Ch18 BFIHTE
في الثالث والعشرين من نوفمبر،
يصادف يوم خميس ،
ذهب لين تشي إلى الجامعة كعادته ،
طوال اليوم لم يتوقف هاتفه عن الاهتزاز ،
رسائل تهنئة بعيد ميلاده ،
من وجوه مألوفة وأخرى بالكاد يتذكرها
الآنسة هوو يونينغ كانت خارج المدينة ،
ولم تتمكن من تهنئته شخصيًا ،
لكنها أرسلت له هدية من الأحذية الرياضية
[ مبروك عيد ميلادك الثالث والعشرين .
أصبحت بالغًا رسميًا الآن .
استمر في العمل بجد في المستقبل ]
ابتسم لين تشي ابتسامة خفيفة ،
وردّ عليها :
[ شكرًا ]
ثم ردّ على بقية الرسائل واحدة تلو الأخرى،
وألقى هاتفه جانبًا،
وعاد يركز على دروسه
كانت هذه المادة الاختيارية تقترب من نهايتها
وهي آخر مادة تحدد تخرجه
الاختبارات قريبة ،
والرسوب لم يكن خيارًا مطلقًا
⸻
في الجهة الأخرى ،
وعلى بُعد أميال ،
كان لي تينغيان يجلس في نادٍ خاص مع أصدقائه ،
يشربون الشاي بهدوء
لم يكن الطقس جيدًا اليوم ،
لكن ذلك لم يؤثر على تجمعهم
كان لي تينغيان قد رفض دعوات تشو مو مرات عديدة من قبل ،
لكن هذه المرة لم يستطع الاعتذار
زوجته تشاو آن تشن كانت تحضر معرضًا
مع أصدقاء جدد تعرفت عليهم ،
ولم تكن موجودة
وصديق متزوج آخر ،
هوو يين — كان مسافرًا إلى الخارج مع زوجته
لذا تكوّن تجمع اليوم من : لي تينغيان،
وتشو مو ويي فنغشان وشخص آخر يُدعى هوو يونزي
هوو يونزي قد عاد للتو من الخارج ،
ويكرّس نفسه حاليًا لأعمال حماية البيئة،
ولا يهتم بأعمال العائلة في الوقت الراهن
كانوا جميعًا زملاء دراسة في المرحلة الثانوية
رغم أن طرقهم تفرقت لاحقًا، إلا أن علاقتهم
بقيت متينة
ما إن وصل لي تينغيان، حتى أحاط به الجميع وبدؤوا
يسألونه عن حياته العاطفية مؤخرًا
يي فنغشان لا يعرف الكتمان وسرعان ما أفشى كل ما حدث
بين لي تينغيان ولين تشي
وهكذا عرف الجميع أن لي تينغيان
لديه شاب وسيم إلى جانبه،
ويبدو أنه استحوذ على قلبه
تشو مو كان أيضًا ضمن من يحققون معه ،
وبدا راضيًا جدًا عن نفسه ،
كمن يثبت أنه كان أول من عرف الحقيقة
حدّق لي تينغيان فيه بصمت
منذ أن تزوج — أصبح تشو مو أكثر لطفًا
يرتدي اليوم سترة صوفية رمادية ناعمة ،
ونظارة بإطار فضي ،
وفي معصمه ساعة باتيك فيليب اشتراها
خلال شهر العسل مع تشاو آن تشن
تشو مو :
“ أنتم جميعًا أغبياء ،،
ذلك الشاب ترك فيّ انطباعًا عميقًا .
وسيم ، وحيوي جدًا ،
حتى آن تشن سألتني عنه لاحقًا وأرادت من تينغيان أن
يحضره لزيارتنا — لكن تينغيان رفض .”
ثم ألقى تشو مو نظرة عتاب خفيفة نحو لي تينغيان،
و أضاف بسخاء :
“ لكنني أفهمه ... من لا يريد مساحة خاصة
حين يكون واقعًا في الحب ؟
كنت هكذا أيضًا مع آن تشن.
وفوق ذلك،
أظن أن من الجيد أن يجد تينغيان شخصًا أصغر سنًا
ومشرقًا .
هو جادّ أكثر من اللازم .”
كلمة بعد كلمة ،
امتزج ضحك تشو مو مع صوت الماء تحت غابة الخيزران
المحيطة بهم ودخل إلى أذني لي تينغيان
من البداية إلى النهاية ،
لم يؤكد شيئًا ولم ينفي شيئ
لكن أصدقاءه من حوله كانوا قد أكملوا القصة عنه
دون الحاجة لكلامه
حتى هو نفسه ،
لم يستطع إلا أن يتساءل:
{ هل توجد فعلًا مشاعر حب عميقة
بيني وبين لين تشي ؟ }
انزلقت يده على حافة فنجان الشاي ،
وأنزل عينيه ، يخفي ما يدور في أعماقه
: “ حسنًا، كفى حديثًا عني طوال الوقت ...”
دون أن يوضح علاقته بلين تشي :
“ لم يمضِي على معرفتي به سوى أكثر من نصف عام .
الأمر لم يُحسم بعد ،،
وعندما يُحسم ، سأحضره ليلتقي بكم "
يي فنغشان لم يحتمل بروده —- فركله تحت الطاولة : “ واو
أنت متحمس جدًا ، أليس هذا تأكيدًا كافيًا ؟
أم أن لين تشي غير جاد معك ولم يمنحك لقبًا بعد؟”
انفجر الضحك في المكان
حتى لي تينغيان ابتسم :
“ لنترك الأمر عند هذا الحد "
لكنه أبقى عينيه منخفضتين،
ولم يلتقِي بنظرة تشو مو ولو مرة واحدة
تحدثوا قليلًا بعد ذلك ،
ثم لعبوا بضع جولات من الغولف
تفقد تشو مو الوقت ،
وتذكر أن آن تشن لا بد أنها شارفت على إنهاء المعرض
“ سأغادر الآن ،،
لدي عشاء الليلة مع آن تشن ووالديّ "
بدأ الآخرون بممازحته
ضحك هوو يونزي : “ يا لك من زوج مخلص ،،
لا تتحمل الفراق حتى بعد الزواج ؟
أحقًا يجب أن تعود الليلة ؟
لمَ لا تطلب من تشاو آن تشن الانضمام إلينا ؟”
ظل تشو مو مبتسمًا —
انعكس الضوء على وجهه ،
وكانت السعادة واضحة للجميع
كان يحمل سرًا جميلًا ،
يتوق لإعلانه منذ زمن ،
لكنه لم يجد اللحظة المناسبة
: “ الليلة لا يمكن ….
آن تشن… إنها حامل ...
لذا أصرّ والداي أن نعود لمنزل العائلة .
لقد اتفقنا على اليوم .
ربما في المرة القادمة .”
“ وااااااااو "
انفجرت الكلمات كقنبلة في الغرفة وتركت الجميع في ذهول
قال يي فنغشان وهو مشوش :
“ هل سأصبح عمًا فعلًا ؟”
اقترب هوو يونزي مباشرةً ،
وضرب كتف تشو مو قائلًا :
“ أيها الماكر لماذا تخبرنا الآن فقط ؟”
تراجع تشو مو خطوتين ،
لكن عينيه مليئتين بالمرح :
“ لم أعرف إلا قبل أيام ،
تمامًا مثل آن تشن
كيف لي أن أخفي الأمر عنكم ؟
جمعتكم اليوم خصيصًا لأخبركم .
وبعد فترة ، سنقيم حفلة للمولود
يجب أن تحضروا جميعًا .”
: “ بالتأكيد .”
ظل يي فنغشان شاردًا،
يتمتم :
“ ماذا سنهدي ؟
أمر لا يُصدق ، أليس كذلك؟
لقد وصلنا فعلًا إلى الجيل التالي !! ما رأيك تينغيان؟”
: “ صحيح .” رمش لي تينغيان ،، شدّت يده على فنجان
الشاي للحظة ،
ثم ارتخت
رفع رأسه ، ونظر إلى تشو مو بصدق :
“ مبروك لقد أصبحت أبًا "
عندها،
تنبه الآخرون أيضًا ،
وربّتوا على كتف تشو مو مقدمين التهاني
ضحك تشو مو بمعرفة،
وبدا كأب سعيد إلى حد المبالغة رغم أن الطفل لم يولد بعد
ومع اقتراب نهاية التجمع
لم يبقَى سوى يي فنغشان وهوو يونزي
حتى لي تينغيان لم يمكث معهما
: “ اليوم عيد ميلاد لين تشي،
ولدي موعد مسبق .”
قالها بخفة وسحب ذراعه بلطف من يد يي فنغشان
: “ اللعنة !! " استدار يي فنغشان نحو هوو يونزي :
“ هل نحن العازبين الوحيدين المتبقين ؟”
أجابه هوو يونزي ببرود:
“ ليس أنا،
لدي خطيبة .”
دحرج يي فنغشان عينيه :
“ خطيبتك؟
لست متأكدًا أصلًا من وجودها .
كل هذه السنوات ولم نرها قط
هل هي حقيقية أصلًا ؟”
ابتسم هوو يونزي فقط
أما عذر لي تينغيان فكان مثالي —
فاليوم هو عيد ميلاد لين تشي،
وسيكون من القسوة أن يُبقيه مقيّدًا هنا
لوّح له يي فنغشان بيده :
“ اذهب واخرج من عالمي "
ابتسم لي تينغيان ولم يجادل ،
التقط معطفه ،
وغادر مع تشو مو
خارج النادي ،
الموظفون قد أحضروا السيارات
لي تينغيان:
“ أنا سعيد لك حقًا ،،
لطالما أردتَ عائلة ،
وزوجة تشاركك الفكر ،
وأطفالًا لطيفين .
والآن ستحصل على كل ذلك .”
بدا أن تشو مو تذكّر شيئ ما فنظر بعينين دافئتين :
“ صحيح ...”
ثم رفع ذراعه وصدم كتف لي تينغيان برفق :
“ وأنت أيضًا ستحصل على ذلك .
ربما ليس طفلًا بعد ،
لكن ستجد الشريك المثالي ،
أنا متأكد "
نظر لي تينغيان إلى الأمام ،،
كان صوته خفيفًا ،
يكاد يكون مجاملة عابرة :
“ شكرًا على كلماتك الطيبة "
—-
قاد سيارته باتجاه جامعة لين تشي
الطريق مزدحم
وعند توقفه
أمام إشارة حمراء،
ألقى نظرة جانبية،
فرأى لين تشي
بل بالأحرى…
إعلان يضم لين تشي
إعلان لإحدى الماركات الفاخرة تعاون معهم لين تشي مؤخرًا
العلامة تستثمر بقوة في التسويق ،
ولوحاتها الإعلانية تغطي الشوارع
وكان لين تشي أحد العارضين لهم
ولوحته وُضعت بالضبط عند موقف الحافلات
بجوار المكان الذي توقف فيه لي تينغيان
في الصورة ،
كان لين تشي يرتدي الأبيض
كنزة صوفية بيضاء مزينة باللؤلؤ
وجهه ناعم وشاحب ،
كحبة لؤلؤ مصقولة
حاجباه بلون فاتح ، وشفتاه فقط تحملان لمسة وردية دخانية
في يده ،
خاتم يشبه ريشة سوداء
أصابعه نحيلة وبيضاء ،
قريبة من شفتيه ،
كأنه على وشك تقبيل الخاتم
سواد الخاتم العميق ، المصقول بعناية ،
كان يتباين بحدة مع بياض بشرته المثالي
سحر خالص
لم يتغير لون الإشارة بعد،
وهذا الطريق كان دائمًا يبدو أطول من اللازم
حدّق لي تينغيان في اللوحة ،
وتذكّر حديث لين تشي عن جلسة التصوير منذ فترة
اختارته العلامة تحديدًا
لأن فيديو سفر شارك فيه حصد بعض الشهرة على الإنترنت ،
ويتوافق تمامًا مع صورة الماركة
لذا تم اختياره ضمن اثني عشر عارض للحملة
فرصة خاصة بلين تشي وحده لا يمكن لأحد انتزاعها منه
كان لين تشي قد قال له سابقًا:
“ لا أعلم إن كنتُ غير محظوظ مؤخرًا ،
لكن الأمور انقلبت فجأة ...
الفرص التي تأتيني الآن أكثر مما حصلت عليه
في العام الماضي كله .”
ارتسمت ابتسامة هادئة على شفتي لي تينغيان
كان يفكر في تمهيد الطريق له،
لكن حتى دون أي تدخل منه،
كان لين تشي كدرّة مدفونة في الغبار،
تلمع ببطء وتُكتشف تدريجيًا
كان سعيدًا له من قلبه
حتى حين توقف الآخرون ليتأملوا الإعلان ،
ويرفعوا رؤوسهم نحوه،
شعر لي تينغيان بفخر خفي
لأن الشخص الذي أدهش الجميع على تلك اللوحة ،
كان قد استلقى يومًا إلى جواره ،
وكان هو قد رأى بريقه قبل أي أحد
في التجمع قبل قليل افترض الجميع أنهما ثنائي ،
مازحين بلطف وممتدحين مدى انسجامهما
والآن ،
في هذا المساء — الذي يقترب فيه الشتاء ،
تحت رذاذ مطر خفيف ،
وقف أمام اللوحة الإعلانية
وتساءل أيضًا…
{ لو أنني وقعت في حب لين تشي ،
ولو استطعت حقًا أن أحبه ،
ألن يكون ذلك نهاية سعيدة للجميع ؟
سيصبح كل شيء … أبسط بكثير ... }
يتبع
الفصل التالي الفصل السابق
تعليقات: (0) إضافة تعليق