القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch7 | Rainfall: 100%

 Ch7 | Rainfall: 100%



منذ زمن بعيد أدرك شي ييجين أنه ليس من النوع الاجتماعي بطبعه


وكانت هناك أسباب عديدة لذلك


أولاً ، حالته الجسدية كانت فريدة من نوعها ، 

مما جعل من الصعب عليه تكوين علاقات اجتماعية 

تتطلب تواصلاً دائم


وثانيًا ، كان يدرك جيدًا أنه يمتلك “موهبة” غريبة — قدرة 

خارقة على تحويل أي محادثة إلى لحظة محرجة على الفور


لكن شي ييجين لم يكن منزعج من هذا أبدًا


كان مؤمنًا تمامًا بأن العزلة هي أسلوب الحياة الأنسب له… 

إلى أن التقى بتشين كان ——-


لقد كانت هذه المرة الأولى في حياته التي يبادر فيها بدعوة 

شخص إلى التعاون



ورغم أن النتيجة لم تكن تمامًا كما كان يأمل ، 

إلا أنه لم يندم على المحاولة


لأن هذا الشاب… كان مريح جدًا في العناق 


لأول مرة —- جرّب شي ييجين شعور مختلف تمامًا عن 

معانقة دمية — لقد كان جسدًا بشريًا، من لحم ودم، دافئ حقيقي


كان جسد الشاب متين ودافئ ، 

جلده وعضلاته مشدودة ومرنة في نفس الوقت ، 

لكن لمسته  ، كانت ناعمة على نحو مفاجئ


وعلى عكس حشوة القطن العادي ، الذي يغوص تحت اليد عند الضغط،

فهذا… هذا شيء مختلف تمامًا


هذا الشاب الوسيم مختلط العرق ، كان دافئ جدًا ، 

وملمسه ممتع بشكل لا يُوصف ، 

لدرجة أنه منح شي ييجين تجربة فريدة من نوعها


لقد كانت تلك الليلة المطيرة أول مرة ينام فيها بهذا القدر من الراحة ، 

حتى رغم أن المطر في الخارج كان ينهمر بغزارة نادرة


وعندما استيقظ في صباح اليوم التالي، لم يشعر بأي تعب 

متبقي أو انزعاج على الإطلاق


منذ تلك الليلة —- بدأ شي ييجين يتعمد تجنّب تشين كان


ليس لأنه شعر بالحرج ، 

بل لأن رؤيته كانت تثير في ذهنه ذكريات تلك الليلة ، 

وكان يعيد الشعور بها في كل مرة ، رغمًا عنه


كان يخشى أن تصبح كل ليلة ممطرة من الآن فصاعدًا أصعب على الاحتمال


لكن ما لم يفهمه شي ييجين… هو لماذا جاء تشين كان للقائه الآن


سمعه يقول ، بصوت متوتر يكاد يختنق بالكبح :

“ أنا… أنا لا أريد ألا أصدقك ،،،

لكن لا أستطيع أن أصدق ما تقوله… 

كيف يمكنني أن أصدق شيئًا كهذا ؟”


تابع تشين كان وكأنه متمسك بخيط عقلاني أخير :

“ أنت تعرف أفضل مني سنباي ، أن الحمى رد فعل مناعي ….”

ثم أخذ نفسًا عميقًا ، وتابع ببطء:

“جهاز المناعة يحتاج إلى مستضدات ، مثل البكتيريا أو 

الفيروسات ، ليبدأ رد الفعل . 

ماء المطر ليس مُمْرض ، 

فكيف يُمكن لشخص أن يُصاب بالحمى لمجرد تعرضه للمطر؟ 

لست غبي ”


رد شي ييجين بهدوء:

“ ولهذا السبب بالتحديد ، حين أخبرتك ، نبهتك أولًا أن هذه 

حالة لا يمكن للعلم تفسيرها ….”


لكن تشين كان قاطعه ، بنبرة فيها احتجاج :

“ وكيف لي أن أعرف إن كانت حقًا حالة لا يمكن تفسيرها علميًّا… 

أم أنك فقط اخترعتها من رأسك ؟”


رفع شي ييجين حاجبًا ، وقد بدت عليه الحيرة :

“ ولماذا أكذب عليك ؟”


كان تشين كان يواجهه بجرأة قبل لحظات ، 

لكنه عند هذا السؤال تراجع فجأة


فتح فمه ، وكأن كلمات كثيرة تجمعت في حلقه ،  

لكنه لم يقل شيئ ، وصمت طويلاً


قال شي ييجين بصوت هادئ:

“ لقد خضعت لتحاليل دم عديدة على مر السنين . 

عدد خلايا الدم طبيعي ، وتم استبعاد أمراض نقص المناعة 

الخلقية والحساسية ، 

وحتى خضعت لفحوصات جينية ...”


ثم فكر قليلاً وتابع :

“ راجعت أطباء نفسيين أيضًا ، 

لكن لم ينجح أيٌّ منهم في تقديم تفسير منطقي . 

لقد استبعدتُ كل الحالات الممكنة التي قد تخطر ببالك .”


لم يجد تشين كان ما يقوله


لكن بعد لحظة ، تمسك بخيط شكّ جديد ، وقال بصوت متوتر :

“ لكن… ماذا لو أنك أصبتَ بزكام عادي فقط؟!

وكيف يمكن أن توجد حالة… تتوقف فيها الحمى فقط لأنك 

تعانق دمية ؟”

ثم تابع ببطء ، كأنه يزن ويختار كلماته بعناية :

“ ضع نفسك مكاني… لو كنتَ مكاني ، 

هل كنت ستصدق شخص قال لك هذا الكلام ؟”


صحّح شي ييجين الأمر مجددًا بصوت هادئ : 

“ أولًا ، لم أقل إن احتضان دمية يُوقف الحمى .

ما يحدث هو أنه حين تبدأ الأعراض ، مثل الحمى ، 

أشعر برغبة شديدة في لمس شيء دافئ وناعم . 

احتضان دمية يمكن أن يخفف من الأعراض ، لكنه لا يعالجها تمامًا ...”


ثم تابع دون أن يترك له مجالًا للرد :

“ وحتى الدمية ليست الطريقة الوحيدة… 

أي شيء ناعم سيؤدي الغرض .

بإمكاني، مثلًا، أن أحتضن شخص أيضًا ”


تشين كان: “……”


أضاف شي ييجين : “ ثانيًا ، لو كانت حالتي فعلًا مرتبطة 

بالجهاز المناعي ، فكيف تفسّر أن الحمى اختفت بعد أن 

عانقتك في تلك الليلة ؟”

ثم رفع كتفيه بلا مبالاة :

“ ما السبب الذي قد يدفعني للكذب عليك ؟ 

ما الذي سأجنيه ؟”


بقي تشين كان مذهولًا للحظة


رغم أن فكرة الإصابة بالحمى بسبب المطر ، ثم تخفيفها 

بالاحتضان ، ما زالت تبدو له وكأنها قصة ملفّقة لا تصدَّق… 

إلا أن الشيء الوحيد الذي لم يستطع إنكاره هو أن شي 

ييجين، الذي كان مصابًا بحمى شديدة في تلك الليلة، 

بدا أفضل بكثير بعد أن عانقه — وفي صباح اليوم التالي، 

كان يتصرف بشكل طبيعي تمامًا، بل وأعد لهما الإفطار


عقله في دوّامة —- قال متلعثمًا ، يضغط كلماته بصوت متوتر :

“ لا أعلم… لكن تلك الليلة، كنت تكرر كم أني ناعم الملمس ومريح… 

وبعد أن احتضنتني، بدأت فورًا تتحدث عن تعاون أكاديمي، بشرط أن تستمر في لمسي واحتضاني .

أنا حتى لا أعرفك… 

لا أعرف ما الذي كنت تريده حقًا … "

وأدار وجهه جانبًا ،  

وكأن الكلمات تخرج منه قسرًا  ~ وكلما تكلم أكثر ، ازداد وجهه احمرارًا


ساد الصمت ، وكأن الهواء قد أصبح أثقل


قال شي ييجين، وعيناه تلمعان ببريق إدراك مفاجئ بينما 

يتأمل وجه تشين كان:

“ اهاا … إذن ما تعتقده هو أنني كنت مصاب بزكام عادي ، 

وفي اليوم التالي اختلقت قصة المطر كذريعة ، 

ثم عرضت التعاون الأكاديمي مقابل فرصة للاستمرار في 

التحرش بك جسديًّا ؟”


ارتبك تشين كان لدرجة أن كلماته خرجت متشابكة :

“ أنا—لم لم أقصد هذا ، 

لكنك بالغت فعلًا تلك الليلة … أنا… 

من الصعب عدم التفكير بالأمر "


رغم أن تشين كان قال إنه لا يقصد ذلك، 

إلا أن تلعثمه المتوتر فضحه—هذا بالضبط ما كان يدور في رأسه


شي ييجين { الوضع بدأ يصبح معقدًا }


منذ البداية ، وقبل أن يُفصح عن مرضه ، كان قد أعدّ نفسه 

ذهنيًّا لاحتمال أن يُرفض أو يُكذَّب


لم يكن يتوقع التصديق ، ولم يكن ذلك مهمًا بالنسبة له أصلًا


وإن رآه تشين كان مجنون أو رفض تصديقه ، فلا بأس — 

فهو لم يكن ينوي إثبات أي شيء بالقوة


لكن إن تحوّل الأمر إلى ' صفقة أكاديمية تحت الطاولة '

فذلك سيكون أشدّ تعقيدًا


قال شي ييجين بنبرة هادئة :

“ فهمت . لنتوقف قليلًا من تبادل الأسئلة . 

ما أعانيه يمكن إثباته ، أليس كذلك ؟”


: “ إثباته؟” كرر تشين كان بدهشة


لم يرد شي ييجين على الفور —— وبعد لحظة صمت ، 

سأل فجأة :

“ هل لديك أي تجارب مخبرية هذا المساء ؟”


: “… لا، ليس حقًا "


: “ ممتاز ….” ألقى نظرة سريعة على هاتفه ، ثم رفع رأسه وقال:

“ هل تمانع البقاء هنا معي لبعض الوقت ؟”


تشين كان لا يزال مرتبك : “ ننتظر ماذا بالضبط؟”


أجاب شي ييجين ببساطة : “ ننتظر الدليل "


: “ هاه؟” رمش تشين كان بعينيه ، دون أن يفهم


لم يوضح شي ييجين شيئ إضافي ، 

بل اكتفى بالوقوف بجانب الباب الخلفي لمبنى المختبرات ، 

ثم خرج وجلس على درجات السلم عند المدخل


لم يكن تشين كان قادر على فهم ما يحاول شي ييجين فعله


ظن أنه كان واضح بما فيه الكفاية سابقًا


لكن شي ييجين جلس بصمت ، لا يقول شيئ ، 

وكأنه ينتظر شيئ معين


وبعد مرور وقت بدا طويلاً ، 

لم يستطع تشين كان كبت توتره أكثر ، 

فسأله بنفاذ صبر :

“ ما الذي ننتظره بالضبط ؟”


أجابه شي ييجين بهدوء : “ سيحين وقته قريبًا "


الباب الخلفي نادر الاستخدام ، 

فلم يكن هناك كثير من المارة


لاحظ تشين كان أن شي ييجين ينظر إلى هاتفه مجددًا


حتى أكثر الناس صبرًا كانوا ليفقدوه أمام هذا الغموض


شعر تشين أن صبره بدأ ينفذ : 

“ ما الذي … "


لكن صوته قُطع بصوت شي ييجين الهادئ:

“ لقد بدأ "


تجمّد تشين كان ، والتفت نحو الخارج ، لكنه لم يرَى أحد


ثم، أدرك فجأة


رفع نظره نحو السماء ، وشعر بجسده كله يتوتّر


لقد بدأت السماء تمطر ———


الغيوم ما تزال متلبّدة ، ولكن خيوط المطر الخفيفة بدأت تتساقط ، 

مصحوبة بنسيم بارد — تلك الرذاذات الرقيقة المعروفة في لندن


وقف تشين كان في مكانه ، والدهشة تتسلل إلى ملامحه ببطء


الـ ' دليل ' الذي كان شي ييجين ينتظره… كان هذا المطر


في اللحظة نفسها، نهض شي ييجين واقترب من تشين كان، وتوقف أمامه


رفع يده، خلع نظارته، وقال بصوت خافت:

“ انظر إليّ "


اختنق نفس تشين كان


تلك الليلة أثناء العاصفة ، حين كانا متقاربين جدًا ، 

لم يكن شي ييجين يرتدي نظاراته


وقد لاحظ تشين وقتها أن عينيه كانت جميلتين على نحو 

غريب — جمال لا يتناسب مع بروده المعتاد


كان يعلم أنه من الخطأ مقارنة تلك اللحظة بأي شيء آخر، 

لكنه لم يستطع كبح ذلك الإحساس الذي بدأ يتملّكه، 

إحساس غامض لا يستطيع وصفه


في المختبر ، شي ييجين بارد ، متحفظ ، 

لا يظهر أي انفعالات

و يحيط نفسه بهالة من البعد ، وكأنه بعيد المنال ، 

لا يمكن الاقتراب منه


لكن في تلك الليلة ، رأى تشين كان شيئ مختلف في عينيه — شيئ أكثر دفئ —

أكثر نعومة ، 

وكأن السواد فيهما عميق ، يشبه الماء الساكن


انحناءة خفيفة عند الزوايا ، 

نعومة الجفنين المزدوجين ، طول الرموش — حين تُركّز 

تلك العينان على أحد ، تمنحه شعور لا يمكن تفسيره… 



قلبه تسارع فجأة


{ عينان جميلتان بحق }


لكن في تلك اللحظة ، لم يكن الجمال هو ما أذهله ،

بل الحقيقة أن تلك العينين ، اللتين كانتا صافيتين قبل دقائق ، بدت الآن محمرّتين قليلًا ، 

يغشاهما بريق رطب كأن هناك دموع لم تذرف بعد


ذهل تشين كان تمامًا


قبل لحظات فقط ، كانت تلك العينان طبيعتين تمامًا


تمتم بصوت مرتجف:

“ هذا … "


شي ييجين بصوت خافت :

“ هل تراه الآن؟ إن لم أكن مخطئ ، فإن أذناي وعيناي هما 

أول ما يظهر عليهما الاحمرار ، و ربما خدّيّ أيضًا أصبحا 

ورديّين بعض الشيء "


كان تشين كان قد لاحظ عينيه أولًا


والآن، ومع تلميح شي ييجين، أدرك أن وجنتيه وأذنيه 

بالفعل اكتسبت لونًا وردي خفيف


لم يكن ذلك التغير حادّ كما في تلك الليلة العاصفة، 

لكنه كان واضحًا مقارنةً بما كان عليه قبل خمس دقائق فقط


لم يجد تشين كان ما يقوله


وبعد صمت طويل، همس:

“ هذا… مستحيل "


عبس شي ييجين بحاجبيه ، وبدا عليه بعض الضيق : 

“ما زلت لا تصدقني؟”


أنزل عينيه ، وفكر للحظة ، ثم مدّ يده وأمسك بمعصم 

تشين كان ، وسحبه باتجاه وجهه


ثم، دون سابق إنذار، جعل يد تشين تستقر على خده


اتسعت عينا تشين كان، مذهولًا


لم يكن السبب فقط هذه اللمسة المفاجئة والحميمية … 

بل الحرارة التي شعر بها من خدّ شي ييجين


كانت كفّا تشين كان دافئتين بطبعهما، 

لكن خدّ شي ييجين… كان يحترق


وكأن شي ييجين خشي ألّا يلاحظ تشين كان ذلك، 

ففرك وجنته بخفّة بكف يده، 

ثم رفع عينيه لينظر مباشرةً في عيني تشين كان 


بعينين يكسوهما ضباب خافت ، تتأملان وجهه بعمق


قال بصوت خافت :

“ أتشعر بالحرارة ؟ لكنني ، في الحقيقة… 

أشعر ببرودة شديدة "


كان في صوته بحّة واضحة ، وعندها فقط لاحظ تشين كان 

شحوب شفتيه ، وقد بدت بلون أبيض باهت


قال شي ييجين، بصوت خافت كأنه على وشك الانطفاء:

“ إن كنت لا تزال بحاجة إلى دليل إضافي ، 

يمكننا الانتظار قليلًا. سيتحول المطر إلى عاصفة قريبًا ، وسأحترق أكثر . 

لكن… علينا أن نجلس ، 

لأنني لا أعتقد أنني سأتمكن من الوقوف طويلاً …. "


ثم رفع عينيه إليه مجدداً ، وسأل بهدوء وهفوت مُتعب :

“ هل يمكنك أن تصدقني الآن ؟”


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي