Ch49 SBS
لطالما كان امتحان القبول الجامعي حدثًا عظيمًا ،
في أي زمان كان ،
وقد وُزِّع يي شي ولي روي في مركز امتحان واحد ،
ولأن المكان كان بعيد ، نزلا معًا في فندق—على الأقل وجدا
من يؤانسهما
رتّبت المدرسة أكثر من عشرة حافلات لنقل الطلاب ،
واهتمّوا بهم أدق اهتمام ،
حتى أنهم وفّروا الشوكولاتة والوجبات الخفيفة والحليب
لتعويض الطاقة — فلم يتركوا مجالًا للآباء للتدخل ،
وفقط في الامتحان الأخير ، سمح مشرف الصف ببعض
المرونة : فمن لا يرغب بالعودة إلى المدرسة ، يستطيع
أهله استلامه مباشرةً من مركز الاختبار ،
وكان يي شي ولي روي من ضمن هذه المجموعة
لم يكن أيٌّ منهما متوترًا جدًا ،
والسبب في ذلك أن عائلاتهم دللوهم أكثر من اللازم—فمن
جهة قيل لـ يي شي :
“ لن تمانع عائلة تشنغ وعائلة باي في الاعتناء بشخص إضافي ،
وحتى إن رسبت ، فستذهب إلى جامعة أقل شأنًا فحسب ،
و الأفضل أن تفكّرا في الهدية التي تريدها بعد الامتحان "
ومن الجهة الأخرى : ( عائلة لي روي )
“ ياصغيري لا بأس ، أخوك قد استنفذ كل جينات الذكاء في العائلة ،
و أيًّا كانت نتيجتك فهي رائعة ،
وبعد أن ينتهي كل شيء ، لنذهب في رحلة إلى أوروبا !! "
وعقدَ الطالبان حاجبيهما طوال الوقت ،
{ حقًا ؟ ما هذا الكلام ؟
إعلان هزيمة قبل بدء المعركة ؟
إحباط صريح ومعنويات في الحضيض ؟ }
لكن لحسن الحظ لم يأخذا الأمر على محمل الجد ،
فأغلقا على نفسيهما في الفندق ،
وبدآ يراجعان ملاحظاتهما قليلًا ،
والآن ، وقد انتهت الامتحانات أخيرًا ،
خيّم عليهما شعور بعدم التصديق
حولهما ، كان الطلاب يهلِّلون ،
قبل لحظات فقط ، كانت المدرسة صامتة — وها هي الآن
تضج كالسوق الليلي
أصدقاء ينادون بعضهم وسط الحشود ،
وآخرون يصرخون مثل طرزان ابتهاجًا بحريتهم ،
وكان رأس لي روي ما يزال غارقًا في ورقة الأسئلة ،
خرج مع يي شي وهو يتمتم :
“ آخر سؤال اختيار من متعدد… اخترت ب…
لكن ربما كان يجب أن أضع أ…”
: “ لا أعلم ...” قال يي شي بنبرة خفيفة : “ لا فائدة من
القلق بعد الانتهاء ،
انتظر النتائج ، وحتى لو كان خطأ ، فلن تغيّره .”
ففكّر لي روي قليلًا ، ووجد أنه محق
سارا معًا خارج المدرسة ،
فشاهدا فورًا مجموعة صغيرة تقف تحت الأشجار بين حشد
أولياء الأمور
وبين كل الكبار المنتظرين ، كان هؤلاء الشبّان يبدون بارزين بوضوح
باي يو يرتدي قميص أزرق ، وبشرته الشاحبة كاليَشم بدت
أكثر نقاء تحت الشمس الحارقة ، دون أثر لعرق ،
يرفع عينيه بين الحين والآخر نحو بوابة المدرسة
أما تشنغ يانغ —- وبرغم كونه أيضًا طالبًا في السنة الأخيرة ،
لم يحتاج لخوض الامتحان ، فتعامل مع امتحان أخيه كما
لو كان مشاركة رمزية ، جلس مسترخيًا في المقعد الأمامي
للسيارة ، بابها مفتوح ، يلعب على هاتفه
وحده شينغ يوهي بدا خارج السياق تمامًا —— لم تكن بينه
وبين باي يو أو تشنغ يانغ علاقة وثيقة ، ومع ذلك وقف
قربهما ، محافظًا على مسافة محسوبة ،
بوجه بارد وتعبير جامد ،
بدا كمن جاء ليقبض دينًا ، لا ليصطحب طالبًا أنهى امتحانه
همس يي شي إلى لي روي : “ لماذا شينغ يوهي هنا ؟
أين عائلتك أو أخوك ؟”
فأجاب لي روي بصوت خافت :
“ قلتُ لهم إنني سأخرج مع زملاء ، و سأعود للمنزل بعد
الثامنة الليلة ،
لا تفضحني—قلت إنني سأكون معك "
رفع يي شي يده بصمت مشكِّلًا علامة ' حسنًا ' 👌🏼
وبينما يتحدثان ، باي يو قد لمح وجودهما بالفعل
وما إن وقعت عيناه على يي شي، حتى ابتسم بشكل تلقائي ،
ثم مدّ يده وربّت بخفة على رأس تشنغ يانغ المنهمك في اللعب ، وقال :
“ يي شي خرج "
وفي تلك اللحظة ، اقترب يي شي ولي روي منهما قليلًا
تقدّم باي يو — وأخذ من يي شي مقلمة الأقلام والكتب ،
ثم ناوله كوب الشاي المثلّج الذي اشتراه للتو ،
وقال:
“ كيف كان ؟ هل كان الامتحان صعب ؟”
أخذ يي شي المشروب ، وغرز الماصة فيه وشرب رشفة
طويلة ، تردد قبل أن يجيب :
“ كان مقبول "
في الواقع، كان يشعر أنه أدّاه أداءً جيدًا ،
لكنه لم يكن ممّن يحبون التفاخر ،
وبعد تفكير ، قور أن يعطي إجابة متحفظة ،
ابتسم باي يو مجدداً ، كان يسأل بدافع المجاملة فحسب—
وإلا وسط جوقة أولياء الأمور القلقين ،
سيبدون شاذين عن المشهد ،
ثم بدأ يتأمل وجه يي شي ،
كان الأمر غريبًا ،، فالفصل مزوّد بمكيفات ، لكن ربما لشدة
تركيزه أثناء الامتحان ، كان يي شي مبللًا بالعرق ،
حبات الندى التصقت بطرف أنفه ، واحمرار دافئ تورد على
وجنتيه الشاحبة ، فازداد الوردي فيهما وضوحًا ،
رفع باي يو يده ومسح عرق يي شي ،
وحين مرّت أصابعه فوق جسر أنفه ، داعبه بخفة ،
بلطف عابر ،
رفع يي شي عينيه في ارتباك ، فالتقى بنظرة باي يو
ابتسم باي يو وقال: “ مبروك ، انتهى الامتحان ،،
من اليوم ، يمكنك اعتبار نفسك راشدًا .”
……
في الليل ،
احتفالًا بتحرر الممتحَنين من الأسر ،
ذهب الجميع إلى المطعم الغربي الذي حجزه لي روي مسبقًا
وأصرّ لي روي على طلب زجاجة شامبانيا وفتحها بنفسه ،
ومع فرقعة ، اندفعت الرغوة البيضاء ، لتنثر وجه يي شي كله
: “ هيهيهيهيهيهي " و أمسك لي روي بمنشفة مبللة
ليمسح وجه يي شي
لم يغضب يي شي—بل لطّخ وجه لي روي بالكعكة ردًّا على ذلك
وعلى الجانب الآخر من الطاولة ، كاد تشنغ يانغ ألا يحتمل المنظر ،
تمتم وهو ينظر إلى باي يو:
“ إنهما طفلان صغيران تمامًا "
ابتسم باي يو وهو يتابع الاثنين وهما يعبثان :
“ وكأنك أفضل منهما "
بعد العشاء ، تفرّق الجمع ،
كان لي روي ثملاً قليلًا ، متشبثًا بيي شي، رافضًا تركه ،
يحتك به بمحبة ، متمسّكًا بالعودة معه إلى المنزل ،
كـ جرو صغير شديد التعلّق ،
ولم يستطع يي شي التوقف عن الضحك ،
لم يستطع يومًا مقاومة لي روي ،
فربّت على ظهره بلطف ليهدّئه ، وقال :
“ حسنًا ، ما رأيك أن نذهب إذن ؟”
وفي النهاية كان تشنغ يانغ هو من انتزع لي روي من يي شي
وسلّمه إلى شينغ يوهي
لم يكن يعرف شينغ يوهي جيدًا ، لكنه سمع لي روي يصفه
بأنه ' صديق مهم… جدًا جدًا جدًا '
وبرغم غرابة الوصف ، لم يتوقف تشنغ يانغ عنده طويلاً ،
و كل ما قاله :
“ سأزعجك بإيصاله للمنزل "
أومأ شينغ يوهي دون أن يقول الكثير ،
ألقى على تشنغ يانغ نظرة طويلة ، كأنه يزن شيئًا ،
ثم عانق لي روي وقاده بعيدًا ،
أما باي يو — فقاد السيارة عائدًا بِي يي شي وتشنغ يانغ إلى المنزل
وبعد أن نزل الاثنان من السيارة ، نظر باي يو إلى يي شي من
خلال النافذة ، قائلًا :
“ ارتاح جيدًا في الأيام القادمة ، سآتي لأصطحبك للتنزه قريبًا "
تشنغ يانغ قد اعتاد على هذا منذ زمن ،
فلم يعد لديه طاقة للاعتراض ،
وقف مكتوف الذراعين جانبًا، كجزء من الديكور —-
لقد فهم الأمر — يي شي ميؤوس منه —
فأيًّا كان ما يفعله لمنعه ، سيظل يي شي يهرول خلف باي يو
أما يي شي — فكان يحدّق بباي يو بعينين داكنة تلمعان
{ بالطبع أريد رؤيتك ثانيةً —ما زلت أنوي أن أفوز بك }
لكن على السطح ، بدا مطيعًا ، يومأ رأسه بجدية :
“ حسنًا "
وبعد دقائق ، خرجت سيارة باي يو من منزل آل تشنغ
وصعد يي شي وتشنغ يانغ إلى الطابق الأعلى واحدًا تلو الآخر
غرفتهما معًا في الطابق الثاني ، لكن في جهتين مختلفتين
وما إن همّا بالافتراق ، واستدار تشنغ يانغ قليلًا ، حتى سمع
يي شي يناديه بخفوت
توقّف تشنغ يانغ في منتصف خطوته ، والتفت
في الممر ذي الإضاءة الخافتة ،
لمع الخشب العتيق تحت الثريا ،
دافئًا بريقه ومعتّق ،
يي شي — بقميصه القطني الأبيض ، وشعره الأسود القصير،
وبشرته الشاحبة ، بدا تمامًا كما كان قبل سنوات —هادئ ،
مطيع ، نظيف الحضور
وعندما التقت عيناهما ، شعر يي شي بتوتر مبهم يتسلل إليه ،
ومع ذلك ، أنزل عينيه وقال بصوت خافت :
“ شكرًا… لأنك أتيت لاصطحابي بعد الامتحان اليوم "
في الحقيقة لم يكن على تشنغ يانغ فعل ذلك ،
كان بوسعه تجاهله ، اعتباره غير موجود أصلًا ،
لكن تشنغ يانغ جاء على أي حال ،
وخلال نصف العام الأخير من السنة الدراسية ،
عامله تشنغ يانغ بلطف غير مألوف ،
ويي شي لم يعرف سبب تغيّر موقفه فجأة ،
لكن وبعد أن تجاوز ارتباكه الأول ، لم يستطع الإنكار —
فحين خرج من قاعة الامتحان ، ورأى باي يو و تشنغ يانغ
أيضًا بانتظاره… تراقص قلبه فرحًا
“ شكرًا… غا "
انزلقت الكلمة الأخيرة من شفتيه هامسة ، تكاد لا تُسمع
وبمجرد أن قالها ، تمنى لو يقطع لسانه
ثم فرّ هاربًا إلى غرفته ، وأغلق الباب خلفه بقوّة خاطِفة
ارتجف تشنغ يانغ من المفاجأة
ولو لم يسمع يي شي بوضوح قبل ذلك ، لظن أنّ إغلاق
الباب كان احتجاج
لكن وهو يحدّق في الباب المغلق بإحكام ، تخيّل يي شي
هناك ، يدفن وجهه في الوسادة ، متقلّبًا من شدّة الإحراج
ضحك تشنغ يانغ بخفوت ، وهزّ رأسه ، ثم عاد إلى غرفته
—————
في الأيام التالية ،
نام يي شي في منزله كالميّت ،
كان قروب صفّه مزعج بلا توقف — خططوا مجموعات
للعشاء ، للسفر ، للاحتفال ، للانفلات من كل القيود
وفي اليوم الثالث ، خرج مع لي روي —-
طلاب الفصل قد حجزوا قاعة سينما مخصّصة لمشاهدة
فيلم الفضائي ضد الزومبي ،
تملأها الصرخات دون انقطاع ،
ولحسن الحظ كانت الجلسة خاصة ،
فلا يوجد متفرّجين أخرين يوبخّونهم
وبمجرد خروجهم من السينما ، أراد بعضهم الذهاب لمركز
الألعاب ، وآخرون للكاريوكي، وآخرون للتسوّق
لكن لي روي ويي شي لوّحا للجميع معتذرين ، قائلين إن
لديهما خططًا خاصة
صرخ مشرف التربية البدنية : “ إلى أين ؟
لن تأتيا معنا ؟”
ردّ لي روي بحماس : “ لااا !
سنخرج معكم بعد يومين ! اليوم لدينا أمر مهم !”
تركهم ممثل التربية البدنية يذهبان ، مكتفيًا بتذكيرهما:
“ لا تنسيا الخروج معنا لاحقًا !”
أخذ يي شي ولي روي سيارة أجرة مباشرة إلى ضواحي المدينة ،
ووَصلا إلى معبد يوانشي قبل الإغلاق بدقائق من الخامسة ،
في بداية عامهما الأخير ، جاء إلى هنا مع لي روي وتمنى أمنية
آنذاك ، لم يطلب سوى شيئًا واحدًا —
أتمنى أن لا يكرهني باي يو —
أتمنى ألّا أكون في عيني باي يو ذلك الفتى البغيض المقيت ،
كل ما أريده هو أن يُنظر إليّ كطالب أصغر عادي ،
والآن، بعد ما يقارب عامًا كاملًا ، وقف مجددًا أمام بوذا ،
ممتنًا لأن أمنيته قد تحققت ،
ينظر بوذا إليهما بسلام مطمئن ، يمسك زهرة اللوتس ،
وعيناه ترعى كل الكائنات برحمة ،
فهذا المعبد الصغير حمل بين جدرانه آلاف الأمنيات والصلوات ،
وضع يي شي باقة الزهور على المذبح ،
ثم أشعل ثلاث عيدان من البخور ،
وفي قلبه ، تمنى أمنيته الثانية :
{ آمل… ألا يرفض باي يو اعترافي …
وآمل أيضًا… أن أظل إلى جواره مدة أطول ،
وكلما طالت ، كان خيرًا }
ربما كان الحب في هذا العالم عابرًا بطبيعته ،
كالغيوم تدفعها الرياح ، لا تستقرّ ولا تدوم ،
لكن يي شي تصالح مع هذه الحقيقة ،
{ فأن نلتقي في هذه الحياة هو نعمة —
ويوم إضافي معًا هو كنز جديد
ما دام بوسعي أن أُمسك بيد باي يو يومًا آخر ،
فهي نعمة تستحق الشكر }
وحين انتهى من صلاته ، غرس عيدان البخور أمام بوذا ،
ثم التفت ، ورأى لي روي ما يزال يتمتم بأمنيته ،
فلم يستطع كبح ضحكته
وحين انتهى لي روي أخيرًا ، مازحه يي شي:
“ لقد صلّيت طويلًا ، ألا ينزعج بوذا منك ؟”
: “ مستحيل ...” لوّح لي روي بيده الواسعة : “ أنا مخلص جدًا ،
وقلبي صافٍ كالماء ، طيب ونقي ،
بوذا لن يجد ما يكفي من الوقت ليحبّني !”
ضحك يي شي مجدداً
وسارا معًا ببطء نزولًا من الجبل ،
تمامًا كما فعلا في المرة السابقة ،
جوانب الطريق مزينة بزهور برية متفتحة ،
والهواء يحمل رائحة العشب والأشجار الندية ،
اشتريا المثلجات ،
وكانت تعويذة زهرة الخوخ الوردية—التي تعلقت منذ العام
الماضي—ما تزال تتدلّى من حقيبته ،
تتمايل برفق مع نسيم الصيف
……
بعد ثلاثة أيام ،،
أغلق يي شي على نفسه في غرفته ،
يراجع بجد ' دروس الإغواء' الأخيرة التي أرسلتها له مدربة المواعدة ،
ثم اتصل برقم باي يو
عضّ على شفته ،
خفق قلبه بعنف كأنّه يريد الفرار من صدره ، وقال:
“ باي-غا هل يمكنني أن آتي إلى منزلك بعد غد؟”
باي يو جالس أمام مكتبه ، ضوء الصيف الساطع يغمر
التقويم المفتوح أمامه ،
وكان تاريخ 18/6 مُحاطًا بدائرة — يوم الانقلاب الصيفي
تفاجأ قليلًا بأن يي شي هو من بادر بالاتصال ،
فأنزل عينيه قليلًا ، وارتسمت على شفتيه ابتسامة صغيرة ،
بينما أظلمت نظرته ،
“…حسنًا "
يتبع
ترجمة الفصل بواسطة : رور
التدقيق : Erenyibo
تعليقات: (0) إضافة تعليق