Ch17 BFIHTE
رغم أن يي فنغشان كان ذا طبعٍ مستهتر ،
إلا أنه موثوق في عمله ،
بعد نصف شهر ، تلقى لين تشي مكالمة من وكيلة أعماله
كان صوت هوو يونينغ يرتجف من شدة الحماس
تقف في شارع بدأ يبرد قليلًا ،
تنتظر سيارة أمام مركز تسوق
وأمامها مباشرة لوحة إعلانية عملاقة ،
يعرض فيها عارض بملامح باردة وحادة ،
مستلقيًا على الحرير ،
يستعرض ساعة يد مرصعة بالألماس
قالت له:
“ لين تشي لن تصدّق من الذي اتصل بي اليوم "
لقد تلقت اتصالًا من شركة SEN،
وكانت المتحدثة معها تانغ شياويو —
أقوى مساعدة مدير عام في SEN
كانت واضحة ومباشرة في هدفها
: “ أعتقد أنكِ تتذكرينني ،،
التقينا آخر مرة في حفل أزياء TR.”
بالطبع هوو يونينغ تذكّرتها
لكنها دخلت الحفل بواسطة صديقة تعمل محررة
في مجلة أزياء ،
بينما كانت تانغ شياويو ضيفة مدعوة
لم تكونا على المستوى نفسه إطلاقًا.
: “ نعم، أتذكرك ،،
هل لي أن أعرف سبب تواصلكِ معي؟”
في تلك اللحظة لم تجرؤ حتى على التفكير
بأن حظًا سماويًا قد سقط عليها،
بل بدأت تسترجع بجنون إن كانت قد أساءت
للطرف الآخر
منطقيًا
لم تفعل
كل ما في الأمر
أنها التقت بها مصادفة في دورة المياه ،
وقدّمت لها لصقة جروح لإصبعها النازف ،
ثم تجرأت أخيرًا وأعطتها بطاقة أعمالها
لا يعقل أن يسبب هذا مشكلة
فكرت هوو يونينغ طويلًا
لكن تانغ شياويو ضحكت وقالت:
“ عدتُ ونظرتُ في سيرتكِ الذاتية ،
ووجدت أعمالكِ مميزة جدًا
ما رأيكِ؟
هل تفكرين في الانتقال إلى SEN؟”
وهوو يونينغ — التي لا تزال تقف في الشارع ،
خفضت صوتها وصرخت بحماس
في الهاتف مع لين تشي:
“ SEN!
أنا مصدومة !
يا إلهي !
هل يُعقل أن البخور الذي أحرقته مؤخرًا في معبد قصر السماء قد نفع؟!
كيف لاحظوني SEN أصلًا ؟!”
قفزت عدة مرات في الشارع،
غير مهتمة بصورتها أمام الناس
ضحك لين تشي متفهمًا حماس هوو يونينغ
فـ SEN إحدى أكبر وكالات العارضين في البلاد ،
تأسست عام 2010 وتضم عدة عارضين من الطراز العالمي،
وتحافظ على تعاون وثيق مع كبار المخرجين والعلامات التجارية والمجلات الدولية
يكفي أن تقف في الشارع وترفع رأسك — فأي عارض في إعلان لدار فاخرة عالمية قد يكون من SEN
شركة بهذا البريق ،
مقارنتها بوكالتهم الصغيرة من الدرجة الثالثة،
يشبه مقارنة المدينة المحرّمة بمنزلٍ متهالك
قال لين تشي بصدق :
“ مبروك "
صوت هوو يونينغ يفيض سعادة :
“ بل مبروك لك أنت أيضًا !
SEN يريدون التوقيع معك
لا عجب أن تانغ شياويو من كبار الوكلاء
قالت إنها راجعت عارضي شركتنا،
ولم تجد سواك يملك موهبة حقيقية .
وترى أن بقاءك في شركتنا الحالية إهدار ،
لذا سنوقّع مع SEN معًا!”
