Ch20 BFIHTE
لم يتكلم لي تينغيان لوقتٍ طويل ——-
ظل صامتًا حتى انتهى الفيلم ،
وانطلقت موسيقى الشارة الختامية ،
وأضيئت أنوار صالة العرض
بدأ بعض الطلاب في الصف الأمامي ، وزوجان يتبادلون الحديث والضحك
وكأن حظرًا غير مرئي قد رُفع فجأة
القاعة التي كانت هادئة قبل لحظات امتلأت بالحركة
حتى صوت مكعبات الثلج وهي تصطدم
بأكواب الكولا وصل إلى أذنيه
وفي هذه اللحظة ،
رأى وجه لين تشي بوضوح
وجهٌ رآه مراتٍ لا تُحصى
أنيق وحيوي،
عيناه لامعتان،
كثعلبٍ ماكر وبريء في آنٍ واحد،
يرفع ذيله الكثيف بفخر
لطيف…
وواثق بنفسه
…..
بعد خروجهما من السينما،
وبما أن لين تشي لم يرغب بالعودة إلى المنزل بعد،
رافقه لي تينغيان في نزهة بطيئة في الشارع
متاجر الطريق ما تزال مفتوحة ،
واجهاتها المضيئة متلألئة وغامضة في آنٍ واحد
انحنى لين تشي ليتأمل سوارًا من اللؤلؤ داخل إحدى
واجهات العرض ،
يحب هذه الأشياء الجميلة والباذخة ،
لكن مع انعكاس الضوء على ملامحه الواضحة ،
بدت عيناه أكثر إشراقًا من الأحجار الكريمة نفسها
قال لـ تينغيان:
“ عندما كنت في الثانوية ،
رأيت خاتم في متجر مجوهرات داخل مول مدينتنا ،
كان عريض وذهبي
ربما كنت أحب الأشياء اللامعة منذ ذلك الوقت …..
كلما مررت من هناك ،
كنت أختلس النظر إليه من بعيد ...
لكنني في ذلك الوقت ،
لم أصدق أبدًا أنني سأمتلكه يومًا ما "
لي تينغيان : “ وماذا حدث لاحقًا؟”
رفع لين تشي حاجبه،
وبدت على وجهه لمحة فخر،
ثم رفع يده أمام لي تينغيان
أصابعه مزينة بعدة خواتم —
ذهبية ، سوداء ، مرصعة بالألماس ،
وأخرى على شكل جماجم
: “ أنا أرتديه الآن ، أليس كذلك ؟” استدار لين تشي لينظر
إليه ، وهز يده بخفة :
“ انظر ، الذي في إصبع الخاتم .”
ابتسم لي تينغيان دون وعي
ثم ألقى نظرة على السوار في الواجهة
وسأل :
“ هل يعجبك هذا ؟”
اعتدل لين تشي في وقفته ،
وارتسمت على شفتيه ابتسامة ماكرة :
“ أوه ؟
هل تفكر في شرائه لي؟”
أومأ لي تينغيان برأسه :
“ اليوم عيد ميلادك .
يمكنك أن تحصل على ما تشاء .”
ضحك لين تشي ضحكة صافية :
“ كريم جدًا "
ثم هز رأسه :
“ لكنني لا أحتاج هذا السوار ،
لدي واحد مشابه في منزلي .”
تلفّت قليلًا ،
ثم أشار بذقنه إلى الأمام :
“ في الحقيقة ، أريد ذاك الذي هناك .”
تبع لي تينغيان اتجاه نظره ،
فاكتشف أنه متجر آيس كريم عصري ،
يبيع نكهات ممزوجة بروائح تشبه العطور
رغم اقتراب الشتاء ، ظلّ المتجر مفتوحًا حتى منتصف
الليل ،
يعجّ بالزبائن حتى كادوا ينسكبون إلى الشارع ،
ضحك لي تينغيان وقال:
“ ألا تريد مراقبة وزنك في هذا الوقت ؟”
هزّ لين تشي كتفيه :
“ إنه عيد ميلادي اليوم ،،
ألا يحقّ لفتى عيد الميلاد أن يتدلّل قليلًا بالحلوى؟
هوو يونينغ لن تأتي لتخنقني .”
لي تينغيان:
“ في هذه الحالة، انتظرني هنا "
عبر الشارع
وحين وصل إلى المتجر ، كان الازدحام قد خفّ قليلًا ،
رغم أن الطابور ما زال موجود
جلس لين تشي على مقعد مقابل الطريق ، وعدّل الوشاح
حول عنقه — هدية من لي تينغيان في وقت سابق ليحميه من البرد
جلس هنا مبتسمًا ، وشعر على نحو غير متوقّع براحة جميلة
حين كان مع الآخرين من قبل ، لم يكن ليصطفّ من أجل
حبيب هكذا ،
عدا الأكل والشرب أحيانًا ، لم تكن هناك حميمية خارج السرير ،
ذات مرة — اشتكى أحد “عشّاقه” من أنه يملك وجه عاشق
لطيف ، لكنه يصبح بارد ما إن يبتعد عن السرير ،
كأنه لعوب بالفطرة ، لا يأخذ قلب أحد على محمل الجد ،
فضلًا عن الصبر على أحد
لم يهتمّ بذلك التقييم ، وكان يرى أن الطرف الآخر محق —
فهكذا كان هو
لذا لم يكن لديه معايير مزدوجة
وبينما يفكّر في الأمر ، أمال لين تشي رأسه ، وفكّر بجدية ،
وبعناية… { يبدو … أنني فعلًا طلبت من لي تينغيان الكثير
من الطلبات العشوائية …
جعلته يشتري لي دونات بإصدار محدود ،
و حجز مطعم بنظام العضوية …. ومرّة ، حين لم أجد
ملابس وكنتُ بحاجة إليها على وجه السرعة ، اضطررت إلى
الاتصال بلي تينغيان دون خجل …
لم يُبدِي لي تينغيان أي ضيق مني قط …
بل كان أحيانًا يغادر اجتماع مبكرًا من أجلي ….
في هذا الجانب ، لي تينغيان مختلف تمامًا عن أولئك الذين عرفتهم سابقًا … }
استقرّ نظر لين تشي على متجر الآيس كريم المقابل للطريق
أضواؤه الدافئة تتوهّج كبيت حلوى من حكاية خرافية في
هذه الليلة الشتوية المبكرة
رمزًا لكل ما هو جميل
بعد لحظات ، خرج لي تينغيان من المتجر وهو يحمل
الآيس كريم ، وبيده أيضًا كيس صغير
الشارع شبه خالٍ الآن ، والطريق تحت ضوء أعمدة الإنارة
البارد يبدو مقفرًا ، فيه شيء من الكآبة والفراغ
و بمعطفه الأسود المفصّل ، وكتفيه العريضة وساقيه
الطويلة ، بدا لي تينغيان كعارض أزياء على منصّة عرض ،
ومع ذلك ——- يحمل الآيس كريم كما لو كان تجربة دقيقة في مختبر
اقترب من لين تشي وناولَه الآيس كريم ، وقال
: “ أردتَ نكهة عسل الخشب ….” ثم أخرج كوبًا ورقيًا من الكيس : “ وهذا كاكاو ساخن ليوازن البرودة "
اتّسعت ابتسامة لين تشي :
“ كم أنتَ مُراعي .”
مدحَه وهو يأخذ الآيس كريم من يد لي تينغيان،
ويغرف ملعقة صغيرة برفق، فارتعشت عيناه من شدّة البرودة
هكذا هو أكل الآيس كريم في الشتاء — برد يندفع إلى
الرأس ، ومع ذلك منعش على نحو غريب
وأثناء أكله للآيس كريم ، توجّها معًا نحو موقف السيارات
في النهاية ، لم يُنهِيه كله ، وبقيت كمية صغيرة في الكوب،
ذابت وتحولت إلى شراب حلو
داخل السيارة هدوء تام —- لم يشغّل لي تينغيان أي موسيقى
فبدأ لين تشي يهمهم بلحن خافت :
“Devils roll the dice, angels roll their eyes
What doesn’t kill me makes me want you more…”
لم يكن غناؤه جميلًا على وجه الخصوص. خرج قليلًا عن اللحن ،
وتعثر في بلوغ الذروة ، لكنه بدا سعيدًا حقًا
…..
توقفت السيارة أمام مبنى لين تشي
فكّ حزام الأمان ، مستعدًا لتوديع لي تينغيان، لكنّه حين
استدار ، رآه يخرج من السيارة معه
رفع لين تشي حاجبه بدهشة :
“ هل ستصعد معي ؟”
صحيح أن الذهاب إلى السرير كان جزءًا معتادًا من علاقتهما
لكن اليوم، كان يريد فقط عيد ميلاد بسيط
ومع ذلك… لو كان لي تينغيان يريد، فلن يمانع
وبينما خطر له هذا، لعق لين تشي أسنانه بطرف لسانه دون وعي
لكن لي تينغيان هزّ رأسه
أخرج من جيبه علبة صغيرة من المخمل الأسود ،
على شكل قلب ، بدت صغيرة جداً في كفّه الواسع ،
وقال :
“ أردت فقط أن أقدّم لك هدية عيد ميلاد "
أنزل لين تشي عينيه ، فارتعد
كاد أن يتراجع خطوتين
لم يكن يبالغ في ردّة فعله
لكن لأن العلبة كانت تشبه علبة الخاتم إلى حدٍّ مخيف
وتذكّر على نحو غامض ، زمنًا بعيدًا ، حين كان مع أحد
عشّاقه ، وكانت العلاقة في ذروتها
في ذهنه ، قيّم الجسد والمهارة بثمانية من عشرة ، وفكّر أنه
لا بأس بقضاء وقت أطول معًا
ثم فجأة، أخرج العاشق علبة خاتم زرقاء ، وسأله بنبرة
حنونة إن كان يريد الاستقرار…
كان الأمر أشبه بقصة رعب —-
حدّق لين تشي في علبة المجوهرات بذهول ، ثم رفع نظره إلى لي تينغيان
وقد كُتب كل ما يفكّر فيه بوضوح على وجهه ——-
لم يستطع لي تينغيان منع نفسه من الضحك
كان يعلم أن شكل العلبة قد يسبّب سوء فهم، ففتحها بنفسه
في الداخل ،
لم يكن خاتم ، بل زوج غير متماثل من أقراط الزمرد —-
: “ رأيتُ هذه الأقراط مؤخرًا في واجهة أحد المتاجر ،
وشعرت أنها ستليق بك ، فاشتريتها ،،
صادف أنها مناسبة كهدية عيد ميلاد ، ولا معنى آخر للأمر "
تلألأت أقراط الزمرد داخل العلبة —-
مسماراها مربعين ، كضباب يعلو جبلًا ، أخضر كثيف كأنه
تكثّف من صيف كامل
بدى وكأن في داخل الأحجار ماءً جاريًا ، يومض بوعد خفي
ارتبك لين تشي قليلًا
لم يكن يجهل قيمتها بالتأكيد
حتى إنه رأى ، في طرف الأقراط ، حفر صغير وغير لافت لحرفي اسمه —-
L و C
ما يعني أنها لا يمكن أن تُهدى إلى أي شخص آخر
لكن بالنسبة له، كان فيلم الليلة، والعشاء على ضوء
الشموع، وحتى الآيس كريم قبل قليل، أكثر من كافٍ
علاقة عابرة، مريحة، تشبه صداقة ذات امتيازات
وكان راضيًا تمامًا بهذا
كانت هدية كهذه لا تعني الكثير للي تينغيان، لكنها كانت
كبيرة وثقيلة على لين تشي
: “ أنا…” أراد أن يقول شيئ
لكن لي تينغيان أخرج الأقراط من العلبة بالفعل ، وسأله بأدب :
“ هل يمكنني أن أضعها لك؟”
عضّ لين تشي على شفته ، ولم يقل شيئ
فهم لي تينغيان ذلك على أنه موافقة
و بأصابعه النحيلة ، التقط الأقراط الرقيقة ، وثبّتها على أذني
لين تشي بحركات غير متقنة قليلًا
وكان الزمرد يليق به فعلًا
عادةً يفضّل الألوان الحمراء الجريئة ، لكن هذا الأخضر
الباذخ ناسبه بالقدر نفسه
ومع حركة خفيفة، لمع الحجر الأخضر بضوء رقيق،
وتأرجحت الأقراط بحيوية
قال لي تينغيان بصدق :
“ إنها جميلة جدًا "
شد لين تشي شفتيه :
“ شكرًا "
نظر إلى تينغيان، وأصابعه تلامس أذنه، والسلسلة الباردة
للأقراط تلتف حول يده، تمنحه إحساسًا غريبًا، يثير حكة
خفيفة وقلقًا غير مفهوم
لقد تلقّى من قبل الكثير من الهدايا الجميلة والباهظة ،
وكان هناك دائمًا من يتزاحم لنيل انتباهه
لكن تلك الهدايا غالبًا كانت تحمل نوايا خفية
كان معظمهم يريد شيئًا منه
إما جسده
أو مشاعره
ولهذا كان يرفض أغلب الهدايا بأدب ، ولا يدخل في علاقات
إلا مع من يعجبه حقًا ، من دون أن يمنح حبًا لا يملكه
لكن ماذا عن لي تينغيان؟
كانا قريبين جسديًا إلى حدٍّ كبير ، ومع ذلك كان يعلم أن لي تينغيان لا يريد منه شيئ
بثروة لي تينغيان — كان يستطيع بسهولة أن يجذب أجمل الفتيان والفتيات ،
ممن يرتمون طوعًا بين ذراعيه
فالسلطة والمال هما أقوى طُعمين في هذا العالم
أما الحب ، فلم يكن لي تينغيان بحاجة إليه
فلديه شخص يحبه بالفعل
تخبّط لين تشي داخلياً ، غير متأكد إن كان ينبغي عليه —-
بدافع اللياقة ، أن يدعو لي تينغيان للصعود إلى شقته
كانا مجرد علاقة ذات امتيازات — ولي تينغيان خصّص وقتًا
للاحتفال بعيد ميلاده ، وبذل كل هذا الاهتمام لهذه الليلة
أليس من المنطقي أن تنتهي الليلة في السرير ؟
: “ أنا…”
كان على وشك أن يتكلم ، حينها خطا لي تينغيان خطوة إلى الخلف قائلاً ——
: “ لقد تأخر الوقت ،، عليّ أن أذهب
وأنت أيضًا خذ فترة من الراحة ”
: “ هاه؟”
لم يستوعب لين تشي الأمر بعد ، و رآه يتجه نحو سيارته
لكن في اللحظة التي فتح فيها لي تينغيان باب السيارة ،
توقف واستدار إلى الخلف ، والنسيم الليلي يلامس وجهه ،
وعيناه هادئتان
: “ عيد ميلاد سعيد لين تشي”
—- عيد ميلاد سعيد لين تشي
الجملة ذابت في الهواء مثل الدخان ——
وقف لين تشي عند التقاطع طويلًا حتى التفت ببطء وصعد الدرج
ركب المصعد إلى الأعلى ، وفكر في قلبه أن لي تينغيان
شخص غريب حقًا، مختلف عن أي شخص قابله من قبل
ولكن عندما عاد إلى غرفته وأشعل الأنوار ،
فتلألت الغرفة فورًا ، والتقت عيناه بمرآة الملابس ، حيث
رأى الأقراط تتدلى
لم يستطع إلا أن يبتسم مجدداً
{ حقًا …. شخص غريب ….
لكن أيضًا شخص طيب جدًا .. }
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق