Extra3 | حبيبي يأتي ليرى العشب على قبري
جلست شو جينغ إر على الأرجوحة،
تتمايل جيئة وذهاباً وهي تنظر نحو القاعة الأمامية،
لا تفهم ما الذي يريد والدها قوله لسون فانغ،
ولماذا أصر على ألّا ترافقه للاستماع
أما في الداخل ،
فكان سون فانغ جالساً على كرسي خشبي،
وقد لفّه التوتر كمعطف شتوية
بدأ يراقب الوزير شو تشي يان وهو يحمل كوب الشاي،
دون أن يشرب، مكتفياً بالتحديق فيه،
وتغطي وجهه ملامح ثقيلة بالقلق
قال سون فانغ متلعثماً:
“ شو، شو أيها الوزير…”
وإذا بالوزير يضرب الكوب على الطاولة بضجيج:
“ أأنت حقاً لا تحب الرجال ؟!”
هزّ سون فانغ رأسه حتى كاد يسقط ، وقال مذعوراً :
“ لا، لا! بالتأكيد لا أحبهم !”
قال الوزير بحدّة :
“ إذاً ، هل تحب ابنتي ؟”
سون فانغ: “……” { بهذه المباشرة ؟! }
وإذ لم يتلقّ جواباً ، فعلا صوت الوزير بنفاذ صبر:
“ أجبني !”
ارتجف سون فانغ وقال دون تفكير :
“ أحبها !”
بدأ الوزير يحدّق فيه من رأسه حتى أخمص قدميه،
ثم سأل ببرود:
“ كثيرون يحبونها ، فما ميزتك أنت ؟”
فقال سون فانغ على عجل :
“ أنا… آخذها لتستمع لشجار الناس !”
الوزير: “……”
…
وفي الخارج ،
شو جينغ إر قد تسللت بخفة،
وقبل أن تصل إلى الباب،
رأت سون فانغ يركض من القاعة،
وأباها يلاحقه بمكنسة من الريش
صاح الوزير غاضباً : “ شجارات؟!
إذاً أنت السبب !”
لطالما استغرب كيف لابنته المهذبة المحبة للخط والرسم
أن تنجذب فجأة لمشاهدة المشاجرات ؟
والآن تبيّن له أن هذا الشقيّ هو من أفسدها
{ الاستماع لشجار ؟!
منذ متى كانت الشجارات للاستماع ؟!
تباً! لا علم ، ولا تهذيب ، ولا فطنة ! }
هرعت شو جينغ إر لتمنع والدها : “ أبي، كفى ، لا تضربه !”
ثم التفتت إلى سون فانغ قائلة:
“ سون غا ، اهرب بسرعة…”
لم يفهم سون فانغ كيف أثار غضب الوزير إلى هذا الحد، فأومأ رأسه موافقاً وهو يقول:
“ سأغادر الآن أيها الوزير ، هدّئ من روعك…”
لكنه لم يُكمل، إذ طارت المكنسة باتجاهه،
فهرب راكضاً كالأرنب
قالت شو جينغ إر وهي تمسك بذراع والدها:
“ لماذا تضربه مجدداً أبي؟”
تنهد الوزير وقال بقلق ظاهر:
“ ابنتي، أنت لا تزالين صغيرة ،
لا تسمحي لأحد أن يخدعك .”
سألت بدهشة:
“ من خدعني ؟”
قال بوجه عابس:
“ هذا الشاب سون ، لا يبدو من أهل الخير !”
ردّت بحزم :
“ لا تقل ذلك أبي،
سون غا يعاملني بلطف شديد .”
سأله بحدة:
“ وأين هذا اللطف؟
من يأخذك لتشاهدي الشجار ، أهذا لطف ؟!”
فقالت ببساطة:
“ نعم، لا أحد غيره وافق على اصطحابي .”
الوزير: “……”
{ ابنتي ما الذي جرى لك ؟! }
⸻
في الليل ، شو جينغ إر ترسم تحت ضوء المصباح،
حينها دوّى صوت على نافذتها،
فالتفتت بسرعة لترى سون فانغ يتسلل كاللص من النافذة
“سون غا ؟”
دخل من النافذة،
وأخرج من صدره رزمة ورقية،
قائلاً إنها حلوى جلبها من القصر
جلسا على الطاولة يتناولان الكعك الطري،
فقال سون فانغ بلا مبالاة:
“ لا أفهم عقلية الرئيس ، يترك هذه الحلوى ويجلس مع غو
لانغ في مطبخ القصر يشربان حساء الخضار والتوفو ”
لمعت عينا شو جينغ إر، وأمسكت بذراعه:
“ يشربون الحساء ؟ كيف ؟!”
سون فانغ تلعثم :
“ أظن أن غو لانغ هو من يطعمه…”
بدأت تنظر إليه بنظرات مترقبة
فتابع وقد فهم مقصدها :
“ أ… تريدين الذهاب لرؤية ذلك ؟”
أومأت برأسها بحماس — فهي لم ترى من قبل الطبيب
روان وهو يتناول الحساء
سون فانغ: “……”
{ حسناً، رؤية هذا أفضل من التلصص على ليلة دخلتهم … }
⸻
رافقها إلى القصر ، وساروا بسلاسة
كلما أوقفهم حارس ،
أخرج سون فانغ شارة أعطاها له مورونغ يان سابقاً تتيح له
الدخول والخروج من القصر بحرية
اقتربوا من المطبخ الملكي،
لكن لم يجرؤا على الاقتراب كثيراً،
فاكتفوا بالجلوس على سطح منزل قريب يطل عليه
ولحسن الحظ، كان مورونغ يان وغو لانغ يجلسان عند طاولة
حجرية في الخارج، لذا تمكنوا برؤية كل شيء
سون فانغ متذمراً:
“ ألم ينتهِي بعد؟”
كان يظن أنه حين يصل ، سيكون الحساء قد برد
و قد رحلوا ، فينتهز الفرصة ليقنع شو جينغ إر بالعودة ،
دون أن يخشى عقاب الرئيس
لكن الأمور لم تسر كما توقع،
فقد مر وقت طويل، والحساء لا يزال يُشرب
شو جينغ إر غارقة في المشهد،
تراقب مورونغ يان وهو يتكئ على الطاولة برأسه،
يفتح فمه كي يُطعمه غو لانغ
أما غو لانغ، فكان قد تورّط بعد أن استُدرج بلطف
فقد طلب منه الإمبراطور إقناع مورونغ يان بالكفّ عن إعداد
حساء الخضار والتوفو
لكنه، ما إن بدأ الحديث،
حتى قال له مورونغ يان باستياء:
“ أنت زوجي ، كيف تنحاز لكلام والدي ؟”
غو لانغ:
“ قال إنه لن يسرق ساق الخروف المشوي مرة أخرى .
بل إنه يخاف من التوفو الآن !”
ضحك مورونغ يان:
“ ومن يصدّق كلامه ؟
لا يسرق ، لكنه يأكلها جهاراً .
لا يأكل الخروف ؟ سيأكل الدجاج أو البط !”
داعب وجهه وتابع بلطف :
“ لا ألومك ، كلنا خُدعنا به مرة .
أما أنا، فخدعني منذ الصغر .”
غو لانغ تمتم مذهولاً :
“ وما العمل الآن؟ لقد وعدته…”
ردّ مورونغ يان بمتعة :
“ لا بأس ، إن لم يكن اليوم ، فغداً .
لكن الحساء الذي أعددته لا يجوز أن يُهدر .
أحدهم يجب أن يشربه .”
همّ غو لانغ بالقول إنه سيفعل ،
لكن مورونغ يان التفت إليه مبتسماً وقال:
“ ما رأيك أن تُطعمني أنت ؟”
غو لانغ: “……”
ظن أن الأمر لن يأخذ سوى دقائق.
لكنه فوجئ بمورونغ يان يدّعي أن الحساء ساخن جداً،
ويطلب منه أن ينفخ كل ملعقة،
بل ويذوقها قبل أن يطعمها له.
وبهذا الأسلوب البطيء، انتهى المطاف بغو لانغ وقد شرب
أغلب الحساء بمفرده
ولما رأى أن الحساء قد برد، توقف عن النفخ،
وقدم الملعقة كما هي
مورونغ يان:
“ لا أزال أشعر أنه ساخن ”
غو لانغ، وقد بلغ به الضيق مداه،
شرب البقية دفعة واحدة،
ثم سحبه فجأة وقبّله على شفتيه
“ آه!” كادت شو جينغ إر أن تصرخ على السطح،
لولا أن سون فانغ أسرع ووضع يده على فمها:
“ اهدئي!
إن علم الرئيس بنا، سنُسلق ونُقدّم مع الحساء !”
⸻
في طريق العودة ،
كانت شو جينغ إر تبتسم وتخفي وجهها بيديها،
كأنها تحفظ سراً حلواً،
مما جعل سون فانغ يخشى أن تتعثر دون أن تنتبه
قالت بصوت خافت:
“ رائع… أشعر أنني أريد شرب الحساء أيضاً .”
ارتبك سون فانغ وقال دون تفكير:
“ أنا أطعمك !”
شو جينغ إر: “……”
ثم تلعثم قائلاً:
“ لا، لا أعني… أنا فقط… كنت أقول إن…”
وفجأة ، وقفت على أطراف أصابعها ،
وقبلّته قبلة خفيفة على خده
تجمّد سون فانغ في مكانه
ثم قالت بخجل، وهي تنسحب سريعاً:
“ سأعود الآن ”
ما إن استوعب ما جرى ،
حتى ركض خلفها قائلاً :
“هل… هل ترغبين في مشاهدة شيء آخر؟
مثلاً… وو ليو وهو يُطعم حصاناً ؟!”
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق