيره على المنصة ، ليكمل العرض الختامي الذي ، رغم أنه
لم يكن مثاليًا ، فقد وصل على الأقل إلى نهايته
عندما وصل لو تشن إلى منطقة الاستراحة : “ السيد فان "
وما زال مكياج المسرح يلون وجهه ، تابع بهدوء :
“ أعتذر عن تأخري في الوصول إليك "
رد فان شياو : “ لم يكن انتظارًا طويلًا على الإطلاق .
العرض كان ممتع جدًا للمشاهدة .”
صوت فان شياو لم يحمل أي أثر للمجاملة الفارغة ؛
بل بدا صادقًا تمامًا
شعر لو تشن ببعض الدهشة : “ تحب مشاهدة عروض الأزياء ؟”
غالبًا فان شياو يعطي إحساسًا مشابه ليو شولانغ —لطيف ،
مهذب ، يعرف متى يتقدم ومتى يتراجع ،
وبسبب ذلك ، افترض لو تشن بطبيعة الحال أن فان شياو ،
مثل يو شلانغ — سيكون قليل الاهتمام بمثل هذه الفعاليات
بحركة رقيقة ، مرّر فان شياو يده على شعر لو تشن
تفرق القليتر واللمعان الذي يزين شعر لو تشن في وميض ناعم ،
رغم أن بعضها تعلق بعناد بخصلاته ،
و بأصابع صبورة ، أبعد فان شياو القطع العالقة ،
رد بهمس عفوي لكنه حميمي :
“ لأنك هنا—هذا ما يجعل الأمر ممتعًا "
بووووم —شعر لو تشن وكأنّه أُلقي في وعاء من الماء المغلي ،
كروبيان بلا اتجاه ، يُسلق ببطء حتى تحول إلى لون ساحر
يخطف الأبصار ،
شد على قماش بنطاله ، وبعد أن هدأ نفسه لفترة طويلة ،
تمكن أخيرًا من السؤال:
“ السيد فان هل تريد مني أن أشارك كعارض مجدداً هذه المرة ؟”
الزينة في شعره قد أزيلت بالفعل ، مرّت يد فان شياو برفق
على الخصل ، لمس كتف لو تشن ثم إلى جانبه
: “ ليست هذه المرة ،
هذه المرة جئت خصيصًا لأطلب مساعدتك "
ارتسم على وجه لو تشن لمحة من الحيرة : “ مساعدة ؟
بماذا يمكنني أن أساعد السيد فان ؟”
ابتسامة فان شياو حملت أثرًا من المودة المتساهلة : “ بالطبع يجب أن يكون تشن تشن واثقًا قليلاً ، ألا تعتقد ذلك ؟
غدًا لدي مأدبة مهمة جدًا في الليل ، وكما تعلم ، فقد
وصلت حديثًا إلى هذا البلد ، ولا يوجد حولي أي أصدقاء
يمكنهم مساعدتي في إظهار الحضور .
سيكون الجانب الآخر مكونًا من ثلاثة أشخاص ، ولن يكون
من اللائق أن أحضر بمفردي ،
فهل يمكنني أن أطلب منك المجيء معي ، لمساعدتي في
استقبال الضيوف ؟”
: “ استقبال الضيوف؟” داخل دائرة لو تشن — لا يوجد
نقص في التعاملات المشبوهة ، وكلمة ' استقبال” غالبًا
تحمل دلالات غامضة
فهم فان شياو على الفور ، وانحنت شفتاه بابتسامة خفيفة:
“ ليس أكثر من تناول بعض المشروبات معًا والدردشة قليلًا ،
أعدك أن أعيدك إلى المنزل بأمان قبل منتصف الليل "
احمر وجه لو تشن خجلًا : “ لم أقصد أي شيء آخر "
لكنه سرعان ما ارتسمت على ملامحه لمحة من السعادة :
“ في المرة الماضية ساعدني السيد فان كثيرًا ،
هذه المرة ، سأبذل قصارى جهدي بالتأكيد "
كان فان شياو على وشك فتح فمه لشكره ، حينها اقترب
رجل يرتدي قبعة بيريه — بدا على وجهه بعض القلق ،
لكنه لم يضيع وقتًا في ذكر هدفه مباشرة
: “ لو تشن الجانب الخاص بالعلامة التجارية طلب مني
إبلاغك بأنك لن تعرض القطعة الأخيرة من التاج بعد الآن.
تم إعادة تعيينها لشخص آخر.
ستظل تعرض مجموعات الإكسسوارات السابقة.”
تردد لو تشن — ومع وجود فان شياو شعر بالحرج أكثر،
سأل بسرعة : “ لماذا تم استبدالي ؟
هل لأنه لم يكن أدائي جيدًا على المنصة قبل قليل ؟”
خلال البروفات ، من الطبيعي أن لا تكون العروض مثالية—
فلا أحد يبذل جهده الكامل بعد
تردد الرجل للحظة ، ثم شد شفتيه وقال: “ أنت تعرف كيف
تسير الأمور في وسطنا—من يدفع أكثر يحصل على الكلمة الأخيرة ،
ليس كما لو أنك لا تعرف ذلك ،
إنها مجرد علامة متخصصة ، فقدان العرض الختامي ليس
نهاية العالم ، ستكون هناك فرصة أخرى .”
: “ فرصة أخرى…” ابتلع لو تشن الكلمات التي ارتفعت إلى
لسانه ، وغلبه الصمت ، غارقًا في خيبة الأمل
سأل فان شياو بعد أن غادر الرجل ذو البيريه :
“ هل يوجد شيء يمكنني المساعدة فيه؟”
ابتسم لو تشن ابتسامة مُرة وهز رأسه ، محاولًا استعادة
بعض القوة في صوته: “ غدًا مساءً ، سأكون هناك في الوقت المحدد "
…
كان بار ' كونغكي ' من أكثر الأماكن شهرة في هذه المدينة
تأرجح الباب الخشبي المتآكل بفعل الماء والديدان ،
و في الداخل — امتد في سقف البار بحر لا نهاية له من
النجوم — غامض ، عميق ، بلا حدود ...
تتلألأ المجرات في الأعماق مثل الكواكب المزينة بالجواهر ،
والوهج ساكن كبحيرة ،
ومن كل اتجاه ينبعث نسيم ضوئي أثيري ،
و مع صرير طويل ، أُغلق الباب الخشبي مرة أخرى ،
وكأن ضربة واحدة قد فصلت الداخل عن كل صلة بالعالم البشري
كل ما اعتقد أنه خالد ، لا نهائي ، ثابت — تبين أنه مجرد
وهم ضخم للرخاء ، بريق يذوب في الفراغ
مستلقٍ على الأريكة ، ارتشف فان شياو ببطء من كأسه
نظر إلى قبة النجوم ، وفجأة شعر أن لعبته قد أصبحت
مملة بشكل لا يُحتمل
لسنوات —- ، بحث عن وسائل التسلية لتخفيف ملل حياته
من بين كل ' الترفيهات ' التي وجدها ، كان يو شلانغ هو
الذي جذب اهتمامه لأطول فترة—هو من استثمر فيه أكثر
الأفكار والجهود
ومع ذلك ، الآن ، تحت هذه السماء المزيفة ، تسلل إليه
التعب مجدداً ، وارتفع في قلبه شعور بالموت والرماد
بدت مياه البحر الباردة وكأنها ترتفع من تحت قدميه شيئًا فشيئًا ،
كأنها تجذبه مجدداً إلى ذلك العالم المرعب والمليء بالحزن ،
هاجت الأمواج ، وارتفع صراخ الناس ،
ودفعت الغريزة الناس إلى الهرب —ومع ذلك ، كان الناس
يُجرفون واحدًا تلو الآخر بواسطة المد
إلا أن تلك اليدين الدافئة واللطيفة تمسكان به بقوة ،
سحبته بلا هوادة ،
: “ فان شياو اهرب !”
{ لم أعد أرغب في الهرب ….
لم يعد لديّ القوة لذلك ...
إذا دب الخوف فيك ، أشعل عود ثقاب
لكن الأعواد كلها مبتلة أيضًا …. إذن خذني بعيدًا }
: “ السيد فان !”
تبخّر مشهد مياه البحر تدريجيًا ، وظهر وجه لو تشن
المبتسم : “ هيا، دعنا نتناول كأسًا معًا "
أجاب فان شياو بهدوء : “ حسنًا ...”، وعلى وجهه ارتسمت
ملامح السكينة : “ لكن أود أن أسمعك تغني أولًا "
توجه لو تشن بنظرة مترددة إلى الميكروفون الموضوع في
منتصف منصة البار : “ أنا؟ أغني ؟ لا أستطيع ،
لست جيدًا في الغناء "
أخذ فان شياو صندوق هدية رائع من يد مساعده ،
و بأصابعه أرخى الشريط ، وانفتح غلاف المخمل الأزرق
الداكن ليكشف عن تاج مرصّع ببلورات ملونة تتلألأ تحت
ضوء القبة المرصعة بالنجوم
تجمد لو تشن من الدهشة : “هذا… تاج العرض الختامي من عرض الأزياء ؟”
: “ نعم . الآن أصبح ملكك "
كانت كلمات فان شياو خفيفة ، شبه عابرة
: “ بما أنه لك ، لم يعد مناسبًا لأي شخص آخر أن يرتديه "
رأى لو تشن أنه لا يزال مذهولًا بعض الشيء ،
فتحدث مساعد فان شياو الصيني في اللحظة المناسبة : “ السيد لو أصبح السيد فان الآن أول عميل رئيسي لعرض
مجوهرات ‘شيني’ لموسم الخريف والشتاء .
هذا التاج قد اشتراه ليهديك إياه .
بالإضافة إلى ذلك، أكدوا العلامة التجارية أنه بصفتك
المالك الشرعي لهذا التاج ، ينبغي أن تكون الشخص الذي
يعرضه على المنصة .”
قبل أن يتمكن لو تشن من استيعاب الخبر بالكامل ،
رفع فان شياو التاج من الصندوق ووضعه على رأسه
اقترب منه ، وهمس في أذن لو تشن بصوت دافئ :
“ صاحب السمو الأمير ، هل لي أن أتشرف بسماع أغنية منك ؟”
اقترب أصدقاء فان شياو، يثيرون الجو بالضحك والممازحة
: “ أي أوبرا سيتم تقديمها هنا ؟”
محاطًا بالارتباك ، نهض لو تشن بسرعة ، واحمر وجهه
خجلاً ، وتلعثم قائلاً : “ إذا لم يمانع السيد فان قد يبدو
صوتي غير مستساغ ، فسأقوم…”
اتكأ فان شياو ببطء إلى الخلف ، مستندًا بذراع واحد على ظهر الأريكة ،
استرخى جسده برشاقة ونعومة ، وامتدت ساقاه
متقاطعتين ،
والضوء في عينيه أكثر إشراقًا وإبهارًا من النجوم نفسها
: “ امضِ قدمًا "
ومع بدء الموسيقى ، خفتت الإضاءة للبار أكثر ،
الضوء الوحيد مُركّز على منصة الأداء ،
و انسابت ألحان بطيئة من الأغنية ، وصوت لو تشن الدافئ
والمفعم بالمشاعر امتد في الهواء ،
حاملاً كل إحساسه إلى الجو المحيط بهم
التاج على رأسه ، ونظر إلى الأسفل من على المنصة ،
رفع فان شياو كأسه ردًا عليه ——
قال شي ليهوا، رافعًا كأسه : “ ومن هذا الآن ؟
لماذا تحيط نفسك مؤخرًا بالرجال فقط ؟”
لم يجب فان شياو — ، اكتفى برفع يده وإبعاده
{ لقد حان الوقت لإنهاء هذه اللعبة }
أخرج هاتفه ، وبحث عن الرقم ، رغب في تسريع إيقاع اللعبة
و تم الرد بعد بضع رنات فقط
و وسط الضجيج ، سمع فان شياو صوتًا عميقًا :
“ السيد فان "
' السيد فان '
هذين الكلمتين البسيطة سحباه فجأة إلى تلك السيارة المظلمة
عندما كان يضغط على جسد شولانغ المشتعل ،
و يفرض عقوبة
عينا شولانغ وقتها — الممتلئة بالرغبة ، تكاد تلتهمه ،
و توقفت عيناه على يده ثم سأل بصوت خافت
' كيف ستعاقبني ؟ '
كيف ستعاقبني ؟!
الرغبة التي فشل فان شياو في إخراجها البارحة استيقظت مجدداً ، تتململ بلا هدوء
{ هذا… ليس طبيعي … }
: “ فان شياو؟”
ظهر صوت يو شولانغ مجدداً عبر الهاتف ، لكن هذه المرة
أسلوب المخاطبة تغير
: “ شولانغ ...” كان صوت فان شياو خافت ، وبين ضوضاء
المكان سأل: “ ماذا تفعل؟”
: “ أنا ؟ لا شيء ، فقط أتابع مباراة في المنزل "
توجهت نظرات فان شياو إلى المنصة حيث يقف لو تشن ،
: “ مع حبيبتك ؟ هذا لطيف "
فترة صمت قصيرة على الطرف الآخر ثم أتى الرد
: “فقط بمفردي "
: “ أوه ؟ يا مدير يو ليلة طويلة كهذه ولا جمال معك ؟”
: “ لديه موعد اجتماعي الليلة "
: “ يا له من أمر مؤسف إذًا أن تُهدر ليلة جميلة كهذه "
تسللت كلمات فان شياو إلى ما هو أبعد من حدود اللياقة قليلًا
وعلى الطرف الآخر جاء صوت شولانغ يحمل لمحة من العجز
شولانغ : “هل اتصلت لأنك تحتاج شيئًا مني؟”
: “ لا شيء محدد ….”، قال فان شياو وعبارات وجهه وعينيه
تحملان أثر ابتسامة خفيفة : “ فقط سمعت أحدهم يغني
بشكل جميل هنا في البار ، وفكرت أن أجعلك تسمعه أيضًا .
فبعد كل شيء ، أنت الصديق الوحيد الذي لدي في هذه المدينة .”
رفع هاتفه ، وتلاشت تدريجيًا حرارة عينيه : “هل تسمعه ؟
جميل ، أليس كذلك ؟”
انسابت الأغنية ، بعيد وأثيري —- ملتف وسط ضجيج المكان
بعد صمت قصير ،
جاء رد شولانغ باختصار : “ ليس سيئًا "
: “ شولانغ لماذا لا تأتي لفترة قصيرة ؟
نحن مجرد عدد قليل من الأصدقاء المقربين هنا في كونغكي "
ضحك شولانغ ضحكة خافتة : “ ألست أنا صديقك الوحيد في هذه المدينة ؟
السيد فان لا يفتقر أبدًا للأصدقاء أينما ذهب ،،
من الأفضل ألا تَغَريني بذلك مجدداً ،،
هل هناك شيء آخر ؟ إن لم يكن، سأغلق المكالمة .
أنا أشاهد مباراة "
النبرة الحادة جعلت فان شياو يبتسم بخفة ،
وبطبيعته الهادئة ، رد : “ المدير يو أصبح أكثر صراحة معي
—أين أدبك الذي أظهرته عندما التقينا أول مرة ؟”
ضحك شولانغ : “ الأدب للغرباء ،
أنت لم تعد تُعد واحدًا منهم حقًا .”
تأرجح قلب فان ، ورُمي فجأة في حالة من الاضطراب
و على المنصة ، انتهت الأغنية —-
بعد فترة طويلة نسبيًا ، ظل فان شياو ممسكًا بهاتفه وفكر
{ — اللعبة في الواقع ....... ممتعة للغاية }
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق