Ch66
اندفعت مورونغ يان عبر الستار على عجل،
راغبة في طمأنة محبوبتها،
لكنها لم تتوقع أن ترى أمامها جسد يتحسس طريقه بحذر
في مجال رؤيتها
ملابس مينغ تشين نصف منزاحة ،
كاشفة عن ظهر مليء بالندوب العميقة والخفيفة،
مما جعل قلب مورونغ يان ينبض بألم لا يمكن السيطرة عليه
مينغ تشين : “ هل هناك أحد ؟ لماذا لم يظهر أحد ؟”
عبست بحاجبيها قليلاً ،
متعجبة من اختفاء الخادمتين المفاجئ
يدها تحسست حافة حوض الاستحمام،
بينما يدها الأخرى تلوّح في الهواء بحثًا عن شيء ما
ومع كل خطوة تخطوها،
كان صوت السلسلة الحديدية في كاحلها الأيمن يرنّ
بوضوح عند ارتطامها بالأرض
“ اوووه ! إنها رائحة يان يان!”
ابتسمت مينغ تشين فجأة ابتسامة مشرقة،
رغم عينيها المغمضتين،
وشمّت الهواء قليلاً،
ليختفي التوتر من وجهها
“ هل هي يان يان ؟ أهي حقًا ؟”
استدارت نحو الاتجاه الذي تنبعث منه الرائحة المألوفة،
مائلة رأسها نحوه بحماس
“ يان يان أين كنتِ؟
أين أن— آه!”
حاولت التقدم ،
لكنها وجدت نفسها فجأة بين ذراعي فتاتها التي احتضنتها
دون سابق إنذار
المفاجأة ، إلى جانب القصور في توازنها ،
جعلها تتراجع خطوة للخلف ،
غير منتبهة إلى السلسلة عند قدميها ،
مما أدى إلى تعثرها وسقوطهما معًا في حوض الاستحمام
المملوء بالماء الساخن
ورغم ذلك ، أمسكت مينغ تشين بمورونغ يان بحرص،
تاركة نفسها كوسادة ناعمة لها
وبمجرد أن استقر الوضع،
تحسست وجه يان وأطرافها بقلق ،
متسائلةً بصوت هادئ : “ يان يان هل اصطدمتِ بشيء؟
هل يؤلمك شيء ؟”
جلست مورونغ يان فوق خصر مينغ تشين،
وعينيها تراقبان الملابس الملتصقة بجسدها،
وقد أصبحت شفافة بفعل الماء،
كاشفة عن معالم جسدها من تحتها
يان : “ آ-تشين…”
إحدى يديها على كتف مينغ تشين،
بينما مالت بجسدها نحوها
يان : “ أين لمستك أيديهم قبل قليل ؟”
منذ أن انتقلت مينغ تشين إلى قصر تشانغنينغ،
لم تسمح مورونغ يان لأحد غيرها برعايتها
من ارتداء الملابس إلى الاستحمام،
حتى أدق تفاصيل طعامها،
كانت جميعها تحت إشرافها الشخصي
تعلّقها بمينغ تشين،
وامتلاكها الشديد لها،
جعلاها ترفض السماح لأي شخص بالاقتراب منها
اقتربت أكثر،
و شفتيها تلامسان زاوية فم مينغ تشين برقة،
وهمست بصوت خافت ،
بينما أناملها تتلمس طريقها بحذر
: “ أين لمسك أولئك الأشخاص ؟”
لم ترسم مورونغ يان أي إشارات على كف مينغ تشين هذه المرة،
لكنها لم تستطع كبح جماح تساؤلاتها،
وتبعها تقبيل أشبه بوضع علامة ملكية،
لأنها لم ترد أن تدرك مينغ تشين مدى قبح غيرتها
خوفًا من أن تصاب مورونغ يان بالبرد ،
عانقتها مينغ تشين بذراعيها بقوة ،
تاركة الماء الدافئ يغمر كتفيها ،
فيما تستسلم ببراءة للشفاه التي تلتهمها بجنون
حتى مع شعورها وكأنها تُعضّ وتُمزّق ،
لم تدرك مينغ تشين سلوك مورونغ يان غير المعتاد ،
فقط تحمّلته بصمت ،
بينما بدأت ببطء في نزع الملابس المبتلة المتشبثة بذراعها
يدا مورونغ يان تتلمسان خدّي مينغ تشين،
لكن أصابعها انزلقت دون قصد لتلامس الأذن حيث لم
يبقَى سوى ندبة غير متناسقة ،
لتعيدها تلك اللمسة إلى الواقع القاسي
شعرت مينغ تشين بحرية شفتيها أخيرًا ،
فمالت برأسها قليلًا تتكهن ،
وعينيها الخاليتين من الرؤية تبحثان عن إجابة :
“ يان يان أين كنتِ قبل قليل؟
هل ذهبتِ لرؤية هو إير ؟
لقد شممتُ للتو رائحة هو إير …
وأيضًا كعكة الفاصولياء الخضراء .
هل أكلتِ كعكة يا يان يان؟”
تجاهلت مورونغ يان أسئلة مينغ تشين،
و أخذت نفسًا عميقًا وأمسكت يدها لتكتب عليها شيئ
مينغ تشين : “ هااه ؟ …
لماذا تركتِ الخادمات يقمن بذلك ؟
آه يان يان هل تسألين لماذا طلبت منهن تحميمي أولًا ؟”
بصبر ، تحسست مينغ تشين الكلمات التي كتبتها فتاتها على
كف يدها ،
وأجابت بهدوء ،
: “ عندما ذكرتُ الكريم العطري قبل قليل … بدوتِ غاضبة
ظننتُ أن رائحة الدواء العالقة بي… ربما تزعجك ،
لذا أردتُ أن أكون برائحة جميلة قبل أن تعودي .”
و ثم بصوت خافت ،
وكأنها تخشى إغضابها أكثر :
“ أنا آسفة… يان يان هل ما زلتِ مستاءة ؟”
عبست تشين بحاجبيها بقلق،
وعلامات الحيرة والارتباك ترتسم على وجهها،
كما لو أنها تخشى أن تتسبب في إزعاج مورونغ يان أو جعلها غير سعيدة
: “ إذا كنتُ قد فعلتُ شيئ خاطئ ، أخبريني وسأصلحه.
يان يان أرجوكِ لا تكوني حزينة….”
مدّت العمياء يدها على طول الذراع حتى وصلت إلى وجه الفتاة ،
محاولة تلمّس تعابيرها وفهم حالتها
: “ لستُ غاضبة ، لستُ غاضبة من آ-تشين ...”
نظرت مورونغ يان إلى الشخص أمامها،
و إلى الجدية والقلق اللذين يملآن ملامحها،
وشعرت بفراغ يتخللها،
فراغ خلقته غيرتها العمياء،
وكأن كل الجنون الذي كان يعصف بقلبها قد هدأ فجأة،
ولم يبقَ سوى الحب الخالص
أمسكت باليد الملتصقة بخدها،
ولم تكتب عليها هذه المرة،
بل اكتفت بتقبيلها بلطف،
وكأنها تحاول تهدئتها،
و تحاول إيصال عجزها أمام هذه المرأة التي لم تستطع يومًا أن تغضب منها
من المعصم، تحركت شفاه مورونغ يان إلى عنق مينغ تشين ، تُلامسها ببطء
أصابعها تتبع امتداد ظهر مينغ تشين،
و تلاحظ العضلات التي ضمرت قليلًا بسبب الأيام التي
قضتها فاقدة الوعي،
والعظام البارزة التي ازدادت وضوحًا ،
وكذلك الاحمرار الطفيف الناتج عن ارتطامها بخشب الحوض
و بهدوء ، دعمت مورونغ يان الجسد المستند عليها ليجلس مستقيمًا ،
وأصابعها تنزلق إلى الندبة العميقة على كتف مينغ تشين
اليمنى ،
ذلك الأثر المتعرج الذي بدا وكأنه عنكبوت سامّ بلون اللحم
يزحف على جلدها ، شرس ومخيف
( أثر إصابة سهم تشانغ هي السام )
مورونغ يان تعرف جيدًا كيف حصلت مينغ تشين على هذه الندبة ،
حدث ذلك في ذلك الشتاء الذي لا يُنسى ،
في الغابة التي ظلت تلاحقها في أحلامها عند كل عودة
متأخرة في منتصف الليل ،
و ببطء ، تخلّت عن ثيابها ،
كاشفة عن رداء حريري أحمر مُطرّز بنقوش فاخرة،
يطفو بنعومة،
مختلطًا بالملابس البيضاء التي تمايلت فوق سطح الماء
ظلّت حرارة الماء في الحوض دافئة ،
تُغرق الجسدين في استرخاء كامل ،
مما جعل مينغ تشين تنجرف قليلًا مع إحساس طاغي من
الراحة والنعاس
ومع ذلك ، ظلّ الاثنان متعانقين بشدّة داخل الماء ،
بشرتاهما العاريتان تلتصقان ببعضهما بحرارة
فاقت سخونة الماء المغلي من حولهما
امتزج ' البخار' مع عبير ' بتلات الأزهار 'المطحونة' ،
لينتشر في أرجاء الغرفة رغم الحاجز الخشبي الذي لم
يستطع إخفاء هذا الجو المشبّع بالرغبة ….
( يسس ، يسوونها ~ )
بعد وقت طويل ،
تحدثت مينغ تشين ، التي لم تسمع أي صوت ،
إلى الفتاة المرتخية فوقها :
“ يان يان ستشعر بالبرد ،
الماء بدأ يبرد .”
رفعت مورونغ يان ذراعها اليمنى من الماء
واستندت على كتف مينغ تشين،
وأطراف أصابعها تتلألأ أكثر من قطرات الماء
وبصوت مبحوح،
وعينين دامعتين،
استخدمت يدها اليسرى ببطء لكتابة شيء أسفل عظمة الترقوة للمرأة التي تحتها
مينغ تشين : “ راحة ؟”
فهمتها مينغ تشين ،
فعانقت يان الجالسة عليها بحنان ،
تلك التي لم تستعد عافيتها بالكامل بعد ،
وقبّلت شعرها المبلل بعاطفة :
“ حسنًا، إذن ستستريح يان يان قليلًا ”
————————————————-
مارس يأتي بلغة الطيور وعطر الأزهار
سلاسل الحديد المربوطة بكاحل مينغ تشين الأيمن متصلة
بإحكام بمعصم مورونغ يان،
بينما تشابكت أصابعهما وهما تتجولان حول بركة الأسماك
في قصر تشانغنينغ
استنشقت مينغ تشين بعمق،
تستمتع برائحة البراعم المتفتحة في الهواء،
وشعرت بسعادة غامرة دون سبب واضح
للمرة الأولى ، تمكنتا من التجول تحت أشعة الشمس دون قيود
لا مهام، لا مطاردون، مجرد حرية خالصة
بعد أكثر من شهر من التعافي والتدريب الذاتي،
استعادت مينغ تشين حوالي 20 إلى 30 بالمئة من قوتها الأصلية
وبقلق على يان التي بجانبها ،
كانت تدعم جسدها بحرص ،
تاركةً لمورونغ يان حرية قيادتها في نزهة عشوائية وسط النسيم العليل
أشعة الشمس الدافئة تلامس وجهها،
مما جعل عينيها تدمعان لا إراديًا
رمشت مرتين،
ورفعت رأسها،
لتجد أن عالمها الذي كان يغرق في الظلام،
قد بدأ أخيرًا في الانشقاق،
وكأن الغيوم الكثيفة انفرجت،
تاركةً بضع أشعة من الضوء تخترق العتمة،
لتملأ الأفق بصباح مشرق
لم يعد أمامها سواد دامس …
ورغم أنها لا تزال غير قادرة على الرؤية بوضوح،
إلا أنها بدأت تميّز الأشكال والألوان
السماء الزرقاء ، السحب البيضاء ،
الأشجار الخضراء ،
كتل ضخمة من الألوان تكدست في مجال رؤيتها الذي كان مظلم سابقًا …
ضبابية ، نعم ، لكنها أجمل بكثير من العدم
رأت مينغ تشين ذلك بفرح غامر ،
والتفتت نحو يان التي تُمسك يدها بإحكام
مورونغ يان، بابتسامة هادئة، أبعدت خصلة فضية من
شعرها خلف أذنها،
وأكمام رداءها الأبيض الفضفاض أخفى معصميها،
بينما زُينت حوافه بأزهار حمراء متمايلة،
تضيف لمسة أنيقة ومتألقة لكل حركة تخطوها
حتى مع الضباب الذي ما زال يعكر رؤيتها ،
لم تستطع مينغ تشين مقاومة جمال وسحر مورونغ يان ،
وكأن بريقها لا يزال يخترق عالمها المبهم
لكن قبل أن تنطق بشيء ،
شعرت بملمس مألوف طالما افتقدته في كل يدها اليسرى
— فراء ناعم ودافئ
“ هو إير!”
النمر الضخم وضع كفه برفق في يدها ،
ثم التف حول كاحلها ، واستند على قوائمه الأمامية ،
مستخدمًا وسائد مخالبه المسحوبة بلطف لملامسة
صدرها،
ثم رفع رأسه بمرح ولعق ذقنها بحب
“ هو إير ! لم أرك منذ وقت طويل ،
لقد كبرت كثيرًا…
انتظر ، لا تلعق—”
لسان النمر الخشن عبر خدها ،
مما جعلها تنحني لا إراديًا وتضحك بينما تحاول تفاديه
وفي لحظة فقدت توازنها،
فأفلتت يد مورونغ يان وسقطت إلى الوراء
جلست على الأرض،
وبدأت تداعب رأس النمر المغطى بالفراء الكثيف،
مستمتعةً بتأمل فروه البرتقالي المتداخل مع الخطوط الداكنة،
ثم داعبته مازحةً : “ هو إير، هل كنت طفلًا جيدًا ؟
هل استمعت إلى يان يان أثناء غيابي ؟”
وكأنه يفهم ، رفع النمر مخلبه الخشن قليلاً كدليل على طاعته،
وأصدر صوت خرخرة عميق،
مسترجعًا أيامه كجرو صغير،
وهو يدس رأسه أكثر في عنق مينغ تشين،
غير راغب في الابتعاد عنها
بدأ الاثنان يتدحرجان على الأرض بمزاح،
وسلاسل مينغ تشين المعدنية تصدر رنين خافت مع كل حركة ،
بينما النمر يلوح بذيله الطويل بحماس،
مستعدًا للانقضاض عليها بلعبه المعتاد
لكن فجأة …
قاطعت مورونغ يان بصوت هادئ لكنها حازمة ،
وعيناها تراقبان النمر العابث على الأرض ،
“ لا، لا يمكنك ذلك هو إير ، استرح .”
ما إن سمع النمر أمرها حتى توقف على الفور ،
وعاد من وضعه المستلقي إلى الوقوف ،
مشدود العضلات ،
وعيناه تسرقان نظرات خجولة نحو مورونغ يان،
كطفل صغير أُمسك به متلبسًا
: “ طفل مطيع ، لا مزيد من اللعب .
حان وقت العشاء .”
رغم أن صوتها كان هادئ ، إلا أن نبرتها لم تترك مجال للرفض ،
ورفعت ذقنها قليلًا وهي تشير للنمر باتجاه القصر
أصدر النمر صوت تذمر مستاء ،
وهز ذيله الثقيل ببطء تعبيرًا عن خيبته ،
لكنه لم يجرؤ على عصيانها ،
التفت إلى مينغ تشين بنظرة مترددة ،
كما لو كان يأمل أن تتوسل له بالبقاء ،
لكنه في النهاية امتثل للأمر ~
رفع قدميه الثقيلة ، متجهًا نحو القصر ،
لكنه كان ينظر للخلف بين كل خطوة وأخرى ،
وكأنه يودعها بأسى ، غير راغب في المغادرة تمامًا
سألت مينغ تشين بارتباك وهي تنفض الغبار عن ملابسها ،
غير مدركة لما حدث : “ ماذا حدث لهو إير؟
لماذا غادر فجأة ؟”
مدت مورونغ يان يدها ،
وأصلحت شعر مينغ تشين المبعثر برفق ،
ثم أمسكت كف تشين وتكتب شيئ ببطء
أومأت مينغ تشين برضا ،
غير مشككة في إجابة مورونغ يان : “ آوه إنه جائع .
حتى أثناء اللعب معي ، لا ينسى الطعام .
لا عجب أنه كبر بهذا الشكل .”
ابتسمت مورونغ يان،
ثم مدّت يدها لتزيل بتلة زهرة عالقة على كتف الحارسة
عادت أيديهما لتتشابك مرة أخرى ،
وسارا جنبًا إلى جنب على الطريق المرصوف غير المكتمل ،
تحت ضوء الشمس الذي تسلل عبر الأغصان ،
يرسم ظلًا متحركًا لخطواتهما الهادئة …..
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق