Ch59 ffb
في عتمة الضوء المتقطّع ، جلس فان شياو يشرب الخمر القوي ،
علبة الثقاب عند قدميه قد تحطّمت تمامًا ،
تناثرت عيدانها كجثث صغيرة متكسّرة على الأرض ،
سحب شي ليهوا زجاجة الخمر من يده متذمرًا :
“ كفاك شربًا ، إذا سكرت ، فلن أضيع وقتي في العناية بك ”
وحين لم يتلقَّى أي رد ، عبس أكثر وقال :
“ فان شياو إن واصلت هكذا فسأظن فعلًا أنك تعيش محطّم القلب ،
ما الأمر ؟ أليس كله لعبًا ولهوًا ؟
هل يستحق الأمر أن تتأثر إلى هذا الحد ؟”
ثم جلس إلى جانبه بكسلٍ واضح ، وقال بنبرة لامبالية :
“ إن كنت لم تشبع من اللعب ، غيّر الهدف فحسب ،
' الرجال ذو الأربع أرجل نادرون ، لكن ذوو الرجلين ؟
ما أكثرهم ' ،
إذا لم ترغب من عالم النوادي الليلية ، فاختر
لك واحدًا نظيفًا من الخارج ”
( الرجال ذو الأربع أرجل نادرون = رجل قوي، موثوق، ثابت، وأصيل — مثل حصان عمل جيد ( أربع ارجل)
كناية عن الرجل المثالي والنادر الذي يمكن الاعتماد عليه
في الحياة ، شريك الحياة الجاد والصادق —
الرجال ذوو الرجلين = المقصود الحرفي : الإنسان العادي
المقصود المجازي: يشير إلى أي رجل عادي موجود بكثرة )
أدار ساقيه بتكاسل ، وصوته بدا كأنه يتحدث عن حالة الطقس :
“ أعرف أنك تحب متعة الصيد أكثر من الفريسة ،
فابدأ جولة جديدة ،
أفضل من جلوسك هنا تشرب في كآبة ”
رفع فان شياو عينيه ببطء وقال ببرودٍ حاد :
“ كآبة ؟ متى أصبتَ بالعمى يا شي ليهوا ؟”
قال شي ليهوا سريعًا وهو يرفع يديه استسلامًا :
“ نعم، نعم، أعمى تمامًا ”
ثم صمت فور أن لمح الغضب يتجمّع في ملامح فان شياو
وُضع الكأس على الطاولة الرخامية السوداء ،
والضوء المنكسر من الكريستال بدت عليه مسحة عتمة ملوّثة ،
مرّر فان شياو أصابعه على ساعته ، وقال ببطءٍ شديد :
“ أن أتركه أنا… لا بأس ،،
لكن أن يتركني هو… هذا غير مقبول ”
خرجت كلماته خافتة ، لكنها حادّة كحدّ سيف جليدي
شعر شي ليهوا لوهلةٍ بالشفقة على يو شولانغ ،
لكنه يعرف طباع فان شياو جيّدًا — لا مجال لإقناعه حين يقرّر شيئ
فقال مسايرًا:
“ إذن ماذا تنوي أن تفعل ؟”
ردّ فان شياو دون تردّد ، وصوته يقطر برودة :
“ بما أنه لا يُقدّر اللطف ، فسأقوم بإغرائه للعودة
ثم أتخلى عنه بكل قسوة ”
الستائر الثقيلة حجبت النور تمامًا ، والمصباح الجانبي
الباهت بدا وكأنه يكافح عبثًا لاختراق الظلمة الكثيفة
في هذا الضوء المائل بين العتمة والنور ، التفت فان شياو
نحو شي ليهوا وسأله :
“ هل حصلت على معلومات تلك المضيفة ؟”
أجاب شي ليهوا : “ نعم ،
هربت من الجبال لتفلت من زواجٍ إجباري ،
والدها كان يريد تزويجها لرجل ستيني غني ”
انتظر شي ليهوا ما سيفعله فان شياو بعد أن رأى في عينيه
لمحة الانتقام المعتادة ،
لكن ردّه فاجأه ——-
قال فان شياو بهدوء :
“ أعطِ رقم هاتفها لذلك العجوز .”
رفع شي ليهوا حاجبيه بدهشة :
“ هكذا فقط ؟ دون أن ترسل له عنوانها أيضًا ؟”
صمت فان شياو للحظة ثم قال :
“ تخويف بسيط يكفي ، إن حدثت فضيحة حقيقية ووصل
الأمر إلى يو شولانغ، فلن أستطيع استعادته أبدًا .”
أشعل شي لي هوا ' شمعة لـيو شولانغ '
( الميت يشعلون له الشموع / يعني زي ( الله يرحمك / بتودّع )
ثم قال بصوت مسموع :
“ حسنًا ، كما تشاء "
وبعد لحظة صمت أضاف متسائلًا :
“ لكن يو شولانغ لا يراك ولا يجيبك منذ مدة
فكيف ستغريه بالعودة؟ ”
خفتت الإضاءة أكثر ، وعين فان شياو ازداد سوادها عمقًا،
ردّ بصوت خافت متحجّر:
“ لا تتدخل "
————
تحت انعكاس الضوء الخافت ،
يو شولانغ غيّر رقم القفل ومسح بيانات بصمة إصبع فان
هذه الليلة الثالثة التي يُغلق فيها الباب في وجه فان شياو
جاء فان شياو باكرًا اليوم ، واعترض طريق يو شولانغ حين عاد من العمل
قال بصوت هادئ متماسك :
“ مدير يو ليس لدي مكان أطلب فيه الإنصاف … "
وقف بجسده الطويل حاجزًا بين الرجل والباب :
“ لو كنت أعلم بتلك الحادثة ، أكنت سأدعهم يؤذوك ؟
أنا من أوصلك للخارج ومن حماك حتى النهاية ، ألا تذكر ؟”
رفع يو شولانغ عينيه نحوه ، نظرة مباشرة لا تحتمل المراوغة :
“ وهذا بالضبط ما يُزعجني أكثر ، أولاً، شخص ما أوقع بي ،
ثم قمت بتسجيل ذلك وتكراره مرارًا وتكرارًا ،
فان شياو لا يسعني إلا أن أشك في أنك رافقتني فقط لتستمتع بإذلالي ،
لم تكتفِي بمرة واحدة ، بل كان عليك تسجيل ذلك لتكراره
إلى ما لا نهاية ؟”
تنفّس فان شياو بعمق ، ثم قال بنبرة منخفضة فيها لمحة رجاء:
“ الفيديو التُقِط من كاميرا السيارة ، وليس بيدي ،
أما إعادة تشغيله ، فلأني انجذبت إليك ، لا أكثر ،
شولانغ لا تنهي كل شيء بيننا لمجرد شكوك بلا دليل…
هذا ليس عدلًا لي أليس كذلك ؟”
كان واضحًا أن الأيام الأخيرة أنهكته ،
عروق حمراء بارزة تحت عينيه ، وصوته مثقل بالسهر
وقف أمام يو شولانغ كمن ينتظر حكمًا منصفًا في قاعة محكمة
صمت يو شولانغ لحظة ، ثم قال بنبرة أكثر هدوءًا:
“ ارجع الآن ، دعني أهدأ قليلًا ،
عندما أرتب أموري ، سنتحدث بهدوء ”
اقترب فان شياو خطوة ، وعيناه ترمشان بقلق :
“ وإن لم تهدأ ؟ وإن لم تعد ؟”
لم يرغب يو شولانغ أن يجرح أي شخص ،
و خاصةً هذا الرجل الذي أحبّه ،
ربت على ذراعه برفق :
“ أعطني وقتًا فقط ، كي تهدأ مشاعري ،
سنجلس ونتحدث بشكل منطقي .”
تجاوز فان ، ثم فتح الباب وقال قبل أن يدخل :
“ عد إلى منزلك واسترح جيداً ، ولا تُكثِر من الشرب "
الباب على وشك الإغلاق ،
و اندفعت يد فجأة ،
وانغلق الباب بقوة لدرجة احمرّ الجلد وتورم فوراً
صرخ يو شولانغ :
“ فان شياو ! هل جننت ؟!”
فتح شولانغ الباب بسرعة ، لكن فان شياو اندفع إلى الداخل وعانقه بعنف ،
ذراعاه تلفّانه حتى كاد يسحق أنفاسه
حاول يو شولانغ أن يدفعه :
“ يدك مصابة ، دعني أرى إصابتك أولًا—”
لكن الرجل أجابه بصوت خافت ممزوج بالمرارة :
“ أنت لا تريدني بعد الآن ، فلماذا تهتم بالنظر إلى يدي ؟ ”
ثم دفعه إلى الحائط ، وانحنى عليه ، يقبّله بعنف مثل
مفترس ،
لا يريد أن يعطي فريسته أي فرصة للهروب ،
قبلات متلاحقة ، مضطربة ، أقرب إلى العَضّ
أنفاسهما تختلط بسرعة مجنونة ،
وفي خضمّ الفوضى انحنى جسد يو شولانغ للخلف ،
بانحناءةٍ رشيقة ،
من فرط الضغط ، كوترٍ مُشدودٍ على وشك الانكسار
هذه القبلة العنيفة فتحت معركة شرسة
ضغط فان شياو على مؤخرة عنق يو شولانغ بيد واحدة
لمواصلة القبلة ، بينما يده الأخرى تنزع ملابسه
التصرفات الخشنة جلبت ألماً طفيفاً لشولانغ ،
وضغط فان بقوة غير منضبطة على الجلد الأبيض حتى احمر ،
ولكن لن يشفق أحد على شولانغ ، ولن يهتم أحد
رفع فان شياو الجسد الناعم بيد واحدة ، وألقاه بقوة على السرير
: " فان شياو .. اهدأ قليلاً !"
الألم اللاذع على شفتيه لا يزال مستمراً ، لكن يو شولانغ تمكن أخيراً من الكلام
: " لا أستطيع أن أهدأ "
كان فان شياو يشبه أسدًا مظلومًا لكنه مليء بالعدوانية -
ثابتًا في الظاهر ، ووحشي داخلياً
: "بما أن المدير يو يمكنه إنهاء العلاقة من جانب واحد ،
فهل يمكنني أن أطالب بممارسة الجنس معك من جانب واحد ؟"
و اندفع نحوه ، وضغط بأصابعه المتورمة على شعر شولانغ ليثبته ،
ونظر مباشرةً في عيني الرجل : " كلا منا يتخذ قراراً لمرة واحدة ، هذا عادل "
شعر يو شولانغ بسخونة واحتراق في الأصابع التي تضغط
عليه ، وتنهد بعجز : " ضع الدواء أولاً ، دع الأمور الأخرى تنتظر "
لكن لم تتحقق رغبته
استغل فان خوف شولانغ من إصابة يده ،
و فعل كل ما يحلو له تقريباً ،
بدأ الهجوم بـسرعة مفرطة ، دون تحضير كافٍ
رفع يو شولانغ عنقه وتأوه بأنيناً مكتوم
ووسط الألم الأولي ، سمع رد فان شياو الشرير في أذنه
: " لا تقلق يا مدير يو حتى لو كانت يدي مصابة ، يمكنها أن
تجعلك تستمتع "
كانت عملية النهب والاحتلال طويلة بشكل غير عادي
لم يكن فان شياو يتحدث بكلمات حلوة كالمعتاد ،
و جسده مشدود للغاية ، وعضلاته متصلبة ،
ولم يشعر بالمتعة مثل يو شولانغ ،
ازداد الاحمرار حول عينيه ، واستمرت العروق خلف أذنه في النبض
كان القمع والذعر لدى فان شياو واضحين مثل نص بحثي دقيق
تنهد يو شولانغ سراً ، وازدادت مرارة قلبه قوة ،
وضع ذراعه على كتف فان شياو العريض، وبصوت يكاد
يكون حزيناً : " هل يمكنني أن أثق بك حقاً ؟"
توقفت الحركة فجأة
بعد تبادل النظرات الطويل ، جاء صوت فان شياو ببعض
الارتجاف : "هل أنت مستعد للثقة بي؟"
مرر يو شولانغ يده على خد الرجل : " فان شياو
إذا كنت ستكذب عليّ حقاً ، فاكذب إلى الأبد ،
لا تدعني أكتشف أي دليل أو أصل إلى الحقيقة أبداً …
لستُ شخص قوي ، لكن لدي كرامة ،
إذا كنت ستخدع ، فاخدعني دون أن أكشف ذلك ؛
هذا أقصى تسامح مني تجاهك "
فان : " أتستطيع فعل ذلك؟ "
شعر فان أن شولانغ تحته يتحدث بصراحة وصدق واضح ،
يختلط فيه الكبرياء بالحزن الدفين ،
قفزت عروق خلف أذن فان شياو عدة مرات أخرى ،
و شولانغ رأى هذا —- مما أضاف إلى نظراته لمحة من
السخرية المريرة —-
فان : " لم أخدعك ... لا تتركني "
نظرات يو شولانغ شاردة —- يُحدق في زخارف الورق القديم على السقف ،
فقال بصوتٍ هادئٍ لا يحمل انفعالاً :
“ لن أتركك … كفى ، عد إليّ "
انهار كتف فان شياو فجأة ،
وانتقل وزنه بالكامل إلى يو شولانغ ،
عانق الرجل الذي تحته بقوة ،
وشتم بغيظ : " يو شولانغ إنك ظالم !
تقول لي عد فأعود ، وتقول لي اذهب فسأذهب ؟
متى أصبحت كل هذه الأمور قرارك وحدك ؟"
استمرت الخطوط على السقف في جذب انتباه يو شولانغ
و بعد فترة طويلة ، سأل : " إذن هل ستعود أم لا ؟"
فان : " سأعود ، لم أرك منذ ثلاثة أيام ، اشتقت إليك حقاً "
دفن فان شياو رأسه في عنق يو شولانغ، وظهرت على وجهه
ابتسامة النصر ببطء …
يتبع
كيف حال قلبك ي قلبي ؟
تعليقات: (0) إضافة تعليق