القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch19 BFIHTE

 Ch19 BFIHTE



خرج لين تشي من قاعة الدراسة ،،

يرتدي معطفًا رماديًا يصل إلى الركبة ،

وتحته كنزة سوداء رفيعة برقبة عالية


طويل القامة أصلًا ، فبدا لافتًا وسط الزحام ،

مختلف بوضوح عن ضجيج الشبان من حوله


مرّ بعض المعارف وربتوا على كتفه 

“ لين تشي تعال نتعشى معًا "


ابتسم : 

“ لا، لدي موعد اليوم "


لم يخرج من البوابة الرئيسية —-

بل تمشّى بهدوء نحو البوابة الغربية للجامعة ،،،

كانت سيارة لي تينغيان متوقفة هناك بانتظاره


فتح الباب —-

استدار لي تينغيان من مقعد السائق لينظر إليه

ولسبب غير مفهوم ، ابتسم لين تشي وقال : 

“ هل انتظرت طويلًا ؟”


: “ أبدًا " شغّل لي تينغيان السيارة 


شتاء هذا العام باردًا نسبيًا ،

ما زال نوفمبر ،

لكن الحرارة لم تتجاوز سبع أو ثماني درجات


دخل لين تشي وحمل معه دفعة من البرد ،

فرك يديه كطفل ،

وانكمش قليلًا في مقعده


وبمزاج مازح ،

مدّ يده ووضعها على عنق لي تينغيان


لكن لي تينغيان اكتفى بابتسامة هادئة،

ولم يمنعه


رغم أنه يوم ميلاده ،

إلا أن لين تشي نادر يرغب في احتفال صاخب


حين سأله لي تينغيان سابقًا كيف يود أن يقضي يومه ،

مال برأسه طويلًا دون إجابة


ثم لمّح فجأة ملصقًا عند زاوية الشارع


أشار إليه وقال :

“ ما رأيك أن نذهب إلى السينما ؟”


تبع لي تينغيان إصبعه —

كان الملصق لفيلم أنيمي

أُعيد عرضه مؤخرًا :

[ قلعة هاول المتحركة ]


تردد لحظة 

ثم أومأ موافقًا


في عيد ميلاده هذا العام ،

اصطحبه لي تينغيان من الجامعة ،

وأخذه إلى مطعم قد حجزه مسبقًا،

ثم توجها إلى السينما


لين تشي يعرف شخصية لي تينغيان جيدًا ،

لذا احتاط قبل أيام  و قال له بجدية :

“ مهما فعلت ، لا تحجز لي قاعة سينما خاصة .

الأفلام أجمل مع وجود الناس .”


توقف لي تينغيان لحظة —-

لأنه كان فعلًا قد فكّر في ذلك ~ وكان على وشك الاتصال بمساعده


وحين رأى لين تشي تعبيره ،

صاح :

“ كنت أعلم !!!! يا وحش الرأسمالية !”


والآن ،

كانا وسط الزحام ،

لا يختلفان عن أي ثنائي خرج في موعد


سحر أعمال ميازاكي ما زال كما هو

رغم إعادة العرض ،

كانت القاعة شبه ممتلئة


اشترى لي تينغيان مقعدين في الصف الأخير ،

أكثر اتساعًا قليلًا 


قبل بدء الفيلم ،

فتح لين تشي هدية صغيرة على مقعده

المطعم قد أعدّها خصيصًا حين علموا أنه عيد ميلاده


في الداخل ، مربى منزلي ومجموعة عطور

مستوحاة من الفصول الأربعة


ليست باهظة ،

لكن عنايتها كافية لإسعاد القلب


فتح لين تشي المربى ،

وتذوّق القليل بعصا خشبية صغيرة 

ثم كشّر فورًا وأخرج لسانه كجرو صغير


لاحظ لي تينغيان ذلك من طرف عينه ،

وابتسم : 

“هل شاهدت هذا الفيلم من قبل؟”


: “ نعم " أعاد لين تشي المربى إلى الكيس ،

ونظر إلى الشاشة ،

وكأنه يسترجع ذكرى قديمة :

“ في الثانوية ، في مدينتنا الصغيرة ،

كان هناك سينما قديمة لا تعرض إلا أفلام قديمة .

في ذلك اليوم كنت وحدي في القاعة .”


كانت السينما ضيقة ومتهالكة ، 

حتى أغطية المقاعد لم تكن نظيفة جيدًا

و كان في السادسة عشرة ،

يجلس وحده ويشاهد الفيلم


لكن حين يتذكر الأمر الآن ،

يجد أن تلك العصرية كانت لطيفة

: “ وأنت ؟

هل شاهدته ؟

لا تبدو شخصًا يتابع هذا النوع من الأفلام .”


نادر لي تينغيان يشاهد مثل هذه الأعمال


لكن مع خفوت أضواء القاعة تدريجيًا ،

وسكون الأصوات ،

وبدء الشاشة ببث الضوء والظل ،

منعكسة على وجوه الحاضرين ،

همس بصوت خافت:

“ نعم، شاهدته "


تفاجأ لين تشي : “ حقًا ؟

متى؟

لا يمكن أن يكون عند عرضه الأول .”


ابتسم لي تينغيان وهز رأسه :

“ في الجامعة "

رمش برموشه ،

وصوته هادئ : 

“ نادي لعبة الـ(غو) استعار قاعة الوسائط ،

وشاهدنا الفيلم معًا ،،

حتى أننا طلبنا بيتزا ،، و كان هذا هو الفيلم .”


ظن لين تشي أنها مجرد ذكرى جامعية عادية



لكن لي تينغيان أضاف بعدها:

“ كان تشو مو أيضًا في نادي الـ(غو) 

جلس بجانبي يومها وأعضاء النادي كانوا يحبون التكدس،

فدفعوه ليجلس ملاصقًا لي.

لذا … لم أجرؤ على التحرك طوال فترة بعد الظهر "


لعبة غو : 




الفيلم قد بدأ بالفعل


ظهرت المدينة المغلّفة بالضباب ،

و متجر القبعات الصغير للبطلة يقع أسفل ذلك الضباب مباشرة


همس لي تينغيان:

“ حين أفكر بالأمر الآن…

مرّت سنوات طويلة "


ذلك الشاب ذو القميص الأبيض الثلجي

الذي كان يتكئ عليه آنذاك ،

ملتصقًا به إلى حدّ لم يترك له خيارًا سوى أن يحتويه بين ذراعيه ،

كبر الآن ،

وأصبح رجلًا ناضجًا ومستقرًا له عائلته الخاصة


ومع ذلك ،

بدا وكأنه ما زال يتذكر ذلك الانعكاس الأخضر

خارج نافذة الصف في ذلك اليوم


رفع لين تشي حاجبه


طرق بأصابعه على صندوق الهدية ….

لم يتوقع أن يحمل الفيلم الذي اختاره بعفوية كل هذه 

الذكريات الخفية


صوفي قد صعدت بالفعل إلى الطابق العلوي من المبنى الضيق ، تخيط القبعات —

قبعات حمراء مزينة بمخاريط صنوبر جميلة


مسح لين تشي يديه ،

ووضع بضع حبات فشار في فمه ،

وسأل تينغيان بنبرة عابرة :

“ بماذا كنت تفكر وقتها ؟

الشخص الذي تحبه كان بجانبك مباشرةً ،

الظلام يحيط بكما…

هل رغبت بتقبيله ؟”


كان صوته منخفض ،

ينساب إلى أذن لي تينغيان كأفعى صغيرة


توقف لي تينغيان 


مرّ وقت طويل ،

حتى إنه بالكاد يتذكر مشاعره وقتها 


الغريب أنه —- رغم حبه الطويل لتشو مو —

لم تكن لديه أفكار متهوّرة تجاهه —-

أقصى خيالاته لم تتجاوز قبلة 


كان تشو مو بالنسبة له شخصًا مقدسًا،

يُحفظ في راحة اليد ولا يُمس

فقال بهدوء :

“ لا أذكر جيدًا "

أضاف بصوت أخفض :

“ لكن ربما فكرت بذلك ،

فهو كان قريبًا جدًا .

لكنها كانت مجرد فكرة.”


رغم أن تشو مو كان أعزب في ذلك الوقت ،

ولا يواعد أحد ، لم يتجاوز لي تينغيان حدوده يومًا

 

لأن تشو مو كان يثق به، ويراه صديقًا صادقًا،

وهو لم يشأ أن يفسد تلك الرابطة


ضحك لين تشي بخفة

{ إنه حقًا رجل نبيل ... }


طوال الساعتين التالية لم يتحدث مجددًا


مشاهدة الفيلم تستحق الصمت ،

وكان لين تشي يحترم هذه القاعدة


لكن بينما يرى شعر هاول الذهبي على الشاشة

يتحوّل إلى الأحمر ،

وينهار في فوضى موحلة ،

شعر بشيء من الشرود


بعد سماعه كلمات لي تينغيان،

تسلل إليه فضول مفاجئ 

{ كيف كان لي تينغيان في أيام الجامعة ؟ }


لقد سمعه يقول

إن شخصيته قبل التخرج لم تكن هادئة أو متزنة

كما هي الآن ،

وأن العشرين كانت ذروة حدّته 


و في تلك السنة أصيب لي تينغيان في حادث سيارة ،

وكاد أن يفقد إحدى عينيه 

وهي أيضًا السنة التي أدرك فيها أنه وقع في حب تشو مو


أمال لين تشي رأسه ،

وكأنه يرى شابًا جالسًا على سرير مستشفى ،

يرتدي ثياب المرضى الخفيفة ،

إحدى عينيه مغطاة بالضماد ،

بارد وبعيد ،

أقل لطفًا مما هو عليه الآن ،

وأقل نضجًا أيضًا ،

من النوع الذي يرتعش ويغمض عينيه عند التقبيل


لم يستطع إلا أن يضحك


{ كيف كان سيكون الأمر لو التقيت بتلك النسخة من لي تينغيان؟


ربما

لم يكن لينتهي بنا الأمر في السرير أصلًا ،

وربما …

تحول اللقاء إلى شجار ~ }


الفيلم يقترب من نهايته


تحوّل هاول إلى طائر أسود ضخم مغطى بالريش ،

عالق فوق القمة الصخرية ،

فاقدًا وجهه الوسيم وهدوءه المعتاد ،

ولم يعد ذلك الفتى الساحر


لكن صوفي قبّلته رغم ذلك


فجأة ،

ناداه لين تشي بهمس :

“ لي تينغيان "


: “ هم؟”

استدار لي تينغيان تلقائيًا،

وانحنى قليلًا ،

مقرّبًا أذنه من لين تشي 


كانت حركة لا تصدر إلا عن شخصين

تجمعهما ألفة حقيقية


لكن لين تشي لم يقل شيئ


و فجأة ،

التقت شفتاه بشفتي لي تينغيان


في ظلام قاعة السينما الدامس 

والناس من حولهما


وعلى الشاشة ،

أعادت صوفي

قلب هاول إلى صدره —

دق… دق… دق—


ومنذ تلك اللحظة

أصبح جسده ثقيلًا ،

لكنه صار قادرًا على الحب


تجمّد لي تينغيان


اتسعت عيناه


لقد قبّل الشخص الذي أمامه مرات لا تحصى


قبلات شهوانية ،

حميمة ،

متهورة ،


في السيارة ،

وفي الفنادق ،

وفي السرير ،

متشبثين ببعضهما كوحوش حتى الإنهاك


لكن بدا وكأن كل تلك المرات —- لم يكن لأيٍّ منها

الأثر الذي أحدثته هذه اللحظة


أنزل لي تينغيان عينيه ….

و تحت ضوء الشاشة المنعكس ،

كان يستطيع أن يرى ارتجاف رموش لين تشي بوضوح


وبعد ما بدا كأنه دهر كامل ،

ابتعد لين تشي أخيرًا


فتح عينيه ،

والتقت عيناه بعيني لي تينغيان 


وحين رأى هذه الحيرة الصريحة على ملامحه ،

ضحك بخفة و قال بهدوء:

“ حتى لو أنك لم تقبّل تشو مو حين كنت في العشرين …

فأنت قد قبّلتني الآن "



يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي