Ch71 | حبيبي يأتي ليرى العشب على قبري
مورونغ يان ينظر إلى غو لانغ الراكع في قاعة العرش،
وفي قلبه ما زالت تتردد كلماته الصافية والثابتة،
مرارًا وتكرارًا…
' جلالتك ، إنّي أحب سموّ ولي العهد ،
وأرغب أن أشاركه الحياة والمصير ،
في السراء والضراء ، حتى يفرقنا الموت '
شعر مورونغ يان بحرارة تغمر صدره ،
ولم يستطع إخفاء الابتسامة في عينيه
تقدم للأمام ، وركع إلى جانب غو لانغ ،
ثم قال بصوت عالي :
“ أرجو من والدي الإمبراطور أن يمنّ علينا بالموافقة !”
حدّق الإمبراطور فيهما بذهول وصدمة
ثم رفع وزير الشؤون الإدارية يده ،
وخبط بخفة على ذراع وزير الطقوس وقال:
“ وأنت تتحمل هذا ؟ ألا تقول شيئ ؟”
فأجابه وزير الطقوس بتذمر :
“ لن أقول شيء !
إن أردت أن تتكلم ، فتكلم أنت !”
ثم تمتم في نفسه
{ ابني أنا بالكاد أقدر عليه ،
فبأي وجه أذهب وأعترض على الآخرين ؟ }
وفجأة، بدأ الإمبراطور يسعل بشدة،
فأسرع الخصي الشاب بجواره يهتف :
“ انتهى المجلس الصباحي !”
ثم أسرع ليسند الإمبراطور ويقوده إلى الخارج
تبادل الوزراء النظرات الحائرة ،
ولم يعرفوا ما يفعلون ،
فاكتفوا بالهمس بينهم وغادروا تباعًا
لم يبقَى في القاعة الكبرى إلا مورونغ يان وغو لانغ
ما زالا راكعين معًا
قال مورونغ يان وهو يمسك بيد غو لانغ ،
واقترب منه وهمس في أذنه:
“ لقد سمعت كل شيء … يوجد من يحبني فعلًا…”
احمرّ وجه غو لانغ ، وقال بصوت خافت:
“ ألم تكن تعلم بالأصل…؟”
ابتسم مورونغ يان :
“ العِلم شيء ، لكن أن أسمعك تقولها بلسانك…
فذلك أمر مختلف تمامًا "
تردد غو لانغ قليلًا ، ثم أمسك بيده وسحبه للخارج
مورونغ يان لم يسأل عن شيء ، واكتفى باتباعه وهو يبتسم
✧—————————————
كان رُوان نيان يحمل كيسين من الأعشاب الطبية ،
ويخرج مع تشو فنغيون من أحد دكاكين العطارة
في الأيام الماضية ، لم يكفّ تشو فنغيون عن الإشارة إلى
ذراعه اليمنى ، سائلاً إياه كل مرة : “ كيف أستطيع أن أتعافى بسرعة ؟”
ورؤيةً له على هذه الحال من القلق ،
لم يدّخر رُوان نيان جهدًا ؛ فتصفّح العديد من كتب الطب ،
وجمع كثيرًا من الأعشاب ، ومع ذلك…
لم تكن النتائج مرضية تمامًا
قرر شراء كميات أكبر من الأعشاب المُقوية ،
وأوصى تشو فنغيون أن يتناولها بانتظام ،
لعلّ جسده يستعيد عافيته أسرع
وأثناء عودتهما ، لمحا غو لانغ ممسكًا بيد مورونغ يان،
يمضيان معًا نحو جنوب المدينة
رمق رُوان نيان أيديهما المتشابكة ،
ثم ألقى نظرة على يده ويد تشو فنغيون – كلتاهما
مشغولتان بأكياس الأعشاب
فكّر للحظة ، ثم جمع الكيسين في يد واحدة ،
والتفت إلى تشو فنغيون قائلاً: “ آ- يينغ أعطني كيسك "
خشي تشو فنغيون أن تكون الأحمال ثقيلة عليه فهزّ رأسه رافضًا
لكن رُوان نيان أصرّ : “ أعطني الكيس !”
تشو فنغيون: “ ثقيل "
: “ ليس ثقيل !” قالها رُوان نيان وهو يمدّ يده ليخطف الكيس منه
تشو فنغيون لم يفهم سبب إلحاحه،
لكنه سلّمه الكيس في النهاية
أمسك رُوان نيان بكل الأكياس بيدٍ واحدة،
ومدّ الأخرى ببطء، بأطراف أصابعه، ليلامس ظهر يد تشو فنغيون
توقف تشو فنغيون لحظة،
ثم أمسك بيده الأخرى كفّ رُوان نيان بإحكام
رُوان نيان، وقد غمره الرضا، مضى ممسكًا بيده وهو في غاية السعادة
وبعد لحظات من السير ،
التفت إليه وقال بخجل : “يبدو أن… الوزن ثقيل فعلًا…”
رفع تشو فنغيون بصره نحو الزقاق القريب
وفي ثواني ، خرج تشوانسي من بين الزوايا يسير بخوف ظاهر ،
وضحكة جافة على شفتيه : “ هءهءهءهءهءهءءهء تشو فنغيون …
يا لها من صدفة !
أنا…
أنا جئت أبحث عن سمو الأمير "
قال تشو فنغيون وهو يشير إلى أكياس الدواء في يد رُوان نيان: “ سموه ليس هنا .
خذ هذه الأكياس إلى المنزل .”
: “ لكنني لست…” وقبل أن يتمّ جملته ،
ألقى تشو فنغيون عليه نظرة صارمة جعلته يغيّر كلامه فورًا:
“ أوووه، حسنًا حسنًا !”
وبهذا ، مضى رُوان نيان وتشو فنغيون ممسكَين بأيدي
بعضهما، عائدَين، وتشوانسي يسير خلفهما منكّس الرأس،
يحمل الأكياس الثقيلة كلها
✧—————————————
خرج مورونغ يان وغو لانغ من بوابة القصر ،
وسارا معًا على الطريق الحجري المؤدي إلى جنوب المدينة
كان قد مضى زمن طويل منذ أن وطئت أقدام غو لانغ هذا الطريق
فمنذ أحد عشر عامًا،
حين أُغلقت أبواب قصر عائلة غو،
ودُفن والداه تحت التراب،
لم يجرؤ يومًا على العودة إليه بمفرده
الطريق لم يكن طويل ،
لكنه في قلبه كان جرح لا يندمل ؛
كل خطوة يخطوها عليه كانت كطعنة ،
ولم يكن يصل إلى نهايته أبدًا
لكن هذه المرة… وصل إلى نهاية هذا الطريق
توقفا عند نهاية الطريق الحجري،
ووقفا سويًا يتأملان من بعيد بوابة قصر عائلة غو المتداعية
مضى وقت طويل، حتى خطى غو لانغ أخيرًا إلى الأمام،
ودفع البوابة بهدوء
أصدر الباب صريرًا خافت ، وارتج قليلًا ،
فتساقط منه بعض الغبار
لوّح مورونغ يان بكُمّه، مانعًا الغبار عن وجه غو لانغ،
ودخل معه سويًا إلى الداخل
في الفناء ، نباتات اللبلاب تتسلّق الجدران العالية،
والأعشاب البرية تغمر الأرض،
والسقوف المنهارة مكشوفة تحت أشعة الشمس بلا حياة
مرّ أحد عشر عامًا…
جال نظر غو لانغ على الجدران والحجارة، شبرًا شبرًا،
وهو يتذكّر يوم تبرئة العائلة
حينها، أعلن الإمبراطور المرسوم بصوت عالي واضح :
“عائلة غو كلها أوفياء مخلصون،
ولم يخونوا الولاء قط…”
مدّ غو لانغ يده، ليمسح بلطف على الجدار،
وهمس بصوت خافت: “ لقد عدت…”
تمايلت الأعشاب في الحديقة مع نسمات الرياح ،
كأنها تصغي
أمسك مورونغ يان بيده الأخرى بلطف
استدار غو لانغ ونظر إليه،
والابتسامة ظهرت في عينيه كسُحب ربيعية،
ثم شدّ على يده وسحبه نحو فناء آخر
قال وهو يشير إلى باب قد غطته الطحالب : “هذا فناء والديّ "
ثم التفت فجأة إلى مورونغ يان وقال: “ اركع ”
تساءل مورونغ يان بدهشة: “ ماذا ؟”
سحبه غو لانغ وجثا به خارج الباب ، ثم قال: “ اسجد ”
سجد مورونغ يان معه ، وانحنى مرتين تجاه الفناء الصامت
نهض غو لانغ قليلًا ، ونظر إلى الفناء الخالي ،
وقال بصوت مملوء بالحزن والحنين :
“ أبي، أمي، لقد قصّرت في حقكما،
وتركتكما تنتظران كل هذه السنين…
اليوم قد رُفِع الظلم عن عائلة غو ،
وإن كانت أرواحكما ما تزال حاضرة ،
فأرجو أن تطمئنا أخيرًا…”
ثم انحنى ساجدًا مرة أخرى، وأضاف:
“ وقد وجدتُ من أودّ أن أقضي معه ما تبقّى من عمري…
أنا أحبه كثيرًا ”
تحرّكت شفتا مورونغ يان قليلًا، وهمس: “ أنا…”
استدار غو لانغ نحوه ، وركع أمامه قائلًا :
“ اليوم قد سجدنا لوالدك الإمبراطور ، وسجدنا لأبي وأمي ،
ولم يتبقَى سوى أن نسجد لبعضنا…
إن كنتَ راغبًا، فلنُتم مراسم الزواج هنا .”
تجمّد مورونغ يان في مكانه، وقلبه يخفق بقوة
كأن كل الأصوات حوله تلاشت،
ولم يبقَى في أذنه سوى صدى جملة غو لانغ :
فلنُتم مراسم الزواج…
رفع يده ولمس وجهه ، وفي عينيه لمعان ضوء خافت ،
قال بصوت مبحوح:
“هل جننت؟
كيف لأميرة وليّة العهد أن تُزف بهذا الشكل البائس ؟”
غو لانغ بهدوء: “ لا يهمني ذلك "
: “ لكنني أهتم !” قالها مورونغ يان وهو يُسند جبهته بجبهته : “ قلتُ لك سابقاً ،
لن أسمح لك أن تتعرّض للظلم مجددًا "
ابتسم غو لانغ: “ أنا لا أشعر بأي ظلم "
عانقه مورونغ يان بقوة ، وضحك وهو يقول:
“ أريدك أن تصبح أميرة وليّ العهد رسميًا ،
وأبهى زفاف شهدته الدنيا…”
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق