Ch69 | حبيبي يأتي ليرى العشب على قبري
عندما سمعت شو جينغ إر بأخبار ولي العهد،
ظلت لأيام تستيقظ من أحلامها وهي تضحك بسعادة
حتى أنها رأت في منامها أن ولي العهد وغو لانغ قد تزوجا،
والاحتفالات عمت البلاد،
والفوانيس الحمراء عُلِّقت عاليًا في كل أرجاء المدينة…
و يرتديان الأردية القرمزية ،
يتبادلان كأس الزواج تحت ضوء الشموع المتقابل ،
في أجواء تغمرها البهجة
ثم فكّرت { بما أن غو لانغ قد اختار ولي العهد ،
أليس من المؤلم أن يبقى رئيس كازينو الجبال والأنهار وحيد ؟
لابد أن قلبه مكسور ، أليس كذلك ؟
وإن شعر بالحزن، هل سيُفرغ غضبه على سون فانغ؟
ماذا إن أذاه ؟ }
اشتد قلقها أكثر فأكثر،
فقررت أن تأخذ بعض الحلوى وتذهب إلى الكازينو لزيارة سون فانغ
فتح سون فانغ الباب ،
وما إن رآها ابتهج فوراً :
“ جينغ إر، ما الذي جاء بكِ؟”
ناولتْه الحلوى وهي تبتسم:
“ حضّرتُ هذه الحلوى بنفسي، تذوّقها ؟”
أخذها بحماس، ولم يكف عن الابتسام كالأبله،
وبقيا واقفَين عند الباب للحظة
قالت وهي تُحرّك عينيها بتفكير:
“ أنا… أود رؤية السمك .”
أسرع سون فانغ بالموافقة ،
وأخذها ليريا الأسماك التي ازدادت بدانة في البركة
تأملت شو جينغ إر السمك وهو يسبح ذهابًا وإيابًا،
وبدأت الشكوك تتسلل إلى ذهنها:
{ ما زال يحتفظ بالسمك…
يبدو أن الرئيس لم يتخطى علاقته بـ غو لانغ بعد ... }
تنهدت
{ آهههخ إنه عاشق مخلص أيضًا… }
قالت بتردّد ، وكأنها تختبر الأرض التي تسير عليها:
“ رئيسكم … وعلاقته مع السيد غو…
كيف أصبحت الأمور بينهما ؟”
كان سون فانغ يأكل من الحلوى وهو يقول:
“ الأمور بينهما جيدة جدًا ، يتغازلان طوال اليوم ،
حتى أنني أكاد أفقد بصري من كثرة ما أراهما هكذا .”
: “ هاه؟” ارتبكت شو جينغ إر
{ كيف يمكن أن يكونا بهذا القرب ؟
هل يعني ذلك أن… هناك ثلاثة أشخاص في العلاقة ؟ }
ترددت قليلًا، وأخذت تعبث بالمنديل في يدها،
ثم قالت: “لكن… أليس السيد غو مع ولي العهد الآن؟”
توقف سون فانغ عن الأكل،
وحدّق بها بشيء من الاستغراب:
“ ومن قال لك إن الشخص الذي يحبه ولي العهد هو غو لانغ ؟”
صحيح أن ولي العهد أعلن أمام المجلس أنه يحب رجلاً
وينوي أن يجعله وليّة للعهد ،
لكنه لم يصرّح أبدًا باسم غو لانغ ،
كي لا يتعرّض الأخر لوابل من الانتقادات والشتائم من رجال الدولة
أجابت شو جينغ إر:
“ الأخت وي هي التي أخبرتني .
كانت معجبة بولي العهد من قبل ، وقد أخبرها هو بنفسه .”
فكر سون فانغ للحظة ، ثم قال بصوت هادئ:
“ في الحقيقة… رئيسنا هو نفسه ولي العهد .”
صُدمت شو جينغ إر:
“ ماذا ؟!”
أوضح سون فانغ بهدوء:
“ في الماضي ، كانت الأوضاع السياسية معقّدة في العاصمة ،
لذا قام ولي العهد بتغيير هويته ، ليسهل عليه التحرّك ”
شعرت شو جينغ إر وكأن كل شيء بدأ يتضح ،
وهمست مذهولة:
“ يعني… السيد غو ما زال مع رئيسكم الذي هو في الحقيقة ولي العهد ؟”
أومأ سون فانغ برأسه
فجأة، اندفعت شو جينغ إر نحوه،
وعانقته وهي تضحك وتبكي في آنٍ واحد:
“ آآآه! هذا رائع ! لا حب جديد ولا قديم ،
فقط قلب واحد ، رائع !”
شعر سون فانغ بالحرارة تصعد إلى وجهه،
وقلبه يدق بسرعة،
لم يعرف ماذا يفعل سوى أن يردد بتلعثم:
“ن-نعم… رائع بالفعل…”
{ شكرًا… شكرًا يا رئيس ! }
✧—————————————
في قاعة المكتب الخاص بولي العهد،
المذكرات الرسمية مبعثرة على الأرض في فوضى عارمة
رداء غو لانغ متمايل قليلاً عن كتفه،
بينما مورونغ يان فوقه،
فوق كومة المذكرات،
يُقبّل شفتيه قبلة عميقة، متملّكة، لا تحتمل مقاطعة
همس غو لانغ، مقطوع الأنفاس:
“ مورونغ، المذكرات… آه…”
لم يكن غو لانغ يعلم كيف وصل بهما الحال إلى هذا المشهد…
كانا قبل لحظات يجلسان سويًا على الأرض،
يتصفحان المذكرات الرسمية، بهدوء وتأنٍّ ،
فكيف انقلب الأمر بهذا الشكل؟
قال مورونغ يان وهو ينزع رباط شعر غو لانغ،
ثم مرّر أصابعه بين خصلاته المبعثرة :
“ لا تُبالِي … كلها ترّهات فارغة…”
غو لانغ يعلم جيدًا أن ما تحويه تلك المذكرات ليس إلا سيلًا
من الشتائم الموجّهة إلى ولي العهد
فهما ، في عيون الجميع ، قد كسرا التقاليد ، خالفا الأعراف
لكن مورونغ يان لم يبالي ،
بل جاهر بعلاقته بكل شجاعة ،
حتى أن الجنرال وي يونغ ، الذي كان يعلم مسبقًا ،
أسقط لوح البامبو من يده من شدّة الذهول
لقد ظن الجنرال وي يونغ أن حب ولي العهد لغو لانغ سيبقى سرًّا ،
مخفي داخل جدران الجناح الشرقي ،
لا يتعدّى همسات الغرف المغلقة
لكنه لم يتوقّع أن يجهر بالأمر على رؤوس الأشهاد،
غير آبه بالقوانين ولا بالخطب النارية التي تتناقلها أفواه الوزراء
لكن غو لانغ لم يرغب أن يتحمّل مورونغ يان هذا العبء وحده…
بل عليه أن يكون إلى جانبه، كتفًا بكتف، وقلبًا لقلب
مدّ يده ليلامس عنقه بلطف، وانحنى ليقترب منه أكثر…
في الخارج ،
الخصي تشين يمشي مبتسمًا ، يطلب من الخدم تسخين الماء ~~~
أما الحارس المرافق فبدأ يعدّ على أصابعه ، قائلاً لنفسه :
{ ليس فقط ليلاً ، بل حتى في النهار الآن…
يبدو أن الثراء قادم لا محالة !!!! }
✧—————————————
رُوان نيان ، وبعد أيّام من التفكير ،
ما زال عاجز عن تذكّر كيف تسبّب بجرح شفتي تشو فِنغيون
لقد أرهق ذهنه بمحاولة استرجاع ما حدث،
حتى أن نومه صار مضطرب ،
واستيقظ مع أوّل خيوط الفجر البيضاء
فتح عينيه ، فرأى نفسه – كالعادة – غارقًا في حضن
تشو فِنغيون، يعانقه وكأنه وسادته الخاصة
في هذه الأيام ، كان ينام ممسكًا بوسادة ،
لكنه يستيقظ ليجد بين يديه جسدًا دافئ ،
وقلب يخفق بالقرب منه
سأل نفسه بقلق:
{ كم من الوقت ستدوم هذه الأيام ؟
ذراعه اليمنى ستشفى يومًا ما، وحينها سيعود إلى القصر الامبراطوري ،
إلى عمله ،
و إلى قصره الخاص … }
شعر بوخز في حلقه وكأن دموعه توشك على الانسياب ،
ورفع رأسه ليتأمل وجه تشو فِنغيون النائم ،
مستمعًا إلى دقّات قلبه المنتظمة ، البطيئة
مدّ يده ببطء، ولمس بخفة شفتيه المجروحتين،
تمرّدت أنامله على حيائه،
وتسلّلت لتتحسّس دفء ذلك الجرح الصغير
وفجأة ، فتح تشو فِنغيون شفتيه … وابتلع أنامله في قبلة ناعسة
قفز رُوان نيان من مكانه كأرنب مذعور،
وسحب يده على الفور، جالسًا على السرير بفزع
كان تشو فِنغيون يحدّق فيه بهدوء،
وعيناه تحملان صفاءً يقظًا
قال رُوان نيان بارتباك، كأنّ الذنب يثقل لسانه:
“ أنت… لم تكن نائمًا ؟”
أجاب تشو فِنغيون، وصوته هادئ لكن واضح :
“ بمَا كنت تفكر ؟”
احمرّ وجه رُوان نيان، وأنزل رأسه :
“ كنت… أحاول أن أتذكّر…
ما حدث يوم شربتُ الخمر…”
سأله تشو فِنغيون:
“ هل تريد أن تتذكّر فعلًا ؟”
أومأ رُوان نيان برأسه
فجأة، أمسك تشو فِنغيون بيده وجذبه نحوه،
فسقط عليه دون توازن،
وجهاهما باتا متقابلين،
همس تشو فِنغيون:
“ والآن… هل تذكّرت ؟”
هزّ رُوان نيان رأسه ببطء
: “ وهكذا ؟” قالها تشو فِنغيون، ثم رفع رأسه وعض شفتيه برقة
فجأة ،
تدفقت الذكريات داخل رأس رُوان نيان كعاصفة
تذكّر نفسه وهو ممدّد على كتف تشو فِنغيون،
يرفس بساقيه كطفل صغير غاضب…
تذكّر وهو يحمله إلى السرير ،
يحاول أن يضعه بهدوء ،
لكنه فجأة ركله بلا وعي ، فسقطا معًا على السرير
و كما الآن ، مستلقي فوقه ، وعيناه محمرّتان ،
وهو يوبّخه بغضب مختلط بالحزن :
“ آه آ-يينغ لا تريدني بعد الآن، أليس كذلك؟
ستذهب لتتزوج تلك الآنسة شو…؟
إذًا لن أتحدث معك بعد الآن !”
ثم… تشو فِنغيون رفع رأسه فجأة وقبّله
حينها ، هاج في صدره غضب وغيرة ،
وتذكّر تلك المرأة قاطعة الطريق التي كانت تنوي الزواج به،
فثار… وعضّه بعنف
…
: “ هل تذكّرت؟” سأل تشو فِنغيون وقد حرّره من بين ذراعيه
تمتم رُوان نيان بصوت مرتجف:
“ أنا… أنا…”
اقترب تشو فِنغيون بصوته العميق الخافت:
“ لماذا عضضتني؟ أكنت تكره أن أقبّلك ؟”
هزّ رُوان نيان رأسه بسرعة ، وقال وهو يعض شفته:
“ لا… فقط… تذكّرت تلك المرأة قاطعة الطريق التي أرادت
الزواج بك، فغضبت…
وفعلت ذلك دون تفكير…”
فجأة ، عانقه تشو فِنغيون بقوة ، وقلبه على السرير ،
وحاصره بجسده كمن يحيط كنزه بكل حواسه،
ثم قال بصوت خافت وثابت :
“ أنا لا أحبها… أنا أحبك أنت "
توسّعت عينا رُوان نيان في صدمة:
“ م-ماذا؟!”
لكن قبل أن يُكمل سؤاله ،
حاصره تشو فِنغيون بشفتيه في قبلة حاسمة …
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق