Ch7 SBS
مرّت ليلة كاملة —-
وفي صباح اليوم التالي ، ذهب يي شي إلى الصف والهالات
السوداء تحت عينيه ضخمة لدرجة أرعبت لي روي عندما رآه
ناوله لي روي الفطور وقال:
“ ما بك؟
هل سهرتَ طوال الليل تقرأ رواية أو شيئًا من هذا القبيل ؟
أعرف أن بشرتك جيدة ، لكن لا يجوز أن تسيء معاملتها هكذا ،
السهر يدمّر الوجه .”
تثاءب يي شي ولم يقل شيئ ، أخذ الفطور منه ،
فتح علبة الحليب بالمصاص ، ووضعها بين شفتيه
فكّر يي شي بذهول … { لم أكن أقرأ رواية بالأمس بالتأكيد !
كلّ هذا بسبب فكرة لي روي الغبية — حين أخبرني أن أبحث على الإنترنت عن طرق للمغازلة }
لم يأخذ الأمر على محمل الجد في البداية ،
لكنّه فتح فيديو واحد على سبيل الفضول ،
ثم… انفتحت أمامه بوّابـة لعالم جديد بالكامل ——-
وجد نفسه يدرس الأمر حتى منتصف الليل
{ ولكن … }
ارتشف يي شي المشروب ، وعيناه بلا تعبير
{ سواءً كانت تلك الفيديوهات ستساعدني فعلًا على إغواء
باي يو والحصول على ليلة حلوة معه أم لا—
فالمحتوى نفسه كان مذهلًا بما يكفي، أشبه بالغوص في
مادة أكاديمية غامضة وجديدة تمامًا !
لم أكن أعلم أنّ حتى في الحب من طرف واحد — حين يقع
شخص واحد فقط—توجد أساليب وتقنيات كثيرة بهذا الشكل ! }
لم يدخل يي شي في أي علاقة من قبل ،
ولم يمتلك تجربة واقعية ، فكل نقطة قالتها المدوّنة بدت
له منطقية للغاية ،
رغِب في تحليل كل كلمة ودراسة كل لقطة
و قبل أن تبدأ الحصة الأولى ، يي شي قد انتهى من فطوره
في لقمات سريعة
أول حصة رياضيات ، وفاجأهم المعلم باختبار قصير
نظر إليها يي شي سريعًا — فبدت له نصف الأسئلة كأنها
نقوش فرعونية قديمة
ومع ذلك ، ملأ الورقة قدر استطاعته وهو يتثاءب
لكن في الحصة الثانية — الإنجليزية — لم تعد جفونه قادرة على الصمود
و محاولةً للبقاء مستيقظًا ، أخرج سماعته ، وضعها في أذنه،
وأعاد فتح الفيديو الذي قد وصل إلى منتصفه ليلة أمس:
[ دليل كيفية إغواء الرجل ]
في هذه المدرسة الثانوية الخاصة ، أغلب الطلاب من عائلات ثرية أو نافذة
المعلمين يركّزون بطبيعة الحال على المتفوّقين
أما المتأخرون دراسيًّا مثل يي شي—فعلى الرغم من أنّ
المدرسين مسؤولين عنهم ، إلا أنّهم لا يشدّدون كثيرًا
حتى لو فشل بعض الطلاب هنا دراسيًّا ، فآباؤهم قد رتّبوا
لهم طرقًا أخرى للمستقبل
وأمّا يي شي —- الذي كان دائمًا في أخر الترتيب — ووالداه
لا يتواصلان مع المدرسة أبدًا ،
فلم يكن هناك سبب ليُشدَّد عليه ،
فلسفة المدرسة التعليمية كانت دائمًا : الصحة النفسية أولًا
لي روي لم يكن أفضل حالًا —- كان يقرأ مانهوا ،
ولكن في منتصفها أراد أن يُري يي شي مشهدًا مضحكًا ،
فانحنى نحو هاتفه ونظر بالصدفة
لم يفهم في البداية ما الذي يشاهده يي شي
وجد الأمر غريبًا — ثم حدّق بتركيز في فتاة أنمي لطيفة—
{ هل ترتدي كوسبلاي ؟ } ( كوسبلاي = زي تنكري انمي )
لكن حين دقّق النظر قليلًا…
سحبت الفتاة فجأة لوح أبيض على الشاشة ،
كاشفةً عن شريحة عرض ضخمة كُتب عليها بخط عريض :
[ قواعد الإغواء : كيف تجذب الشخص الذي تحبه ]
لي روي: “…”
بدأت الفتاة على الشاشة تقلّب المزيد من الشرائح ،
بل وأخرجت عصًا للإشارة لتشرح كل نقطة رئيسة واحدة تلو الأخرى
وعندها — تذكّر لي روي الهراء الذي تفوّه به أمس أمام يي شي
فشعر كأن صاعقة ضربته
همس بصدمة :
“ ما الذي تشاهده بحق الجحـ…؟”
وخز يي شي بمرفقه :
“ لا تقل لي أنك فعلًا تدرس كيف تُغوي رجلاً ؟”
وبينما يقول ذلك ، شريحة جديدة قد ظهرت على هاتف يي شي —-
مكتوب عليها بخط واضح :
[ إظهار القليل من الضعف في الوقت المناسب قد يوقظ
غريزة الحماية لدى هدفك ]
ارتعش فم لي روي وقال متمتمًا :
“ ضعف ماذا ؟
من الذي يصدق هذا الكلام الآن ؟
كم فتاة هذه الأيام ' رقيقة ' أصلًا ؟ هذه النظريات قديمة ،
انظر إلى ليانغ تشان—كانت تمزح معي الأسبوع الماضي
وكادت تُسقط أمعائي بلكمة "
ليانغ تشان هي الفتاة الجالسة أمامهما ——
خفّض يي شي الصوت وأعطى لي روي بعض انتباهه
لكنّه رفض تمامًا السماح لـ لي روي أن يُقلّل من شأن
المُدوّنة التي اكتشفها للتو
دافع يي شي ببطء :
“ أرى أن كلامها مفيد ، المدونة قالت إن أسلوبها لم يفشل يومًا ،
و كل شخص أرادت مواعدته وافق ،
كان لديها أكثر من عشرة حبيب .”
نقو لي روي بلسانه ساخرًا
{ بالتأكيد ! هل ستقول طريقتها لا تنجح وتخسر سمعتها ؟
فقط يي شي يمكن أن يُصدق هذا }
صحيح أنه هو من بدأ هذا الهراء كله بالأمس ،
لكنه يعرف تمامًا كيف تكون هذه الأشياء على الإنترنت ،
أصحاب الدورات سيقولون أي شيء ،
لهذا أمسك نفسه مبكرًا قبل أن يجرّ يي شي إلى هاوية النصب
لكن وهو ينظر إليه الآن ، مُنغمسًا بكل كيانه ،
بدأ لي روي يشكّ بأنه وصل متأخرًا بالفعل
{ ومع ذلك… ما الضرر ؟
حتى لو حاول يي شي تطبيق هذا على باي يو
فالمسكين الوحيد سيكون باي يو — وليس يي شي
في أسوأ الأحوال ، سيتجنب باي يو يي شي أكثر مما يفعل الآن
لا فرق كبير }
بعد أن فكّر قليلًا، قال له:
“ على أي حال ، لا تدعهم يخدعونك ،
مشاهدة الفيديوهات لا بأس ، لكن لو حاول أحدهم بيع
دورة أو إضافتك لقروب ، تجاهله . جميعهم كاذبون .”
أومأ يي شي بصمت ، ولم ينطق بكلمة
لم يجرؤ على إخبار لي روي ~~~ —
أنه اشترى بالفعل دورتين من مؤثرين مختلفين —-
كلاهما أعطاه خصم 12%…
ودفع ما مجموعه ٧٬٦٨٠ يوان ——
…..
قضى يي شي كامل الصباح يشاهد الفيديوهات،
بينما شعر لي روي وكأنه سيُصاب بتسوّس فقط من النظر إليه
لم يره يومًا يركز في الصف بهذا الشكل
العام الماضي رتبت المدرسة حصص تقوية للطلاب الضعفاء ،
سجل يي شي في حصة اللغة الإنجليزية على مضض ،
لكنه حضر ثلاث جلسات فقط ثم قفز من النافذة هاربًا
ليلعب غوموكو خارجًا
لكن الآن ؟
يحدّق في تلك الفتاة اللطيفة على الشاشة وهي تشرح '
كيفية استخدام الإضاءة المناسبة للحصول على أفضل تأثير
في الموعد ' دون أن يرمش
بل وأخرج دفتراً جديداً تماماً ، نظيف الصفحات ،
وبدأ يدوّن الملاحظات بحماس
{ انظر إلى هذا !!! }
لم يستطع لي روي إلا أن يتنهّد —{ هذه هي حقاً قوة الحب !!
فقط باي يو قادر على جعل يي شي يدرس بجد !!!
حتى لو كان موضوع الدراسة… غريباً بعض الشيء ! }
ولم يستطع لي روي كبح نفسه، فبدأ يصب الزيت على النار،
يقرّب كتفه من يي شي ويقول:
“ هيه ، بدل أن تصدّق هذا الكلام ، ما رأيك أن تأتي معي
نهاية الأسبوع لشراء تعويذة جلب الحظ في الحب ؟
مباركة وتعمل فعلاً ،
أختي أخذت واحدة من ذلك المعبد ، وبعدها بكم شهر
وجدت لها حبيب .”
اتجهت نظرة يي شي عن الفيديو إلى لي روي
بوصفه شاباً مثالياً مؤمناً بالعلم ، لا يميل إلى تصديق مثل هذه الأمور ، .
ذات مرة حاولت فتاة في الصف الأمامي قراءة طالع التاروت
له وقالت إن الرومانسية قادمة هذا العام—ولم يصدّقها
لكن بما أنّ لي روي ذكر مثالاً واقعياً ، فقد أثار ذلك اهتمامه قليلاً
رفع حاجبه قائلاً : “ حقاً ؟”
سخر لي روي: “ أضمن لك من خبيرة الحب خاصّتك ،
أختي تقول إن صديقتها بعدما أخذت التعويذة قابلت
شريك حياتها أثناء السفر إلى الخارج ،
وأنا أنوي أن آخذ واحدة أيضاً ،
على الأقل البوذا لن يبيعك دورة بسعر 3999 يوان ،
التعويذة ثمنها ثلاثين يوان فقط .”
تأثر يي شي قليلاً بالكلام ، لكنه لم يكن متحمساً لهذه الأشياء حقاً
لاحظ لي روي تردده فوراً ، فاقترب أكثر ودفعه بمرفقه من جديد :
“ لنذهب اليوم ، لماذا ننتظر نهاية الأسبوع ؟
آخر حصة اليوم هي حصة البدنية — ولا أحد يهتم لو غبنا ،
ننهي الدوام ونذهب مباشرةً ،
الطريق من عشرين إلى ثلاثين دقيقة .”
والحقيقة أن لي روي كان يريد الذهاب ، لكنه خجل أن
يذهب وحده ، فقرر جرّ يي شي معه مهما كان
يي شي يتلقى دفعات متتالية ، والمدرّس بدأ يلتفت
نحوهما ، فاستسلم أخيراً : “حسناً "
————-
الساعة الرابعة عصراً ،
غادر الاثنان المدرسة بحقيبتيهما ،
واستقلا سيارة أجرة إلى معبد يوانشي في المقاطعة المجاورة
لم يكن المعبد بعيد — الطريق استغرق عشرين دقيقة
يُغلق عند الخامسة والنصف ، فوصلا في الوقت المناسب
وبقي أمامهما ساعة كاملة
استلما ثلاث عيدان بخور مجاناً ودخلا
لم يقتصر الأمر على يي شي—بل لي روي أيضاً كان يقدّم
أمنيته ، فإلا لماذا أصرّ بهذا الشكل على المجيء ؟
هذا المعبد مشهور بتحقيق الأمنيات المتعلقة بالحب ،
وقد بدا لي روي في هذه اللحظة صادقاً مخلصاً بكل جوارحه ،
بلا أي أثر لتهكّمه السابق — وكأن روحاً من أرواح الخرافات
تلبستّه تماماً ،
رؤيته على هذا الحال جعلت يي شي يبتسم
بالطبع كان يعرف من يُعجب لي روي
وفي مثل سنهما ، إن كان يي شي قد أحبّ باي يو ،
فمن الطبيعي أن يكون لي روي—وهو شاب هادئ لطيف—يُعجب بأحد أيضاً
لكنّهما كانا نقيضين تماماً ——
إعجاب يي شي بباي يو كان كعشب بري ينبت في الظلال—
خجول إلى درجة لا يجرؤ فيها على إصدار همسة
أما لي روي ، فهو عاشق متهوّر ، من النوع الذي يقع في
الحب من النظرة الأولى بشاب وسيم غريب ،
ثم يبحث عن المدرسة التي يرتادها ،
ويعترف له خمس مرات خلال عامين ،
يفشل دائماً… لكنه يواصل
ذاك المسكين أُنهِكَ منه إلى درجة أنه لم يعد حتى يجادل
في كونه مستقيماً—واكتفى بالقول :
“ شكراً… لكنني أرفض "
ومع ذلك ، حين رآه يي شي الآن واقفاً أمام البوذا وهو يصلّي
بإخلاص ، شعر ببعض الغيرة
فلي روي لم يكن مخطئاً —الحب الصامت لا يقود إلى شيء ،
سواءً نجح في النهاية أم لا ، فقد ترك على الأقل انطباعاً قوياً
فذات يوم ، سيذكر ذلك الشخص شاباً يقف تحت المطر
المنهمر ، ممسكاً بالبالونات والورود ، يعترف له بحبه
أما باي يو— فحتى الآن ، لم تتجاوز انطباعاته عن يي شي
كونه : ' ذلك الأخ الصغير المزعج لصديقي '
كان لي روي يتمتم بلا توقف ، يروي للبوذا كل ما يخص
حياته العاطفية ، ويتوسّل أن يمنّ عليه بأن يصبح معجبُه
شريكَه — وقد كرّر الطلب نفسه ما لا يقل عن ثماني مرات
وحين رفع رأسه أخيراً ، رأى يي شي لا يزال يحدّق في
التمثال ، شارد الذهن ،
وعود البخور في يده لم يُشعل بعد ، فضلاً عن عدم تقديمه
: “ ما الذي تفعله ؟” غرس لي روي عود البخور في المجمرة
وسأل باستغراب : “ لقد جئنا إلى هنا بعد كل هذا العناء ،
فلماذا تسرح بخيالك ؟
أسرع وقدّم أمنيتك لنتمكّن من العودة .”
بدا يي شي شارد الملامح
تردّد قليلاً ثم سأل لي روي : “ ما نوع الأمنية التي يفترض أن أطلبها ؟”
كان لي روي على وشك أن يقول : وكيف لي أن أعرف ؟
لكن يي شي تابع قائلاً —
“ إن تمنّيت الجنس مع باي يو لمرة واحدة فقط …
هل هذا كثير ؟
هل سيصعقني البوذا ؟”
وحتى ملامحه الجامدة المعتادة بدأت تتصدّع
تجمّد لي روي بدوره لثانية
“ هاه…” حكّ رأسه بحرج : “ صحيح…”
فطلب أمنية جريئة فاضحة كهذه في معبد بوذي مقدّس—
من يدري إن كان سيُعتبر ذلك إساءة ؟
تأمّل يي شي عود البخور بين أصابعه وقال ببطء :
“ أما أن أتمنّى أن تبدأ علاقتي مع باي يو بسهولة …
فهذا شيء لا أصدّقه أنا حتى ، فكيف يصدّقه البوذا ؟
الأمر يشبه شراء تذكرة بثلاثين يواناً وتمني ربح ثلاثين مليون ،
لن يكلّف نفسه حتى الاستماع لي .”
تبادل الاثنان النظرات
وأحسّ لي روي أن كلام يي شي منطقي لدرجة جعلته يعيد
التفكير في أمنيته هو أيضاً
قال لي روي: “ انسَى الموضوع ،
فقط تمنَّى أن تتاح لك فرص أكثر للاقتراب من باي يو "
ثم نظر إلى الساعة — المعبد على وشك الإغلاق— فدفع يي
شي إلى الأمام قائلاً :
“ باي يو شخص لطيف جداً ، عليك فقط أن تتعرض للسرقة
في الطريق الذي يمر به عادةً ، وسيتدخل لينقذك كالبطل ،
بعدها يمكنك أن ترتمي بين ذراعيه ، ثم… هيهيهي.”
رأى يي شي أن لي روي يتفوّه بكم هائل من الهراء—
{ لا عجب أن الشخص الذي يعجب به لم يقبل اعترافاته أبداً
فمع هذا القدر من الثرثرة ، من ذا الذي سيأخذ مشاعره على محمل الجد ؟ }
ولكن لم يرغب يي شي في التأخير أكثر ،
تقدّم وأشعل عود البخور في يده ،
ثم أغمض عينيه ، وضمّ راحتيه معاً
وفي هذه اللحظة الهادئة ، تمنى أمنية صامتة أمام البوذا :
{ أتمنى أن لا يكرهني باي يو …
أتمنى ألّا أكون في عيني باي يو ذلك الفتى البغيض المقيت ،
الذي دمّر هو ووالدته حياة عائلة تشنغ يانغ …
كل ما أريده هو أن يُنظر إليّ كطالب أصغر عادي
هذا وحده يكفي ….
وحين اقترب من باي يو مستقبلاً — لن أشعر عندها
بالخجل والقلق الشديدين … }
مجرد التفكير بأن باي يو قد يحتقره في الخفاء كان يشعره
وكأن عظمة عالقة في حلقه
انحنى يي شي ثلاث مرات بإخلاص ،
ثم مد يده ليضع عود البخور باحترام في المجمرة أمام البوذا
ارتفعت خيوط رقيقة من الدخان إلى أعلى
وكان لا يزال بعض السيّاح يتجولون في القاعة
لكن للحظة ، بدا كل شيء من حوله صامتاً تماماً
لم يسمع أي صوت
ولكن ارتجفت يده قليلاً —- و عندها تساقط بعض ذرات الرماد على ظهر يده
“ ااههخ —”
تألّم يي شي قليلاً ، لكنه حين التفت إليه لي روي ، هزّ رأسه موحياً بأنه بخير
بعد أن قدّما البخور وتمنّيا أمنياتهما ، وجدا الكشك
المخصّص لبيع تعاويذ زهر الخوخ المباركة ،
فاشتريا واحداً لكل منهما
يُسمح لكل شخص بواحدة فقط
التعويذة داخل كيس من الحرير الوردي ، مطرّز باسم
المعبد وزهور الخوخ
ومعها شهادة تؤكّد أنها مباركة وليست مزيّفة
ألقى يي شي نظرة حوله
صحيح أنه لا يزال يشكّ في فاعلية التعويذة ، لكنه — مثل
لي روي—وضعها بجدية في جيبه
وبحصولهما على التعاويذ ، انتهت رحلتهما إلى المعبد رسمياً
المعبد على وشك الإغلاق — خرج يي شي ولي روي ، وكلّ
منهما يمسك بآيس كريم ، وسارا ببطء في الطريق الجبلي
المتدرّج نحو الأسفل
هبّت نسمة رقيقة من جهة ما، تحمل معها عبق أزهار
الخوخ المنتشرة حديثاً ، تلامس كتفيهما بخفة
شمّ لي روي الهواء وتمتم:
“ أوشكنا على دخول شهر أكتوبر…”
همهم يي شي بهدوء: “ همم "
في العادة لا يتوقف الاثنان عن الكلام —- يي شي قد يبرد مع
الآخرين ، لكنه يجيب لي روي دائماً ،
وفي طريقهما إلى أعلى الجبل كانا صاخبين ، يتحدثان عن
الألعاب الجديدة والفعاليات القادمة للمانهوات
لكن منذ نزولهما من المعبد ، خيّم عليهما صمت غريب ،
يلعقان الآيس كريم بلا تركيز ، وكأن أفكارهما مشغولة بشيء آخر
وحدها تعاويذ زهر الخوخ المعلّقة في حقائبهما تتأرجح مع
خطواتهما ، تخفي تحت اهتزازها قلق الشباب
حتى بعد عودتهما إلى المدرسة بقيا هادئين ،
لكن أمراً غير متوقّع حصل حين توقّفا للأكل خارجاً —-
ربّت لي روي على كتف يي شي وهمس :
“ انظر—أليس ذاك أخاك ؟”
تجمّد يي شي والتفت
و بالفعل — كان يجلس عند طاولة ضيقة في المطعم
الصغير… تشنغ يانغ
رفع يي شي نظره تلقائياً إلى المقعد المقابل
وللأسف ، كان خالياً
تشنغ يانغ جالس وحده
الشخص الذي تمنّى يي شي أن يراه لم يكن هناك
قال لي روي بضيق وهو يدفع بخفة في ظهره :
“ يا للصدفة السيئة ، هل نذهب لمكان آخر ؟”
فكّر يي شي لحظة : “ لا داعي "
فالمطعم قريب من المدرسة—ليس غريباً أن يلتقوا بتشنغ يانغ
رغم أنهما كانا يتشاجران دائماً وهما صغيران ،
إلا أن طباع ومزاج تشنغ يانغ هدأت في السنوات الأخيرة ،
بات يكتفي بالسخرية الباردة من يي شي دون أن يفتعل شجارات
يي شي: “ لنبحث فقط عن أي طاولة شاغرة "
بينما هو عازم ألا يُضايق تشنغ يانغ، بدا أن الأخر قد لاحظه
و ربما بسبب الملل وهو يأكل وحده ، ظلّ ينظر يي شي بين الحين والآخر
شعر يي شي فوراً بأن الأمور لا تبشّر بالخير —
وبالفعل حصل ما كان يخاف منه ——-
أنهى تشنغ يانغ طعامه ، لكنه لم يغادر
بل نهض وتوجّه مباشرةً إلى طاولة يي شي
وبكل جرأة ، سحب الكرسي المقابل وجلس ،
من دون أدنى شعور بأنه يتطفّل
حدّق لي روي به في ذهول ، ولا يزال يمضغ قطعة جزر ،
ملامحه تملؤها الحيرة الكاملة
يي شي قد وضع أعواد الطعام جانباً ، حاجباه مقوّسان
قليلاً ، يحدّق في تشنغ يانغ بقليل من النفاذ صبر
لم يعرف أي عصب ضربه لـ تشنغ يانغ ليأتي ليتصرف كما
لو أنه يريد الشجار —
{ ربما يحاول إعادة ذكريات مشاجراتنا في الطفولة ؟ }
لو أراد تشنغ يانغ الشجار فعلاً، لم يكن يي شي خائفاً
لكن هذه مسألة عامة — إذا كانا سيتقاتلان ، فكان من
الأفضل أن يحدث ذلك في الخارج على الأقل
وقعت عين تشنغ يانغ على جبهة يي شي، حيث لا يزال
الجرح لم يلتئم تماماً
والحقيقة —— أن تشنغ يانغ لم يعرف سبب قدومه حتى ،
فهذا الصغير لم يكن يوماً أخاً مطيعاً بالنسبة له ،
و مجرد النظر إليه كان يغلي دمّه ،
لكن رؤية الجرح على رأس يي شي زاد من سوء مزاجه
حتى وإن كان الطلاب الصغار الذين تسببوا به قد عوقبوا
بالاعتذار الخطي والعمل التطوعي لشهر ، فإنه ما زال غاضباً
ارتعشت شفتا تشنغ يانغ وقال :
“ لماذا لم تلتئم الإصابة في جبهتك بعد ؟”
كان يي شي مستعداً تماماً للمواجهة ،
مستعداً لتثبيت تشنغ يانغ على الطاولة إذا تجرأ على البدء
بشيء —
لكن هذا السؤال فاجأه —-
أرخى قبضتيه اللتين قد شدهما دون وعي ،،
لم يعرف ما الذي يحاول تشنغ يانغ فعله ،،
عبس من الحيرة وقال :
“ ما شأنك ؟”
لم يستفز تشنغ يانغ ، لكن لم يكن يكن في كلامه أي مودة أيضاً
وكما توقع ، غضب تشنغ يانغ من موقفه الجاحد ونهض على الفور
توتر لي روي بجانبه ، وضع يده على الطاولة ،
مستعداً إذا ما قلب تشنغ يانغ الطاولة
أما يي شي، فاستند بهدوء إلى ظهر كرسيه، ذقنه مرفوع قليلاً ،
وعيناه الداكنة باردة وثابتتان
لم يكن هناك ودّ في نظره ، لكنه لم يظهر عداءً أيضاً—
كأن تشنغ يانغ مجرد غريب عابر
فجأة ، فقد تشنغ يانغ اهتمامه
“ انسَى الأمر ، ليس كما لو أني أهتم ،” تمتم ساخرًا :
“ باي يو قال لي ألا أستهدفك لأنك أُصبت وتبدو مثيراً للشفقة ،
من وجهة نظري ، أنت مجرد طفل مدلّل "
وبهذا ، استدار ومشى مبتعداً دون أن يلتفت
حتى وهو يرحل ، كان شعوره بالإحباط واضحاً ،
واصطدم بستارة الخيزران عند الباب ،
كان لي روي غاضباً ، لكنه لم يتمالك نفسه من الضحك عند رؤيته ذلك ، قال ساخراً :
“ هذا ما يستحقه "
ثم التفت إلى يي شي بارتباك :
“ أخوك مجنون تماماً ،
ألم تقل أن والدته جميلة وذكية للغاية ؟
كيف أنجبت ابنًا مثله ؟
ونعتك بـ المدلل !! بجدية ؟؟!!!
أما لم أرَى أحداً أكثر صلابة منك "
نظر يي شي إلى الطبق الأخضر الصغير أمامه ، ووجد تصرف
تشنغ يانغ غريباً أيضاً
بعد سنوات من الخصام ، كان الاثنان يعاملان بعضهما
البعض كأنهما غير موجودين لفترة طويلة ،
لكن خلال العامين الماضية ، ظل تشنغ يانغ يحاول جذب
انتباهه مجدداً
و أحياناً —- شعر يي شي… وكأن تشنغ يانغ يحاول عمداً بدء
الحديث — لكنه ببساطة لا يعرف كيف يتكلم كشخص طبيعي
لكن هذه الفكرة كانت مخيفة للغاية ، وفور التفكير بها
شعر بقشعريرة تملأ جسده ، فتجاهلها بسرعة
واصل لي روي:
“ لكن باي يو حقاً شخص جيد للغاية ،
لم يأخذك إلى المستشفى فحسب ، بل طلب من تشنغ يانغ
أن يتوقف عن مضايقتك ، كيف لهما أن يكونا أصدقاء ؟
لا يبدو أنهما يتفقان على الإطلاق ”
لمس شفتيه: “ لا عجب أنك مغرم به ،
هذا أمر مفهوم تماماً .”
كان باي يو يبدو وكأنه يشع نور القديس
وعند ذكر باي يو - ارتخت تعابير يي شي قليلاً ،
وحتى عينيه الباردة عادةً ظهرت فيهما لمحة ابتسامة ،
تمتم : “ إنه حقاً شخص جيد "
{ لو لم يكن باي يو رائعاً إلى هذا الحد ،
كيف يمكن أن أُعجب به إلى هذا الحد ؟ }
خلال طفولته البائسة ، كان باي يو الوحيد الذي يقرأ له
القصص قبل النوم ،
و في الليالي العاصفة ، كانت يد باي يو تلمس جبينه برفق ،
في تلك الأوقات ، وتحت ضوء دافئ ،
كان يي شي ينظر إلى باي يو ويظن — هذا الشخص مثل حلم بعيد المنال ….
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق