القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch20 الإمبراطور الأسير

 Ch20 الإمبراطور الأسير




بعد أن صعد شياو لان إلى مقصورة السطح الثاني ، 

تبعه أقارب العائلة الإمبراطورية والنبلاء بترتيب مراتبهم ، 

واتخذوا أماكنهم واحدًا تلو الآخر ،


السفينة واسع للغاية ، قادرة على استيعاب مئات من الأشخاص ،

فهي أول سفينة حربية ابتكرها الإمبراطور المؤسس بنفسه ،

يمكن لأشرعتها أن تمتدّ أفقيًا من جانبي الهيكل ، 

وفي رياح الخريف العاتية ترتفع عن سطح الأرض لتُحلّق في الهواء ، 

ومن هنا جاءت تسميتها بـ' سفينة السماء '


في تلك الجولة الجنوبية القديمة ، حملت سفينة السماء

عائلتنا الإمبراطورية من آل شياو محلّقة فوق السهول… 

كان مشهدًا مهيبًا لا يُنسى


جلس شياو لان وأفراد العائلة الإمبراطورية عند مقدّمة السفينة ،

 يتبادلون الحديث والضحكات


أمّا أنا، فلم أُعرهم اهتمامًا ، واكتفيت بالاتكاء على السور ، 

أحرّك مروحة ريش الطاووس بخفّة ، 

وأتأمّل المناظر الممتدّة على ضفتي النهر ،

النسيم اللطيف ينساب على وجهي ، 

يبدّد شيئًا من الهمّ المتراكم في صدري… 

وفي لحظة نادرة ، شعرتُ براحة هادئة


رأيتُ صقر أبيض يقف على درابزين السفينة ، فمددتُ يدي أداعبه


لا يخشَى الطائر الناس ، بل عندما لامس واقي الفضة على 

إصبعي منقاره ، لم يبتعد ، بل نقَرَه بمودّة ، كأنه التقى من جنسه


ساورني شعور طفولي باللعب ، فمددت ذراعي ببطء ، 

فطار واستقرّ على ساعدي


: “ يا صاحب الجلالة الإمبراطور الأكبر ، جلالته يدعوك 

لتذوّق بعض المرطّبات .”


وبينما كنت غارقاً في تلك اللحظة ، جاءني صوت ناعم ، 

مُهذّب… وصوت أعرفه جيدًا


كان ليانغ ران —- التفتُّ إليه ، وبين ملامحه التي تشبه ليانغ 

شنغ إلى حدّ كبير ، خفَّ الظلّ القاتم داخل قلبي قليلاً


وضعت يدي على ظهر يده ، ومع الصقر على ساعدي، 

مشيت معه ببطء نحو المقدّمة


وبعد التحية المعتادة إلى شياو لان ، جلستُ في مقعدي 

المخصص إلى يمينه


لم أره منذ عدّة أشهر —- وقد اسمرّت بشرته قليلًا من 

الشمس ، وبدا أكثر حيوية


لم أعلم إن كان لا يزال يعاني نوبات الجنون بين الحين 

والآخر ، فتعابيره كانت طبيعية ، لكن عينَيه حين تتعلّقان بي 

تلمع فيهما تلك الخباثة القديمة


شياو لان : “ يبدو أن صاحب الجلالة في مزاج جيّد اليوم. 

هل تحسّنت صحتك ؟”


رفع شياو لان كأسًا من النبيذ ، ورشف منه 


بالطبع لم يعد يرسل أولئك الحبوب المسمومة إليّ طوال 

الأشهر التي كان فيها في الحملة… فكيف لا أكون أفضل؟ 

ولكن… أفضل إلى أي حدّ؟


ابتسمتُ بسخرية باهتة ، اختبرتُ النبيذ بـ واقي فضّيّة ، 

ثمّ رفعتُ الكأس نحوه


: “ إنّ سماعي بانتصار جلالتك العظيم يبهجني أشدّ البهجة، 

لقد شُفي مرضي المزمن من تلقاء نفسه دون علاج 

فكيف لا تتحسّن صحتي ؟ 

أشكر جلالتك على اهتمامك .”


شياو لان : “ هذا جيد . كُنت أخشى أنه مع وصول الملك 

ووشي ، لن يستطيع الإمبراطور العظيم إظهار براعته 

ومنافسته في مباراة !”


شياو لينغ بهدوء :

“ جلالتك تمزح .”


تغيّرت ملامح وجهي كما لو أنني أكلت توتًا فاسدًا وحامض ، 

وتدهور مزاجي تمامًا


في حالتي البدنية الحالية ، كيف يمكنني ركوب حصان أو إطلاق سهم ؟ 


إذا أجبرني شياو لان على التنافس مع الملك ووشي المتعجرف المغرور 

 ألا يعني أنه يريد إحراجي عمدًا وأبدو كالأحمق ؟


{ لا بأس ،، سأتظاهر بالسكر وأعتذر }


رفعتُ رأسي وشربت النبيذ ، وسكبت نصفه على مروحتي 

التقطتُ حبّة كرز وقدّمتها للصقر الذي يمدّ منقاره على ذراعي


وبينما أفعل ذلك ، طارت حبّة عنب عبر الهواء ، فالتقطها الصقر بفمه المفتوح


دوّى صفير وتصفيق


رفعتُ رأسي ، فرأيتُ شياو جينغ ، الذي مُنح لقب ' ملك شيجينغ ' ينظر إليّ بعينين كزهور الخوخ ،

 تملؤهما ابتسامة لاهية


( أحد التوأم )


لقد انقلبت أحواله مؤخرًا


خسر دعم عائلة مِنغ ، وصار ملك مقاطعة لكن لقب بلا سلطة


ومع ذلك ، ظلّ يتصرّف كما لو أنّ شيئ يحدث —يضحك ، 

يمازح ، ينشد الشعر ، يعزف الموسيقى ، وينشغل بالطيور و الزيز


لا أثر للجدّ ، ومع ذلك ، كنت أشعر أن شياو لان يوليه 

اهتمامًا بالغًا ، وإلا، فلمَ أبقاه في العاصمة ميانجينغ؟


قال شياو جينغ وهو يلتقط حبّة عنب أخرى :

“ إن لم يمانع العمّ الإمبراطوري ، فلِمَ لا تُعِرني هذا الصقر لأعتني به قليلًا ؟”


شياو لينغ :

“ خذه "


أغلقتُ مروحتي ، ورفعتُ ذراعي لأدفع الصقر نحوه —-

لكن الطائر رفض ، ورفرف بجناحيه مُنقضًّا على رأسه


عندها تدخّل توأمه — ملك مقاطعة بايي شياو مو — 

ولوّح بيده ليصدّ الصقر ، 

بل أزال بعض الريش عن شعر أخيه بعناية 


بدا كأنه زوج محب أكثر من كونه الأخ الأصغر


راق لي المشهد


فهذه العلاقة الخاصة بين الأخوين لن تبقى مخفية طويلًا ،

لكن حين لاحظ شياو مو أنّ نظري ثابت على شياو جينغ ، 

اسودّ وجهه 


أمسك بجناح الصقر ، وبـ ' طَقّ ' واحدة كسرَه ، 

ورمى الطائر خارج السفينة


ارتفعت أصوات الدهشة من الجميع


حتى أنا صُعِقتُ


لم أظنّ أن الابن الثالث لشياو لان يحمل طبعًا بهذا العنف


لم أره سوى هادئًا وقليل الكلام ؛ 

لم أتوقع أبدًا هذا الجانب منه —

كان يخفي مشاعره… لكنّه يتحرّك بسرعة وحسم


رجل قد يصنع أمرًا عظيمًا يومًا ما


صاح شياو جينغ بغضب :

“ أخي الثالث ! كان صقراً ممتازًا ! أردتُ أن ألهو به!”


أنزل شياو مو عينيه ، وقال ببرود :

“ مخالب الصقر حادّة ، لو خدش وجه أخي الإمبراطوري 

لأفسد جماله "


تمتم شياو جينغ : “ لا تعرف إلا كيف تفسد المتعة ” 

وصمت


كان هذا الموقف كافيًا ليُبهِت المجلس


لكن شياو لان أثنى على شياو مو مرّتين ، وقال إنه حاسم 

ويعرف الأولويات


أزعج هذا شياو جينغ، فأخذ عنقود عنب وركض نحو حافة 

السفينة ليجذب مزيدًا من الصقور 


قال شياو شون وهو يحاول إصلاح الجو :

“ ملك شيجينغ يملك روحًا شبابية … ما أندر ذلك ،،

حين كنا في عمره ، كنّا غارقين بالهموم ، 

كيف لنا أن نكون بخفّته ؟ ما رأيك يا جلالتك ؟”


خف الجو من جديد


لقد تغيّر شياو شون كثيرًا طوال سنواته في ينغتشو القاسية


لم يعد ذلك الفتى الحادّ العناد


صار أكثر لطفًا ودراية بالكلام


رد شياو لان :

“ صحيح ، خصوصًا الإمبراطور الأكبر ( لينغ ) — الذي كان 

الأكثر نضجًا بيننا نحن الإخوة ،،

لو أن ابني جينغ إير نصف ما كان عليه حينها ، لكان نعمة .”


وألقى عليّ نظرة ذات معنى ، أعلم أنه يُلمّح مرة أخرى إلى 

كيف كنتُ أضايقه في صِغرنا


فتحتُ مروحة الريش لأحجب عينيه عنّي ، وخفضتُ رأسي، 

وشربت جرعة نبيذ


قال شياو شون وهو ينحني قليلًا :

“ لقد جلبتُ في هذه الزيارة كنزًا أقدّمه لجلالتك "


ثم أخرج صندوق خشبي صغير متقن الصنع ، 

يلمع بريقه تحت ضوء المصابيح ،


أشرق وجه شياو لان

: “ أوه؟ وما هو؟ دعنا نرى .”


أخذ الخصيّ الصندوق ، وفتح الغطاء ببطء ، 


فور فتحه ، انبعثت منه رائحة غريبة… 

تشبه رائحة السمك


قال شياو شون وهو يبتسم :

“هذا هو الوينو —يُصنع من خصيتي حيتان البحار الجنوبية . 

إذا شُرب مع النبيذ ، فإنه يقوّي الجوهر الروحي ، 

ويقوي الكلى ، ويزيد الحيوية ، 

وهو أكثر تغذية من قضيب الغزال أو قضيب النمر ”


وبما أنّ قليلًا جدًا من محظيّات شياو لان أنجبن في 

السنوات الأخيرة ، فقد غمرته السعادة لسماع ذلك

و فَورًا أغدق على شياو شون مكافآت وفيرة — خمسة 

صناديق من الذهب —-

ثم استخدم خدماته الجليلة في المعركة كذريعة لمنحه 

لقب أمير هِيشون —- ووهبه قصرًا في العاصمة ميانجينغ ليكون قصر الأمير شون ——


أفعال شياو لان هذه جعلت قلبي ينقبض —- 

شعرت بقلق لا أستطيع دفعه


فأنا بطبعي بارد ، لا أُحسن إلى أحدٍ كثيرًا ،،


لكن أخي السابع شياو شون واحد من القلائل الذين كنتُ صادقًا معهم


كنّا متقاربين في السن ، ومتوافقين في المزاج ، 

وحين انكشف أمر علاقته بأختنا الخامسة ، 

كنتُ أنا من توسّط لدى والدي الإمبراطور ليُبقيه على 

مكانته ، ثم عامَلته باللين بعد اعتلائي العرش ،

لذا … حين رأيتُ عودته إلى العاصمة ، كنتُ أعدّه حليفًا طبيعيًا ، 

لكن بعد هذا التكريم السخيّ من شياو لان ، لم أعد أعلم… 

هل سيتزعزع قلب شياو شون الذي قاسى سنوات طويلة 

في ينغتشو؟


وبينما كنت غارقًا في هذا القلق ، أخذ شياو لان قطعة من الوينو من الصندوق ، 

والتفت إليّ بابتسامة


: “ بنية الإمبراطور الأكبر ضعيفة 

وأنت أحوج إلى هذا منّي "

ثم أمر الخصيّ الذي بجانبه :

“ اذهب ، وقدِّم قطعة للإمبراطور الأكبر ”


لوّحتُ بيدي رافضًا ' لطفه ' — لكن القطعة وُضعت أمامي بالفعل ، 

فلم يكن لي مفرّ من قبولها ، 

أسقطتُها في كأس النبيذ — لمستها بـ واقي الإصبع الفضي —لا تغيّر في اللون

أخذت رشفة صغيرة… كانت الرائحة السمكية تكفي لانتزاع معدتي


وبعد ثوانٍ من ابتلاعها ، شعرت بدفءٍ خفيف يسري في جسدي


لحسن الحظ لم أشعر بغير ذلك


لكن شياو لان لم يكتفِي


“ وجه الإمبراطور الأكبر احمرّ ؟ 

يبدو أن هذا أفعل من نبيذ دم الغزال ، أليس كذلك ؟”


عبست بحاجبيّ ، كابحاً غضبي ، وقبل أن أجيب نهض شياو دو 

ورفع كأسه لتحيّة شياو لان ، كأنه ينقذني عمدًا


كان يرتدي اليوم زيّه الرسمي : رداء أزرق داكن مُطرّز بالنجوم والقمر

جعله يبدو صارمًا، مهيبًا، ويخفف من وحشيته الطبيعية


بدا كوليّ عهد كامل الهيبة — حتى شياو لان بردائه 

الإمبراطوري بدا باهتًا أمامه


شياو لينغ { تنين بذهب قشوره… لا يعيش في بركة عادية ،،،

لقد أسأتُ حقًا تقديرك في الماضي }


وكأنّ شياو دو شعر أنني أتأمله ، توقفت تفاحة آدم لديه 

لحظة وهو يبتلع جرعته

وبعد أن جلس ، نظر إليّ من طرف عينه — ليست تلك 

النظرة المرتبكة القديمة —- هذه المرّة كنتُ أنا من خفَض البصر… 

لأقع مباشرة في عيني شياو يو المتربّصتين


الاختلاط بين هؤلاء يشبه السير في شِركٍ من خيوط العنكبوت… 

كلما حاولتُ الانفلات ، ازداد الالتفاف حولي


فتذرّعتُ بالحاجة إلى الهواء ، وغادرت مقعدي لأجد شياو جينغ ، 

الذي كان يلهو بالطيور وحده ،

تحدثتُ معه قليلًا عن أمور أنيقة — الشِعر والموسيقى


وكنّا غارقين في الحديث حين دوّى في السماء صوت أبواق متتالية—


رفعت بصري نحو بوابة المدينة المعلّقة فوق النهر في الأمام ، وكانت ترتفع ببطء


واقترب قارب صغير


وعلى مقدمته وقف رجل طويل ، ذو شعر ولحية بلون ذهبيّ بنيّ


على كتفه الأيسر رأس ذئب من البرونز ، وذراعه اليمنى عارية


لم يكن سوى ملك الذئاب — ووشي


وعلى جانبيه وقف رجلان : وودون… و ووشا، الذي ظهر مؤخرًا في القصر



ارتعشت جفناي


انتابني إحساس قوي بأنّ أمرًا ما على وشك الوقوع


راقبت ووشا ومرافقيه وهم يُستقبلون على سطح السفينة ، 

ثم عدتُ إلى مقعدي


صعد ملك ووشي الدرج بخطوات متباهية


تجاوز الخمسين ، ومع ذلك لم تبدُو عليه علامات 

الشيخوخة ؛ ما يزال قويّ البنية ، مهيب الحضور ، 

يجعل بقيّتنا نبدو هشّين وصغارًا ، 


توقفت نظرته لحظة عندي ، وفي عينيه لمحة أسف خافتة، 

ثم حوّل بصره إلى شياو لان


وبصفته ملك دولة حليفة يساوي شياو لان مقامًا ، 

لم يكن بحاجة إلى الركوع ، 

و رفع كأسه تحيّة ، فرفع شياو لان كأسه أيضاً


لاحظت شياو دو يحدّق في الملك ووشي بنظرة غريبة بعض الشيء


كلاهما يمتلك تلك العينين النادرة—خضرة يشوبها صفاء 

اليشم ، حادّتين كالذئاب


ومضت في رأسي فكرة


{ هل كان ووشا مختبئًا في القصر بسبب…


بسبب شياو دو ؟


هل بينهما علاقة خفية ؟ }


سرت برودة عبر ظهري


رأيت امرأة تخرج من وفد تشي المرافق لووشي


ترتدي الأحمر ، ووجهها محجوب بغطاء ، 

وشعرها مرفوع بدبابيس عظمية ، 

زينتها الباذخة كانت زينة عروس من تشي — و لا بد أنها 

ليست امرأة عادية


وبالفعل —- ضحك ووشي بصوت صاخب وقال:

“ هذه أختي الصغرى ، جاءت خصيصًا لتُعجب بهيبة ملك ميان .”


— و لما جاءت برداء زفاف لتكتفي بالإعجاب بالهيبة ؟ 

لا شك أنها تطمح إلى المقعد الشاغر… مقعد الإمبراطورة


من هو الأمير الذي سيمنحه شياو لان هذه الإمبراطورة الجاهزة ؟

وهو لا يستطيع رفضها أصلًا ؟؟؟


ضيّق شياو لان عينيه قليلًا —- رفع يده وأشار لها بالجلوس


: “ هذه إذن قدّيسة طائفة الذئاب السماوية الأميرة ووجيا ؟”


الأميرة ووجيا : “ أنا هي "


أجابت بلسان ميانيّ فصيح ، وقد بدا واضحًا أنها استعدّت 

طويلًا قبل قدومها


طائفة الذئاب السماوية هي الديانة الرسمية لمملكة تشي


ولو زوّج شياو لان قدّيسة بهذا المقام إلى أحد الأمراء 

، فقد يستفزّ ووشي ويجرّ الحرب ، 

وإن تزوّجت ووجيا داخل العائلة الإمبراطورية ، فعلى شياو لان بالمقابل 

أن يرسل أميرةً من سلالتنا إليهم

عندها يرتبط ميان وتشي برباط لا ينفصل —-

وهذا… ليس في صالح أحد


رفعت كأس النبيذ دون وعي ، وانسكب بعضه على ردائي 

دون أن أشعر


أمرت ليانغ ران الواقف بجانبي أن يساعدني على تبديل ملابسي


وما إن نُزع ردائي ، حتى صرخ ليانغ ران بفزع :

“ جلالتك … ماذا جرى لجسدك ؟!”


نظرتُ إلى المرآة


كان جلدي مائلًا لاحمرار غريب ، بل إن قطرات دم تسربت 

من أسفل معدتي


انقبض قلبي


تذكّرتُ الوينو —- 


{ الوينو نفسه غير سام… لكن ربما إذا شيء آخر خالطه …


أراد أخي السابع أن يسمّم شياو لان


السمّ بطيء المفعول


لو لم أكشف ملابسي لما لاحظته سريعًا


ورآني أبتلعها بالخطأ… ومع ذلك لزم الصمت


شياو شون … إذن أنت تكرهني 


يا أخي السابع العزيز… بعد كل ما فعلته لأجلك، تريد أن 

تراني أموت ولا تتحرك ؟


هل ظننتَ أنني أنا من أفشى أمر علاقتك بأختنا الخامسة منذ سنوات ؟ }


بردٌ قارس غزا صدري


أخرجت الحبة التي أعطاني إياها باي لي وابتلعتها ، 

وأمرت ليانغ ران أن يحضر لي ماء


أسرع مضطربًا وقدّم لي كأس


كنت منشغلًا بوجهي في المرآة لدرجة أنني شربت نصفه… 

قبل أن أدرك أنه نبيذ


“ قلت ماء … لماذا جلبت النبيذ ؟!”


تغيّر وجهي كليًا


صفعتُه بقسوة


ترنّح واصطدم رأسه بالحائط، ثم هوى فاقد الوعي


حاولت أن أصرخ طلبًا للمساعدة ، لكن حرارة غامرة صعدت 

إلى حلقي ، كجمرة تضغط على صدري


و خرج الدم من أنفي ، وسقطت على ردائي الاحتفالي 

الأبيض… لطخة حمراء صارخة 


“ ه… هل من… أحد…!”


همست ، لكن صوتي كان ضعيفًا جدًا ، ولم يُجبني أحد …




اتكأتُ على الجدار وخرجتُ مترنّحًا


صاح بعض الخصيان: “ جلااااالتك !” واندفعوا نحوي ليسندوني


السفينة قد وصلت إلى مساحة واسعة من مجرى الخندق، 

واشتدّت الرياح وارتفعت الأمواج، فبدأت تهتزّ بقوّة


وبينما نمّر قرب السور ، لا أعرفُ مَن الذي دفعني 

بعنف فجأة — فتعثّرت وسقطت من سور السفينة


شعرتُ بجسدي يخفّ ، وفي اللحظة التالية غمر الماء البارد رأسي


حاولتُ أن أطفو ، لكن الأمواج المتلاطمة مزّقتني وسحبتني من كلّ جانب


وفي رمشة عين ، دفعتني موجة ضخمة عشرات الأمتار عن 

سفينة السماء


كنتُ ضعيفًا أصلًا ، ولا أجيد السباحة ، وفوق ذلك الليل حالك


ابتلعتُ عدّة كميات من الماء وشعرت بالدوار


كنت أسمع صياحًا يدعو للإنقاذ ، لكنّي لم أعد أميّز الاتجاه


وتذكّرتُ أنّ في هذه المياه أسماكًا تفترس البشر… فدبّ الرعب في قلبي


في هذه اللحظة ، شعرت بشيء يشبه ذيل سمكة يلامس ساقي


تجمّد دمي


وتمامًا حين أوشكت على الغرق وفقدان الوعي، قبضت يد 

قويّة على ذراعي


سبح الشخص تحتي ثم رفعني فجأة فوق سطح الماء


: “ عمّي !! تمسّك بي !”


صرخ شياو دو بصوت مدوّي


انتعش قلبي


تمسكت بعنقه مثل غريق تعلّق بقشّة


كان سريع ، رشيق الحركة ، يضرب الماء بقوّة ، 

يشقّ الرياح والأمواج


وبعد بضع حركات ، أوصلني إلى ضفة ضحلة داخل خليج 

صغير من النهر


وضعني فوق صخرة ملساء


كنت كسمكة طرحتها الأمواج على الشاطئ، فمي مفتوح ولا أتنفّس


ضغط شياو دو على صدري مرات


ولما رأى أنني لا أسعل ، أمسك بذقني بيده ، وانحنى فوقي ، 

وأطبق شفتيه على شفتيّ ، يمتصّ الدم المتخثّر الذي سدّ مجرى تنفّسي


وما إن دخل الهواء فمي حتى انفجرت في سعال عنيف


لم يستطع تفاديه ، فابتلع الدم الذي قذفته 


لم يغضب أو يعبس و ساعدني على الجلوس ، 

ومسح فمي بيده


رغم دواري ، كنت واعيًا بما يكفي لأعرف أنّ الدم الذي 

أخرجته كان مسموم

و أمسكتُ رسغه بسرعة ، أريد أن أقول له أن يشرب ماء 

النهر فورًا… لكن لم يخرج من حلقي أيّ صوت


لقد فقدتُ صوتي


سعلتُ ونهضت بصعوبة ، وقلّبتُ ذقنه بيدي


بدا أنّ شياو دو فهم الخطر أيضًا


ركع ، غرف حفنة ماء وشربها 


وبعد أن تنفّس بعمق عدّة مرات ، نهض وجرّ معطفه الاحتفالي المبتلّ حتى خصره


وتحت انعكاس ضوء القمر ، رأيت آثار إصابات متقاطعة على 

ظهره النحيل القويّ— تذكارات معاركه في ينغتشو


: “ عمّي  … ما الذي شربته للتو ؟”


كان صوته ثقيلاً ، وقد بدأ يختلّ


استبدّ بي القلق من أن يفتك به السمّ ، فأشرتُ إليه أن 

يشرب المزيد من الماء


لقد ابتلعت كثيرًا من الماء قبل قليل ، وبعد أن تقيّأته 

شعرت ببعض التحسّن


كان في صدري حرارة خفيفة ، لكن بدا أنني خرجتُ من دائرة الخطر


شرب شياو دو عدة جرعات أخرى


وفجأة— ووووششش — لمع خيط بارد قرب أذني


( سهم )


ارتمى شياو دو عليّ فورًا ، وضغط جسده على جسدي ، 

و تدحرجنا عدّة مرات وسط الشجيرات عند ضفة النهر


حبستُ أنفاسي وضاق بصري


رأيت ظلال سوداء تخرج من الماء


جميعهم يحملون أقواس و سهام ، بملابس زرقاء وأوشحة 

حمراء وأحذية عالية— إنهم حرّاس القصر الذين كانوا على 

متن السفينة —- لكنهم لم يأتوا لإنقاذي… بل لقتلي —-


لم أعرف مَن الذي أرسلهم 


بالتأكيد ليس شياو لان؛ لو أراد قتلي لفعل ذلك منذ زمن، لا الآن


{ هل هم رجال أخي السابع ؟ 

كانوا ينوون قتل شياو لان ، لكنّهم لمّا رأوني أسقط في الماء 

أرادوا قتلي أنا أيضًا ؟ أم أنّ هناك شخص آخر ؟ }



كان نَفَسُ شياو دو ثقيل ، متقطّع 


اضطررتُ أن أضع يدي على فمه ، لكنه أمسك بمعصمي وسحبها بعيدًا


دفن رأسه في عنقي ، وابتلع ريقه ، وكتم أنفاسه بصعوبة


تفاحة آدم المرتجفة التي لامست عظام ترقوتي كانت كجمرٍ 

ساخن ، حتى إن حرارته جعلت قلبي يخفق بقوّة


“ يا عمّي الإمبراطوري… رائحتك… جميلة .”


تجمّدت


ظننتُ أنّ أذني خدعتني 


لكنّ عنقي احمرّ في اللحظة التالية حين عضّها بخفّة


تصلّب جسدي كلّه ، متظاهرًا بأنني لم أشعر بشيء 


أمّا شياو دو، فازداد جرأة —- أبعد شعري جانبًا ، 

وبدأ يُقبلني قبلات متتابعة عند عنقي ، 

ثم داخل طيّات ياقة ثوبي


صوت خطوات المهاجمين تقترب


لم أجرؤ على الحركة


رغبة القتل تختمر في صدري ، وكل ما ندمتُ عليه الآن هو 

أنني لم أدَع هذا الذئب الصغير يموت بالسمّ قبل قليل


لكنه بدا غافلًا تمامًا عن الخطر الذي يزحف نحونا، 

مسترسلًا في تقبيل عنقي كما لو أنّ العالم فارغ


ولم يتحرّك إلا حين أصبح الرجل على بُعد خطوة واحدة


نهض شياو دو بصمت ، قبض على عنق الرجل بدقّة ، وطرحه أرضًا


شدّ ذراعه قليلاً— وانكسرت الرقبة


كانت حركته سريعة ، نظيفة ، ووحشيّة… 

ذئب يقفز من ظلال الغابة على فريسته


كنتُ مذهولًا  —- {بمهارة كهذه… حتى لو كنتُ في كامل قوتي ، 

لربما لم أهزمه في مبارزة فرديّة }



أخذ القوس من ظهر القتيل ، وانحنى منخفضًا ، جهّز السهم ، شدّ الوتر ، وأطلق


سهم واحد ، قتيل واحد — بلا خطأ


في لحظة… عمّ السكون —-


كنتُ على وشك الإشارة إليه بأن يُبقي واحد منهم حيًّا للاستجواب ، لكنني رأيته يعود إليّ


رفعني على كتفه ، وقفز بين الأشجار إلى عمق الغابة ، 

ولم يتوقف إلا حين ابتعدنا كثيرًا عن ضفة النهر



لياة صيف ، لكن البرودة قرب الماء تسلّلت إلى جسدي 


عطست


غطّى شياو دو فمي بيده ، أصغى للغابة ، ثم أطلق أنفاسي


وبعدها مدّ يده إلى رباط خصري


: “ يا عمّي الإمبراطوري ثيابك مبتلّة ، 

دعني أساعدك على نزعها .”


لم أستطع الكلام ، فاكتفيت بالإيماء ، مستندًا بضعف إلى جذع شجرة


نزع عنّي ردائي الخارجي ، تنفّس بعمق ، ثم بدأ يخلع الطبقة الوسطى


وما إن وصل إلى نصفها حتى وقف فجأة


ظننتُ أنّ قاتلًا آخر ظهر ، لكنني رأيته يأخذ ردائي الخارجي 

ويدخل في العتمة 


لم أعلم ما الذي كان ينوي فعله


غلبني النعاس للحظة… وعندما فتحتُ عيني ، كان شياو دو 

واقفًا بظهره لي ، ظهره مقوّس ، وذراعاه تتحركان صعودًا وهبوطًا


{ هذا الشاب !!! … بلا خجل على الإطلاق !! 

يفعل… هذا… أمامي… }


كنتُ على وشك مواصلة التظاهر بالنوم ، 

حينها شممتُ رائحة خشب محترق ، 

ورأيتُ وهج نار يلمع أمام شياو دو


عندها فقط أدركتُ أنه كان يُشعل النار بحفّ الخشب


وحين سمع حركتي خلفه ، التفت


أغلقتُ عيني بسرعة


سمعتُه يضحك ضحكة خافتة ، بالكاد تُسمع ، 

لا أعرف ما قصد بها، ثم عاد إلى النفخ في النار


شياو دو :

“ في الأشهر الماضية في يينغتشو تعلّمتُ أشياء كثيرة لم 

يعلّمني إياها عمي الإمبراطوري من قبل

أستفدت منها كثيرًا .”


شياو لينغ : " تسسسك " شعرتُ أن صوتي بدأ يعود ، 

ابتلعت بصعوبة وقلتُ بضعف :

“ أخشى أنك بعد مخالطة القراصنة طويلاً… 

اكتسبتَ عادات سيئة كثيرة .”


صمتَ شياو دو لحظة


: “ قبل قليل، أنا…”


فقلتُ بلا مبالاة :

“ قبل قليل ابتلعتَ عن طريق الخطأ الوينو الذي أخذته 

و أظنّ أنك… خلطتَ بيننا وبين شخص آخر ”


داس على غصن ، وظلّ صامتًا طويلًا


كان لا يزال فتى في السابعة عشرة ، بالكاد شارف على 

الرجولة ، و بدايات الرغبة والشهوة بدأت تتحرّك فيه


{ ما زال هناك وقت لردعه عن هذه الأفكار المتمرّدة… المنحرفة


لا يمكن أن أتركه يستمر في هذا الطريق 


لكن لا يمكن أن أدفعه بعيدًا أيضًا


مأزق حقيقي ... كيف أتصرف ؟ }


وبينما أدور في هذه الأفكار ، عطست مجدداً 


رفعتُ رأسي نحوه — جذعه العاري المبتلّ يشعّ حيوية الشباب 


لم أرغب أبدًا في الاقتراب أكثر


لم أتحرّك… لكنّه هو الذي تحرّك


وحين وقف ، ارتجفتُ من الصدمة—كان عاريًا تمامًا


أرديته و بنطاله فوق صخرة


نظري انجرف بلا وعي إلى الأسفل 


ورغم أن نصف جسده السفلي ابتلعته العتمة ، إلا أنّ بنية 

الشماليين الجبّارة كانت واضحة… كافية لإشعار رجل بالغ كبير مثلي بالنقص


شياو دو :

“ ما رأيك يا عمّي الإمبراطوري ؟”


خطا نحوي ، وخرج جسده كلّه من الظلال —-


وقف أمامي ، طويلًا ، مهيبًا ، لا يعرف الخجل


و عيناه الضيّقتان الوسيمة تحدّق بي من فوق


تلعثمت :

“ مـ-ما… ‘ما رأييي ’؟”


هبط عليّ ضغطٌ خفيّ، وانعقد لساني


مال شياو دو برأسه قليلًا… 

وارتفع طرف فمه بابتسامة حادّة : 

“ ما رأيك فيني "


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • عادي
  • متطور
  • ترتيب حسب الاحدث
    عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق
  1. ما اتوقعت بنصدم من رواية في حياتي قد ما انصدمت اللحين
    ذكرتني برواية ثانية تنافسها 🌝

    ردحذف

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي