Ch61 | TMCTM
اقترب تاو شي من لين تشينهي، الذي كان يحمل كيسًا من
الكستناء المحمصة بالسكر، فناولها له
كانت الكستناء لا تزال دافئة،
ورائحتها العطرة تتسلل إلى الأنف
أخذ تاو شي واحدة منها، وقشّرها،
وحين تذوّق الطعم الحلو والكثيف، أغمض عينيه قليلًا،
وكأن انزعاجه بدأ يتلاشى شيئًا فشيئًا
سأله تاو شي :
“ كيف عرفت أنني أرغب في أكل الكستناء المحمصة؟
من أين اشتريتها؟”
نظر لين تشينهي إلى يانغ تشنغمينغ الذي ما زال واقفًا في مكانه،
ثم تحرّك مع تاو شي نحو المصعد وهو يقول:
“ يوجد متجر يبيع الكستناء المحمصة بجانب محل الفواكه .”
كان قد رأى، أثناء شرائه الفواكه، كيف نظر تاو شي مرارًا إلى
الكستناء المقلية في المحل المجاور، فعرف أنه يريدها،
فذهب ليشتريها له أثناء انشغالهما بالحديث
قال تاو شي وهو يتناول كستناء أخرى ويقشرها:
“ أحقًا ؟ لا أتذكر .”
ثم ناوله إياها وأطعمها له
عندما رأى لين تشينهي ملامح تاو شي طبيعية كما هي،
شعر بشيء من الارتياح
لم يسأله عن ما جرى في غرفة المستشفى، بل قال:
“ هل ستعود إلى المدرسة بعد الظهر ؟”
تابع تاو شي أكل الكستناء وأجاب وهو يومئ برأسه:
“ فاتتني الكثير من الحصص أمس بعد الظهر ،
وأيضًا هذا الصباح .
يجب أن أُعوّض ما فاتني من دروس وواجبات .”
وبينما يغادران المستشفى، التفت تاو شي فجأة لينظر إلى
المبنى الطويل الخاص بقسم التنويم
بدا أن لين تشينهي فهم ما يدور في ذهنه، فسأله :
“ هل تريد أن تذهب وتلقي نظرة ؟”
أنزل تاو شي عينيه بصمت لوهلة ، ثم هزّ رأسه نافيًا في النهاية
—————
عادا إلى المدرسة ، وكأن شيئًا لم يتغير
كانت وتيرة الدراسة في المرحلة الثانوية مرهقة،
ولم يكن لدى تاو شي وقت للتفكير في أمور أخرى
كان تركيزه منصبًا على الاستعداد لاختبار التوفل والامتحانات النهائية
لكن في اليوم السابق لرأس السنة، اتصل به فانغ زوتشينغ شخصيًا
تحدّث إليه العجوز بصدق، وأعرب عن أمله في أن يعود تاو
شي إلى المنزل لتناول العشاء معهم في المساء
وافق تاو شي
قاد يانغ تشنغمينغ سيارته إلى مدرسة وينهوا الثانوية ليأخذ تاو شي
وعندما رآه حارس البوابة، سأله بأدب :
“ هل أتى السيد يانغ لاصطحاب ابنه ؟”
اكتفى يانغ تشنغمينغ بابتسامة وأومأ رأسه موافقًا
بعد انتهاء الدوام ، خرج تاو شي برفقة لين تشينهي حتى
وصلا إلى بوابة المدرسة، فرأيا يانغ تشنغمينغ يقف هناك
خلال اليومين الماضية ، كان يانغ تشنغمينغ يأتي كثيرًا،
يحمل الهدايا والطعام، حتى أن تاو شي بدأ يشعر بشيء من الحرج تجاهه
أسرع يانغ تشنغمينغ نحوه ، وأخذ حقيبة المدرسة من يده
تحت أنظار الحارس المندهشة، ثم قال مبتسمًا:
“ أتيتُ لأصطحبك وأعيدك إلى منزل الجد "
شعر تاو شي أن تلك الابتسامة على وجه يانغ تشنغمينغ
مألوفة له بطريقة ما
فكّر قليلاً ، ثم لم يرفض
فبعد كل هذه السنوات ، ومهما كان يانغ تشنغمينغ شخصًا معقدًا ،
فإن علاقة الأب بابنه لا يمكن إنكارها
لم يكن لين تشينهي يحمل يومًا انطباعًا جيدًا عن يانغ تشنغمينغ،
والآن بات أسوأ من أي وقت مضى،
فاكتفى بأن سأل تاو شي بصوت منخفض:
“ هل ستعود الليلة ؟”
تردّد تاو شي للحظة ، وتذكّر أن الجد كان قد لمح عبر
الهاتف إلى رغبته في أن يبقى للمبيت، فقال بتردد:
“ أعتقد أنني سأعود "
لم يقل لين تشينهي شيئًا، واكتفى بـ:
“ حسنًا ”
وبعد أن ودّع تاو شي لين تشينهي وركب سيارة يانغ تشنغمينغ،
كان بي تشنغفي، الذي شهد هذا المشهد كله،
على وشك أن تخرج عيناه من مكانهما من الذهول
اقترب ووضع يده على كتف لين تشينهي وسأله بصدمة:
“ تشيوشين !!! لماذا ليه شي غا ركب مع والد يانغ داولي؟”
وفجأة تذكّر أن يانغ تشنغمينغ كان أيضًا مشاركًا في مسابقة CAC، فأضاءت في رأسه فكرة:
“ هل طلب منه يعتذر ؟
أو ينوي استخدام سلطته ويتنمّر عليه ؟”
لكن لين تشينهي أبعد يد بي تشنغفي عنه دون أن يقول
كلمة واحدة، واستدار وغادر
ظل بي تشنغفي واقفًا في مكانه،
يشعر بالقلق على سلامة تاو شي،
ثم تذكّر تعبير وجه لين تشينهي قبل لحظات
{ ذلك التعبير… وكأنه رأى تاو شي يُختطف ويُباع ! }
———————
في السيارة ،
جلس تاو شي في المقعد الأمامي، يراقب يانغ تشنغمينغ
وهو يعبث بزر الراديو، ويسأله عن نوع الأغاني التي يحب
الاستماع إليها، فأجابه تاو شي باختصار : “ أي شيء "
شغّل يانغ تشنغمينغ مجموعة من الأغاني التي ظن أنها
تروق لطلاب المرحلة الثانوية،
ثم بدأ يبحث عن مواضيع لفتح الحديث مع تاو شي،
وكان أغلبها عن الدراسة والرسم،
لكن الأجواء بينهما كانت باردة ومحرجة ؛
فلا ألفة تجمعهما ولا كلام يُقال
كانت ردود تاو شي سطحية ومختصرة ، ومع ذلك، لم يُبدِ
يانغ تشنغمينغ أي انزعاج
في تلك اللحظة، تذكّر تاو شي لماذا بدت له ابتسامة يانغ تشنغمينغ مألوفة جدًا
في ذلك اليوم عندما التقاه في ' مطعم السلطعون '
وكان يرافق يانغ داولي لاصطياد الدمى ،
كانت نفس تلك الابتسامة — ابتسامة مليئة بالتودد والدلال
لكنها الآن صارت أكثر اصطناعًا وحرجًا
شعر تاو شي فجأة بأن الأمر مثير للشفقة نوعًا م
فـ يانغ تشنغمينغ، الذي فشل في كسب قلب ابنٍ مزيف،
يحاول الآن التقرّب من ابنه الحقيقي
تغيير الأدوار تم بهذه السرعة ،
وكأن لا مشاعر تربطه بيانغ داولي على الإطلاق ———
ربما فقط شخص عديم القلب مثله ،
يمكنه أن يجد لنفسه حبيبة جديدة بعد وفاة من أحبها ،
وكأن شيئًا لم يكن
وحين لاحظ أن تاو شي لا يبدو مهتمًا بالحديث ،
توقف يانغ تشنغمينغ عن الكلام تدريجيًا
في زحام المساء الخانق ،
تتابعت أصوات أبواق السيارات عبر نافذة السيارة،
واختلطت مع الموسيقى المزعجة التي تنبعث من الراديو،
فأغمض تاو شي عينيه وتظاهر بالنوم
لكنه ما إن بدأ يغفو ، حتى سمع فجأة صوت يانغ تشنغمينغ يقول
“ تاو شي… لم أتمكن من الاعتذار لك خلال الفترة الماضية.
أنا المسؤول عما حدث من يانغ داولي وغوان فانيوان
لقد انفصلت عنها .”
أبقى تاو شي عينيه مغمضتين، ولم يعلّق
كان يانغ تشنغمينغ يعرف أنه يستمع
بدأ يفرك أصابعه على عجلة القيادة ، وتردد طويلًا ،
ثم قال بنبرة شبه متعثرة :
“ في الواقع ، طوال هذه السنوات ، لم أقم بواجبي كأب كما ينبغي .
وربما يبدو من السخف أن أحاول الآن أن أكون أبًا…
لكنني حقًا أفكّر بهذه الطريقة .
لا أطلب منك أن تتقبلني فورًا ،
فقط… فقط لا ترفضني ، امنحني فرصة لأعوّضك.”
كان يانغ تشنغمينغ دائمًا بارعًا في الكلام
وحتى وإن بدا مترددًا ومتحفظًا وهو ينطق بهذه الجمل القليلة،
إلا أن من الواضح أنه كان يُحضّر لها منذ زمن طويل
فتح تاو شي عينيه نصف فتحة،
ولم يدرِي كيف يردّ على هذا التحول المفاجئ في جدّية يانغ
تشنغمينغ، فاكتفى بأن ضغط شفتيه بصمت
ولما لم يتلقَّ ردًا ، التفت يانغ تشنغمينغ وسأله بنبرة حذرة:
“ أنت و… تشينهي تعيشان معًا الآن أليس كذلك؟”
وفور سماعه اسم لين تشينهي، تحوّل نظر تاو شي فجأة إلى
يانغ تشنغمينغ، وقد بدا واضحًا عليه الحذر والتوجس
رأى يانغ تشنغمينغ تلك النظرة المتيقظة في عينيه ،
فابتسم بمرارة وسارع لتوضيح موقفه :
“ لستُ معارضًا لأي شيء .
تشينهي فتى رائع، وأنا فقط أريد أن أقول إنك حرّ في أن
تفعل ما تشاء، وأن تكون مع من تحب،
و… والدك سيدعمك دائمًا .”
لقد فهم طبيعة العلاقة بين تاو شي ولين تشينهي من أول نظرة ——-
لم يكن له رأي معارض ، ولا يملك حتى الحق في أن يكون له رأي
لكنه تذكّر عائلة لين، ذات التربية الصارمة،
والجدّ الذي يشتهر بكونه رجعيًا ومحافظًا بشدّة
وأن والد زوجته الراحلة ، الذي كان يشبهه كثيرًا في التفكير ،
ولم يستطع إلا أن يقلق من احتمال أن يعاني تاو شي مما عاناه هو في الماضي
تفاجأ تاو شي قليلًا من هذا التصريح المفاجئ،
وظل صامتًا للحظة ثم التفت ونظر إلى يانغ تشنغمينغ
كان الأخير ينظر إلى الطريق أمامه ،
لكنه شعر بنظرة تاو شي، فاستدار بدوره وسأله بلطف:
“ ما الأمر ؟”
ضغط تاو شي شفتيه ،
ولم يعلّق على كلمات يانغ تشنغمينغ السابقة، بل قال بهدوء :
“ أطفئ الموسيقى ، إنها مزعجة .”
تفاجأ يانغ تشنغمينغ للحظة،
ثم ارتسمت على وجهه ابتسامة، وقال “حسنًا”،
وأغلق الموسيقى على الفور
———————
بعد أن انتقل أفراد عائلة فانغ من مبنى الأساتذة التابع لجامعة وينهوا،
أصبحوا يقيمون في فيلا مستقلة في ضواحي المدينة،
يتولّى العجوزان العناية بها
وفي ظل قمر ساطع يزيّن سماء الليل،
دخلت السيارة ببطء إلى ساحة المنزل المضاءة
رأى تاو شي من خلال نافذة السيارة ضوءًا دافئًا يتسلل من الداخل،
وفيه وقف العجوزان يستندان إلى بعضهما،
وحين لاحظا دخول السيارة،
تقدّما بخطوتين ولوّحا له بابتسامة
—- لا يدري لماذا ،
لكن تاو شي ظلّ يتذكّر هذه اللحظة طويلًا بعد ذلك ——
وبعد أن خرج من السيارة ، استقبله العجوزان بحرارة ،
وغمره دفء لطيف وعطر الأرز المطهو في الهواء
ساعدته الجدة يي يورونغ على تعليق حقيبته ومعطفه ،
ثم أخذته ليغسل يديه
وبعدها، برفقة الجد فانغ زوتشينغ، قاداه إلى غرفة الطعام
حيث كان العشاء قد أُعدّ مسبقًا
و امتلأت الطاولة بالأطباق ، فطلبت منه الجدة يي يورونغ
أن يجلس،
وبدأت تقدم له تلك الأطباق المنزلية بابتسامة مشرقة
قالت له بلطف:
“ لم أكن أعرف ما تحب أن تأكل ، فحضّرت لك أنواعًا مختلفة .
إذا أعجبك طبق معيّن ، أخبر جدتك ، وستعدّه لك دائمًا من الآن فصاعدًا .”
كان تاو شي يشعر بعدم ارتياح غريب،
لا لوجود أمر مزعج ، بل لأنه لم يسبق له أن اختبر مثل هذا
القدر من العناية المفرطة من قبل
قبض أصابعه قليلاً وهمس بشكر خافت:
“ شكرًا لكم "
ابتسمت الجدة يي يورونغ وقالت :
“ ما الذي يستحق الشكر في بيتك ؟”
وحين سمعت صوت ' دينغ ' يصدر من المطبخ ،
همّت بالذهاب لإحضار الطبق الأخير من الفرن،
لكن يانغ تشنغمينغ سارع وطلب منها أن تجلس ،
ثم ذهب هو لإحضاره
كان الطبق جناح دجاج مشوي بنكهة الثوم ، مشويًا بإتقان ،
تفوح منه رائحة شهية
وضع يانغ تشنغمينغ الطبق في المساحة الفارغة على الطاولة،
لكن الجد فانغ زوتشينغ ، الذي كان قد جلس ، وقف ببطء مجددًا
لم يمضِ وقت طويل على خروجه من المستشفى،
لذا لم تكن أطرافه تتحرك بسهولة
استند بيد واحدة على الطاولة ، وانحنى بجسده قليلًا نحو
تاو شي، ثم حرّك ببطء الطبق أمامه، وقال بصوت مفعم بالحنان:
“ الأطفال يحبون أكل هذه الأشياء ،
أما نحن فقد شِخنا ولا نقوى على أكلها .”
نظر تاو شي إلى يد الجد المرتجفة التي لم يتمكن من
السيطرة عليها، ثم إلى الطبق الذي قُدّم له، وسمع كلمة “الأطفال” تتردد في أذنه،
فإذا برؤيته تصبح ضبابية فجأة
رمش بعينيه سريعًا، ثم نهض وساعد فانغ زوتشينغ على
الجلوس مجددًا على الكرسي
أخرج يانغ تشنغمينغ أنواعًا مختلفة من المشروبات التي
سبق أن أعدها،
وسأل تاو شي عمّا يود شربه
فأجاب بأنه لا يشرب سوى نبيذ الأرز
كانت يي يورونغ قد أعدّت هذا النبيذ بنفسها ،
ولما رأت أن تاو شي يحبّه ، ابتسمت بسعادة وقالت:
“ أمك كانت تحب شرب نبيذ الأرز الذي أعدّه منذ كانت صغيرة ،
لكنها كانت تسكر إن شربت أكثر من وعاء واحد .
ذات مرة شربت خفية كمية كبيرة منه وأغمي عليها،
فظننت أنها مريضة وأخذتها إلى المستشفى،
لكنها كانت مجرد نكتة في النهاية .”
كان تاو شي يحنّ ويشتاق إلى معرفة المزيد عن والدته،
فانطلق العجوزان يقصّان عليه العديد من القصص من ماضي فانغ سوي
ومن خلال حديثهما، علم تاو شي أن أمه، ككل بنات
العائلات الثرية، نشأت في بيئة مليئة بالحب والدلال،
وكانت بسيطة ونقيّة القلب
لكنهما لم يذكرا أبدًا لماذا انتهى بها المطاف في خليج تاوشي بمفردها
كانت أجواء العشاء تشبه كثيرًا عشاء ليلة رأس السنة لعائلة عادية
ربما بسبب دفء المنزل، كان من السهل الاسترخاء،
حتى إن تاو شي أحسّ فجأة أنه عاش هنا طوال السنوات
السبع عشرة الماضية،
وأنه في كل يوم يعود فيه من المدرسة ويرمي حقيبته على الأريكة،
كانت جدته تعدّ له مائدة طعام كاملة وتناديه للعشاء،
وكان جده يسأله عما تعلمه في المدرسة اليوم
ولكن، بعد سبعة عشر عامًا من الغياب والفراغ،
ومهما بلغت قوة الروابط الدموية،
يستحيل أن تزول الغرابة بين عشية وضحاها
وقد يستغرق الأمر عامًا أو اثنين،
أو حتى أكثر، لملء هذا الفراغ الذي خلفته السنوات
وربما، ذات يوم، ستقوم السنوات بمداواة هذه الشروخ،
ويعود الانسجام الكامل بينهم من جديد
وفي منتصف العشاء،
وبعد تردّد طويل،
تطرّق فانغ زوتشينغ أخيرًا إلى موضوع يانغ داولي مع تاو
شي — ذلك كان قرارًا لا بدّ لهم من اتخاذه
“ لقد كان خطأنا أنه ارتكب مثل هذا الخطأ الفادح ،
لقد دللناه أكثر من اللازم ،
فلم يتعلم جيدًا وسلك الطريق الخطأ .”
وحين تحدّث عن هذا الطفل ، ارتسمت في عيني فانغ زوتشينغ نظرة أسى وندم، وقال:
“ نحن من ربّيناه ، ولم نطلب منه شيئًا في المقابل .
وعندما يبلغ سن الرشد ، لن نستمر في رعايته .
لقد ارتكب خطأه بنفسه ، ويجب أن يدفع ثمنه .
قرار المدرسة هو طرده ، ولن نمنعه من ذلك ، فقط…”
فمهما يكن ، هو الطفل الذي ربّاه بيديه
ربما استطاع أن يقطع هذه الرابطة القاسية بقلب حازم،
لكنه مع ذلك، لم يحتمل أن يرى حفيده وابنه بالتربية
عالقين في دعوى قضائية
تنهد فانغ زوتشينغ
التقلبات العنيفة التي شهدها خلال الأيام القليلة الماضية
جعلته يبدو أكبر سنًّا، وقال متوسلًا لتاو شي:
“ يا بُني، أعلم أنك لن تسامحه، ولا أطلب منك أن تتفهمه،
فقط… هل يمكنك من أجل وجه جَدك أن تتوقف عن ملاحقته قانونيًّا ؟
لن يكون لك أي علاقة به بعد الآن ، ولن نسمح له بالبقاء هنا أبدًا .
هذا المنزل سيظل دائمًا بيتك .”
لو لم يفعل يانغ داولي ما فعله، لربما واصلوا الاحتفاظ به
في البيت بدافع العِشرة الطويلة
لكنهم الآن يعلمون أن حفيدهم الحقيقي لا يمكن أن
يتعايش مع تاو شي بسلام ؛
وإن تركوا يانغ داولي هنا ، فقد لا يعود تاو شي إلى هذا المنزل أبدًا
ساد الصمت في غرفة الطعام ،
ونظرت يي يورونغ إلى تاو شي برجاءٍ صادق ،
بينما ظل يانغ تشنغمينغ صامتًا
ظل تاو شي صامتًا بدوره لفترة ، ثم قال أخيرًا :
“ حسنًا .”
لم يكن شخصًا متسامحًا بطبعه ،
لكنه لم يشأ أن يرى جديه في حزن وضيق مرة أخرى
حتى وإن كان يعلم أن العجوزين ربما ليسا قاسيي القلب كما يدّعيان ،
وربما لا يزالان يهتمان بيانغ داولي ، إلا أنه لم يعد يكترث ،
لأن يانغ داولي لم يعد له وجود في عينيه
بعد ذلك ، بدأ الجو على مائدة الطعام يستعيد شيئًا من الحيوية
أنهى تاو شي شرب وعاء من نبيذ الأرز ،
ولم يتمالك نفسه فأضاف وعاءً آخر
وبعد أن شربه، بقيت عيناه صافيتين،
فابتسمت يي يورونغ وتنهدت قائلة إنّه يشرب أفضل من والدته
وبعد العشاء، جلس الجميع يتحدثون في غرفة المعيشة
أراد فانغ زوتشينغ أن يبقى تاو شي معهم،
فأراه الغرفة الجديدة
كانت غرفة كبيرة، بها شرفة واسعة،
وعدة حوامل رسم بأحجام مختلفة
لكن تاو شي اعتذر بلطف،
وقال فقط إن عليه الذهاب إلى المدرسة مبكرًا في اليوم التالي،
وإن هذا المكان بعيد قليلًا حتى بالسيارة
ولما رأى خيبة الأمل في عيني العجوزين،
وعد بأنه سيأتي ليقيم عندهم في العطلة
ظن العجوز أنه لا يزال يقيم في السكن، فأمر يانغ تشنغمينغ بأن يعيده
وبناءً على العنوان الذي أعطاه له تاو شي،
أوصله يانغ تشنغمينغ إلى مدخل حي منزل لين تشينهي
وقبل أن ينزل تاو شي من السيارة، تردد يانغ تشنغمينغ
للحظة، ثم لم يستطع مقاومة الرغبة في تلميح غامض إلى ابنه:
“ أنت لا تزال صغيرًا ، هناك بعض الأمور…
من الأفضل أن تُترك لما بعد البلوغ .”
كان تاو شي نائمًا طوال الطريق ، وعندما أيقظه ، نظر إليه بنظرة فارغة وسأله :
“ ما هي الأمور ؟”
: “ هءهءهءهءه ، لا شيء ” قالها يانغ تشنغمينغ وهو يتهرب
من مواصلة الحديث بشيء من الإحراج
ولما رأى ملامح تاو شي البريئة ، أدرك أن هذا الطفل لا يزال صفحة بيضاء ،
واطمأن قليلًا ، و اعتقد أن لين تشينهي – الذي يتّسم
بالاتزان – لا يمكن أن يعبث
ابتسم وهو يراقب تاو شي يدخل إلى الحي ،
لكن كلما فكّر أكثر ، شعر أن هناك أمرًا غير صائب
هو لم يكن يعارض أن يقع ابنه في حب لين تشينهي
{ لكن كيف يُعقل أن يقيم ابني في بيت الآخر ؟
على الأقل ، على لين تشينهي أن يأتي ويبيت في بيت ابني من حين لآخر }
هز يانغ تشنغمينغ رأسه،
وقرر أن يُسجّل منزل النهر الجديد الذي اشتراه باسم تاو شي
في أسرع وقت —- ليُثبت لـ تشينهي أن لـ تاو شي منزل آخر
⸻
حين عاد تاو شي إلى المنزل ،
كان لين تشينهي يستحم في الحمّام
خرج لين تشينهي وهو يرتدي رداء الحمّام ،
وما إن فتح الباب حتى رأى ظلًّا ينقضّ عليه
أسرع في احتضانه ، ولفّ ذراعيه حول خصره ،
ووجهه بدا هادئًا كعادته،
لكن الابتسامة المفاجئة في عينيه فضحت سعادته
: “ ظننتك ستبقى في بيت جدّك "
كان تاو شي قد لفّ ساقيه حول خصره ،
وذراعًا حول عنقه ،
بينما اليد الأخرى أمسكت بذقنه وقال مبتسمًا :
“ رجعتُ لأقضي ليلة رأس السنة معك "
رفع لين تشينهي رأسه بطاعة ، وهو ينظر إلى تاو شي
المتدلّي عليه والذي بدا متشبثًا أكثر من المعتاد هذه الليلة
ارتسمت ابتسامة على شفتيه،
وسأله بصوت منخفض:
“ وكيف ستقضيها معي، هاه ؟”
لم يستوعب تاو شي في الحال ،
وتكررت في ذهنه عبارة واحدة دون توقف : ' كيف أرافقه ؟ '
حدّق لين تشينهي في عيني تاو شي المليئتين بالحيرة لثانيتين،
ثم تنهد داخلياً ، وحمل تاو شي نحو غرفة النوم بينما سأل بصوت هادئ :
“ كيف كان الطعام في بيت الجد ؟”
عند سماع هذا السؤال، أشرقت عينا تاو شي وابتسم قائلاً:
“ كان لذيذًا ، جدتي أعدّت لي الكثير من الأطباق .”
: “ وأي طبق أعجبك أكثر شيء؟”
أمال تاو شي رأسه وفكر قليلًا بتردد، ثم قال أخيرًا:
“ أجنحة الدجاج المشوية بالثوم .”
وبعد لحظة أضاف بحماس :
“ وأيضًا نبيذ الأرز الذي صنعته جدتي ، كان لذيذًا جدًا !”
{ — لا عجب ! }
واصل لين تشينهي احتضان تاو شي وسار به نحو النوافذ الزجاجية الممتدة
كان اليوم آخر أيام السنة
ومن خلف الزجاج، يمكن رؤية ساحة ضفة النهر المتلألئة بالنيون،
والمزدحمة بحشود صاخبة،
يستقبلون العام الجديد بكل حماس وبهجة
أراد لين تشينهي أن يُجلس تاو شي على الكرسي المتأرجح،
لكن ذراعي تاو شي وساقيه كانتا ملتفّتين حوله بإحكام،
وكأنه لا يريد النزول
فتابع لين تشينهي التجوّل به ببطء في الغرفة،
وكأنه يداعب طفلًا صغيرًا، وسأله عن أول زيارة له إلى بيت الجد
“ الآن لدي غرفة خاصة بي، فيها شرفة كبيرة تُطل على الحديقة ،
والجد قال إنني أستطيع أن أرسم هناك .”
قالها تاو شي وهو يعضّ بلطف أذن لين تشينهي
: “ هل أحببت تلك الغرفة ؟”
: “ أحببتها كثيرًا ! سأصطحبك إليها في المرة القادمة .”
ابتسم لين تشينهي :
“ حسنًا .”
اقترب تاو شي مجددًا من أذن لين تشينهي وهمس بصوت
خافت، وكأنه يشاركه سرًا سعيدًا:
“ جدتي قالت إنها تريد أن تحيك لي وشاحًا ،
وطلبت مني أن أختار خيوطه .”
لين تشينهي:
“ أي لون اخترت ؟”
ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتي تاو شي وقال:
“ قلتُ إن الرمادي والأسود كلاهما جميل،
فقالت جدتي إنها ستحيك الاثنين، وسأعطيك واحدًا منهما حين يكتمل !”
لين تشينهي بابتسامة اتسعت أكثر :
“ اتفقنا .”
لم يكن هناك ما يُقال بعد ذلك
و خمد حماس تاو شي شيئًا فشيئًا، وبدأ يشعر بالنعاس،
فوضع ذقنه على كتف لين تشينهي
فقبل لين تشينهي قبلة على شعره من الجانب وسأله بصوت خافت:
“ هل تريدني أن أساعدك في الاستحمام ؟”
لم يكن في تاو شي أثر للإحراج الذي كان يصيبه سابقًا ،
بل أومأ بحماس وهو يقول:
“ أجل، أجل.”
اتجه لين تشينهي به نحو الحمّام،
ثم وضعه برفق على المغسلة
جلس تاو شي بهدوء، واضعًا يديه على سطحها،
وشفتيه مفتوحتين قليلًا، ينظر إلى لين تشينهي بنظرات مترقبة،
وكأنه ينتظر من يعتني به، بل وكأنه لا يعرف كيف يخلع ملابسه
تأمل لين تشينهي شفتيه لثانيتين، ثم رفع يده وأمسك بذقنه وقال محذرًا:
“ لا تشرب أي شيء في الخارج بعد اليوم ، حتى نبيذ الأرز مفهوم؟”
أومأ تاو شي برأسه ، رغم أنه بدا حائرًا قليلًا، وقال:
“ مفهوم .”
لكن لين تشينهي كان يعلم تمامًا أنه لو طلب من تاو شي في
هذه اللحظة أن ينام معه، فإنه سيوافق من دون تردد،
حتى وإن لم يكن يفهم تمامًا ما يعنيه ' النوم معه '
لم يلحظ تاو شي النظرة الغريبة التي ارتسمت في عيني لين تشينهي حين نظر إليه
وما إن تذكّر موضوع الاستحمام ، حتى ركل ساقه برفق وقال بإلحاح :
“ أريد أن أستحم .”
لكن في اللحظة التالية ، انحنى لين تشينهي وقبّله
و انفردت ساقا تاو شي، وانحنى خصره ورقبته في انحناءة مشدودة ،
فاضطر إلى رفع رأسه وإغلاق عينيه،
مستسلِمًا للقبلة التي منحها له لين تشينهي بلطف
كانت القبلة مريحة، فرفع تاو شي يديه بعفوية ليحيط بها عنق لين تشينهي،
لكن شيئًا فشيئًا، بدأت القبلة تزداد حدة،
حتى شعر بتنميل في فروة رأسه
لم يستطع إلا أن يرفع صدره نحو الأمام بنفاذ صبر، وساقاه
تشدان تلقائيًا على من أمامه
و امتدت يد من جانب خصره ،
فجعله يرتعش مع كل لمسة
توقفت اليد أخيرًا عند مقدمة عنقه،
وبدأت الأصابع ببراعة تفك أزرار قميص زيه المدرسي،
وكان في دوامة من القبلات لدرجة أنه لم يدرك أن ملابسه
نزعت بالكامل و حُمل إلى حوض الاستحمام
نزع لين تشينهي رداء الحمام الذي قد ابتل نصفه بالفعل على جسده ، ثم نزل إلى حوض الاستحمام
أصبح حوض الاستحمام الصغير ضيقًا فجأة،
وصُب الماء الساخن الدافئ ببطء في الحوض
تحرك تاو شي جانبًا ليُفسح مجالًا للين تشينهي
عازمًا على الاستحمام معه،
لكنه لم يدرِي ما حدث ،
إذ عانقه لين تشينهي ودفعه إلى الأسفل
بمجرد أن استدار ———-
…..
مع اقتراب رأس السنة الجديدة ،
كان تاو شي قد اغتسل جيدًا واستلقى على السرير ،
بينما لين تشينهي يحتضنه جزئيًا ويضع مرهمًا على فخذيه الداخليين
استند تاو شي إلى ذراعي لين تشينهي وكان غارقًا في النعاس
لدرجة أنه كان على وشك النوم،
تاركًا يدي لين تشينهي تعبثان وتداعبان ساقه
كان الجلد الذي كان في الأصل ناعمًا ومشدودًا أحمر
ومنتفخًا قليلًا في هذه اللحظة، وكأنه دُعك بشدة
في اللحظة التي دقت فيها الساعة ،
لمعت عجلة فيريس 🎡 البعيدة خارج النافذة بضوء مبهر،
وتلألأت الألعاب النارية الساطعة على ليل المدينة ،
وصرخ المدّ الجماهيري المتجمع في ساحة النهر
"سنة جديدة سعيدة" في السماء
وجوه الجميع مليئة بالترقب للعام الجديد
شبك لين تشينهي يد تاو شي، وانحنى وقبّل تاو شي، الذي
قد أغمض عينيه بالفعل، وهمس: "حبيبي، سنة جديدة سعيدة ."
: " سنة جديدة سعيدة ." تمتم تاو شي وهو في نومه،
وامسك عنق تشينهي ليُقبّله بالمثل ،
لكن القبلة سقطت على ذقنه
أمسك لين تشينهي بمؤخرة رأس تاو شي وأنزل رأسه ليكمل القبلة
مع حلول العام الجديد ،
عاد الناس في الساحة إلى ديارهم بابتسامة بعد كرنفال كبير …..
يتبع
زاوية الكاتبة :
لم يبلغ سن الرشد بعد ! لا يمكنه إلا أن يكون مدمنًا على الجنس ' الجاف' !!
Erenyibo: ~~~~ اووه
يعني جنس بين الفخذين !
تعليقات: (0) إضافة تعليق