كادت هوو يونينغ تغرق تحت هذا الحظ الذي نزل عليها
دفعة واحدة
قفزت هوو يونينغ على الرصيف مجدداً ،
من شدة الفرح حتى إنها لم تعد تعرف ماذا تفعل بنفسها
لكن لين تشي —- عبس بحاجبيه
لسببٍ ما،
شعر بوخز غريب في قلبه :
“هم…
يريدون التوقيع معي أيضًا ؟”
: “ نعم ،، يرون أن لديك مؤهلات ممتازة ،
وأنهم راضون جدًا عن أعمالك الإعلانية السابقة
وجلسات التصوير .”
هوو يونينغ
وجدت الأمر طبيعيًا تمامًا ،
بل شعرت بشيء من الفخر
فهي التي ربّت لين تشي بيديها ،
وكيف لا تعرف مستواه ؟
خطواته على المنصة ،
أداؤه في الإعلانات ،
فهمه لنية المصوّر وقدرته على تجسيدها ،
كلها كانت ممتازة
قالت محذّرة : “ لا تقل لي إنك متردد ؟
لين تشي، لا تكن أحمق !
هذه فرصة لا تأتي إلا مرة واحدة في العمر .
شركتنا الحالية لا تملك شيئًا .
صراعات داخلية لا تنتهي ،
وتوزيع الموارد غير عادل ،
ولا وجود لمنافسة نزيهة أصلًا ،
لا تجنّ الآن وتبدأ بالحنين .”
ضحك لين تشي بشيء من العجز
لم يكن بهذه السذاجة
ثم إن الارتباط العاطفي بشركتهم الحالية
لم يكن كبير أصلًا
: “ أعرف يا آنسة هوو —- ألم نتفق ؟
أينما تذهبين ، أذهب .
ليست لدي طموحات عظيمة .
أشيري فقط إلى الطريق ،
وسأتبعك.”
: “ هكذا أحبك.” ضحكت هوو يونينغ بارتياح.
وعندما اقتربت سيارة الأجرة ،
قالت على عجل:
“ حسنًا ، يجب أن أذهب السيارة وصلت .”
أغلق لين تشي الهاتف ،
نظر إلى الوقت،
حمل حقيبته،
وعاد إلى القاعة الدراسية
لكن أثناء استماعه لشرح الأستاذ ،
كان يدور القلم بين أصابعه،
وشعور الحيرة لا يفارقه
لم يكن عرض SEN سيئ
بل كان جيدًا أكثر من اللازم ——
{ جيد إلى حد يثير الشك }
كان لين تشي يعرف قدر نفسه جيدًا ،
ويعرف مستوى هوو يونينغ أيضًا
لم يكن متواضعًا زائفًا ؛
كان يعلم أن شروطه في هذا المجال ممتازة فعلًا ،
وأن المصورين الذين عملوا معه أشادوا به كثيرًا
لكن SEN شركة نخبوية،
تضم عدد لا يُحصى من العارضين الكبار
كيف يمكن أن يلاحظون هوو يونينغ
ولين تشي وهما اسمان ما زالا صغيرين نسبيًا؟
تذكر في ذهنه أعماله الأخيرة
أبرزها — عرضه الأخير في أسبوع الموضة المحلي ،
وجلسة تصوير لمجلة من الدرجة الثالثة
أو الرابعة
اسمها THREE
عبث بذقنه ،
وما زال يشعر أن هناك شيئًا غير صحيح
لين تشي لم يكن ممن يبالغون في التفكير
إذا وُجد سؤال ،
فالحل هو البحث عن جواب
بعد انتهاء المحاضرة ،
جلس عند سور الجامعة ،
تردد لحظة ،
ثم أرسل رسالة إلى لي تينغيان
يسأله إن كان متفرغًا
[ نعم ]
جاءه الرد بسرعة
و دون تردد —— اتصل لين تشي
تفاجأ لي تينغيان للحظة ،
أشار بيده إلى مساعده ،
ثم التقط الاتصال سريعًا
: “ مرحبًا ؟”
كان لين تشي يلف أربطة ملابسه حول إصبعه ،
و دون مقدمات
دخل مباشرةً في الموضوع:
“ لديّ خبر جيد اليوم ،
وأريد أن أحتفل به "
: “ وما هو؟”
: “ أنا ووكيلتي تلقّينا عرضًا من SEN
يريدون التوقيع معنا "
لم يشرح ما هي شركة SEN
متعمدًا أن يرى ردة فعل لي تينغيان
كرر لي تينغيان الاسم:
“ SEN؟
شركة عارضين ؟”
: “ نعم.
تُعد من أقوى الشركات في البلد .
تعرف ليانغ تشن أليس كذلك ؟
وشانغ شيويا؟
كلاهما مع SEN "
: “ أعرفهما ...” ارتفعت زاوية فم لي تينغيان قليلًا
كان يعلم منذ مدة أن لين تشي سيتلقى عرضًا من SEN،
لكن سماع نبرة الفرح في صوته الآن
جعله يشعر بالاطمئنان
“ مبروك ،،
خطوة جديدة في مسيرتك "
: “ شكرًا " ضحك لين تشي أيضًا،
لكن بعد تردد قصير ،
سأل :
“ لا أريد أن أبدو متكلفًا ،
لكن لا أستطيع منع نفسي من الشعور
أن هذه الفرصة … جيدة أكثر من اللازم .”
توقّف لحظة ،
ثم تابع بنبرة صادقة :
“ أنا مجرد عارض صغير ،
ووكيلتي هوو يونينغ لم تحقق إنجازات كبيرة بعد ،
رغم أنها مجتهدة وممتازة فعلًا
لماذا تهتم بنا SEN فجأة ؟”
خفّف صوته ،
كأنه يضغط على السؤال :
“ الانضمام إلى SEN…
هل لك يد في هذا … لي تينغيان؟”
لم يرمش لي تينغيان حتى و أنكر الأمر بسهولة تامة :
: “ ليس أنا "
ثم ضحك وقال:
“ لين تشي شركتي لا علاقة لها بعالم الأزياء ...
حتى لو أردت المساعدة ،
فلن أكون قادرًا ...
هذا إنجازك أنت .”
لم يكن يكذب تمامًا
قبل أيام —- كان يي فِنغشان
قد أخبره أن تانغ شياويو من SEN
لاحظت لين تشي منذ ظهوره السابق على غلاف مجلة THREE
تانغ شياويو صديقة قديمة لرئيس تحرير المجلة وكانت حاضرة خلال جلسة التصوير
لفت لين تشي انتباهها حينها ،
وطلبت سيرته لاحقًا
حتى لو لم يتدخل يي فِنغشان،
كانت نية الاستقطاب موجودة أصلًا
في الحقيقة — هوو يونينغ هي من استفادت من هذا الظرف أكثر
فقد كانت تانغ شياويو
مترددة بشأن التوقيع معها ،
لكن بعد طلب يي فِنغشان — وافقت بابتسامة
لذا لم يشعر لي تينغيان بأي ذنب
وهو يقول هذه الكلمات
أما لين تشي —- فلم يبدُو مقتنعًا تمامًا
كان يعرف أن أعمال لي تينغيان تتركز في العقارات والطاقة ،
لكن…
وماذا في ذلك ؟
بالنسبة لشخص بثروته ونفوذه ،
مساعدة عارض صغير مثله أمر تافه
و بصراحة —- حين بحث عن خلفية لي تينغيان وثروته أول مرة ،
صُدم
لكن بالضبط لهذا السبب لم يظن أبدًا أنه مهم إلى هذا الحد
كان يرى نفسه مجرد علاقة عابرة ،
قائم على الإعجاب بالجمال فقط ،
تبادل منفعة ،
لا أكثر
وشخص مشغول مثل لي تينغيان،
كيف له أن يهتم بمستقبل عارض صغير؟
تنهد لين تنهيدة راحة : “ حسنًا ،،، ربما بالغت في التفكير.”
ومع تخيّله
للعقد الذي سيوقعه قريبًا ،
عاد صوته مرحًا :
“ كنت أسأل فقط ،
دون أي نية أخرى .
كما قلت ،
مسيرتي أصلًا في صعود ،
ولا أحتاج لمساعدة أحد .”
صوت لي تينغيان لطيفًا :
“ أفهم "
ساد الصمت للحظة قصيرة على الخط
شهر نوفمبر قد حلّ،
والطقس في الشوارع أصبح بارد
الناس التفّوا بمعاطف ثقيلة
أما لين تشي ،
وبحكم ولعه بالمظهر ،
فكان لا يزال يرتدي ملابس خفيفة ،
يُظهر عظمتي ترقوته ومعصميه النحيلين ،
ولا يحيط عنقه سوى وشاح أخضر ضيق ،
يخفي تفاحة آدم بالكاد
عبث بهاتفه ، يريد أن يقول شيئًا آخر للي تينغيان،
لكنه لم يعرف ماذا
انطلق بوق سيارة قريب ،
صوت حادّ يشقّ الضجيج
و وسط الزحام ،
سمع لي تينغيان يسأل :
“ هل أنت متفرغ بعد بضعة أيام ؟
ما رأيك أن نخرج للاحتفال ؟”
ارتفعت زاوية فم لين تشي قليلًا :
“ نحتفل بماذا ؟”
إشارة المرور قد تحولت إلى الأخضر ،
لكنه لم يتحرك
الناس من حوله عبروا الممر بسرعة ،
أما هو فبقي عند زاوية الشارع
قال لي تينغيان بصوت هادئ ،
وكان المكان عنده ساكنًا لدرجة أن صوته بدا أوضح :
“ نحتفل بتقدّم مسيرتك ،
وبلقائك مرشدك .
وفوق ذلك…
أليس عيد ميلادك قريب ؟”
في هذه اللحظة —-
شعر لين تشي كأن السمع قد انقطع لثانية كاملة
: “ كيف عرفت؟”
كان عيد ميلاده في الثالث والعشرين من نوفمبر ،
وبالفعل قريب جدًا
لكنه كان متأكدًا أنه لم يخبر لي تينغيان به
لي تينغيان:
“ رأيت بطاقة هويتك ،
ومرة تركت سيرتك الذاتية على السرير ،
وكان تاريخ ميلادك مكتوب .”
آه…
لمس لين تشي أنفه
هذا تصرّف يشبهه فعلًا ،
ترك أشياءه في كل مكان
فليس غريبًا أن يراها لي تينغيان
{ لكن رؤيته لها شيء ،
وتذكّره بهذا الوضوح شيء آخر …. }
لم يستطع إلا أن يضحك
ثم سمع لي تينغيان يسأله بجدية :
“ هل تريد أن نقضي عيد ميلادك معًا ؟”
هذه المرة ،
ضحك لين تشي فعلًا
بسبب جدية السؤال ،
وكأنه موعد مهم يجب ترتيبه مسبقًا
{ يا له من أمر طريف }
نظر إلى تقويمه ،،
هو لا يحب الاحتفال بعيد ميلاده ،
و قد رفض دعوات أصدقائه
رغم حبه للضجيج،
إلا أنه لا يفضّل الاحتفالات الصاخبة في هذا اليوم
ابتسم وقال:
“ إذا كنا نحن الاثنين فقط ،
فلا بأس ...
لا أحب حفلات عيد الميلاد المزدحمة .”
بعد أن أنهى المكالمة ،
لاحظ أخيرًا أن مطرًا خفيفًا بدأ يهطل ،
وتبلل شعره قليلًا
هبّت رياح باردة ،
وبملابسه الخفيفة لم يستطع إلا أن يرتجف
تحولت الإشارة إلى الأخضر مجدداً ،
فركض مسرعًا عبر الشارع
في الجهة المقابلة ،
يوجد متجر كعك يبيع شاي الحليب الساخن
وكعك التين الطازج
عادةً لا يدلّل نفسه ،
لكن ربما لأنه كان في مزاج جيد ،
اشترى واحدة
تمتم وهو يضحك :
“هوو يونينغ ستوبخني لو عرفت ”
و أخذ قضمة كبيرة …
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق