Ch40 SBS
خلال النصف الثاني من الطريق ،
غفا كلٌّ من لي روي ويي شي ——
كان باي يو يقود بثبات ، والجو داخل السيارة دافئ ومريح ،
حتى شاي الحليب لم يستطع مقاومة النعاس الذي هاجمهما ،
فانتهى بهما الأمر ورأسيهما متكئان على بعضهما ،
رآهما باي يو في المرآة الخلفية ، وانحنت شفتاه في ابتسامة
خفيفة ، وقال لتشنغ يانغ:
“ يي شي وصديقه نائمان ،
اخفِض صوتك حتى لا توقظهما.”
كان تشنغ يانغ يلعب لعبة على هاتفه ، واضعًا سماعة
بلوتوث واحدة فقط ،
و بين حين وآخر يتبادل الحديث مع باي يو ليمنعه من
النعاس أثناء القيادة ،
وعندما سمع كلامه ، التفت إلى الخلف
وبالفعل ، يي شي نصف نائم—رأسه يهتز كالطائر النعسان
أما زميله لي روي فلم يكن أفضل حالًا ،
مائلًا إلى الجانب وقد انخفض كتفاه
نقر تشنغ يانغ بليانه ساخرًا
{ أعرف يي شي جيدًا } :
“ أراهن أنه سهر طوال الليل يلعب مجددًا "
لكن بعد ذلك ، خيّم الهدوء حقًا على السيارة ،
لم يتحدث باي يو وتشنغ يانغ كثيرًا بعد تلك اللحظة
وعندما مرّوا بمحطة استراحة ، أوقف باي يو السيارة ،
والتف إلى الخلف ، وربت برفق على كتف يي شي:
“ تريد مياه ؟ أو تتمشى قليلًا ؟”
راقبه تشنغ يانغ بعين باردة ، لكنه خرج من السيارة أيضًا—
فحتى الجلوس لأكثر من ساعتين يثقل البدن
رأى يي شي يرمش عينَيه بكسل وهو يستيقظ نصف يقظة ،
وشعره قد تطاير من هنا وهناك ،
انحنى باي يو قليلًا وقال له شيئًا ما، فأومأ يي شي،
فناولَه باي يو الترمس، وساعده على شرب رشفتين من الماء
{ لابد أنه شديد النعاس ليكون بهذا القدر من البراءة وغياب الحرج ؛
فقد شرب الماء من يدي مباشرةً }
ثم سحب يي شي البطانية حول نفسه وعاد للنوم فورًا
ابتسم باي يو لا إرادياً ، ورتب البطانية فوقه ،
ثم أغلق الباب بلطف
وقف هو وتشنغ يانغ عند السور لأخذ بعض الهواء النقي
اشترى باي يو كوب قهوة مثلجة من المتجر الصغير المجاور
أما تشنغ يانغ ففتح حلوى برقوق ووضعها في فمه ؛
و انسابت الحلاوة الحامضة على لسانه وانتعش قليلًا ،
ثم قال بصوت خافت وهو ينظر إلى الأرض :
“ أنت فعلاً تحب يي شي، أليس كذلك ؟”
{ على الأقل ،،، لم أرى باي يو يومًا بهذا القدر من الرفق
والصبر مع أي أحد غيره }
شرب باي يو قهوته بهدوء واتزان :
“ وماذا تظن ؟”
{ لو لم أحبه إلى هذا الحد ، هل كنت سأُعامله بكل هذا
الحذر ، وهذا الاهتمام الدقيق ؟ }
رفع تشنغ يانغ حاجبه ،
وكأن ذكرى ما خطرت له، ثم ضحك بسخرية خافتة
…
بعد بضع دقائق ، عاد باي يو وتشنغ يانغ إلى السيارة
في الساعة الرابعة عصرًا ، وصلوا إلى وجهتهم
بلدة جبلية ثلجية طُوِّرت حديثًا—لم تكتظ بالسيّاح بعد ،
لكن جميع المرافق والخدمات كانت جاهزة تمامًا ،
و فور وصولهم ، تقدّم موظفو الفندق لاستقبالهم ،
باي يو قد حجز فندق ينابيع ساخنة صغيرًا يضم 27 غرفة فقط،
موزّعة على سفح الجبل ،
يكفي أن تفتح الباب حتى يستقبلك منظر ممتد من الثلج
الخالص —فكرة المكان بأكملها تقوم على الهدوء والرقي
حجز ثلاث غرف متجاورة تتصل ببعضها من الداخل ،
ليسهل عليهم زيارة بعضهم البعض ،
وخارج الغرف حديقة نصف مفتوحة ،
فيها مسبحان ينابيع ساخنة خاصان —يوفران الخصوصية ،
ومساحة يجتمع فيها الأصدقاء معًا
كان تشنغ يانغ راضيًا تمامًا —- فقد ناقشوا توزيع الغرف مسبقًا
ومع كون تشنغ يانغ ' عجلة ثالثة ' من الطراز الرفيع ،
لم يكن ثمة أمل ليي شي بأن ينام في الغرفة نفسها مع باي يو ،
وبشكل طبيعي اختار أن يشارك الغرفة مع لي روي
أما باي يو وتشنغ يانغ فلكلٍّ منهما غرفته الخاصة —
وهو ما ضمِن لهم بعض السلام
بعد قليل من الراحة ، خرج يي شي ولي روي لاستكشاف
المراجيح في الحديقة ،
ثم انطلق الجميع بعد ذلك للتجول
الفندق وضعوا لافتات إرشادية في كل مكان ،
بل ووفّر خريطة على هيئة مخطوطة ،
فردّ باي يو الخريطة أمام يي شي وقال:
“ نحن الآن في منتصف الجبل ،
بالقرب من هنا مجموعة مباني أثرية ،
ومتحف للفن وآخر للتاريخ — غالبًا مغلقان الآن ،
و أبعد قليلًا توجد ساحة البلدة ،
وفيها منتجع للتزلج ، وسوق ، ومتنزّه ، وورشة فخار ،
ومصنع صغير للتخمير ،
أما قمة الجبل فبها مواقع طبيعية جميلة— و منها مكان
استُلهم منه مشهد في رواية مشهورة .”
ثم سأله:
“ إلى أين تريد أن نذهب أولًا ؟”
لكن عيني يي شي ظلّت معلقتين على شفتي باي يو
منذ أن لامسهما دون قصد بالأمس ، وهو يتسلل بالنظر
إليهما بين حين وآخر—تلك الشفتان الوردية الناعمة
كانت ذكرى تلك القبلة الخاطفة تتكرر في ذهنه كفيلم
بطيء مع موسيقى خلفية ،
تربك تركيزه حتى إنه لم يسمع ما قاله باي يو ،
ولم ينتبه إلا عندما سأله مجددًا
: “ آه…” حاول يي شي بجهد استعادة الخيارات ، ثم قال:
“ لننزل إلى البلدة ، سيحين وقت العشاء قريبًا "
: “ حسناً " ابتسم باي يو — ثم التفت إلى لي روي وسأله :
“ وأنت ؟ تود الذهاب إلى البلدة أيضًا ؟”
أجاب لي روي ببشاشة ، وعيناه تنحنيان بابتسامة :
“ أكيد ، لا مانع لدي .”
{ هل جئت للمتعة ؟ قطعًا لا ~
لقد جئت لأكون ' حارس الحب ' الخاص بصديقي ! }
أومأ باي يو رأسه موافقًا : “ حسنًا ،
لنأخذ التلفريك السياحي للنزول .”
وبينما تكلم ، أمسك يد يي شي بطبيعية ، ثم قال لتشنغ يانغ :
“ سنسير شرقًا ثلاثمائة إلى أربعمئة متر، وسنصل "
تدحرجت عينا تشنغ يانغ بقوة
{ مرحبًا ؟
هل يي شي ولي روي هما الوحيدان اللذان يهمّانك هنا ؟
ألا أحد يسأل عن رأييي ؟ }
كان يريد ركل باي يو مجدداً —لكن في الحقيقة ، هو أيضًا
يفضّل البدء بالبلدة ،
فاكتفى بالتذمّر داخليًا ولحق بهم
كان يمشي خلف يي شي وباي يو
فرأى الاثنين يمسكان بأيدي بعضهما
ولم يكن ذلك غريبًا حقًّا—فالطقس هنا شديد البرودة ،
وكلاهما يرتدي قفّازات ، وطريق الجبل زَلِق قليلًا ؛
فمن الطبيعي أن يتساندا لئلا ينزلق أحدهما
لكن بما أنّه يعرف نوايا باي يو — فقد بدا له قربهما من
بعضهما وتبادلهما الهمسات أمرًا يفوق حدود العادي…
أقرب إلى الحميمية الخالصة ،
ومع ذلك ، عضّ على شفته ، و لم ينبس بكلمة
وكما توقّعوا ، وبعد نحو ثلاثمئة متر، ظهر أمامهم لوح
إرشادي لمصعد العربات الهوائية
ولا يوجد الكثير من السياح ؛ فالمجموعة التي سبقتهم
كانوا من ستة أشخاص ،
ركبوا جميعًا عربة واحدة ،
وبهذا حصل الأربعة على عربة مستقلة وحدهم
وما إن دخلوا العربة حتى اندفع لي روي بسرعة مذهلة ،
وأمسك بيد تشنغ يانغ على الفور قائلاً بحماس :
“ هيا ! لنجلس معًا !
أظن أنّ المنظر من الجهة اليسرى أجمل .”
واتّسعت عينا تشنغ يانغ دهشة ——-
{ مهلًا… بالكاد أعرف هذا الفتى !
أليس هذا لقائنا الأول ؟
فلمَ يتصرّف وكأننا صديقان منذ الطفولة ؟ }
لكن لي روي — بملامحه البيضاء الناعمة—الذي يبدو دائمًا
كمن يعجز عن فتح علبة دون مساعدة يي شي—شد على
يده بقوة مفاجئة وجذبه إلى جانبه بابتسامة بريئة :
“ انظر ! ما ذاك هناك ؟ يشبه الكلب !”
تشنغ يانغ: “…”
{ هذا فقط ضعف بصرك ،
إنّها مجرّد سلّة مهملات على هيئة باندا !! }
إلا أنّ قبضة لي روي المتشبّثة ،
ووابل الأسئلة الذي انهال عليه ،
جعله عاجزًا عن الفرار ،
ولم يكن بإمكانه أن يتصرّف بفظاظة معه أيضًا ،
فاضطرّ إلى الإجابة عن كل سؤال بتوتّر ظاهر ،
أما يي شي —- فرفع في قلبه علامة إعجاب ضخمة للي روي
{ 👍🏼 أخٌ حقيقي… حتى النهاية ! }
وفي الجهة الأخرى ،
الأجواء بين يي شي وباي يو أكثر دفئًا وهدوءًا ،
وقف باي يو بقربه عند النافذة ؛
و أرضية العربة من الزجاج الشفّاف ،
تمنح رؤية شاملة لكل الجهات
الليل بدأ ينسدل ، وأضواء الطرق الجبلية تلمع بخفوت دافئ ،
فبدت من أعلى كأنها نهر ذهبي يشق طريقه بين الغابات الكثيفة ،
وأشار باي يو نحو نقطة بعيدة قائلًا :
“ ذاك أحد مواقع التصوير من فيلم أثر الثلج — مكتبة
الجبل التي يلتقي فيها البطلان ،
المكان الآن تحت التجديد ، ومغلق أمام الزوّار ،
لكن يمكننا المرور بقربه إن رغبت .”
' أثر الثلج ' فيلم عُرض قبل عامين ، وشاهده باي يو ويي
شي وتشنغ يانغ معًا
وكان الفيلم مسيطر على شباك التذاكر في ذلك العام ،
وصُوّرت نصف مشاهده في هذه المنطقة ،
مما جعل البلدة تنتعش وتُطوَّر اعتمادًا على شهرته ،
وكان باي يو يذكر جيدًا أن يي شي أحبّ الفيلم كثيرًا—
حتى أنه اشترى تذاكر لحضور لقاء المعجبين مع أبطال الفيلم
اتّسعت عينا يي شي بدهشة
فمن هذا الارتفاع ، بدت مكتبة الجبل صغيرة للغاية ،
و أنوارها مضاءة ، إلا أنّه لا توجد أي مباني مجاورة لها—
على الأرجح حفاظًا على المشهد الطبيعي—
فبدت منعزلة تمامًا في وسط الجبال
لكن الحقيقة أنّ يي شي لم يكن مهتمًّا كثيرًا بالمكتبة ،
فالبطلان في الفيلم يفترقان هناك لاحقًا ،
وذلك المشهد كان موجعًا إلى حدٍّ لا يحتمل ،
وبما أنّه من أشدّ المساندين لعلاقة البطلين ،
لم يكن قادرًا على تحمّل تلك الذكرى ،
التفت نحو باي يو — ووجهه ما يزال ملتصقًا بزجاج العربة، وهمس بخجل:
“ في الحقيقة… أودّ أن آكل آيس كريم السمسم من الفيلم
تعرفه ؟
ذاك الذي يكون على شكل كابيبارا "
وشعر بالحرج بعد قوله ذلك؛ فمن بين جميع مشاهد
الفيلم المؤثّرة ، لم يبقَ في ذهنه إلا الآيس كريم
لكن باي يو وجد خجله هذا بالغ اللطافة ، وحتى عيناه لمع
فيها ابتسامة خفيفة :
“حسنًا "
ولهذا —- أول ما فعلاه بعد النزول من العربة هو التوجّه
مباشرةً إلى متجر الآيس كريم
وبسبب شهرته الكبيرة بعد ظهوره في الفيلم ،
كان طابور المتجر طويلًا للغاية
و الجو بارد حدّ التجمّد ، حتى إنّ تشنغ يانغ شعر بأن الرياح
ستجعله يبدو كالأبله ، فتذمّر وهو يحدّق في يي شي:
“ مجرد آيس كريم هل يستحق كل هذا العناء ؟
ألا نملك طاهٍ في المنزل ؟
إن قلتَ إنك تريده ، سيُعدّ لك دلوا كاملًا منه ،
يكفيك حتى تملّ منه .”
فاكتفى يي شي ولي روي بتبادل نظرة ثم دحرجة أعينهما
{ إرهاق بلا فائدة للرد عليه }
ولم يردّ عليه أيٌّ منهما
ولحسن الحظ، جاء دورهم أخيرًا، فهرعا إلى نافذة الطلب
طلب يي شي الآيس كريم الذي ظهر في الفيلم ،
مزيج من السمسم والكريمة ، تغطيه قشرة مقرمشة ،
وأخرج هاتفه على الفور لالتقاط صورة ،
فهذا هو السبب الذي جاء لأجله إلى هنا
أما لي روي، فتردّد قليلًا—لأنه لا يحب طعم السمسم—
ثم اختار في النهاية نكهة الفانيلا والكريمة ،
لم يكن مطابقًا تمامًا لنسخة الفيلم ، لكنه لطيف الشكل
أما باي يو وتشنغ يانغ أكثر بساطة ،
اختار باي يو ما اختاره يي شي، بينما اكتفى تشنغ يانغ
بالنكهة العادية
وبعد أول قضمة ، أعلن رأيه بسخرية :
“ ليس لذيذًا أصلًا . مجرد احتيال .”
لكن لم يلتفت إليه أحد ~
فقد كان يي شي ولي روي قد انطلقا بالفعل إلى زاوية أخرى لالتقاط الصور
بجوار متجر المثلجات مباشرةً موقع تصوير آخر من فيلم
أثر الثلج : جسر خشبي يمتد فوق جدول ماء—
نفس مشهد نهاية الفيلم ، وكان من أكثر المواقع جذبًا للزوار
يوجد عدد لا بأس به من السياح ،
لكن الجميع يقفون في طابور منظّم ،
ينتظرون دورهم لالتقاط الصور ،
ضرب لي روي جبهته بحسرة وقال:
“ آههخ لو أنني أحضرت كاميرتي الفورية…
لالتقطنا صورًا ورقية فورًا "
وافقه يي شي متنهّدًا:
“ صحيح…”
وفي هذه اللحظة ، امتدت يد طويلة ورشيقة نحوهما
: “ لقد أحضرت واحدة "
تحدث باي يو بابتسامة هادئة
التفت يي شي ولي روي في آنٍ واحد ،
باي يو يحمل كاميرا فورية سوداء ، يلوّح بها بخفة
شهق لي روي بدهشة:
“ واااااو !
هذه لفتة لطيفة… هل معك حقيبة دورا أم ماذا ؟”
و سرعان ما أشرق في عينيه بريق متحمس ،
فبمجرد أن لاحظ أنّ السياح أمامهم انتهوا من التقاط
صورهم ، خطف الكاميرا من يد باي يو
ثم دفع يي شي وباي يو معًا دفعة واحدة
: “ أنتم الاثنين خذا صورة أولًا ،
أريد أن أختبر جودة الكاميرا ...”
وسلّم الايسكريم لتشنغ يانغ دون تردد :
“ آسف ، أمسِكها لي قليلًا "
ثم رفع الكاميرا كخبير تصوير ، موجّهًا أوامره :
“ اذهبا إلى الجسر… بسرعة !
اقتربا أكثر … نعم ،
اتّجها نحو الضوء ،
الإضاءة هناك أفضل ….”
دُفع يي شي بقوة حتى كاد أن يتعثر ،
لكن باي يو أمسَكه في اللحظة المناسبة
آخر مرة التُقطت لهما صورة معًا في مهرجان العام الماضي
والآن، وسط هذا الجمع من الناس، شعر يي شي بالارتباك
ولم يعرف أي وضعية يتخذ
لكن باي يو أمسك بيده وجذبه برفق إلى صدره
أسند باي يو ظهره إلى حبل الجسر ،
وانسابت الأضواء لتضيء وجهيهما معًا
وقال للي روي بصوت منخفض :
“ التقطها "
ووضع يده على كتف يي شي برفق
وبعد عشر ثوانٍ ، خرجت الصورة من الكاميرا
لكن لي روي لم يكد ينظر إليها ، فقد أسرع — من دون أي
رحمة — إلى جرّ يي شي نحوه لالتقاط صورة أخرى معه
وقف على أطراف أصابعه ،
وابتسم ابتسامة مشرقة وهو يشكّل
علامة النصر بجوار أذن يي شي ✌🏻
وبعد أن انتهيا ، ركض عائدًا من على الجسر ليستعيد
الايسكريم الذي كان يذوب ببطء في يد تشنغ يانغ
: “ شكرًا شكرًا !” ضمّ كفّيه امتنانًا 🙏🏼 :
“ آسف على الإزعاج "
هزّ تشنغ يانغ كتفيه بلا مبالاة ، وكأنّ الأمر لا يعنيه
وبعد أن رأى أن الجميع انتهوا من التقاط صورهم ،
استدار ليغادر—لكن قبل أن يخطو خطوة واحدة ،
أمسك باي يو بذراعه
: “ ماذا ؟” التفتَ عائدًا
لوَّح باي يو بالكاميرا الفورية : “ تريد أن تلتقط صورة
مع يي شي؟”
بمجرد أن قال ذلك ، حتى يي شي الذي كان يلوّح بالصورة
مع لي روي تجمّد في مكانه
تبادل هو وتشنغ يانغ نظرة سريعة
وعلى الرغم من أنهما الوحيدَين بين الموجودين اللذين
يجمعهما دم واحد ، إلا أنهما الأقل قربًا من بعضهما ،
باستثناء صورة العائلة الواجبة في رأس السنة ، لم يلتقطا
معًا أي صورة تقريبًا ،
كلاهما بدا متفاجئاً قليلًا ،
عبس تشنغ يانغ بحاجبيه —- لاحظ دهشة يي شي ويعرف
أن باي يو لا يقصد شيئًا سيئًا
تمتم : “ لا داعي…”
إلا أن صوته كان خافتًا ، وقبل أن ينهي عبارته ،
سمع يي شي يجيب بصوت هادئ :
“ حسنًا "
كان صوت يي شي خافتًا أيضاً ،
لكن في تلك اللحظة بالذات ، ولسبب ما، بدا كأن العالم من
حولهما صمت فجأة لنبضة واحدة — فترددت كلمته
بوضوح لافت
وبعد أن نطقها ، عضّ لسانه نادمًا على ردّه المتسرّع
لكن الأوان كان قد فات
فقد سمعه باي يو ، وابتسم بخفة وربّت على كتف تشنغ يانغ
: “ هيا إذن ،
أنت الأخ الأكبر—اسمع كلام أخيك الصغير "
تقدّم تشنغ يانغ نحو الأمام بارتباك واضح ،
ولأن سائحين آخرين بدأوا يلتقطون الصور فوق الجسر ،
اضطرّوا للوقوف جانبًا ، عند شجرة التنوب ،
لم يقفا متقاربين—أحدهما وضع يديه في جيبيه ،
والآخر احتفظ بتعبير محايد ،
بدَا وكأنهما دخلا في الإطار بالصدفة ،
كليك —التُقِطت اللحظة —-
وسرعان ما وُزِّعت الصور على الجميع …
⸻
عند العشاء ، وجد لي روي أخيرًا وقتًا لتأملها جيدًا ——
كانوا محظوظين—لم يكن هناك انتظار عند المطعم ،
وحصلوا على مقعد بجوار النافذة يُطلّ على الجبال
قال لي روي لِي يي شي:
“ عندما أعود ، سأضع الصورة في مفكرتي ،
ابنة خالتي صنعتها لي—قالت إن عليّ لصق صورة فيها كلما
حصلت على واحدة ….”
ثم التفت إلى يي شي مجدداً :
“ دعني أرى صورتك مع باي يو "
ناولَه يي شي الصورة
ومع أن لي روي هو من التقطها ، إلا أنها المرة الأولى التي
يرى فيها النتيجة النهائية
لكن بمجرد أن وقعت عيناه عليها، لم يستطع إلا أن يتجمّد
في الصورة ،
لم يكن باي يو ينظر إلى الكاميرا — بل يحدّق إلى الأسفل
—- نحو يي شي
وعلى الضفة المقابلة للنهر المنعكس عليه القمر ،
فرقة موسيقية تعزف ،
و انعكست الإنارات الذهبية على سطح الماء كنجوم متناثرة
ورغم أن المكان كان صاخبًا ومفعمًا بأجواء الشتاء الثلجي—
فإن نظرة باي يو كانت مركّزة بشكل جعل كل شيء آخر
يخفت من حوله
وكأن يي شي وحده كان نابضًا بالحياة ، متوهّجًا —-
حدّق لي روي في الصورة طويلًا ، ثم رمش ،
ورفع رأسه فجأة ينظر إلى باي يو الجالس أمامه ….
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق