Ch6 BFIHTE
عندما غادر لي تينغيان حيّ لين تشي ، لم يتوقع أبدًا أن يراه مرة أخرى ،
كان الأمر مجرد عابر قصير في حياته ،
كآثار عجلات على الثلج ، تختفي مع شروق الصباح ،
ابتسامة لين تشي كانت جميلة ،،
وخاصة تلك الجرأة الآسرة حين جلس في حضنه ، وأشعة
الشمس تنساب إلى الغرفة
جزءه العلوي عارٍ ، بشرته ناعمة كالحرير ، تتلألأ كالألماس
جميل
متغطرس
وشخصية ممتعة
لا يُنسى حقًا
لكن… هذا كل ما في الأمر
زواج شو مو وجّهه ضربة قاسية فعلًا ،
لكنها لم تكن كافية لتغيير طبيعته ،
ولا لدفعه إلى الانغماس ،
ولا إلى التعلّق بعلاقة جديدة بيأس ،
علاقة عابرة كانت مناسبة تمامًا
كحلمٍ ربيعي لا يترك أثرًا ،
تستيقظ منه ولا يبقى سوى إحساس بتساقط بتلات بين الأصابع
لكن القدر… لا يسير دائمًا وفق ما نريده ——
وقف لين تشي مستقيمًا ، يستمع إلى توبيخ المشرف
كان يرتدي قميصًا أبيض وسترة ، وبنطالًا مكويًا بعناية
رغم أنه مجرد زيّ عمل ، إلا أنه كان مناسبًا له ، يبرز قوامه بوضوح
استمع إلى المشرف وهو يعدد أخطاء الأسبوع بنبرة هادئة
تنهد لين تشي داخلياً … ،
{ أنا حقًا … غير صالح لهذا العمل
سأستقيل فور استلام راتب هذا الشهر
إن استمررت أكثر ، أخشى أن يقصّر هذا من عمري !! }
لم يمضِ على عمله في هذه الحانة الخاصة سوى عشرين يومًا
كان يمر بضائقة مالية مؤخرًا
الشهر الماضي كان شبه خالٍ من العمل،
وأحد العروض التي وُعد بها أُلغي في اللحظة الأخيرة
الإيجار مستحق
ورسوم دروس الرقص كذلك
الوضع كان خانق
أحد أصدقائه دلّه على هذه الوظيفة ،
وقال إن حانة خاصة يبحثون عن نُدُل
العمل بسيط،
والزبائن من الأثرياء،
والأجر جيّد
في الظروف العادية ،
كان لين تشي سيرفض دون تردد
لكن… حين تُفلس ، حتى الأبطال يلينون
نظر إلى كشف بطاقته الائتمانية ،
وسمع أن الرواتب تُصرف كل نصف شهر ،
فحزم أغراضه وجاء
أنهى المشرف حديثه أخيرًا ،
وأعلن الاستراحة
فكّ لين تشي ربطة عنقه قليلًا ،
وتنهد تنهيدة طويلة
كما وصف صديقه ،
العمل هنا لم يكن متعبًا جدًا
كونك نادلًا لا يتطلب مهارة خاصة
زملاؤه كانوا متنوعين ،
ولا أحد يصعب التعامل معه
لكن طبيعة لين تشي الحيوية
لم تحتمل هذا الروتين الممل
الابتسامة طوال الوقت ،
وعدم الغضب حتى لو تصرّف أحد الزبائن بوقاحة…
كان ذلك مرهقًا حقًا
حسب راتبه ،
واكتشف أنه يكفي إيجار الشهرين القادمين
فترسّخ قراره بالاستقالة الشهر المقبل
وكالته لا تمانع عمله الجزئي ،
لكنه لم ينوِي يومًا أن يلمع في مجال الخدمات
المال فقط… كان كافيًا
ومع هذه الفكرة ،
تحسّن مزاجه قليلًا
رغم أن الوقوف الطويل لا يزال مؤلمًا،
إلا أن نفسيته أصبحت أهدأ
حتى لو بدا الأمر كسجن ،
فثمة عدّ تنازلي على الأقل
انتهت الاستراحة
عاد لين تشي إلى عمله
ومع حلول الليل ،
بدأت الحانة تزداد ازدحامًا
رغم أن الحانة لم تكن تضم سوى عدد محدود من الغرف الخاصة ،
و عدد الزبائن اليومي قليل ،
إلا أن السيارات الفاخرة لم تتوقف عن التوافد أمام المدخل
تبع لين تشي أحد الزملاء الأقدم منه ،
وكان منشغلًا بالتحضيرات
وبعد قليل ، رُبِت على كتفه ،
وأُبلغ أن دواء أحد الزبائن قد وصل ،
وعليه أن يستلمه من عند المدخل
توجّه لين تشي فورًا لإنجاز المهمة
عند المدخل ،
استلم الغرض من رجلٍ في منتصف العمر ،
واستدار ليغادر
ومن طرف عينه…
لمح سيارة مألوفة تتوقف
لوحة أرقامها تنتهي بـ 07
ارتعش جفن لين تشي لا إراديًا
و في هذه اللحظة ،
تقدّم البوّاب وفتح باب السيارة
الشخص الذي نزل
بدا أكثر استرخاءً من آخر مرة رآه فيها لين تشي
بدلة كاكي فاتحة ،
وقميص حرير بلون كريمي
ملامحه الوسيمة والباردة
تشعّ بهيبة طبيعية
تجمّد لين تشي للحظة
الذي نزل من السيارة…
كان لي تينغيان ——-
لم يمضِي سوى شهر ونصف تقريباً
طبيعي أنه لم ينسَى الرجل الذي قضى معه ليلة في الفندق،
ولا ذلك الذي حضر معه حفل زفاف
ربما كانت نظرته واضحة أكثر من اللازم ،
لأن لي تينغيان التفت ناحيته
وحين رأى لين تشي ،
توقف هو أيضاً للحظة
مرّ بصره على لين تشي،
وتعرّف فورًا على زيّ الحانة
عبس بحاجبيه قليلًا ،
وتقدّم خطوة خفيفة ،
كأنه ينوي الاقتراب
لكن في تلك اللحظة بالذات،
وصل الأشخاص الذين كانوا بانتظاره
أحدهم بادره بحماس :
“ الأستاذ لي "
تقدّم الآخرون أيضًا ،
يتبادلون التحيات ،
ويقودونه إلى الداخل
تردّد لي تينغيان لثوانٍ قليلة ،
ثم ترك فكرة الحديث مع لين تشي
سحب نظره ،
وتصرّف وكأنه لا يعرفه
أومأ بأدب،
وردّ على حديث الآخرين
كان كالقمر
عالٍ ، رصين ، بعيد
يبتسم مجاملة ،
لكنه يبقى منفصلًا
محاطًا بالناس ،
دخل إلى الحانة
بعد أن دخل جميع الضيوف ،
عاد لين تشي مسرعًا إلى الداخل ،
وسلّم الكيس لنادل كان ينتظره خارج إحدى الغرف الخاصة
ومع ذلك ،
تعرّض للتوبيخ بسبب تأخّره ——-
وخاصة أنه توجّه إلى المدخل الرئيسي ،
فازداد استياء زميله الأقدم :
“ كم مرة قلت لك تستخدم الباب الخلفي ؟
المدخل الرئيسي للزبائن
إذا استمريت تنسى ، لن تبقى للعمل هنا طويلاً .”
لم يشرح لين تشي أن التوصيل كان إلى المكان الخطأ
في النهاية،
كان كلام زميله صحيحً
الخطأ خطؤه
وكونهم لم يخصموا من أجره…
كان لطفًا بحد ذاته
طباعه لم تكن مناسبة لهذه الوظيفة على المدى الطويل
و أثناء مسحه للأواني ، تشتّت ذهنه ، متذكرًا المشهد عند المدخل
لم يكن المدخل الرئيسي للحانة فاخرًا ، بل مصممًا بشكل خفي،
مع مصابيح جدارية ناعمة خافتة تضيء الليل
وتحت هذه الأضواء ،
بدا وجه لي تينغيان أكثر برودة من آخر مرة التقيا فيها
حتى لاحقًا، عندما تحدث مع الآخرين،
كان ابتسامه مجرد مجاملة، خالية من أي دفء
فكر لين تشي { هذا ليس الرجل المكسور القلب من تلك الليلة …
برودته الحالية ، وكأن لا شيء يمسه ،
يذكّرني بأشرار رجال الأعمال الأثرياء في الدرامات الرومانسية }
ابتسم لين تشي عند هذه الفكرة
{ لو ظهر لي تينغيان هكذا في الحانة سابقاً ، ربما لن أقترب منه وقتها لأُغازله أبدًا }
هز رأسه، وحاول نسيان هذه الحادثة الصغيرة، وركز على عمله
لكن يبدو أن حظه السيء بدأ يظهر ——
خلال واحد وعشرين يومًا منذ بداية عمله في الحانة ، كانت الأمور سلسة
الزبائن، رغم اختلاف طبائعهم، لم يسببوا عادة مشاكل للنادلين،
وبعضهم كان حتى يقدم بقشيشًا بسخاء
لكن اليوم، تمامًا عندما كان ينوي الاستقالة ، واجه مخربًا سكرانًا
المدير : “ ضيفنا العزيز نعتذر بصدق عن سلوك نادلنا غير اللائق.
الخطأ يقع علينا لعدم تدريب موظفينا بشكل صحيح.
سأحرص على تعليمه جيدًا . أرجو ألا تغضب .”
اعتذر المدير بجدية لرجل نحيل يقف أمامه
لم يكن أمام لين تشي خيار سوى الانحناء أيضًا ،
شعر أن صبره ينفذ شيئًا فشيئًا
قبل قليل —- ، خرج هذا الرجل النحيل من غرفة خاصة ،
وكان بحاجة لنادل يساعده ،،
كان واضحًا أنه قد شرب كثيرًا ،
وجهه محمر ورائحته تفوح بالكحول ،
وكان يشتكي لمن حوله ،
بدا أنه متضايق من بعض الخسائر التجارية الأخيرة ،
وفي حالة مزاجية سيئة جدًا
وقف لين تشي بهدوء جانبًا ، يفسح له الطريق ، تقريبًا
مختبئًا خلف مزهرية
ومع ذلك، بطريقة ما، لاحظه الرجل النحيل
كان لين تشي يرتدي نفس زي الحانة ، القميص والسترة الرسمية
كان موظفو الحانة مختارين غالبًا لمظهرهم الجيد ،
ومع ذلك ، برز لين تشي بينهم
ألقى الرجل النحيل نظرة عليه عدة مرات ،
ثم فجأة تخلص من النادل الذي كان يدعمه ،
وأشار إلى لين تشي وقال:
“ دع هذا النادل يأتي ،
أشعر بالدوار ؛ دعه يساعدني إلى الباب .”
لم يكن لين تشي غبيًا ، وقد رأى بوضوح النظرة الخبيثة في عيني الرجل
لكن في ظل الظروف، لم يكن أمامه سوى الطاعة
أخذ نفسًا عميقًا،
وتوجّه نحو الضيف مطيعًا،
ودعمه نحو الباب، مطمئنًا نفسه طوال الطريق أن المسافة قصيرة
لكن ما لم يكن يجب أن يحدث أبدًا ،
هو أن هذا الضيف الأحمق أمسك بمؤخرته ——
أنزل لين تشي رأسه { حسنًا … ربما رد فعلي كان مبالغًا فيه قليلًا وقتها … }
لقد قام بشكل غريزي برمي الأحمق أرضًا
و الآن ، الرجل ، الذي كان سكرانًا ومتوتر المزاج بالفعل ،
يبحث عن سبب لإثارة المشاكل
طالب بطرد لين تشي وأصر على أن يرافقه إلى المستشفى ، ولا أحد سواه
لين تشي { اللعنة ….
مستشفى ، حقًا ؟
سأكون أحمقًا لو ذهبت معه ! }
المدير — رغم صرامته ، كان عادلاً —
وبينما يعتذر للضيف بلا توقف ، لم يوافق على أن يذهب
لين تشي مع الضيف ——-
فبعد كل شيء ، ما زالوا في الحانة ، ووجود ضيف مثير
للمشاكل وهو سكران ليس بالأمر الغريب
ورغم أن زبائن الحانة من الأثرياء أو ذوي النفوذ ، إلا أنهم لا
يستطيعون فعل الكثير علنًا
ولكن لو ذهب لين تشي مع الضيف ، من يدري ماذا قد يحدث ؟
خصوصًا مع الرجل المخمور والمتقلب ، قد تكون العواقب وخيمة
قال المدير بجدية :
“ ما رأيك بهذا ، سأرافقك إلى المستشفى ،
سنتعامل مع الرجل ونعاقبه ، ولاحقًا سنذهب إلى منزلك
لنقدّم اعتذارًا رسميًا ونعوضك.”
الرجل النحيل — وقد بدأ يتعافى قليلاً من السكر، أصبح أكثر
سخرية : “ ما فائدة هذا بالنسبة لي؟” قال ببرود، دون أن يخفي خبثه :
“ أنت ممل ، لا فائدة من ذهابك معي ،
لقد أسقطني أرضًا — ربما أصبت — أليس من المفترض أن
يعتني بي لبضعة أيام ؟”
نظر إلى لين تشي مجدداً :
“ أنت مجرد نادل صغير ، كل ما أطلبه منك هو مرافقتي إلى المستشفى ،،
لا تختبر حظك. ،،
حتى لو طلبت منك البقاء في بيتي أسبوعًا، لن يكون كثيرًا "
كان بالفعل هذ الرجل غير راضٍ
فـ مؤخرًا ، تكبد خسائر في عمله ، وعند بلوغه الأربعين ،
بدأ يشعر بتفوق شقيقه الأصغر عليه ، بلا متنفس لغضبه ،
ورؤية تعبير لين تشي المظلوم أمدّه بشيء من الرضا
“ حاول أن تجادلني مجدداً ،
لنرى إن كنت سأتعامل معك أم لا "
شد لين تشي أسنانه
كان على وشك الانفجار من الإحباط ، يريد لكم الرجل أمامه
لكن لم يستطع
الوضع خارج عن سيطرته
بوصفه عاملًا بلا قوة، لا يستطيع أن يغضب زبائن الحانة
خصوصًا مع رؤية المدير ينحني من أجله ، لم يكن بإمكانه
التصرف بتهور وإشراك الآخرين في مشاكله
نظر إلى الرجل النحيل ، الفاسد بالرذائل ، ثم إلى المدير
الذي لا يزال يتفاوض نيابةً عنه ، وفكر ربما من الأفضل
الموافقة مؤقتًا ، والبحث عن فرصة للهرب فور مغادرتهم الحانة
كان على وشك أن يمسك بكم مديره ويتحدث ،
لكن خطوات أقدام سُمعت من الخلف
جاء صوت بارد من الجانب :
“ ما الذي يحدث هنا ؟”
تجمد لين تشي على الفور واستدار لينظر خلفه
تحت الثريا الكريستالية ، الأرض تتلألأ كالماء
خرج لي تينغيان من غرفة خاصة ، ووقف بجانبه ، بدا وكأن
اللقاء قد حدث بالصدفة
ظهر لي تينغيان كضيف عادي يمرّ من المكان ، وبدا منزعجًا
قليلًا من الضوضاء ، ووجهه هادئ لكن مع لمحة من
التدقيق حين نظر إلى الرجل النحيل
توقفت أيضًا المجموعة التي كانت تتناول الطعام مع لي تينغيان
وأحدهم الذي يعرف الرجل النحيل ابتسم وقال:
“ لاو هوانغ ما الذي تفعله هنا ؟”
الرجل النحيل لم يعرف لي تينغيان، لكنه، لمّا رأى الآخرين
يتصرفون باحترام ، استطاع أن يخمن المكانة غير العادية له
محرجًا من الاستجواب العلني ، تمتم دون أن يعطي إجابة واضحة
سرعان ما شرح المدير قائلاً :
“ لقد وقع خطأ في خدمتنا ،
انزلقت قدم النادل أثناء دعمه للسيد هوانغ ، مما جعله يسقط ،
نحن نعتذر للسيد هوانغ، ونعرض مرافقتكم إلى المستشفى
للفحص ، وسنتحمل جميع التكاليف . ولإظهار اعتذارنا،
أعفيناكم من جميع الرسوم الليلة وأعطيناكم بطاقة سوداء.
رغم أن هذا قد لا يعوض تمامًا عن الصدمة، لكنه علامة على صدقنا .”
الجميع الحاضر كان حذرًا
لقد خمنوا بالفعل أن السيد هوانغ كان يستخدم الكحول
فقط كذريعة لمضايقة النادل الوسيم
مثل هذه الأمور ليست نادرة هنا
معظم الناس، رغم مكانتهم، لن يزعجوا النادل علنًا
حتى لو أعجبوا بأحدهم، كانت هناك طرق أكثر دقة
لذا نظروا بازدراء إلى هذا السلوك
لكن بما أنه لا يخصهم، لم يعتزم أحد التدخل
كانوا متعجبين من سبب توقف لي تينغيان
لم يغادر لي تينغيان، بل قال للمدير:
“ الأخطاء العرضية في العمل مفهومة ...” ثم التفت إلى السيد هوانغ وسأله :
“ ألا ترى ذلك سيد هوانغ ؟”
تحوّل وجه الرجل النحيل إلى العبوس
غير قادر على تقدير مكانة لي تينغيان، علم أنه لا يستطيع
إهانته ، لكنه شعر أن الموافقة ستفقده ماء وجهه ، فظل صامتًا
سرعان ما حاول الجميع تهدئة الأمور مع السيد هوانغ
: “ لاو هوانغ، لماذا تتجادل مع الأطفال؟
هؤلاء النادلين دائمًا حمقى ، لا يستحقون الغضب .”
: “ بالضبط، لا تهتم بالأطفال.”
تحسن وجه الرجل النحيل أخيرًا ، وبدأ يبادلهم الحديث
تجاهل لي تينغيان تلك المراوغات الزائفة ، ألقى نظرة خفيفة على لين تشي، وقال:
“ هذا لا يعنيك بعد الآن . اذهب .”
تجمد لين تشي للحظة ، ملتقيًا نظر لي تينغيان
دفعه المدير بسرعة على ذراعه و جعله يسرع بالانصراف
عند دخوله الممر ، نظر خلفه
وقف لي تينغيان بين الحشد ، لا يزال الأكثر بروزًا تحت ثريا
الكريستال ، يغمره وهج ناعم ….
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق