Ch8 BFIHTE
حين استيقظ لين تشي هذه المرة ، شعر بأن جسده أكثر
إيلامًا من المرة السابقة ~
تسلّل ضوء الشمس عبر ستائر النافذة ليسقط على وجهه، فتأوه بألم
بعينين نصف مغمضتين ، تساءل إن كان قد نسي إغلاق الستائر الليلة الماضية
{ لماذا الضوء ساطع هكذا في الصباح الباكر ؟ }
وبينما يفكّر ، مدّ يده ليمسك هاتفه ، غير مدرك أنه كان
مستلقيًا على الأريكة ، ونصف جسده متدلٍّ منها، على وشك الانزلاق—
امتدّت يدان من الجانب وأمسكتا به
استفاق لين تشي تمامًا هذه المرة ، وفتح عينيه بصعوبة ،
ليقع نظره على عينين سوداء داكنة كالحبر
“ هاه ؟…”
تمتم ، ثم تعرّف إلى وجه لي تينغيان، فاستعاد هدوءه أخيرًا
{ تذكّرت الآن }
الليلة الماضية ، كان متهوّرًا ، فأعاد لي تينغيان إلى شقته
و عبثا معًا طوال معظم الليل ، ولم يكلّفا نفسيهما عناء
الذهاب إلى غرفة النوم، بل تعانقا على الأريكة فحسب
ولحسن الحظ، كانت الأريكة كبيرة بما يكفي ، وهو
يستخدمها أساسًا كسرير ، تعلوها بطانية كبيرة ، تُستعمل
أحيانًا للأصدقاء الذين يبيتون عنده
لكن الوضع الحالي كان محرجًا بعض الشيء
أعاد لي تينغيان لين تشي برفق إلى الأريكة
و بالفعل ، كانا قد نسيا إغلاق الستائر الليلة الماضية ،
فبقيت نصف مفتوحة
والآن، مع ضوء النهار ، صار الداخل ساطعًا ، وبعد حماس الليلة الماضية ،
وفي الظلام ، لم يكونا قد انتبها إلى كمّ الفوضى
أما الآن ، فقد انكشف كل شيء في غرفة الجلوس
مجلات مبعثرة على الطاولة ، زجاجات نبيذ غير مفتوحة
تحت الأريكة ، أكواب ماء هنا وهناك ، معطف مطويّ ،
وسترة معلّقة على ظهر الكرسي
كونها شقة رجل أعزب ، لم تكن متّسخة أو فوضوية بشكل
مبالغ فيه ؛ الطاولات والأرضية نظيفة ، وهو ينظّف أسبوعيًا
لكنها ، في الوقت نفسه ، بعيدة عن أن تُوصَف بالمرتّبة
انحنى لي تينغيان، التقط كرة تنس تدحرجت إلى قدميه،
ووضعها على الطاولة
جلس لين تشي على الأريكة ، وشعر متأخرًا بقليل من الحرج ، ففرك أنفه
لاحظ أن لي تينغيان كان قد بدّل ملابسه في وقتٍ ما، وأن
ساعة الحائط تشير إلى العاشرة
من الناحية المنطقية ، كان بإمكان لي تينغيان أن يغادر بعد أن استيقظ ؛
فهما ليسا حبيبين ينتظر كلٌّ منهما الآخر بلطف
و تحت البطانية ، كان صوت لين تشي لا يزال مبحوحًا :
“ هل استيقظت منذ وقت طويل ؟”
“ ليس كثيرًا ، قبلَك بساعة تقريبًا .”
توجّه لي تينغيان إلى الخزانة قرب الباب ، التقط كيس
مُغلقة ، ووضعها على الطاولة أمام لين تشي
“طلبتُ من سكرتيرتي أن ترسل ملابس وإفطارًا قبل قليل.
إن لم تكن ستعود للنوم ، اغتسل بسرعة وتعال لتتناول الإفطار .”
كان لين تشي لا يزال شارد الذهن ، لكنه أومأ
بعد بضع ثوانٍ من التحديق الفارغ — ، نهض
انزلقت البطانية عنه، كاشفةً عن جسده المتناسق، الناعم
كالحرير ، مع كدمات خفيفة على ظهره وكتفيه
توقّفت نظرة لي تينغيان لحظة عند خصر لين تشي ، ثم صرف بصره بصمت
كان الأمر غريبًا
في الليلة الماضية ، حين كانا مكشوفين أمام بعضهما ، لم يشعر بالحرج
أمّا الآن ، في ضوء النهار ، وهو يواجه جسد لين تشي العاري
وهذه الغرفة المليئة بعلامات الحياة ، شعر وكأنه يتطفّل
على خصوصية شخص آخر
انبعث صوت الماء من غرفة النوم ، ثم توقف بعد حين
خرج لين تشي وهو يجفّف شعره ، ملفوفًا بمنشفة
تدلّت قطرات الماء على صدره العاري ، تتدحرج كالألماس،
بينما لي تينغيان قد جلس إلى الطاولة ، يرتّب الإفطار الذي
أرسلته السكرتيرة
ولأنه لا يعرف ذوق لين تشي ، اشترت السكرتيرة مزيج من
الإفطار الغربي والصيني ، فامتلأت الطاولة بأصناف متنوّعة
لفّ لين تشي أطراف شعره بأصابعه ، جلس في مكانه ،
ونظر إلى مائدة الإفطار ، ثم إلى الشخص الجذّاب المقابل له،
فابتسم بسخرية خفيفة ،
نادر يتناول الإفطار في البيت
وخاصةً حين لا يكون لديه عمل، كان ينام حتى ما بعد الظهر
وحتى في الأيام التي يضطر فيها إلى العمل ، كان يكتفي غالب بقطعة باوزي
الجلوس وجهًا لوجه هكذا على مائدة الإفطار كان تجربة نادرة بالنسبة له
مضى الإفطار في صمت
لم يكن لي تينغيان كثير الكلام بطبعه ، فالتزم الهدوء وهو يتناول طعامه
أما لين تشي فكان أكثر استرخاءً ، فالمنزل منزله ،
جلس متربعًا على الكرسي ، يعبث بالشوكة في قطعة نقانق،
يأخذ منها لقيمات قليلة، ثم ينتقل إلى البيضة المقلية
لكنه لم يأكل كثيرًا
و بعد قليل ، هدأ وبدأ يرتشف كأسًا من عصير الخضار والفواكه
حين لاحظ نظرة لي تينغيان، فهم ما يدور في ذهنه، فشرح تلقائيًا:
“ هذا ضروري من أجل العمل ، عليّ أن أحافظ على قوامي "
أومأ لي تينغيان بتفهّم ، ومرّ بصره على كتفي لين تشي
النحيلين ، مفكّرًا أنه لا عجب في أنه حين أمسك بكاحله
بالأمس شعر بمدى نحافته
بعد أن أنهى ما في طبقه ومسح شفتيه ، نظر إلى لين تشي بهدوء
كان لين تشي لا يزال يشرب العصير ، وتحركت تفاحة آدم بوضوح وهو يبتلع
أخرج لي تينغيان بطاقة عمل سوداء منقوشة بالذهبي ،
وضعها على الطاولة ، ودفعها نحوه
: “ ما هذه ؟” أنزل لين تشي الكأس ، ولا يزال أثر أخضر من
العصير على شفتيه ،
التقط البطاقة ونظر إلى لي تينغيان باستغراب
: “ بطاقة عملي ، وفيها وسيلة تواصل خاصة بي”، قال لي تينغيان باختصار
لم تكن من بطاقات العمل العامة ، بل تلك التي لا يعطيها إلا للمقرّبين
“ إذا احتجت إلى أي شيء ، اتصل بي "
: “ أوه؟” رفع لين تشي حاجبه ، وبدا كأنه يفكّر
وبعد لحظة ، كأن فكرة خطرت له،
فارتسمت ابتسامة على شفتيه، مفعمة بالرضا عن النفس
“ قلتَ : إذا احتجت إلى أي شيء ،، ماذا تقصد تحديدًا ؟”
اتكأ على ظهر الكرسي
كان يرتدي قميصًا غير مرتب ، مفتوحًا بعفوية ، بسيط لكنه جذّاب
ابتسم ابتسامة ماكرة ، أخذ رشفة من العصير ، ولعق شفتيه بخفة
كانت حركة مغازلة واضحة ، لكنها تحمل شيئًا من الطرافة
: “ مثلًا… أن أطلب منك أن تأتي معي إلى السرير ؟”
ظهرت في عيني لي تينغيان لمحة حيرة و تأمّل لين تشي ،
غير متأكد إن كان يمزح أم يتحدث بجدية
لكن نظره وقع على أصابع لين تشي ، فقال بصوت خافت :
“ إن أردتَ… يمكنك "
انفجر لين تشي ضاحكًا
ضحك طويلًا ، ثم قال أخيرًا :
“ يبدو أنك راضٍ عني جدًا "
رفع ذقنه نحو تينغيان، مازحًا :
“ هل تريد أن نحدّد عدة مواعيد أخرى ؟”
و أدار بطاقة العمل بين أصابعه كفراشة تتراقص
: “ حسنًا… لا مانع لدي "
نظر إلى تينغيان بعينين لامعة بالمكر والمرح ، كأنهما عينا ثعلب ذكي
وأمام عيني لي تينغيان مباشرةً ، خبأ لين تشي بطاقة العمل داخل قميصه ، عند عظمة الترقوة
ثم التقط قلمًا من الطاولة ، وكتب سلسلة أرقام على
المنديل المرفق مع الطلب الخارجي ،
مال للأمام ، ووضع المنديل في كف لي تينغيان
: “ تفضل " نظر إليه من فوق ، وارتسمت على شفتيه
ابتسامة خفيفة :
“ هذا رقمي ، إذا احتجت إلى أي شيء ، اتصل بي
وعندما أكون متفرغًا… سأتواصل معك "
وتعمّد أن يقترب أكثر ، حتى كادت شفتيه تلامسان أذن لي تينغيان
و تسللت الجملة الأخيرة إلى أذن لي تينغيان كضبابٍ خفيف :
“… وآخذك إلى السرير "
ربما كانت هذه أسرع ' بطاقة عمل ' تلقّاها لي تينغيان في حياته كلها
منديل بنقوش فراولة ، خُطّت عليه كلمات بقلم أسود على
عجل ، ثم كُوّرت في كفّه
و حين سمع كلمات لين تشي ، فهم بطبيعة الحال ما الذي
تمثّله هذه ' البطاقة '
لكن بعدما حدّق طويلًا في عيني لين تشي، انحنت شفتاه ببطء ، وقال بصوتٍ خافت :
“ حسنًا "
حتى بعد أن غادر منزل لين تشي وجلس في المقعد الخلفي للسيارة ،
ظلّ لي تينغيان يتساءل —— : { لماذا قلت ' حسنًا ' ؟ }
حين قدّم بطاقة العمل إلى لين تشي، كان في الواقع يريد أن
يسهّل مسيرته المهنية قليلًا
لو اتصل به لين تشي، لكان أوكل الأمر إلى سكرتيرته ، ورتّب له بعض الفرص المناسبة
كان ذلك نوعًا من حسن النية تجاه شابّ التقى به صدفة
لكن لين تشي أساء الفهم تمامًا
حدّق لي تينغيان في المنديل المتجعّد في راحة يده ،
ولا تزال الكتابة عليه واضحة
لقد التقى بالكثير من الناس الذين طمعوا في نفوذه ،
لكن قلّة منهم كان مفتوناً بمظهره إلى هذا الحد ،
حين تكون سلطة الإنسان عظيمة ، يصبح مظهره أقلّ مزاياه أهمية ،
لا يعدو كونه زينة إضافية ،
لكن ما رآه في عيني لين تشي كان رغبة صريحة ،
غير متحفّظ — في جسده
قدّم له بطاقة عمل رسمية ، لكن لين تشي بدا وكأنه تجاهل
تمامًا المنصب والتعريف المطبوعين عليها، وتعامل معها
مجرّد دعوة للمتعة
{ حقًا… أمر مثير للاهتمام }
ابتسم لي تينغيان بخفّة ، ثم طوى المنديل بعناية ووضعه في جيبه
——-
في هذه الأثناء ،
لين تشي مستلقي على الأريكة ، يهمهم مع أغنية من برنامج
منوّعات على التلفاز ،
لكن ذهنه لم يكن حاضرًا تمامًا ،
و عيناه تنزلقان بين الحين والآخر نحو بطاقة العمل في يده
اسم لي تينغيان مطبوع بحروف ذهبية بارزة على بطاقة
سوداء مصمّمة خصيصًا—تبدو مهيبة فعلًا
في الحقيقة — لم يكن يحبّ الاختلاط بأشخاصٍ غرباء تمامًا
كان الأمر يزعجه
فمن يضمن أخلاق الطرف الآخر ؟
ومن يضمن ألّا يتحوّل لاحقًا إلى عبء يصعب التخلّص منه ؟
لكن لي تينغيان كان يملك جاذبيةً غريبة ، تشبه الخشخاش
تساءل لين تشي و تذكّر روايات الـABO ( الاوميغافيرس )
التي كانت وكيلته تقرؤها ، بكل ما فيها من فوضى وروائح فرمونية
وشكّ في أن لي تينغيان يملك ' فيرومونات ' تُثيره
حين عانقه ، شمّ رائحة خشب الصندل الخفيفة التي جعلته يسكر بها
كانت رائحة خفيّة ، كأنها متشبّعة في أطراف شعره ودمه ،
ضعيفة لكنها موجودة ،
وحين يقبلان بعضهما ، كانت كافية لجعل ساقيه ترتخيان
تمدّد لين تشي على الأريكة ، ووضع بطاقة العمل على الطاولة بلا مبالاة
وحين أنهى على مهل زجاجة أخرى من المياه الغازية ،
رنّ هاتفه
فتحه ، فجاءه صوت وكيلته المفعم بالحيوية والحماس
: “ لين تشي !!!!
حصلتُ لك على عملين !!!!
أحدهما إعلان لجهاز تجميلي ، والآخر جلسة تصوير لمجلّة .
أسرع واستعدّ للبدء بالعمل .”
ما إن سمع كلمة ' عمل ' حتى تحمّس لين تشي
لكنه ظلّ مستلقيًا على الأريكة ، تتأرجح كاحلاه بكسل كطفلٍ مشاغب ، وقال بتكاسل :
“ الآنسة هوو يبدو أنكِ نشيطة جدًا هذه الأيام
لن أقبل بأي منتجات رديئة . سمعتي أهمّ عندي .”
: " اغرب عن وجهي أيها الشقي الصغير ، لا تنتقي وتختار …"
وبخته السيدة هوو لكنها أوضحت بصراحة : " إنها ماركة جيدة ،،
لقد استخدمتها بنفسي ، وإلا لما أوصيتك بها ،،
هل تعرف كم أعمل بجد ؟
كيف تجرؤ على أن تكون انتقائيًا إلى هذا الحد ؟"
: " اووه اووه أعلم ، لا أحد يضاهي تفانيك ..." ابتسم لين
تشي ابتسامة عريضة ،
{ على أي حال ، كان من الجيد أن أبدأ العمل } :
" إذن ، متى ؟"
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق