Ch42 SBS
بعد كل ذلك الجدال ، وبما أنهم أنهوا الاستحمام في الينبوع
الحار على أي حال ،
أخرج تشنغ يانغ زجاجات الكحول التي اشتروها في المساء
سخر من باي يو قائلًا :
“ الآن لم يعد لديك ما تقوله ، صحيح ؟ أنا راشد "
كان عيد ميلاده في الثامن عشر من فبراير ،
أي أبكر حتى من عيد ميلاد باي يو
ولا يزال يحمل ضغينة منذ المرة السابقة ،
حين واجهه باي يو، ومع ذلك لم يشترِي له في الحانة سوى زجاجة كولا
عند سماع ذلك ، ارتجفت عينا يي شي بقلق
حاول بصمت أن يلتقط بأطراف أصابعه زجاجة نبيذ الليتشي
لكن حتى حركته الخفيفة تلك التقطها تشنغ يانغ على الفور
ضغط تشنغ يانغ على يده بقوة ، منتقمًا بنبرة واثقة :
“ أنت لا تشرب . لم تبلغ السن القانونية بعد "
ومع ذلك ، التفت إلى لي روي القاصر الجالس إلى جانبه وقال :
“ أنت تستطيع . تبدو قادرًا على تحمل الكحول .”
أشار لي روي إلى نفسه بصمت ' أنا ؟ '
{ يالها من مزحة — حدّي الأقصى لا يتجاوز زجاجة بيرة واحدة }
ضيّق يي شي عينيه ، وكاد الغضب يحتدم في قبضتيه من
جديد ، لكنه ما إن همّ بالكلام حتى تذكّر وجود باي يو بقربه
فابتلع الكلمات فورًا ، ورفع نظره إلى باي يو بنظرة استعطاف
: “ سأشرب قليلًا فقط "
وأشار بيديه ليُريه كم يقصد بالقليل 🤏🏼
قبل يومين ، كانت مدرّبة المواعدة قد ذكّرته — بما أنه
سيسافر مع الشخص الذي يعجبه ،
فعليه أن يُظهر جانبه الضعيف والملتمس للدعم في كل وقت
وكونه ضرب تشنغ يانغ قبل قليل كان خطأً بالفعل…
لذا كان عليه استعادة بعض نقاط الانطباع الآن
عندها غيّر باي يو موقفه بسهولة تامة
أزاح تشنغ يانغ جانبًا والتقط زجاجة نبيذ الليتشي
وقال لِيي شي بنبرة هادئة :
“ كأس صغير لا بأس به "
اتسعت عينا تشنغ يانغ خلفه
{ أيُّ ظلم هذا ؟!
يا لعين أهذا ما يُسمّى بازدواجية المعايير ؟! }
…
لكن الاحتجاج لم يجدِ نفعًا ،
فرغم إزعاج تشنغ يانغ المتواصل ، تمكّن يي شي من تذوّق
كل زجاجة ، ليعلن أخيرًا أن نبيذ اليوزو هو الأفضل
ولم يكن الوقت قد تجاوز الحادية عشرة ،
وبما أنهم شربوا شاي الحليب في المتجر قبل قليل ،
فقد ظلّ الجميع مفعمين بالطاقة
حتى إن لي روي أخرج أقنعة الوجه التي وضعها في حقيبته ،
وضع واحدًا على وجهه دون تردد ،
ثم ألصق آخر على وجه يي شي
وحين التفت ورأى وجه تشنغ يانغ المفعم بالاستنكار ،
لم يرحمه أيضاً — جرّه عنوة وغطى وجهه بالكريم اولاً
لقد فهمه أخيرًا — كان تشنغ يانغ مجرد نمرٍ من ورق ؛
ما إن تقترب منه حتى يتبيّن أنه غير مخيف على الإطلاق ،
وما دام لي روي يتصرّف بقليل من الجرأة ،
فلن يستطيع تشنغ يانغ فعل أي شيء لإيقافه ،
ابتسم لي روي حتى كاد فمه يصل إلى أذنيه ،
وبدأ يدهن كريم أبيض على وجه تشنغ يانغ
ثم هدّده وهو يعمل :
“ لا تتهاون بالأمر ، هذه الأيام ، الفتيات يهتممن كثيرًا
بمظهر الشاب . خصوصًا أولئك الأكبر سنًّا اللاتي يعشقن
الفتى الوسيم المهذّب
إن لم تعتنِ بنفسك ، فكيف ستحصل على فتاة جميلة ؟”
تجمّد تشنغ يانغ — نصف مصدّق ونصف مكذّب ،
راغبًا بشدّة في دحض كلامه ، لكنه لم يجد ثغرة واحدة
وبينما هو متردّد ، كانت يد لي روي سريعة ،
تغطّي وجهه كلّه بالكريم ثم وضع القناع
وهكذا جلس الثلاثة الآن ، بوجوه مطلية بالبياض نفسها،
ينظرون جميعًا إلى باي يو
لم يقاوم باي يو و ضحك
حرّك رأسه ونهض ، ثم فتح الستائر قليلًا
وبعد عشر دقائق ، قال بهدوء :
“ لقد بدأ الثلج يتساقط من جديد "
هذه البلدة دائمًا غارقة في الثلج ،
بالنسبة للسكان المحليين ، الثلوج الكثيفة مصدر إزعاج —
فكل خروج يتطلّب شقّ طريق بالمجرفة
أما بالنسبة للمسافرين ، فهي هدية من السماء
خفيفة ، نقية ، تتساقط ببطء حتى يغطّي البياض كل شيء ،
ويغدو العالم ضبابيًا ،
كأنك دخلت بلدًا معزولًا تحت وطأة الثلج ،
لي روي : “ حقًا ؟”
كان لي روي يزيل الأقنعة عن وجهه ووجه يي شي
لكن ما إن سمع الخبر حتى أسرع نحو النافذة
وتبعه يي شي وتشنغ يانغ عن قرب
صحيح أن مدينة تشانغهوان تهطل فيها الثلوج ،
لكنها لا تشبه هذا — ليس بهذه السعة ،
ولا بهذا الهطول الكثيف الذي يجعل السماء والأرض
تتحوّلان إلى بياض واحد
رفع لي روي هاتفه ليصوّر ، وهمس لِيي شي:
“ لو أرسلتُ هذا إلى شينغ يوهي هل تظن أنه سيسألني أين أنا ؟”
رمش بعينيه ، وفيهما لمعة ماكرة :
“ وإن التقطتُ في المشهد جانب وجه تشنغ يانغ…
هل سيظن أنني في موعد مع رجل آخر ؟”
{ مممممم !!!…
من الصعب الجزم !!!! }
فكّر يي شي قليلًا ، ثم سرق نظرة أخرى نحو باي يو الواقف عند النافذة ،
همس : “ يمكنك أن تحاول ،، لن تخسر شيئًا "
توهّج وجه لي روي ، وبدأ يتآمر مع يي شي على أفضل
طريقة لإرسال المقطع
لكن يي شي لم يكن يعلم — بينما يهمس مع لي روي ،
رؤوسهما متلاصقة ، يخطّطان لكسب قلب شينغ يوهي…
أنّ نظرات باي يو قد تجاوزت تشنغ يانغ ، وتجاوزت لي
روي ، لتستقرّ عليه هو
يي شي يرتدي رداء استحمام بلون اليشم الفاتح ،
وشَعره مربوط في خصلة صغيرة ،
أما وجهه ، الأبيض الناعم كقطعة يَشْم ،
فكان يلمع قليلًا تحت ضوء الثلج القادم من الخارج ،
كبرعم طريّ يخرج من بين ثلوج الربيع ،
و عيناه تتلألآن بوضوح ، تحملان شيئًا من الحماس ،
أكثر إشراقًا من المعتاد
حتى غمازته الصغيرة ظهرت ،
في ملامح نقية تمامًا ، طفولية تمامًا
وقف باي يو يراقبه بصمت
الثلج يطرق الزجاج طرقًا خفيفًا ،
الساحة الخارجية غارقة في الهدوء ،
لا يتحرّك فيها إلا خيزرانٌ دائم الخضرة ،
يتمايل برفق تحت نسيم الشتاء
ورغم أن يي شي لم يفعل شيئ ،
ورغم أنه لم يلتفت إليه حتى ،
ولكن في هذه الليلة الثلجية الصامتة ،
داخل هذه الغرفة الصغيرة ،
كان مجرّد النظر إليه كافيًا ليجعل في قلب باي يو سعادة خفيفة
سعادة تشبه الفوانيس النهرية المنسابة مع التيار — ليست
في متناول اليد تمامًا ، لكنها تبدو قريبة رغم ذلك
: “ استمرّ في التحديق أكثر ،
وستسقط عيناك من مكانهما "
قطع الصوت الجاف هذا الهدوء
كان تشنغ يانغ يلتقط صورًا للحديقة ليرسلها إلى والدته ،
لكن حين رفع رأسه ، لاحظ نظرات باي يو
وعلى الفور شعر بالاشمئزاز من كمية ' السكر ' الذي انسكب أمامه
( شيء حلو مره / اوڤر كيووت ~ بالعامية )
أعاد باي يو نظره أخيرًا ليقع على وجه تشنغ يانغ المزعج
ولا يزال في عينيه أثر ابتسامة وهو يقول بهدوء :
“ وما شأنك أنت ؟”
ابتسم تشنغ يانغ دون أن يغضب ، محوّلًا نظره بدلًا من ذلك
إلى لي روي ويي شي
كان الإثنان قد جلسا مجددًا ، يحدّقان في الهاتف بتركيز
شديد ، وكأنهما يخطّطان لأمر يخص الدولة
ورغم أن تشنغ يانغ أيضًا رأى أن يي شي يبدو لطيفًا هكذا ،
فإنه مع ذلك تمتم باستهزاء :
“ لا أفهم أصلًا ما الذي يعجبك فيه ،
لم يبلغ حتى الآن — لا هو وسيم ، ولا جذاب .”
جاء رد باي يو بطلقة إصبع على جبينه
ثم تنهد تنهيدة خافتة ، تتضمّن ابتسامة خفية ،
ممزوجة بقليل من الحيرة :
“ بصراحة ، أحيانًا أسأل نفسي السؤال نفسه "
كان يتساءل لماذا يحب يي شي إلى هذا الحد ،
حتى هو لم يجد تفسيرًا واضح ،
لكن صوته كان منخفضًا للغاية فلم يسمعه تشنغ يانغ ،
رمش تشنغ مرتبكًا ، دون فهم
ولم يشرح باي يو شيئ
{ ربما ، كما في تلك اللحظة — منذ أن دخلت منزل عائلة
تشنغ ، ورأيك ذلك الفتى النحيل يجلس على أرجوحة
الحديقة ، يحمل كتاب أثقل من حجمه ،
ويرفع نظره نحوي بصمت —
منذ تلك اللحظة كان محكومًا عليّ ألا انجو من أثر يي شي }
…
تلك الليلة انتهت بلعب يي شي وتشنغ يانغ ولي روي الورق
خسر الثلاثة بالتساوي ، دون فائز واضح ،
فشرب كل واحد منهم حصته من العقوبات
وفي النهاية ، سقطوا جميعًا سكارى
ونسي تشنغ يانغ تمامًا مهمته في ' حراسة عفّة يي شي '
لأنه كان الأسوأ حالًا بينهم ، رأسه على وسادة ،
غارقًا في النوم كالميّت
كان لي روي ممدّدًا على الطاولة ، نصف واعٍ ،
حتى سقط رأسه على ذراعيه بارتطام خفيف
ولم يكن هنا من يبدو مطيعًا نسبيًا سوى يي شي
جلس محتضنًا وسادة في الزاوية ، عيناه مبلّلتان ،
وجفناه يثقلان
تأمّل باي يو الفوضى من حوله ، وشعر بالصداع ينبض في رأسه
{ هل كانت هذه حقًا رحلة لميلادي ؟
أم أنني أتيت لأكون جليسًا لهؤلاء الصغار ؟ }
لكن لا مفرّ — فهو الأكبر سنًّا ، ومسؤوليته تقع على عاتقه
{ أما تشنغ يانغ فلا بأس إن تجاهلته ؛
و سيضطر للعودة إلى غرفته بنفسه على أي حال ~ }
اقترب أولًا من لي روي الصغير ، ودفعه برفق نحو السرير
كان الفتى يحتفظ ببقايا وعي خافت ،
فأومأ بضعف ثم انهار فوق الملاءة وغفا في الحال
ثم اتجه ليحمل يي شي
لم يقاوم يي شي على الإطلاق ، بل مال بهدوء على كتفه
ورغم طول قامته وساقيه ، كان خفيفًا بالنسبة لفتى في مثل
عمره ؛ فحمله لم يتطلّب جهدًا ،
وضعه باي يو في السرير بسهولة
كان يي شي مطيعًا تمامًا ، لا يتحرك ، يفعل كل ما يُوجَّه إليه بهدوء
لكن حين هَمّ باي يو بالابتعاد… أمسك يي شي بيده
لم يقل شيئ ، بل بقي ملتفًا تحت الغطاء ، يحدّق فيه دون رمش
أصابعه نحيلة إلى حد أنّ باي يو كان ليتمكن من فك قبضته بسهولة…
لكنّه بقي واقفًا إلى جانب السرير ، عاجزًا عن سحب يده
ضوء المصباح الجانبي خافت بلون كهرماني ؛
ومع إطفاء الأنوار العلوية ، غرقَت الغرفة في ظلال رقيقة ،
لا يضيئها سوى القمر في الخارج وتلك الهالة الخافتة
انساب الضوء على وجه يي شي بشكل مثالي ، يضيء عينَيه النديّتين
لا أحد يدري كم مضى من الوقت حتى سمع باي يو رنين
دينغ—دونغ واضح ——
لم يعرف مصدره — ربما هاتف أحدهم ، أو مجرد إشعار عابر
لكن يي شي رمش ، وكأنه تلقّى إشارة
وشد قبضته حول يد باي يو بقوة أكبر وهمس بشيء ما
لم يسمع باي يو ——
فانحنى أكثر — لكن يي شي فجأة عانق عنقه بذراعه
تجمّد باي يو
لكن سرعان ما اتّضح له ما كان يي شي يقوله
“ باي-غا … عيد ميلاد سعيد "
همسها يي شي بصوت رقيق مترنّح :
“ كنت… أريد أن أكون الأول… حين ينتصف الليل…
وأقولها لك…”
كان صوته خافتًا ، وكلماته مترابطة على نحوٍ مخمور ومبعثر
لكن بعد أن قالها ، بدا راضيًا للغاية ، وأفلت عنقه ثم عاد
يستلقي على الوسادة
لكن يده ظلّت متشبثة بيد باي يو — و يضغطها على خدّه
ارتفعت زوايا شفتيه قليلًا ، وعيناه المبللتان تحدّقان في باي يو…
لكنه بدا وكأنه لا يعرف حتى من يكون
نظر باي يو إليه طويلًا
ثم نظر إلى ساعته في المعصم الآخر — 00:01
هاتفه اهتزّ بلا توقف ؛ لا شك أن الكثيرين كانوا يرسلون له
تهاني عيد الميلاد عند منتصف الليل أيضاً
لكن ما فكّر فيه هو { يي شي كان حقًّا أول شخص يهنّئني بعيد ميلادي
لأننا قريبين إلى هذا الحد .. }
في الخارج ، الثلوج ما تزال تهطل ، تتناثر فوق الينبوع
الساخن في الفناء ثم تذوب ببطء
جلس باي يو ببطء عند حافة سرير يي شي ،
رفع يده ليمسّ خدَّه المتورّد ،
وحتى تلك الشفاه المبتلّة قليلًا
{ لماذا أنا أحب يي شي إلى هذا الحد ؟
ربما بسبب لحظات كهذه ….
يي شي يحدّق فيّ بهدوء ، عيناه رطبتان وناعمة ،
ككائن صغير يعتمد عليّ اعتمادًا كاملًا …
في العالم الخارجي ، يكون يي شي ناضجًا وهادئًا ،
بل متحفظًا قليلًا ،
و يبقي الآخرين على مسافة ، رقيق كالضباب ،
مستعد للتلاشي في أي لحظة …
ولكن أمامي ،،، يُظهر هذه الملامح الخالية من الدفاع ،
كجرو صغير ينقلب على ظهره كاشفًا عن بطنه لمن يحبّه فقط.
كيف يمكنني أن أتخلّى عن شيء كهذا ؟ }
مسح باي يو جبين يي شي ، وتذكّر سنوات مضت ،
حين كان أصغر سنًّا ، وكان يجلس إلى جوار سريره ،
يقرأ له حكايات الأطفال ،
وفي نهاية تلك القصص ، كان الأمير يقبّل أميرته المحبوبة ،
ويشيخان معًا… كما في كل نهاية “سعيدة إلى الأبد”
وفي هذه الليلة التي تتساقط فيها الثلوج ،
والعالم صامت وأبيض ،
مال هو أيضاً ليُقبّل قبلة خفيفة على جبين يي شي ،
لم يكن يدري إن كان يي شي سيتذكّر ذلك عند استيقاظه غدًا
ولكن… ما المشكلة ؟
{ اليوم يوم ميلادي
وأستحق أن أنال رحمة من أحبّه ،
ومغفرةً لكل ما اقترفته يداي .. }
وفي السرير المجاور ، تقلب لي روي قليلًا
فتح عينيه نصف فتحة في شرود ،
لكن النوم جذبَه مجددًا قبل أن يصحو تمامًا ،
…
في صباح اليوم التالي ،
الثلاثة — ما عدا باي يو — مترنّحين ، تحت أعينهم لمحة
من الزرقة ، دليل على صداع ليلة أمس ،
وكان لي روي أكثرهم درامية ،
ظلّ يحدّق في المرآة لفترة طويلة ثم انهار فوق كتف يي شي ،
وقال وهو ينوح :
“ أظن أن وجهي قد تدمّر !
حتى عشرة أقنعة للوجه لن تنقذني !! ”
أما تشنغ يانغ فكان يعضّ على قشة مشروبه البارد ،
يضحك عليه من الجانب الآخر للطاولة
…
بعد الفطور، تابعوا رحلتهم ،
برنامج اليوم —- زيارة المكتبة التي تقع على قمة الجبل ،
ثم المتحف و معرض الفنون ،
وفي فترة الظهيرة سيتناولون الطعام في مطعم غربي عريق
له عقود طويلة من السمعة الجيدة ،
وفي المساء سيقام مهرجان للألعاب النارية على الشاطئ،
من التاسعة حتى التاسعة والنصف ،
جدولهم اليوم مزدحم
وأثناء وجودهم في معرض الفنون ،
مال يي شي نحو لي روي ليهمس له:
“ حين تبدأ الألعاب النارية الليلة ، عليك أن تُمسكَ تشنغ
يانغ جيدًا ،،
لقد أعددت هدية عيد ميلاد…
وأريد تقديمها لـ باي غا على انفراد .”
وأخرج كيسًا مخمليًا صغيرًا ، ولوّح به أمام لي روي
لي روي أومأ رأسه بحزم ،
وحتى لو اضطر إلى ركل تشنغ يانغ في البحر ، فسيفعل
وأومأ بإشارة ' حسنًا 👍🏼 ' :
“ اترك الأمر لي "
تبادل الاثنان النظرات ، ثم نظرا إلى تشنغ يانغ الذي يتأمل
خاتم إبهام من اليشم يعود إلى ألف عام خلف الزجاج ،
وشعرا فجأة بقشعريرة تسري في ظهريهما
قرابة الساعة الثامنة مساءً ،
قاد باي يو السيارة بهم إلى الشاطئ لمشاهدة الألعاب النارية
تشنغ يانغ جالس في الخلف يتناول بعض الوجبات الخفيفة
وفي الحقيقة ، لم يكن مهتمًا كثيرًا بمهرجانات الألعاب النارية
لم يعد يتذكّر كم مهرجانًا شاهد من قبل
فعندما كان في الثانية عشرة ، حجزت عائلته عرضًا كاملًا
خاصًّا بعيد ميلاده — صُنعت فيه الألعاب النارية خصيصًا
لتكتب اسمه وصورته في السماء ، ومعهما صورة كلبه أيضًا
لكن هذه المرة الأولى التي يشاهد فيها الألعاب النارية مع يي شي
و أول مرة يخرج مع مجموعة ،
يدفعهم الزحام من كل جانب ،
وينتظرون جميعًا لحظة انفجار الألوان في السماء ،
لذا اكتفى بقضم قطعة كوكيز بصمت
بعد نصف ساعة ، وصلوا
الشاطئ قد امتلأ بالفعل بالناس ،
وأضأت الأكشاك المجاورة مصابيح دافئة الألوان وفتحت أبوابها
وبما أنّه فصل الشتاء ، لم يكن المكان صاخبًا كما يكون في مهرجانات الصيف
كان كثيرون يرتجفون تحت هبوب الرياح الباردة ،
يضربون أقدامهم بالرمل ، وأنفاسهم تتصاعد بيضاء في هواء الليل
ذهب لي روي ويي شي لشراء شاي الحليب مجددًا ،
حدّق تشنغ يانغ فيهما بذهول وقال:
“ هذان الاثنان تحوّلا تقريبًا إلى مخلوقات من شاي الحليب ،
كم كوب شربا خلال الأيام الماضية ؟
و كأن السكر لا يعني شيئًا لهما "
لكن عندما عاد يي شي ——
مدَّ لتشنغ يانغ كوب — شاي أسود ماكياتو — ساخن ، بنصف سكر ،
“ أتريد واحد ؟”
تردّد تشنغ يانغ قليلًا ، لكنه أخذه في النهاية
أمّا يي شي — فحمل لباي يو ماء جوز الهند ،
يعلم أنّ باي يو لا يشرب شاي الحليب ،
أخذه باي يو بابتسامة :
“ شكرًا "
وقفوا جميعًا أمام بار صغير يحمل لافتة ملوّنة ومضيئة ،
اشترى باي يو بضع سيجار من الطاولة — كنوع من الدفع
مقابل استخدام المكان —-
أجراس الرياح ما تزال معلّقة في الممر الخشبي ،
على الأرجح نُسيت بعد الصيف ، ترنّ برقة مع نسيم الشتاء
قال لي روي لِيي شي:
“ هذه المرة الأولى التي أحضر فيها مهرجان ألعاب نارية في الشتاء ،
سابقاً لم أشاهدها إلا في الصيف .”
ردّ عليه يي شي — لكن نظرته لم تستطع إلا أن تنجذب نحو
باي يو
تحت الأضواء الخافتة الدافئة للممر ،
كان باي يو يرتدي معطفًا طويلًا بلون الرماد المائل إلى البياض
وبكتفيه العريضين وساقيه الطويلة ،
كان يبرز تلقائيًّا وسط الناس ،
أمّا حين يرتدي شيئًا مثل هذا ، فقد بدا أكثر لفتًا للأنظار ،
كان يتحدّث مع تشنغ يانغ، ولم يستطع يي شي من زاويته
سوى رؤية جسر أنفه ورموشه الطويلة المنحنية
ولكن حينما رمشت تلك الرموش ، كان الأمر أشبه باهتزاز
جناحي فراشة داخل قلب يي شي
شد يي شي على الكيس المخملي في جيب معطفه ،
وبرغم أنّها ليلة شتوية قاسية ، يتجمّد فيها الماء بمجرد
ملامسته الهواء ،
كان قلبه يخفق بعنف ، و العرق يتجمّع في كفّيه ،
عند الساعة 8:50،
بدأ الحشد يضطرب —
أعلن الموظفون عبر مكبّرات الصوت أنّ عرض الألعاب
النارية سيبدأ قريبًا ،
وطلبوا من الجميع الحفاظ على الهدوء والمساعدة في إبقاء
المكان منظّمًا ،
تبادل يي شي النظرات مع لي روي
أمسك لي روي بذراع تشنغ يانغ بكلّ ما يملكه من عزيمة
وشجاعة مقامِر يحرق سفيه خلفه ،
وقال بجديّة متصنعة :
“ آووه أظنّ هذا المكان جداً بعيد ، هيا إلى الأمام !”
قال كلماته بينما يجرّ تشنغ يانغ عدة خطوات إلى الأمام،
ثم فهم الأخير ما يجري ——
تمتم تشنغ يانغ بارتباك :
“ ولم العجلة…؟
ألا ينبغي أن ننتظر باي يو ويي شي؟”
هزّ لي روي رأسه بحزم:
“ مستحيل ، رأيت مكانًا ممتازًا ،
وإن لم نذهب الآن سيأخذه غيرنا ، سيلحقان بنا لاحقًا "
ثم سحبه قسرًا ، غير مبالٍ باحتجاجاته
وبمجرد أن تقدّما ، فرّق الزحام المتزايد بينهما وبين باي يو
ويي شي بسرعة
ظلّ يي شي واقفًا تحت ممرّ البار ،
كان أبعد قليلًا عن الشاطئ ، لكنه أكثر هدوءًا ،
والرؤية هنا مناسبة ،
لم يسمع باي يو ما قاله لي روي ، فسأل يي شي بفضول:
“ إلى أين ذهبا ؟”
مسّ يي شي أنفه بإصبعه وكذب دون أن يرمش :
“ أظنّهما ذهبا لشراء تفاح مشوي ،
قال لي روي إنه اشتهى واحدة .”
: “ حسنًا "
لم يسأله باي يو أكثر
بدأ يي شي يعبث بحاشية معطفه بتوتر ،
لا يدري كم سيتمكّن لي روي من احتجاز تشنغ يانغ بعيدًا ،
{ ربما خمس عشرة دقيقة
ربما نصف ساعة
لكن على الأقل…
في غضون دقيقتين فقط ستبدأ الألعاب النارية
يكفي أن أحظى بلحظة واحدة من الألعاب
النارية مع باي يو وحدي }
في هذه اللحظة ،
بدأ العدّ التنازلي على شاشة كبيرة قرب البحر :
10، 9، 8، 7…
6، 5، 4…
3، 2، 1!
ومع دويّ عالٍ ، انفجرت أولى الألعاب النارية فوق البحر ،
زهرة حمراء متألّقة في عتمة الليل
انطلقت من خلفهما ، و من داخل البار ، صيحات اندهاش ؛
كان الزبائن في الداخل قد رأوها أيضًا وارتفعت أصواتهم إعجابًا
رفع يي شي رأسه نحو السماء…
ثم التفت خلسة إلى باي يو الواقف بجانبه
لقد شاهد في الأنمي مشاهد لا تُحصى تحت الألعاب النارية —
مواعيد غرامية ، اعترافات ، حبّ أول ،
وداع ، لقاءات …
كل لحظة مهمّة كانت تقع تحت وهجها
شاهدها مرات لا تُعدّ على الشاشة ، وهو يلتهم الوجبات الخفيفة ،
يتابع سعادة الشخصيات و تحطيم قلوبهم
وشاهدها كثيرًا لدرجة أنه لم يعد يعتقد أنّ ' الوعود تحت
الألعاب النارية ' رومانسية كما يصوّرونها
إلى أن جاء هذا اللحظة —
هذا بالذات
تفتّحت الألعاب النارية المتألّقة واحدة تلو الأخرى فوق
البحر ، تضيء ليل السماء
انساب نسيم الشتاء البارد وجهَه ،
وتطاير ضباب خفيف قادم من البحر في الهواء ،
الناس يتزاحمون ويهتفون سعادة ،
تتراصّ ظلالهم فوق الرمال تحت الأفق المتلألئ
نظر يي شي إلى باي يو وفكّر — { الأمر مختلف حقًّا …
مشاهدة الألعاب النارية مع من تحبّ … شيء آخر تمامًا }
الألعاب النارية تومض لحظة ثم تختفي ،
لتشتعل من جديد في اللحظة التالية — كأنها كلمات حبّ
لم تُقَال أبداً ،
حدّق في ملامح باي يو من جانبه ،
وفي هذه اللحظة شعر بسكونٍ عجيب يغمر قلبه ،
{ ما أجمل هذا ….
في هذا العام الذي أركض فيه نحو الثامنة عشرة ،
آخر عام قبل البلوغ ،
استطهت أن أكون قريبًا من باي يو إلى هذا الحد …
قبل هذا العام ، لم أكن أتخيّل حتى أنّني سأُسافر يومًا مع تشنغ يانغ
فكيف بأن أقف وحدي مع باي يو تحت ضوء خافت ،
نشاهد الألعاب النارية معًا }
تنفّس يي شي بعمق ،
وأخرج الكيس المخملي الصغير الذي كان يشد عليه طوال
الوقت ، وقد تجعّد قليلاً ،
وبين الصخب والبهجة المحيطة بهما، قال بصوتٍ خافت :
“ باي-غا … عيد ميلاد سعيد "
{ كان ينبغي أن أقولها بالأمس ….
حتى أنني وضعت منبّه قبل منتصف الليل لأضمن عدم
تفويت اللحظة …
لكنّني شربت حتى سكرت }
وحين استيقظ في الصباح ، مشوشًا ،
لم يدرِي إن كان قالها أم لا ،
{ لكن لا بأس — يمكنني قولها مجددًا }
التفت باي يو نحوه ، ورأى الكيس المخملي الصغير في يدي
يي شي يُقدَّم له بكثير من الجديّة والإخلاص
فسأله :
“ ما هذا ؟”
أنزل يي شي عينيه :
“ هذه… هديّة عيد ميلادك "
أصيب باي يو بدهشة صامتة ،
ثم ابتسم ،
مدّ يده وأخذه ؛ لم يكن ينوي التكلّف أو المجاملة مع يي شي
وحين فكّ رباط الكيس ، قال بجوّ من المزاح اللطيف :
“ تلقيت منك هدية الكريسماس المرة الماضية…
والآن هدية عيد ميلادي أيضًا ، كان شتاءً كريمًا بحق "
أخرج من الكيس سوارًا من الجلد الأسود ، بتصميم بسيط ،
قطعة كلاسيكية من ماركة مجوهرات فاخرة ،
وفي وسط السوار — قطعة فضية صغيرة —-
وتحت الضوء ، رأى باي يو أنّ عليها حروف اسمه الأولى
وتاريخ ميلاده منقوشين بدقة
لكن حين قلب القطعة على ظهرها… تلاشت الابتسامة عن
ملامحه لثانية
لأنّ هناك تاريخًا آخر منقوشًا في الخلف ——
قد لا يعرفه الآخرون ، لكنه عرفه فورًا — تاريخ ميلاد يي شي
ظلّ يي شي رأسه للأسفل ، يبدّل وزنه من قدم إلى أخرى بارتباك
فهو حقًا لم يعرف ما الذي يمكن أن يهديه لباي يو ،
فباي يو من عائلة ثرية — و هدية عيد ميلاده التاسع عشر
كانت ملكية أرض كاملة
{ ماذا يمكن أن أهديه ليكون ذكرى لا تُنسى ؟ }
لذا طلب المشورة من ليانغ تشان ولي روي
لم تكن ليانغ تشان تعرف بدقة من يحب ، لكنها خمنت أنّه شاب ،
فابتسمت ، ورفعت مجلة لتغطي نصف وجهها ، وقالت :
“ إذاً أهديه سوارًا
ألم تلاحظ ؟ كثير من الفتيان في عمرنا يرتدون أربطة شعر
البنات على معاصمهم ،
إنها علامة على أنهم في علاقة ،
طريقة لإظهار أن حبيبتهم قد أعطتهم شيئ ،
علامة صغيرة على التملك ،
و بما أنكما شابان ، عدّل الأمر قليلًا — أهده سوارًا بدلًا من ذلك "
تردد طويلًا ثم قرر في النهاية اتباع نصيحة ليانغ تشان ،
فإذا لم يعرف ماذا يهدي ، فليكن شيء يحمل قليلًا من أنانية
{ حتى لو لم يكن باي يو ملكًا لي ، أتمنى ، ولو للحظة
واحدة ، أن يربط هذا السوار باي يو بي …
ولو كانت مجرد لحظة عابرة ، ولو لدقائق قليلة ،
فليكن باي يو لي حقًا .. }
همس يي شي:
“ نقشت تاريخ ميلادي بالخلف ،
و إن رأيت هذا السوار يومًا ما مجدداً ، ربما تتذكّر أنّه مني "
رفع رأسه وابتسم لباي يو ابتسامة صغيرة
رفع النسيم الليلية خصل شعره ،
كاشفًا عن عينيه اللامعة ،
وما زالت تحملان أثر براءة الشباب ،
لم يعرف إن كان بعد سنوات — أو حتى بعد بضع سنوات
فقط — سيظل بجانب باي يو أم لا ،
لكنّه يأمل أنّه حين يرى باي يو السوار ، سيتذكّره
حدّق باي يو فيه صامتًا
عيناه داكنة عميقة ،
ورموشه مثل أجنحة فراشة مبللة بالندى ،
منخفضة برفق ، لا تكشف عن أي أفكار
حتى انفجر عرض آخر للألعاب النارية ،
رفع يده أخيرًا وقال ليي شي:
“ إذاً ضع السوار عليّ "
تجمد يي شي للحظة ، ثم أومأ بسرعة ،
وبحذر ، أخذ السوار وثبته حول معصم باي يو
{ كيف يجب أن أضعه ؟
معصم باي يو بلا عيب ، كأنّه مودل — عظام طويلة ،
مفاصل واضحة ، شفّاف كاليشم ،
أي شيء يرتديه يبدو جميلًا عليه ،
حتى السوار الأسود البسيط بدا قطعة فنية }
تأمل يي شي السوار بإعجاب لثوانٍ قليلة ثم رفع عينيه وابتسم :
“ انتهيت "
بحلول هذا الوقت ، مهرجان الألعاب النارية وصل ذروته
انطلقت عشرات الزهرات النارية في السماء ،
انفجرت موجات من الألوان ،
واهتزّ الحشد بصيحات دهشة ، كالأمواج المتلاطمة
وفي هذه اللحظة ، بدأت رقاقات الثلج تتساقط من السماء
رقيقة، خفيفة جدًا
و انزلقت واحدة منها عبر حافة السقف واستقرّت على خد يي شي
رمش بعينيه ، وفي خضم الضوضاء والفوضى ،
رأى شفتي باي يو تتحركان
قال شيئًا له، لكنه لم يسمعه بوضوح
متحيرًا ، فاقترب أكثر :
“ ماذا قلت ؟”
لكن باي يو فجأة سحبه إلى حضنه
ممسكًا بخصر يي شي ، عانقه بقوة
و تحت الألعاب النارية المبهرة ،
لامست شفاهه أذن يي شي ، يهمس بهدوء ،
تمامًا كما فعل يي شي معه ليلة البارحة ،
“ قلت ، أتمنى أنّك في عيد ميلادي القادم ، ستظل بجانبي "
تجمد يي شي
تدفقت شرارات لا تحصى من الألعاب النارية من السماء ،
على الشاطئ ، ترتفع همسات الحشد بين دعشة وانبهار
في هذه الليلة الشتوية ، في مهرجان الألعاب النارية هذا ،
توجد أنظار مليئة بالحب ،
و بعض الاعترافات نُطِقت بصوت عالٍ ،
وبعضها اختُزِن في الأعماق ،
وكلها ذابت ببطء في أمواج البحر على الشاطئ ، بلا حلّ ،
كذكرى متواصلة تتأرجح بين الواقع والخيال ….
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق