Ch2 BFIHTE
لين تشي رفيق حديث ممتاز ،،
سريع البديهة ، حيويًّا ، غير جاد تمامًا ، وفي الوقت نفسه
مسترخٍ بتكاسل ، كأفعى في سبات ،
وربما لأنه كان قد شرب ، بدت نظرته حالمة ، وحين يركز
على شخص ما، تحمل دائمًا لمحة خفيفة من المودة
وكان لي تينغيان بحاجة إلى شخص كهذا
شخص يساعده على تشتيت ذهنه ، أن ينسى مؤقتًا زفاف الغد ،
أن ينسى شو مو ، وأن ينسى إعجابه الذي انتهى بالفشل
لين تشي عارض أزياء صغير الشأن ، غير مشهور ، لا يحصل
إلا على أعمال متفرقة ،
دخل هذا المجال منذ بضع سنوات ، وصادف فيه شتى
أنواع الناس ، وكان قادرًا على المزاح مع الجميع بلا حرج
أخرج هاتفه وأرى لي تينغيان بعض صوره ، ثم رفع حاجبه بفخر :
“ وسيم أليس كذلك ؟”
تأمل لي تينغيان الصورة بجدية ، ثم أقرّ :
“ وسيم .”
في الصورة ، كان لين تشي شبه عارٍ ، لا يغطي الجزء العلوي
من جسده سوى بضع ريشات
وجهه الشاحب ، الذي يكاد يكون شفافًا ، تسيل من زوايا
عينيه صبغة حمراء داكنة ، كأنها دموع من دم
بدا كقديس متألم ، أو كملاك مسجون
رغم أن لي تينغيان لم يكن مهتمًا بالتصوير الفوتوغرافي على نحو خاص ،
إلا أنه اضطر للاعتراف بأن الصورة آسرة
حتى وإن كانت من عمل مصور ليس مشهور
لين تشي :
“ التقاط هذه الصورة كان كابوس !
أصبت بحساسية شديدة من الطلاء ، وكدت أنقل إلى
المستشفى على وجه السرعة ،
المصور ارتعب تمامًا ، وكاد يغمى عليه وهو يأخذني إلى
المستشفى ، ووعد بأنه سيجد طريقة لتغطية تكاليف العلاج ،
لكنه كان مفلسًا أصلًا ، لم يستطع تدبير ألفي يوان ، واضطر لاقتراضها ،
وفي النهاية ! أنا من دفع التكاليف !
وكنت مفلسًا أيضاً ، فعشت أسبوعًا كاملًا بعد خروجي من
المستشفى على الخضار والمعكرونة ! .”
تنهد لين تشي بعمق ، شاعِرًا أنه كارثة متحركة
ثم نظر إلى الصورة ، وواسى نفسه :
“ على الأقل، أصبحت هذه الصورة عملي المميز .”
ضحك لي تينغيان بخفوت
لم يمرّ في حياته بمثل هذه المواقف قط—شخصان سيئا
الحظ يدخلان المستشفى بسبب إصابة عمل ، ويضطران
إلى اقتراض المال لدفع تكاليف العلاج
كان الأمر عبثيًا، بل مأساويًا بعض الشيء
لكن لين تشي تحدث عنه بخفة ، كأنه أمر لا يستحق الذكر
تأمل لي تينغيان وجهه ، محاولًا تخمين عمره
{ اثنان وعشرون ؟ ثلاثة وعشرون ؟
كان في مرحلة وسط — بين طالب جامعي وشخص دخل معارك العمل
عينان صافية لامعة ، ملامح شابة ، لكن مع هدوء ونضج
واسترخاء لا يبدوان مصطنعين }
سأله لي تينغيان:
“ هل تعمل منذ فترة طويلة ؟”
: “ بالطبع ...” رفع لين تشي حاجبه :
“ وقّعت مع وكالة وأنا في الثامنة عشرة . كنت أدرس وأعمل
بدوام جزئي ، لكنني أعمل فعليًا منذ أربع أو خمس سنوات .”
ثم تذكر وضعه المالي الفوضوي ، فمسّ أنفه وقال:
“ فقط… حظي ليس جيدًا. ما زلت عارضًا ليس مشهور .”
تفاجأ لي تينغيان من أنه بدأ العمل في هذا العمر المبكر ،
لكنه سرعان ما وجد الأمر غير مستغرب
دخول الشباب إلى عالم الموضة والترفيه في سن مبكرة لم يعد أمر نادر
ألقى نظرة أخرى على الصورة ، ثم قال بإخلاص:
“ بالمؤهلات الطبيعية التي تملكها ، لا ينبغي أن تبقى مهمَلًا كعارض ،
رأيت كثيرين أقل منك ، وصورهم لا تترك هذا الأثر .”
اكتفى لين تشي بابتسامة
كان يعرف ذلك جيدًا
مديره كان يقول له الشيء نفسه دائمًا
لكن الفرص لا تنحاز بالضرورة إلى الموهوبين
بقي لي تينغيان في الحانة حتى الساعة الحادية عشرة
وخلال النصف ساعة الأخيرة ، أفرغا معًا عدة كؤوس إضافية
احمرّت وجنتا لين تشي
تحمّله للكحول لا بأس به، لكنه ليس عاليًا
كان عقله ما يزال صافيًا، إلا أن عينيه بدأت تشرُدان قليلًا
ألقى لي تينغيان نظرة على ساعته
{ لقد تأخر الوقت …
صحيح أن الزفاف في الغد سيكون بعد الظهر، لكنني ما زلت
بحاجة إلى الراحة ، وتجنب أي طارئ }
التقط معطفه من على ظهر الكرسي، وشكر لين تشي بأدب
: “ شكرًا لك على الحديث معي اليوم "
كانت نظرته إلى لين تشي ألطف بكثير مما كانت عليه في البداية ، لكنها ما زالت متحفظة
رغم شربه الكثير ، لم يُفك من قميصه سوى زر واحد
لم يتغير لون بشرته ، فقط شفتيه احمرّت قليلًا ،
مما أضفى عليه جاذبية غير مبررة
كان لين تشي يسند ذقنه بيد واحدة ،
يمرر نظره على لي تينغيان من خصره إلى تفاحة آدم ، ليستقر أخيرًا على وجهه
تابع لي تينغيان : “ لقد دفعت حساب الليلة ،
كان الحديث معك ممتع ، لكن عليّ المغادرة الآن .”
توقف قليلًا :
“ إن سمح القدر ، ربما نلتقي مجددًا .”
كان لي تينغيان مهذبًا للغاية
وكان بالفعل كما تخيله لين تشي منذ البداية—راقٍ ، أنيق ،
دافئ بالقدر المناسب ، لكنه بطبعه بعيد
ليس شخصًا يفترض به الجلوس للشرب في حانة صغيرة كهذه
ضيّق لين تشي عينيه
كان يعلم أن عبارة “إن سمح القدر” ليست سوى مجاملة لطيفة ،
وكان قد تخلى بالفعل عن أي تفكير في التورط مع لي تينغيان ،
فهو لم يكن يومًا مهتمًا بأشخاص لا يزال قلبهم معلقًا بغيرهم
{ إذًا ؟ عليّ أن ترك لي تينغيان يرحل ؟
أمسية ممتعة من الحديث تكفي لتصبح ذكرى جميلة ؟ }
لكن في اللحظة التي نهض فيها لي تينغيان، امتدت يد
وأمسكت بكمّ معطفه
توقف لي تينغيان عن السير
نظر إلى الأصابع الشاحبة الممسكة بكمه، ثم رفع بصره إلى لين تشي باستفهام
لي تينغيان : “ ما الأمر ؟”
كان لين تشي يضع سيجارة بين شفتيه
زفر ببطء سحابة من الدخان، ورفع رأسه قليلًا، وارتسمت
على شفتيه ابتسامة خفيفة
ومن خلف الستار الرقيق للدخان ، بدت عيناه السوداوان ساكنتين وهادئتين… وجميلتين على نحو لافت
لين تشي : “ ألم تقل قبل قليل إنك تريد فعلًا أن تترك
الماضي وتحاول تقبّل شيء جديد ؟”
انخفضت نظرة لي تينغيان إلى كمّ معطفه
{ صحيح
قد قلتُ ذلك }
خلال حديثهما سابقًا ، ذكر إعجابه الفاشل على سبيل المزاح
قال إنه لا يمانع في التعرّف إلى شخص جديد فورًا ،
فقط ليخرجه من تلك الحالة الكئيبة من الحب من طرف واحد
لكن أحيانًا، كان يشعر أن شيئًا ما ما يزال ناقص
الشخص الجديد تمامًا ، الذي خُلق له… لم يظهر بعد
نظر لين تشي إليه وتابع :
“ إن كنت مستعد ، فربما يمكنك اليوم أن تحاول نسيان الماضي "
لم يرد لي تينغيان فورًا ، لكنه شعر بأصابع باردة قليلًا تلتف حول معصمه
تفاجأ ، ورفع حاجبيه قليلًا
التقت عيناه بعيني لين تشي
: “ ماذا تقصد ؟”
لم يراوغ لين تشي :
“ في الحقيقة السبب الذي جعلني أجلس بجانبك الليلة هو
أنني أردت مغازلتك ،، أنت تمامًا على ذوقي
منذ اللحظة التي رأيتك فيها ، أردت أن أبدأ
لكن عندما رأيتك مكسور القلب ، فقدت الاهتمام ،
لم أحب يومًا التورط مع أشخاص لا يستطيعون تجاوز
علاقاتهم السابقة ...”
أضاف، وهو يضحك بخفة :
“ لكنني الآن… غيّرت رأيي ...”
حدّق لين تشي مباشرةً :
“ صيد نادر مثلك لا يتكرر كثيرًا ،
كلما فكرت في الأمر ، وجدت أنني لا أريد أن أتركك ترحل ...
لذا… إن كنت مستعد ، سأحرص على أن تقضي ليلة ممتعة للغاية .”
نهض وهو يتكلم ، ووقف بمحاذاة لي تينغيان
وبصفته عارض أزياء ، كان طويل القامة بطبيعته ،
لكن لي تينغيان كان أطول منه ببضع سنتيمترات
كان الاثنان قريبين جدًا
توقفت نظرة لين تشي عند شفتي لي تينغيان، ثم ذقنه
وأنفه، واستقرت أخيرًا في عينيه
كان بارعًا دائمًا في المغازلة ، ونظرته جريئة ، مستفزة
ومثل هذا الاستفزاز ، خصوصًا بعد الشرب ، يتحول بسهولة
إلى شرارة تشعل النار
حدّق في لي تينغيان مباشرةً ، واقترب أكثر ، حتى كاد
كتفاهما يلامسان بعضهما
لين تشي :
“ الشخص الذي أعجبت به سيتزوج غدًا ، سيدخل غرفة
الزواج ، ويتمنى له الجميع عمرًا سعيدًا ، وأنت الليلة ما
زلت وحدك ، أليس هذا بائسًا جدًا ؟”
كان كلامه أشبه بالاستفزاز ، لكن نبرته حملت صدقًا حقيقيًا
رمش برموشه الطويلة والكثيفة ، فبدت من منظور لي تينغيان كعاصفة صغيرة
ظلت الحانة صاخبة ، تختلط فيها روائح السجائر والكحول
والعطور وعصائر الفاكهة ، روائح حلوة ومخمِرة في آنٍ واحد
كان من المفترض أن تكون ليلة عابرة ، متروكة للانغماس
ليل الساحل يسمح بحدوث أي شيء ، وتبقى الكثير من
القبلات ذائبة في الموسيقى دون أن يعرفها أحد
طوال الوقت حافظ لي تينغيان على هدوئه
لولا رائحة الكحول الخفيفة المنبعثة منه ، لما بدا مختلفًا
عن أي فترة ما بعد اجتماع في وضح النهار
لكن صدره وأذنيه يعجان بالضجيج ، كأن عشرة آلاف من
الزيز تصرخ داخله
لين تشي يعرف تمامًا كيف يصيب موضع الضعف
وتلك الجملة… أصابته فعلًا
لم يكن لي تينغيان ناسكًا بسبب شو مو
لكنه كان يحتفظ به في قلبه دائمًا ، يكرّس نفسه للعمل ،
ويرفض أي تقرّب من الآخرين بوضوح
لكن الليلة ، بدا كل ذلك وكأنه انهار فجأة ، مثل قلعة من
الرمل ، وبصورة مثيرة للسخرية
كم مرة تعلّقت عيناه بشو مو من زوايا لا يراها أحد ،
ومع ذلك ، لم يكن ذلك الشخص يومًا له، بل سيصبح ملكًا
لامرأة أخرى، مشرقة ومنفتحة
{ حقًا… عليّ أن أتخطى }
صمت لي تينغيان لحظة ، ثم سأل :
“ هل هذا اعتراف منك لي ؟”
ضحك لين تشي :
“ بالطبع لا.”
نفى الأمر فورًا ، وكأنه يخشى أن يُساء فهمه:
“ أنا فقط أريد علاقة عابرة معك ،
أما المستقبل ، فنتحدث عنه لاحقًا .”
رفع رأسه ، و كادت رموشه تلامس خد لي تينغيان، وقال بصوت مبحوح :
“ تبدو شخصًا مستقيمًا ومحترمًا ، لكنني لست كذلك
أريد أن أعلّمك أن تفعل شيئًا سيئًا ، حتى لا تعيش دائمًا
حياة منتظمة ومملة ...”
همس :
“ هل تريد أن تجرّب ؟”
———-
أمسك لي تينغيان بمعصم لين تشي ، وسحبه معه نحو
الفندق المقابل للطريق
سواء كان ذلك مصادفة أم لا، فقد وُجدت عدة فنادق
مقابلة لهذا الصف من الحانات والمطاعم
اختار لي تينغيان واحد مألوفًا له بلا تردد
وعندما رآه لين تشي ، لم يستطع إلا أن يرفع حاجبه
بالنسبة له، كان هذا الفندق مرتفع السعر نسبيًا
لكنه نظر إلى لي تينغيان ولم يقل شيئ
فالنوم مع هذا الرجل الوسيم… له ثمنه
وقبل أن يخرج هاتفه، كان لي تينغيان قد أنهى الدفع بسرعة
تجمّد لين تشي للحظة ، وقبل أن يستوعب ما حدث ،
كان لي تينغيان قد أخذ هاتفه وسار مجددًا
كانت غرفتهما في الطابق السادس عشر ، أعلى طابق —-
ومع صوت بيب — انفتح الباب
غرفة واسعة ، مضاءة بالكامل ، تفاصيل الأثاث فيها واضحة تمامًا
لكن لين تشي مدّ يده وأطفأ الكهرباء دفعة واحدة
انغلقت الستائر ببطء ، حتى ضوء النجوم في الخارج حُجب
غرق المكان في عتمة خفيفة ، ولم يبقَى سوى ضوء باهت
من مصباح جداري غير واضح، كيراعة ليلية، ضعيف لكنه
كافٍ ليُظهر ملامح الاثنين
قبّل لين تشي لي تينغيان
كان دائمًا بارعًا في هذا المجال
شفته ناعمة، لا تزال تحمل طعم الخوخ والكحول،
ممتلئة كحبة خوخ ناضجة، كأنها ستنفجر بالعصير عند أول عضة
ضغط بجسده على لي تينغيان، ولفّ ذراعيه حوله، مثبتًا إياه عند الباب
في اللحظة التي قُبّل فيها، شدّ لي تينغيان كتفيه لا شعوريًا،
وحتى ذراعاه حاولت دفعه
لكن بعد ثوانٍ قليلة، ارتخى جسده من جديد
لم تكن لديه خبرة كبيرة في التقبيل
أثناء دراسته في الخارج، جره أصدقاؤه إلى مسيرة المثليين ،
وهناك ، وسط الفوضى ، قبّله أجانب منفتحون على خديه ،
مما جعله يشعر بالحرج والنفور ، فاستحم فور عودته إلى المنزل
لكن قبلة لين تشي كانت مختلفة
رغم أنها كانت جريئة ومندفعة ومباغتة ، إلا أن تلك
الحيوية ، والخصر النحيل بين يديه ، والقرط المتدلّي عند
أذن لين تشي، وحتى اللسان الذي امتد نحوه… لم تكن منفّرة
{ أنا .. أحتاج إلى هذا الانغماس …
على الأقل… هذه الليلة …
أحتاج إلى شخص جريء ، فاسق ، مغازل ، ومتعجرف بجاذبية ،
ليقيّدني ويقبّلني ، لأمر خلال هذه الليلة الطويلة الثقيلة }
استعاد سيطرته سريعًا، وأصبح لين تشي هو من دُفع إلى الباب
قوته لم تكن شيئًا يمكن لشاب مثل لين تشي ، الذي يزور
النادي الرياضي فقط أن يضاهيه
أخضعه بسهولة
ظلت شفاههما متشابكة ، يتبادلان القبلات حتى اختلّ نَفَسهما
انفك قميص لين تشي، كاشفًا عن عظمتي ترقوته الجميلة
شفتاه رطبتين، يتنفس بصعوبة، ومد يديه بلهفة نحو جسد لي تينغيان
لكن لي تينغيان أوقفه وقال :
“ لدي أمران يجب أن أخبرك بهما أولًا ”
كاد لين تشي ينفجر
نظر إليه بغيظ، متسائلًا ما الذي يمكن أن يكون مهمًا إلى هذا الحد الآن
شدّ قميص لي تينغيان بحدة ، وقال بنفاذ صبر:
“ ما هما ؟”
لم يكن حال لي تينغيان أفضل
كان لين تشي مثيرًا فعلًا
وبغضّ النظر عن كل ما سبق، ومن منظور جمالي بحت،
كان من الصعب تخيّل رجل لا ينجذب إليه
لكن بالنسبة له، كانت هذه الليلة مجرد حادثة طارئة،
انغماس متهور وغير مخطط له
لذا كان عليه أن يوضح بعض الأمور مسبقًا
لي تينغيان :
“ أولًا ، لا أملك أي خبرة جنسية ،
حاولت أن أواعد شخص من قبل ، لكن الأمر لم ينجح ،
ولم يحدث شيء بعدها ،
اليوم، معك، ستكون المرة الأولى لي .
ثانيًا، أنا لا أقبل إلا أن أكون الطرف التوب .
إن لم يكن لديك مانع ، يمكننا المتابعة .”
في الحقيقة —- كان عليه أن يقول هذا في وقت أبكر
لكن كل شيء اليوم حدث بسرعة، ولم يفكر كثيرًا عندما
سحب لين تشي إلى الفندق
تجمّد لين تشي تمامًا : “ ماذا قلت ؟!”
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق