Ch13 BFIHTE
بعد العشاء ،
أوصل لي تينغيان لين تشي إلى منزله
وعندما وصلا إلى مدخل المبنى،
لم يُبدِ لين تشي أي إشارة تدل على رغبته في دعوته إلى الأعلى
لم يكونا عاشقين غارقين في الحب ،
لذا لم تكن هناك حاجة لتلك اللحظات المترددة عند الوداع
لكن بينما لين تشي يرفع حقيبته ،
انزلقت الحمالة فجأة ،
وانفتحت الحقيبة غير المُحكمة ،
فتناثرت محتوياتها على الأرض
“ اللعنة ...”
انحنى على عجل يلتقط أغراضه المتبعثرة
كانت حقيبته دائمًا مليئة بأشياء متفرقة :
نظارات شمسية ، دفاتر ، أقلام ، شوكولاتة ، غسول فم
تدحرجت زجاجة عطر صغيرة إلى شقٍّ جانبي دون أن ينتبه لها لين تشي ،
لكن لي تينغيان مدّ يده والتقطها له
وعندما رفع زجاجة العطر ،
وجد معها تذكرتين سقطتا على بساط السيارة
سأل وهو يرفعهما :
“ ما هذه ؟”
كانتا تذكرتي عرض مسرحي
باللون الأحمر ،
تشبهان شرائط الأفلام ،
وعليهما عنوان مطبوع بحبر واضح :
[ القيد الذهبي ]
“ آه، هاتان؟” رفع لين تشي حاجبه
لقد انتهى تقريبًا من جمع أغراضه ،
ووضع حقيبته المنتفخة على فخذيه
أخذ التذكرتين من يد لي تينغيان بلا اكتراث
: “ نادي المسرح في جامعتنا سيقدّم مسرحية الأسبوع القادم .
وبما أن عدد من الممثلين الرئيسيين سيتخرجون ،
رتّبنا عرضًا كبيرًا على نحو خاص .
استأجرنا قاعة الجامعة ،
وطبعنا تذاكر لجعل الأمر أكثر رسمية ،
ودعونا عدد لا بأس به من الناس للمشاهدة .”
لوّح لين تشي بالتذكرتين أمام لي تينغيان بنبرة مازحة ،
وكان اللون الأحمر يعكس وهجًا خافتًا تحت الضوء ،
يلقي لمحة قرمزية على وجهه الأبيض
“ هذه تذاكر مجانية للممثلين الرئيسيين ،
لندعو بها أصدقاءنا
هل ستأتي ؟”
كان صوته مرحًا ،
يعلم أن لي تينغيان على الأرجح — مشغول جدًا ليأتي لمشاهدة عرض طلابي
لكن نظر لي تينغيان ظلّ معلقًا على التذكرتين ،
وسأل :
“ وأي دور تؤدي ؟”
ابتسم لين تشي : “ الابن الثالث، جيانغ جيزي …
ذلك الوغد الذي يخدع مشاعر تساو تشيتشياو ”
تنهد بخفة ، وكأنه مستسلم للأمر :
“ لا أعلم لماذا لم يمنحوني دورًا أكثر استقامة ”
ضحك لي تينغيان
كان يستطيع فهم تفكير أعضاء نادي المسرح
حتى وإن لم يكن مطابقًا تمامًا للوصف الأصلي ،
فإن مظهر لين تشي وحده
كفيل بأن يجعل الجمهور يفهم
كيف استطاع الابن الثالث أن يغرق في الأوهام وسط الحنان،
وكيف اصطفّ الناس ليحبوه
أخذ لي تينغيان إحدى التذكرتين من يد لين تشي
لم يقدّم وعدًا صريحًا،
فهو غير متأكد إن كان سيجد الوقت في ذلك اليوم
فقال :
“ سأحاول أن آتي ”
ارتسمت على وجه لين تشي ابتسامة خبيثة ،
ومدّ يده يلمس وجه لي تينغيان مازحًا :
“ لا داعي لأن تحاول بهذه الجدية .
إنه مجرد عرض صغير .
ليس كأنني أصعد منصة أسبوع ميلانو للأزياء .”
لكن بعد أن قال ذلك ،
دفع لي تينغيان جانبًا ببرود ،
وحمل حقيبته على كتفه ،
ثم نزل من السيارة دون أن يلتفت
دخل المبنى من غير أن يدير رأسه ،
واكتفى برفع يده ملوّحًا للي تينغيان
راقب لي تينغيان ظهره وهو يبتعد ،
وارتسمت ابتسامة على وجهه
خفض نظره إلى تذكرة العرض الحمراء في يده ،
مصمّمة كصورة قديمة ،
كروحٍ قانية داكنة ،
تستقرّ بخفة في كفّه
وضع التذكرة في الجيب الداخلي لمعطفه
——-
في الحقيقة ،
لم يتوقع لين تشي حقًا أن يأتي لي تينغيان
لديه كثير من الأصدقاء ،
وحتى من قسمه حضر كثيرون لمشاهدة عروضه ،
كان يتحرك كفراشة بين الناس ،
والآن وقد أصبح في سنته الأخيرة ،
كان كثيرون يدعونه ، علنًا أو سرًا ، إلى العشاء
لكن في الآونة الأخيرة ،
كان مشغولًا بالعمل ،
فلم يقبل جميع الدعوات ،
بل وخفّف حتى من لقاءاته مع لي تينغيان
ومع ذلك،
في يوم العرض،
ظهر لي تينغيان فعلًا بين الجمهور ——
كان لين تشي قد أعطاه تذكرة في منتصف الصف الرابع ،
وهو أفضل مقعد في المسرح بأكمله
وقبل صعوده إلى الخشبة ،
ألقى نظرة سريعة على القاعة
كان المقعد المخصّص للي تينغيان فارغًا بوضوح
لم يشعر بخيبة أمل؛
كان قد توقّع ذلك
لكن بعد أن أنهى استعداداته الأخيرة ،
وصعد إلى المسرح مع بقية الممثلين ،
أضاءت الأضواء الخافتة الخشبة ،
وأضاءت معها وجهه الملطّخ بالمكياج الثقيل
ألقى نظرة أخرى على الجمهور ،
فرأى بوضوح لي تينغيان جالسًا في مكانه ،
على المقعد الذي كان فارغًا قبل قليل
وعندما لاحظ لي تينغيان نظرته ،
رفع زاويتي فمه بابتسامة خفيفة
لين تشي { لقد جاء فعلًا…} حرّك المروحة القابلة للطي في يده برفق ،
لكن المسرحية قد بدأت بالفعل ،
وسرعان ما انصرف تركيزه عن الجمهور في الأسفل
تابع لي تينغيان العرض على الخشبة بانتباه
لقد شاهد “القيد الذهبي” من قبل
عرض أدّاه ممثلون معروفون في الوسط المسرحي ،
وأخرجه مخرج بارز ،
حتى إن تشن بايشانغ ،
التي أدّت دور البطولة النسائية ،
كانت قد فازت بجائزة زهرة البرقوق
وبالمقارنة مع ذلك الإنتاج ،
لم يكن هذا العرض سوى عمل طلابي ،
أو، في أحسن الأحوال ،
عرض مسرحي هاوي ،
بدا عليه بعض الافتقار إلى الخبرة
ومع ذلك،
ظلّ نظر لي تينغيان ثابتًا على لين تشي،
الذي جسّد دور الابن الشاب جيانغ
من عائلة جيانغ
في هذه المسرحية ،
كانت تساو تشيتشياو بلا شك هي البطلة ،
أما جيانغ الشاب الذي أدّاه لين تشي ،
فلم يكن سوى أحد الأدوار الثانوية الصغيرة
لكن لي تينغيان شعر بوضوح أن أجواء القاعة سخنت قليلًا
ما إن ظهر لين تشي على الخشبة
الحضور من حوله في الغالب —- طلاب ،
وسمع همسات خافتة ،
وأصوات إعجاب مكتومة
رجالًا ونساءً على حدّ سواء
لم يستطع لي تينغيان إلا أن يلقي نظرة حوله ،
ورفع حاجبيه باهتمام
إلى جانبه ،
توجد عدة فتيات يتهامسن بصوت منخفض :
“ أليس هذا الطالب الأكبر من قسم الإخراج ؟
في السنة الرابعة ؟
يبدو مناسبًا جدًا لهذا الدور .”
“ نعم، هو نفسه .
تمت دعوته خصيصًا في عرض المدرسة العام الماضي .”
“ هل لديه حبيبة ؟”
“ لا أدري ،
لكنه لا يبدو أعزبًا .”
ومع هذه الكلمات ،
ارتفعت فجأة بعض التنهيدات من حولهم
هزّ لي تينغيان رأسه ،
ولم يتمالك نفسه من الابتسام
عاد بنظره إلى لين تشي
كان يفهم تمامًا مشاعر الطلاب من حوله
في القصة الأصلية ،
كان جيانغ جيزي نموذجًا فاضحًا لزير النساء ،
منغمس في الملذات ،
في الشراب والقمار وكل شيء آخر ،
من دون ذرة إخلاص
ومع ذلك،
تمكّن بطريقة ما من أسر قلب تساو تشيتشياو
ليصبح مرساها العاطفي الوحيد
لكن ما إن ظهر لين تشي ،
حتى فكّر لي تينغيان،
وهو يسند رأسه إلى يده،
بشيء من اللامبالاة،
وبقدر من عدم المسؤولية :
{ لو كان جيانغ جيزي يملك فعلًا ملامح لين تشي ،
فلن يبدو وقوع تساو تشيتشياو في حبه
أمرًا غير مبرر إلى هذا الحد }
كان لين تشي يرتدي سديري رمادي
فوق قميص أبيض ناصع ،
وقد رفع الأكمام قليلًا ،
كاشفًا عن ساعة ذهبية في معصمه
شعره الأسود الفاحم مصفّف بعناية ،
ووجهه مغطّى بالمكياج ،
يجسّد صورة فتى مستهتر
من رأسه حتى قدميه
لكن عينيه ،
وهما تتنقلان بخفة نحو تساو تشيتشياو عبر الطاولة ،
كانتا مفعمتين باللين والمودّة
أرخى معصمه ،
وأمسك فنجان شاي صغير ،
وبدأ يمازح زوجة أخيه عبر الطاولة
بأسلوب خفيف ،
فظّ قليلًا ،
غير مهتهم بالأعراف الاجتماعية
ومع ذلك ،
كانت تلك النظرة العاطفية
كخيوط عنكبوت ،
مثبّتة بإحكام على البطلة
وانحنت شفتاه بابتسامة خفيفة،
تبدو شاردة ،
لكنها تحمل إغواءً خفيًا
من يراه ،
لا يملك إلا أن يُفتن به
وخاصة تساو تشيتشياو
لم يستطع لي تينغيان إلا أن يفكّر
{ لدى لين تشي موهبة حقيقية في التمثيل …
وبالمقارنة مع بعض الممثلين الشباب
ذوي الأداء المبالغ فيه في الوسط الفني اليوم ،
بدت طريقة لين تشي
أكثر طبيعية واندماجًا مع الدور }
لقد سمع لين تشي يذكر من قبل
أنه، إلى جانب عرض الأزياء ،
شارك أيضًا في أدوار صغيرة في مواقع التصوير —
ليست أدوار للوقوف كخلفية صامتة ،
بل أدوارًا نطق فيها ببضع جُمل
و قد أُتيحت له لاحقًا
فرصة لأداء دور البطولة الثانية في مسلسل ويب
لكن، وللأسف ،
كان منتج ذلك العمل
ذو نوايا غير نزيهة ،
ولمّح له بمناقشة النص في غرفته عندما جاء لاختبار الأداء
وبطبع لين تشي،
ضربة واحدة كانت كافية لأن تطيح بفرصته الجيدة كالبطل الثاني
لحسن الحظ ،
لم يكن لين تشي يهتم كثيرًا بالأمر ،
بل كان يمزح بشأنه حتى على مائدة الشراب
“ في الحقيقة — أفضل عرض الأزياء على التمثيل .
المشي على منصة العرض يناسبني أكثر .”
لكن الآن ،
وهو يراقبه على خشبة المسرح ،
ويصفّق ببطء مع الجمهور ،
لم يستطع لي تينغيان
إلا أن يتساءل :
{ لو أُتيحت للين تشي فرص أكثر ،
ولو أن مظهره اللافت
لم يجلب له كل هذا القدر من المتاعب
أو لو أنه استطاع فقط
أن يُنزل حذره قليلًا
كيف سيكون وضعه الآن ؟
وكم من الناس سيشهدون على سحره المتلألئ ؟ }
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق