القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch67 | رواية TPSGCBTC اليوري

 Ch67


خلال الأيام المتتالية ، 

شعرت مينغ تشين بتحسن جسدها شيئًا فشيئًا


الضباب الرقيق الذي كان يغشى رؤيتها بدأ يتبدد تدريجيًا ، 

وكانت تسعد في كل مرة ترى فيها ملامح مورونغ يان بوضوح أكثر


في موسم زهور الفاوانيا القصير والثمين من شهر أبريل ، 

جلست مينغ تشين على كرسي خشبي مواجه للنافذة 

المفتوحة ، 

تستشعر النسيم العليل الذي يحمل معه عبق الزهور من 

فناء القصر وهو يلامس وجنتيها


تسللت أشعة الشمس بعد الظهيرة إلى الغرفة، 

متناثرة بين ذرات الغبار العالقة في الهواء، 

فحدقت مينغ تشين بعينيها نصف المغمضتين بينما تراقب 

النور المتلألئ على جفونها، ترمش بهدوء


: “ آ- تشين ….”


دخلت مورونغ يان إلى الغرفة وهي تحمل عصا من الخيزران ، 

متخلية عن رداءها الخارجي


استشعرت مينغ تشين اهتزاز خفيف على الأرضية، 

فأدارت رأسها بعيدًا عن النافذة، 

لترى القادمة نحوها : “ يان يان لقد عدتِ "


بمجرد أن حاولت الحارسة النهوض لتحية فتاتها ، 

وُضعت يد بلطف على كتفها ، 

تضغطها للأسفل مجددًا


أطاحت مورونغ يان بالعصا جانبًا ، 

ثم جلست مباشرةً على فخذ مينغ تشين ، 

و طوقت عنقها بذراعها ، وانحنت لتعانقها بحنان


بإمساك خفيف لخصر الفتاة ، 

انحنت مينغ تشين قليلًا ، 

تقبل قبلة خفيفة على كعكة شعر مورونغ يان، 

وسألت بصوت ناعم : “ هل قابلتِ الأمير يو اليوم ؟”


اليوم موعد رحيل الأمير يو عائدًا إلى الشمال، 

وكان الأشقاء قد غادروا المدينة في الصباح الباكر لتوديع والدهم


كانت لحظة فراق غير مؤكدة بموعد لقاء قادم


مورونغ كان ، وهو يقف أمام والده ، 

كان يحمل في قلبه مزيجًا من الإعجاب والضغينة ، 

يلفه شيء من الكآبة ،


ترجل عن حصانه عند أسوار المدينة ، 

وصبّ لنفسه وللأمير يو كأسًا من النبيذ ، 

وبقي الاثنان صامتين ، يحدقان في بعضهما البعض


وفي النهاية ، شعر مورونغ كان بشكل غامض بأن الرجل 

العجوز قد تنهد وهو ينهض، 

عاقدًا حاجبيه بنظرة تحمل شيئ من الذنب، 

ثم قال بصوت مبحوح ثقيل خافت :

“ اعتنِي بنفسك جيدًا… واعتنِ بـ يوي إير "


أومأ مورونغ كان بجدية وهو يؤدي له تحية احترام، 

ثم شاهد موكب الفرسان وهو يغادر


أما مورونغ يان ، فقد بقيت جالسة داخل العربة طوال الوقت، 

ولم تسحب الستارة إلا في اللحظة الأخيرة، 

تلقي نظرة هادئة على والدها في البعيد، 

ثم تومئ له برفق


ملامحها كانت ساكنة ، ونفسها هادئ


لو لم يكن من أجل طلب شقيقها، 

لكانت اعتبرت الأمر برمته مضيعة للوقت


فهي بطبعها باردة المشاعر ، 

والروابط العائلية التي تمتلكها لم تكن ذات أهمية تُذكر ، 

خاصة الآن ، 

بعدما امتلأ قلبها بشيء أعظم ، 

تاركًا بداخلها متسع ضئيل لأي شيء آخر —


مغمورة في دفء أحضانها ، 

سرحت أفكار مورونغ يان بعيدًا


عندما لم تتلقَى تشين أي رد من يان أمامها ، 

تسلل بعض القلق ، فقالت لمواساتها : “ لا تحزني "


الحارسة، التي لم تختبر أبدًا طعم العائلة، لم تفهم مشاعر الانفصال ، 

لكنها خافت أن تشعر مورونغ يان بالحزن بسبب فراق والدها


بتصرف غير متقن، ربتت على ظهر الفتاة النحيل محاولة 

مواساتها: “ لا بأس ، لا بأس ، يان يان لا تحزني.”

{ لا تحزني بسبب الفراق ، 

لا تخافي لأن تقفين وحدك ، 

لا تشعري بالخوف من الشوق إلى الوطن … 

فقط تعالي معي إلى الشمال ...

على الأقل ، حتى أتعافى تمامًا وأتمكن من مرافقتك }


رمشت مينغ تشين بعينيها، وصوتها يحمل

 جديّة عميقة  : “ يان يان لن تكون وحيدة ،،

إذا كنتِ متعبة، استندي عليّ لترتاحي . 

و إذا شعرتِ بالظلم ، سأكون إلى جانبك .”


ثم أنزلت رأسها قليلًا لتلامس جبينها بجبين مورونغ يان ، 

شاعرة بأنفاسهما تتداخل


: “ وإذا اشتقتِ إلى المنزل… سأكون هنا معكِ ، 

لذا لا تحزني بسبب اشتياقكِ إلى قصر الأمير يو…”


لم تُصحح مورونغ يان سوء فهم مينغ تشين غير الضروري، 

فلم يكن لقصر الأمير يو أي مكان في قلبها


اكتفت بالاستماع بصمت إلى الكلمات الحنونة غير الواعية ، 

وانحنى طرف شفتيها بابتسامة خفيفة


الحارسة البليدة ، غير المدركة لضيق أفق مورونغ يان، 

لم تكن تعلم كيف تعبر عن مشاعرها الحقيقية أو تواسيها 

بشكل صحيح ، 

فارتبكت وهي تحاول التوضيح :

“ليس أنه لا ينبغي لكِ الحزن… 

يمكنكِ أن تحزني… 

فقط… آه…”


عندما رأت مورونغ يان وجه مينغ تشين قد احمر خجلًا، 

بينما تتلعثم في محاولة شرح مشاعرها، 

لم تستطع الاحتمال


أخذت يد الحارسة التي كانت تستريح على كتفها بلطف، 

ثم كتبت في كفها:


[ منذ وفاة أمي… كان أهل القصر يعاملونني كالغريبة ،،


ليس لديَّ منزل ، فلماذا أشعر بالحزن ؟ "


كانت كل لمسة من أناملها واضحة وثابتة ، 

لكن تعابير مورونغ يان بقيت هادئة ، 

كبركة ماء ساكنة ، 

وكأنها تروي حقيقة مجردة دون مشاعر


لكن مع هدوء مينغ تشين ، 

شعرت بحزن لا يمكن تفسيره يتغلغل في قلبها ، 

كأن فراغ شاسع وبارد حلّ محل دفء المشاعر


منذ صغر تشين ، كانت يتيمة ، لكنها وجدت في سونغ شو 

تشينغ أخت كبرى حنونة ، 

ومعلمة أشبه بالأم ، ورفاق من الحراس الخَفِيِّين كالأشقاء


لكن على مدار تلك السنوات ، 

بجانب يان يان… لم يكن هناك أحد


لا أحد يحميها بلا شرط ، 


لا أحد يفتح ذراعيه لاحتضانها متى احتاجت ، 


لا أحد يقف بجانبها دون تردد… 


لا أحد



عانقتها مينغ تشين بقوة ، 

تبتلع المرارة في حلقها ، 

ونظرت إليها بثبات ، 

قائلة بنبرة أقرب إلى وعد : 

”…يمكنني أن أكون عائلة يان يان.”


كانت نظرتها صافية، ونبرتها حاسمة


خشية أن لا تفهمها يان جيدًا ، 

رفعت صوتها وأكدت بقوة :


“ من اليوم فصاعدًا ، أنا عائلة يان يان . 

يان يان ليست بلا منزل !”


لم تكن مينغ تشين ترى كيف تحركت شفتا مورونغ يان، 

ولا تسمع شهقات البكاء المحبوسة في صدرها


الحارسة التي سُلب منها الإحساس بالصوت لم تستطع 

سوى أن تشعر بالمشاعر الجارفة للفتاة من خلال ارتعاش 

جسدها الطفيف، 

والطعم المالح الذي ملأ شفتيها أثناء تقبيلها


و في صمت ، 

كررت الشفتان المرتعجفتات تأكيد على الكلمات التي نُطقت بينهما


“ يان يان وأنا… عائلة "



—————————————-



مع اقتراب نهاية الربيع ، 

جلست مينغ تشين أمام وانغ وي، 

الذي كان يفحص نبضها، وهي تنظر إليه بتمعن : 

“ طبيب وانغ ، يبدو أنك ازدت وزنًا منذ قدومك إلى العاصمة ، 

أهو طعام المعهد الطبي بهذا اللذاذة؟”


رغم أنها لا تزال تعتمد على اللمس لتفهم الكلمات ، 

إلا أن مينغ تشين استطاعت بالفعل رؤية وجه الرجل 

العجوز المستدير أمامها، 

مما يدل على تحسن حالته المزاجية


: “ همف، أليس كل هذا بسببكِ أيتها الحارسة شياومينغ؟” 

وانغ وي وبّخها بنظرة غاضبة، مشيرًا إليها : “ لولاكِ، هل 

كنت سأعاني من كل هذا الضغط لأظل آكل طوال الوقت؟”


رغم أن مينغ تشين لم تستطع سماع رده، 

إلا أنها حافظت على ابتسامتها المبتهجة وهي تراقب الرجل أمامها يقفز غضبًا


نقل وانغ وي يده من معصمها وبدأ يكتب بقوة على كف 

يدها مستخدمًا سبابته


[ أنتِ ما زلتِ تبتسمين ،،

هل تدركين مدى خطورة حالتكِ ؟ ]


تمكنت سونغ شو تشينغ من إشغال مورونغ يان بطريقة ما، 

تاركة مينغ تشين ووانغ وي وحدهما في غرفة المكتب ، 

في لحظة نادرة من الانفراد


[ جسدكِ تعرض لضرر بالغ ]


شعرت مينغ تشين باللمسات القوية على يدها التي تنم عن 

الإحباط ، 

فردّت بابتسامة : “ أشعر أنني أتحسن كل يوم . 

رغم أنني لن أعود إلى ذروتي ، إلا أن قوتي القتالية تعافت 

بحوالي أربعين إلى خمسين بالمئة . 

وهذا يكفيني تمامًا .”


اشتعل وانغ وي غضبًا ، 

وكأنه على وشك أن ينفث نارًا من أنفه ، ثم كتب مجددًا


[ الأمر لا يتعلق بالقوة القتالية ، بل بالحيوية ، بالحيوية !


لقد تقدمتِ في العمر عشرين سنة فجأة


هل تفهمين معنى فقدان سنوات من عمركِ ؟ 


هل أنتِ خنزير ؟ 


كيف تجرئين على التهام كل ما يقع أمامكِ ؟


هل يُفرح الشَيبُ أصحابَ الشعر الأسود ؟ ]


كانت كلمات وانغ وي ملتوية وعشوائية، 

يخطها بجنون دون أن يمنح مينغ تشين، التي بقي فمها 

نصف مفتوح من الصدمة، أي فرصة للرد


ظل يكتب حتى شعر بالتعب ، 

ثم جلس بعناد، مكتفًا ذراعيه


شعرت مينغ تشين بتحرر يدها، فتحدثت بحذر : “ آه… الطبيب وانغ، 

لا تغضب من فضلك .

أنا… أنا بخير .

أعلم أن جسدي قد تأثر .  

ناهيك عن فقدان الحواس ، حتى التنفس يبدو أثقل . 

أنا مدركة لكل ذلك .”


قبل أن ينفجر وانغ وي غضبًا مرة أخرى ، 

سارعت مينغ تشين بإضافة : “ لكنني بخير حقًا . 

لا أحتاج إلى عمر طويل ، لا يجب أن أعيش كثيرًا …

أنا فقط أريد أن أعيش يوم واحد أكثر مع يان يان ،

لا يمكنني أن أتحمل أن ترى يانيان موتي ، 

ولا يمكنني أن أتحمل أن أتركها وحدها . 

لذا لن أموت قريبًا…”


وضعت مينغ تشين يديها على حجرها، 

وجلست مستقيمة بانضباط ،

وتابعت : “ أخبرتني أختي الكبرى من قبل أنها قابلت شخص

مصاب بمرض لا علاج له، 

حتى أمهر الأطباء لم يتمكنوا من إنقاذه . 

بعد أن تخلى عن العلاج ، سافر في كل مكان ، 

وعاش كل يوم بسعادة وحرية ، 

وكسب عام إضافي مع كل يوم يمر…

أنا مثل ذلك تمامًا .”


ابتسمت مينغ تشين برقة ، 

لكن نبرتها كانت حازمة ، 


“ طالما أنني أبقى بجانب يان يان، سأعيش بالتأكيد عمرًا طويلًا ، 

طويلًا جدًا… 

حتى لو جاء ملك الجحيم لأخذي ، سأقاتله من أجل يان يان ،،

لذا أيها الطبيب وانغ ، لا تغضب من فضلك ….”

وقفت مينغ تشين 

وربّتت على كتف الرجل العجوز : 

“ لا تغضب مني، ولا تغضب من نفسك أيضًا .”


ظل وانغ وي جالس ورأسه منخفض، 

يحدق بصمت في أطراف حذائه دون أن ينبس بكلمة


بعد فترة ، رفع رأسه أخيرًا بامتعاض ، 

وأزاح يد مينغ تشين بخشونة ، 

ثم أصدر تعليماته بجفاء : “ همف، من الأفضل لكِ أن 

تأخذي دواءكِ جيدًا . 

لا تفسدي سمعة هذا الطبيب الإلهي .

ودعيني أخبركِ، بصفتي شخص مهووس بالصحة ، 

سأعيش حتى مئة عام على الأقل ، 

أي أربعين سنة أخرى على الأقل . 

لذا من الأفضل لكِ أن تظلي صامدة وتأخذي الدواء مهما كان مرًّا !

كل هذا الحديث عن جسد متضرر ،، سأطعمكِ جيدًا لدرجة 

أن حيويتكِ ستنطلق نحو السماء !”


ورغم أن مينغ تشين لم تفهم ما يقوله العجوز ، 

إلا أنها واصلت الإيماء برفق بينما يلتقط أنفاسه ، 

محاولةً تهدئته ،


كان الجو في الغرفة يعج باضطراب عجوز عنيد ومريضة متعافية ، 

غير مدركين أن فتاة قد عادت بالفعل من القاعة إلى المكتب ، 

مسندةً نفسها على إطار الباب ، 

تحاول كبح الدموع التي تجمعت في عينيها ….


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي