Ch17 | حبيبي يأتي ليرى العشب على قبري
خلف الباب ، ممرٌ سري ——
الجدران الحجرية على الجانبين مضاءة بمصابيح زيتية تتوهج بنور ثابت
دخل غو لانغ بحذر ، خطواته خفيفة لا تكاد تُسمع
وو تشي تبعه بهدوء ، متخليًا عن عادته في الوخز واللعب،
إذ لم يكن يملك خيارًا آخر؛ غو لانغ ما كان ليتردد لحظة في
سحب خنجره ووضعه عند عنقه إن تجرأ على التصرف كما يشاء
ومع توغلهم في الممر،
بدأ الطريق يتسع تدريجيًا،
تتشعب منه ممرات جانبية عديدة متقاطعة،
لا يعلم أحد إلى أين تفضي
لم يكن أمامهم سوى أن يكتشفوها واحد تلو الآخر ،
عن طريق التجربة والخطأ
وبينما هم يسيرون ، انساب إلى مسامعهم أصوات قادمة من الأمام
تقدموا بحذر ، وحين داروا حول المنعطف ،
وجدوا زنزانة بداخلها رجل في منتصف العمر،
مظهره بائس وفوضوي،
نائم لكنه بدا كمن يعيش كابوس — يده وقدمه ترتجفان ،
ويتمتم ويصرخ مرارًا :
“ لا تقتلوني… لا تقتلوني…”
حارس واقف خارج الزنزانة ،
ضاق ذرعًا بهذيانه فصرخ :
“ أيها المجنون استيقظ !
كفّ عن الصراخ !”
ارتجف الرجل قليلًا ثم فتح عينيه ببطء،
وعندها فقط هدأ
سخر منه الحارس :
“ لماذا تحلم نفس الكابوس كل يوم؟
مرّت سنوات على حجزك هنا… أتظن أن هناك من سيأتي ليقتلك؟
هل بلغ بك الملل حدّ الهلع ؟”
لم يجب الرجل
كل ما فعله أنه ظل يتنفس بصعوبة قليلاً ، يتنفس بعمق ،
وكأن الهواء يؤلمه
نظر غو لانغ إلى وو تشي وهمس بصوت خافت:
“من هذان الشخصان ؟”
هز وو تشي رأسه ، دلالة أنه لا يعرف
ولأنهما لا يريدان كشف أمرهما،
لم يكن أمامهما إلا التراجع،
واختيار مسار آخر من المتشعبات
الممر الجديد طويل نوعًا ما،
وفي نهايته تُسمع أصوات شخير تصمّ الآذان
اختبأ غو لانغ و وو تشي ، وألقيا نظرة حذرة
أمامهما امتد فراغ واسع ،
تناثرت فيه الحصائر ،
وفوقها عدد كبير من الرجال النائمين
الكثير منهم عراة الصدر ،
وكل شخير منهم أعلى من الآخر
فجأة، رفع وو تشي يده ليغطي عيني غو لانغ،
وكتب على كفّه :
[ لا تنظر، أو ستصاب بالعمى ! ]
لكن غو لانغ سحب يده،
وأشار إلى أحد الرجال مفتولي العضلات، وقال:
“ هكذا تبدو بالضبط عندما تسير وأنت نائم ~ ”
استدار الرجل الضخم ليعانق رجلاً آخر نحيف بجانبه،
وعلى وجهه تعبير شهواني وهو يتمتم:
“ يا لجمالِك،
تعالي إلى هنا وأعطني قبلةً عطرةً يا صغيرتي…”
وو تشي: “……”
ألقى غو لانغ نظرة متفحّصة، وقال بتأمل:
“ يبدو أن هؤلاء هم الجنود السريون الذين درّبهم تشنغ
يوفِي… لا فكرة لدي من أين أتى بهم .”
لم يتحرّك وو تشي
استغرب غو لانغ الأمر، فاستدار ليلقي نظرة عليه
كان وو تشي واقفًا ملتصقًا بالحائط،
جبهته ملامسة للصخر، و يبدو عليه الإحباط
شد غو لانغ كمّه
استدار وو تشي ونظر إليه بعينين يملؤهما الحزن
سأله غو لانغ:
“…ما بك؟”
نظر وو تشي نحو الرجل الضخم،
ثم رفع إصبعه وكتب على الجدار:
[ أنا سمين، منحرف، وعديم الحياء ]
غو لانغ:
“ أنت لست سمين .”
وو تشي: “……”
[ إذاً تقصد أنني منحرف وعديم الحياء ؟ ]
⸻—————
في مكانٍ آخر ،
وبينما تشو فنغيون عائد ، لمح الطبيب الشاب الضعيف
المظهر الناعم كغيمة
جالس عند كشك طعام ، يأكل الزلابية الساخنة — بيضاء
وممتلئة ،
وعندما يعضّ واحدةً منها ، تنساب منها العصارة بحرارة
تأمّله تشو فنغيون، وبدأ يشعر بالجوع
وفي منتصف تناول الطبيب شياو رُوان لطعامه ، جلس رجل أمامه
رفع رأسه ،
فوجد نائب القائد القوي الجبّار
صرخ تشو فنغيون تجاه بائع الزلابية :
“ هاتِ لي وعاءين من الزلابية "
فكّر الطبيب شياو رُوان بصمت { يأكل كثيرًا…
لا عجب أنه بهذه القساوة }
سأله تشو فنغيون: “ كيف حال قدمك؟”
رد الطبيب شياو رُوان :
“ أصبحت بخير الآن .
معلمي ماهر جدًا .
قام ببعض التدليكات وشفيت تمامًا .”
رد عليه تشو فنغيون بـ “هممم”، ثم بدأ يأكل بنهم
يأكل كثيرًا و بسرعة مذهلة
وقبل أن ينهي الطبيب زلابيته الأخيرة،
كان تشو قد التهم كل ما في وعائه،
بما في ذلك المرق الذي لا يزال يغلي
ثم وضع وعاءه على الطاولة بنبرة مفعمة بالانتصار
أما الطبيب الشاب، فلم يُعرف ماذا دار في ذهنه،
لكنه لحق به، فشرب المرق دفعةً واحدة،
ووضع وعاءه بقوة
تلاقت نظراتهما
ثم، خرج تجشؤ صغير من الطبيب شياو رُوان وقال بنبرة بريئة:
“ لو أكلت مثلك ، هل سأصبح قاسي مثلك ؟”
تشو فنغيون: “……”
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق