Extra6 | SJUTM
: “ شي دوو ، شي دوو ؟ شي دوو !”
رفع شي دوو رأسه فجأة ،
فغمر بصره بياض واسع متلألئ
استغرق الأمر منه بضع ثوانٍ حتى تأقلمت عيناه واستطاع
تمييز ما حوله —
فصل دراسي ، منصة ، طاولات ،
كتب دراسية للمرحلة الثانوية ، معلمة ، طلاب…
{ أين أنا ؟ }
: “ شي دوو معلمة الصف تناديك !
هيه .. لقد كنتَ تتحدث معي قبل لحظة فقط ، كيف
غفوت بهذه السرعة ؟
أنت أمر عجيب فعلاً …. هيا، انهض!”
كان عقل شي دوو في فوضى عارمة
الصبي الذي بدا مألوفاً أمامه ظل ينكز كتفه بقبضته
ورغم أن شي دوو لم يستطع تذكره تماماً ،
إلا أن جسده تحرك تلقائياً وصفع مؤخرة رأس الفتى ،
“ سمعتك ، اصمت .”
: “ رئيس الصف تعال معي لإحضار المواد التعليمية .
أما الباقون ، فليلتزموا الصمت ويذاكروا بأنفسهم .”
وقفت على المنبر امرأة في الأربعينيات من عمرها.
تعرّف عليها شي دوو فوراً—إنها جين يان ، معلمة صفه في المرحلة الثانوية
ومع وجود معلمة الصف أمامه ، أخذ إحساسه بالألفة
بالمكان يزداد قوة
هذه هي مدرسة Z الثانوية ، الصف الأول ثانوي – الشعبة الأولى
وهو رئيس الصف ،
أما الفتى الذي كان يمسك برأسه الآن متأوهاً فهو تشو مينغ هوي ، صديقه منذ الطفولة
واليوم هو ظهيرة ما قبل بدء الفصل الدراسي الجديد ،
حيث حضر الطلاب مسبقاً لاستلام كتبهم
و هذا أيضاً اليوم الذي التقى فيه لأول مرة بـ شين آنتو —-
{ مهلاً—ألم يكن هذا قبل ثلاثة عشر عاماً ؟ }
تذكّر شي دوو أنه قبل لحظة فقط كان يعمل في مكتبة
الفيلا بينما شين آنتو يستحم في غرفة النوم
لقد مضى على زواجهما أكثر من عام…
{ هل هذا حلم ؟ أم أننبي حقاً عدت بالزمن للوراء ؟ }
الرطوبه الخانقة لأواخر الصيف ، ورائحة الغبار الخفيفة التي
تعبق في فصل دراسي جديد،
وهمسات الطلاب المتسارعة،
وتوبيخ معلمة الصف الممزوج بالضجر…
كل شيء من حوله كان حيّاً نابضاً بالحقيقة
لم يكن هناك وقت للتفكير
كانت المعلمة جين قد خرجت بالفعل من الباب الأمامي
يجلس شي دوو في الصف الأخير،
فسارع إلى اللحاق بها عبر الباب الخلفي
لكن ما إن خطا خارج العتبة حتى اصطدم وجهاً لوجه بشخص ما
أمسك به بين ذراعيه بينما اصطدم رأس الآخر بصدره،
وسمع منه شتيمة مكتومة من الألم
رفع الشخص رأسه لينظر إلى شي دوو بتعبير مستاء ،
وفي تلك العينين الجميلتين التي تشبهان أزهار الخوخ ،
مرت لمحة دهشة عابرة
: “ عذراً "
أخفى شين آنتو تعبيره سريعاً ،
وعاد وجهه يمتلئ بظلمة ثقيلة ،
دفع شي دوو بعيداً عنه ،
ومشى إلى داخل الفصل برأس للأسفل ،
تذكّر شي دوو … { قبل ثلاثة عشر عاماً، كنت قد اصطدمت
فعلاً بـ شين آنتو بهذه الطريقة تماماً
لكنني حينها … لم أعطي الأمر أي اهتمام ، وتابعت طريقي دون كلمة }
وفي الممر ، كانت المعلمة جين تناديه
أعاد شي دوو نظره إلى الأمام ، وركض خارج الفصل
{ هل هذه فرصة ثانية منحها لي الكون ؟ }
خفق قلبه بعنف
{ وإن كان هذا حلماً ….. أتمنى ألا ينتهي قريباً }
————-
عندما عاد شي دوو ومعه المواد التعليمية ،
لمح شين آنتو واقفاً في زاوية بعيدة من الفصل ،
يحمل حقيبته على ظهره ، وكان مكتبه يفتقر إلى كرسي
استدار تشو مينغ هوي وهمس لشي دوو : “ توقف عن التحديق به! هل تعرف حتى من هو؟
إنه ابن شين كايفينغ غير الشرعي—زعيم المافيا !”
نظر شي دوو إليه بنظرة جانبية : “ وماذا لو واصلت التحديق فيه ؟”
تذكّر تشو مينغ هوي خلفية عائلة شي، فسكت للحظة :
“ حسناً …. لا أحد يستطيع أن يفعل لك شيئاً حقاً…
لكن من الأفضل أن تبقى بعيداً .
عائلة شين مليئة بالناس المشبوهين ، مثل شين تشاو ،
أو شين مينغفي من الصفين الأدنى .
وانظر إليه، من الواضح أنه ليس طبيعياً…
آه، صحيح هل سمعت عن أحد من عائلة شين قفز إلى النهر مؤخراً ؟”
قاطعه شي دوو فجأة : “ تشو مينغ هوي كم طولك؟”
ارتبك تشو مينغ هوي : “ مئة وثمانون لماذا ؟”
: “ أنت طويل جداً و تحجب عني رؤية السبورة .”
: “ هاه؟” امتلأ رأس تشو مينغ هوي بعلامات الاستفهام
أشار شي دوو إلى الطاولة أمام شين آنتو : “ اذهب واجلس هناك ،
ودع شين آنتو يجلس أمامي بدلاً منك .
سأبحث عن كرسي لتعويض المفقود .”
قال تشو مينغ هوي بوجه حائر : “ أنت بطول مئة وثلاثة وثمانين
وتظن أن مئة وثمانين طويل جداً ؟! لحظة … من هو شين آنتو؟
هذا اسمه شين لين !
أنا حرفياً قلت لك قبل قليل أن تبقى بعيداً عنه .
ماذا تحاول أن تفعل ؟”
نهض شي دوو وبدأ يجمع أشياء تشو مينغ : “ أسرع .
إذا بدّلت مكانك معه ، سأعطيك الحذاء الرياضي الإصدار
المحدود الذي طلبته .”
أضاء وجه تشو مينغ هوي على الفور : “ تم! أنا ذاهب !”
لم يتمكّن شين آنتو إلا أن يراقب ذاك الفتى المجهول وهو
يستولي فجأة على مكتبه ويلقي عليه كومة كتب
ثم أشار ذاك الفتى بتعالٍ إلى المقعد الذي غادره للتو
: “ اجلس هناك . هذا المكان لي الآن .”
تردد شين آنتو للحظة ثم حمل أغراضه وانتقل إلى مقعد
تشو مينغ هوي السابق ،
وكان في الصف قبل الأخير بجانب النافذة
خلفه — مكتب فارغ،
وقد رُصّت الكتب الدراسية في زاويته بعناية ،
لكن لم يكن أحد يجلس فيه
شعر بالضيق
لم يكن يعرف أحداً في الفصل ، لكن من الواضح أن بعضهم يعرفه
ظل يلمح نظرات غير ودودة ،
مثل نظرات الشخص الذي أخذ مقعده للتو
{ ربما كان الحال سيغدو أفضل لو أنني انضممت إلى
الآخرين في التدريب العسكري منذ البداية
لكن بعد أن ساعدت سراً شين ييشينغ على الهرب ،
قام شين كايفينغ بحبسي لأسبوع كامل ،
وفاتني التدريب تماماً …..
أو ربما ،،،، لو أنني وصلت إلى الفصل في وقت أبكر بعد ظهر هذا اليوم ،
لربما أتيحت لي فرصة للحديث مع أحدهم
لكن شين تشاو تعمّد أن يأمر السائق بالمغادرة من دوني ،
و اضطررت إلى السير خارج منطقة الفيلات وأخذ سيارة أجرة ، وهذا ما جعلني أتأخر كثيراً …
لا بأس ... لقد مرّرت بأيام أسوأ … }
رتّب شين آنتو مكتبه ، وغاص في كتبه
بعد لحظات ، ارتفعت ضجه قرب الباب الخلفي
التفت شين آنتو فرأى الفتى الذي اصطدم به في وقت سابق
كان يحمل كرسياً ويتبادل بضع كلمات مع الفتى الذي بدّل مكانه معه
لم يتمكّن شين آنتو من سماع ما يقولانه ،
لكن كلاهما ألقى عليه نظرة ،
الأمر الذي دفعه سريعاً إلى إبعاد نظراته والانحناء على كتابه
بعد ثواني ، تقدم الفتى نحوه وسأل: “ هيه ، هل هذا كتابك في اللغة الصينية؟
صديقي وجد واحداً إضافياً أثناء ترتيب الكتب .”
تجمّد شين آنتو لوهلة ، ثم بدأ يفتش بين كومة كتبه المبعثرة
وبالفعل كان كتاب اللغة الصينية مفقوداً.
أخذ الكتاب، وأنزل رأسه قائلاً : “ شكراً .”
: “ أنت شين لين صحيح؟”
رفع شين آنتو رأسه فجأة كما لو وخزته إبرة
رأى شي دوو المقاومة الحادة في عينيه ؛ بدا وكأنه مستعد للقتال
: “ اسمي شين آنتو …
هل لديك مشكلة مع ذلك ؟”
جاء صوته عدائياً
امتدت وخزة ألم دقيقة في صدر شي دوو
: “ أنا شيه دوو ….” حاول أن يحافظ على صوته هادئاً كما اعتاد : “ أنا رئيس الصف .
أنت تأخرت ، والمعلمة أوضحت بعض الأمور ،
مثل طريقة شحن بطاقة المدرسة ...
إذا التبس عليك أي شيء ، فقط اسألني .”
ثم عاد شي دوو إلى مقعده
ورآه شين آنتو يتوقف قليلاً ،
التفت جزئياً وهمس “شكراً” ،
ثم التفت للأمام بسرعة ودون أن يضيف شيئ
لم يتكلم شي دوو مرة أخرى،
لكن عينيه ظلّت مثبتتين على ظهر شين آنتو
في المدرسة الثانوية ، كان شين آنتو يحافظ على شعره
مقصوصاً قصيراً،
تاركاً أذنيه الشاحبتين مكشوفة
والآن، —- تلك الأذنان تكتسبان تدريجياً لمحة وردية خفيفة
وكان شي دوو يعرف تماماً طعمها لو أنه انحنى وقبّلها في هذه اللحظة
مرّت صباحية اليوم الأول من المدرسة سريعاً
وعند الظهيرة ، حاول تشو مينغ هوي أن يجرّ شي دوو إلى الكافتيريا،
وهو يغمز بعينَيه غمزة مبالغاً فيها حتى بدا وكأن وجهه كله
على وشك التشنج
لكن شي دوو تجاهله، واستدار ليدعو شين آنتو بدلاً منه
“ هل تود أن تنضم إلينا في الكافتيريا ؟”
ألقى شين آنتو نظرة على تعبير تشو مينغ هوي، ثم هزّ رأسه :
“ لستُ جائعاً بعد. اذهبا أنتما أولاً .”
ألحّ شي دوو قائلاً: “ هيا، لنذهب معاً .”
وقد أدرك أن شين آنتو بدأ يتردد
ومع اقتراب الفصل من الخلو تماماً واقتراب نفاذ الطعام من الكافتيريا،
فقد تشو مينغ هوي صبره تجاه تباطؤ شين آنتو ، فصرخ :
“ أسرع !
إن كنتَ ستأتي ، فلنذهب الآن .
وإن لم تكن ، فقلها صراحةً .
أنت قد لا تريد أن تأكل ، لكننا نحن ما زلنا نريد !”
و من غير كلمة ، صفعه شي دوو على مؤخرة رأسه :
“ كن لطيفاً .
إذا نفذ طعام الكافتيريا ، سأدعوك لشيء آخر "
أمسك تشو مينغ هوي برأسه، وهو يشد أسنانه :
“ لاو شي !!! إذا خرجتُ من قائمة الخمسين الأوائل في
اختبارات الشهر ، فسيكون ذلك بالتأكيد بسبب عنفك لعقلي !! ”
لم يفهم شين آنتو سبب ودّ شي دوو المفاجئ معه
ورغم حيرته ، قرر أن يتبعهم على أية حال
———
عندما وصل الثلاثة إلى الكافتيريا،
وجدوا الطابق الأول مزدحماً تماماً
ولم يكن أمامهم خيار سوى الصعود إلى الطابق الثاني
ولأن الأطباق هناك أغلى قليلاً ، كانت الصفوف أقصر والطعام ما زال متوافراً
وأثناء سيرهم ، لم يتوقف فم تشو مينغ هوي عن الكلام
كان ينادي على أسماء الأطباق لشي دوو من طرف الصف،
ويعلّق على الأطعمة التي يحملها باقي الطلاب: “هذا يبدو لذيذاً . وذاك أيضاً يبدو جيداً .”
كان شي دوو يرد بين الحين والآخر، لكن حين التفت برأسه،
لاحظ شين آنتو يقف خلفهم بصمت،
ورأسه منخفض وتعبيره كئيب، و من الصعب معرفة ما يدور في ذهنه
ومع بقاء شخصين فقط أمامهم،
وضع شي دوو يده على كتف شين آنتو ودفعه برفق إلى
الأمام : “ اذهب أنت أولاً .”
تجمّد شين آنتو
وما إن همّ بالرفض ، حتى قالت عاملة الكافتيريا عند
النافذة: “ ماذا أقدّم لك أيها الطالب؟”
وقعت عيناه على آخر قطعة سمك مطهو على الطاولة :
“ تلك !”
عندما خرج شي دوو بطبق طعامه،
وجد شين آنتو لم يبتعد كثيراً،
بل كان ينتظر بهدوء عند نهاية الصف
وبمجرد أن رآه، قال: “ شكراً .”
لمعت في عيني شي دوو لمحة من الدعابة ، وسأل:
“ أهي ’شكراً‘ كل ما تعرف قوله ؟”
بدا على شين آنتو أنه يريد الرد بحدة ،
لكنه بعد لحظة من التفكير ، لم يجد ما يقوله
احمر وجهه من الضيق
ولحسن الحظ، كان تشو مينغ هوي قد عثر على طاولة فارغة ، ولوّح لهما من بعيد
فسارع شين آنتو بالذهاب إليه
تبعهم شي دوو ، وقد اتخذت نظرته طابعاً متفكراً
كان شين آنتو انطوائياً، حساساً، وصعب الاندماج اجتماعياً،
لا يملك سوى “شكراً” متلعثمة يقدّمها عند تلقيه أي لطف
لكن بعد عشر سنوات، سيصبح شين آنتو شخصاً مختلفاً
تماماً : منفتح ، داهية ، بارع في استغلال العلاقات ،
محاط بأشواك جميلة وسامة وسامة
وكان شي دوو يعرف تمام المعرفة ما الذي تسبب في هذا التحوّل
لم يكن متأكداً كم يستطيع إصلاحه في هذا ' الحلم '،
لكنه يأمل هذه المرة على الأقل أن يجنّب شين آنتو الكثير من الألم
————
بعد شهرين من بدء الفصل الدراسي ، ——-
ما زال شين آنتو قليل الكلام
لولا أن شي دوو كان يطرح عليه أحياناً أسئلة في الرياضيات،
لربما مضت أيام كاملة دون أن يتبادلا كلمة واحدة
حين كان شي دوو في الثانوية في الماضي،
لم يكن يعير ذلك اهتماماً يُذكر
فقد كان يستمتع بالهدوء والعزلة أكثر حتى من شين آنتو
لكن الآن، تغيّر الأمر
فبعد أن اعتاد على تَدلُّل شين آنتو وتمسّكه به،
صار لا يحتمل حتى ساعة واحدة من بروده
ولحسن الحظ، لم تكن الأشهر الماضية بلا أي تقدم
فعلى سبيل المثال، في صباح هذا اليوم بالذات ،
لاحظ شي دوو أن شين آنتو كان قد تمسّك بدفتر واجباته
أثناء تسليم الفروض،
ثم أعاده بعد الحصة متظاهراً أنه أخذه عن طريق الخطأ
وعندما أعاده، لم يجرؤ حتى على النظر في عينيه
كان الأمر واضحاً جداً
تساءل شي دوو { كيف لم ألحظ هذا حينها ؟ }
جلس بصمت يراقب شين آنتو في المقعد الذي أمامه
رأى خصلات شعره الناعمة وقد عبثت بها نسمة هواء ،
ومكان صغير من جلده الشاحب مكشوف عند ياقة قميصه ،
وملامحه الجانبية وهو يطل أحياناً من النافذة ،
كان الأمر مشتتاً للغاية ، لم يستطع شي دوو منع نفسه من التفكير بذلك
—- مسابقة الفيزياء على الأبواب ،
ستقام الأسبوع القادم ،
وكان شي دوو ينتظرها منذ زمن
وبما أن الامتحان سيُجرى في مدينة أخرى،
فقد رتبت المدرسة حافلات لنقل الطلاب إلى موقع المسابقة
تذكر شي دوو أنه في الماضي كان قد تجاهل تماماً ترتيبات
المدرسة—لم يركب الحافلة ، و رفض أيضاً المبيت في
السكن المخصص ،
لكن هذه المرة ، لم يكن ليفوّت الفرصة
في يوم الرحيل ، جلس شين آنتو عند نافذة في آخر الحافلة،
مطأطئاً رأسه حتى غطّت قبعته وجهه
أي شخص يتعرف عليه يتجنّب الجلوس بجانبه
ظن أنه سيقضي الرحلة كلها بسلام ، لكن ، لم تمضِي خمس
دقائق على جلوسه حتى جلس أحدهم إلى جانبه
رفع شين آنتو حافة قبعته ، فرأى أن المقاعد من حوله ما زالت فارغة
{ فمن قد يُصرّ على الجلوس بجانبي ؟ }
كتفان عريضان ، خصر نحيل ،
وساقان طويلتان — حتى بزي المدرسة ،
كانت الهيبة واضحة لا تخطئها العين —- إنه شي دوو
من غير كلمة ، وضع شي دوو أمتعته في الرف العلوي،
وجلس إلى جانبه
ابتعد شين آنتو أكثر باتجاه النافذة ، وعليه ملامح الضيق ، : “ يوجد ثلاث صفوف فارغة أمامنا…”
أجاب شي دوو دون أن يرمش: “ أعلم .
أردت فقط أن أجلس معك .”
وبتلك الجملة الواحدة ، أغلق جميع طرق الهروب أمام شين آنتو
لم يجد خياراً سوى أن يسحب قبعته مجدداً ويحاول النوم
انطلقت الحافلة بعد وقت قصير ، ومع اهتزازاتها الخفيفة ،
بدأ شين آنتو يغفو
لكن فجأة، شعر بثقل على كتفه، فاستفاق
حاول الابتعاد ، لكن يداً دافئة ضغطت على عنقه لتثبته في مكانه
: “ لا تتحرك . دعني أتكئ عليك قليلاً "
جاء صوت شي دوو قريب جداً من أذنه،
ونَفَسه دافئ على عظمة ترقوته من خلال قماش كنزته الخفيف
راحة يده ملتصقة مباشرةً بمؤخرة رقبته الحساسة،
مما جعل شعر جسده كله يقف
أراد شين آنتو دفعه ، لكن شي دوو أضاف: “فقط قليلاً .
أشعر بدوار من السيارة…”
وقد بدا صوته أضعف من المعتاد
تردد شين آنتو قليلاً ، ثم استسلم : “… يمكنك الاتكاء علي.
لكن أزل يدك .”
سحب شي دُوو يده وأدخلها في جيب زي المدرسة
بدأ يفرك أطراف أصابعه، مستمتعاً بالإحساس الذي تركته قبل لحظات
في ذلك الوقت ، كان طول شين آنتو لا يتجاوز 176 سنتيمتراً،
وكان رأسه يصل بالكاد إلى ذقن شي دوو
الاتكاء على كتفه لم يكن مريحاً جداً
بدا أن شين آنتو أدرك ذلك، فعدّل وضعيته بخفة
وعلى الفور، شعر شي دوو براحة أكبر بكثير
ولوهلة كاد شي دوو يفقد السيطرة
لو أنه أدار رأسه قليلاً ، لترك أثراً على بشرة شين آنتو البيضاء عند عنقه
لكنه أحس أيضاً بتيبّس جسد شين آنتو — كانت يده ،
المخفية داخل كمّه ، مشدودة في قبضة طوال الوقت
شي دوو { لا بأس …. ما زال هناك متسع من الوقت … }
أسند رأسه على كتف شين آنتو،
وجعل جبينه يستقر على عنقه
توتر شين آنتو ، لكن في أعماق قلبه فاضت سعادة خفية
وبين هذين الشعورين المتناقضين ، غلبه النعاس في النهاية
وحين استيقظ، وجد نفسه متكئاً على كتف شي دوو بدلاً من العكس
انتفض شين آنتو جالساً، واتسعت عيناه : “ آسف !”
ولولا ضيق المسافة بين المقاعد ، لربما ابتعد عنه قدر استطاعته
رفع شي دوو يده بملامح طبيعية ورتب خصلات شعره المبعثرة من النوم ،
مبتسماً بابتسامة يصعب قراءتها : “ لقد وصلنا. هيا ننزل.”
ثم أخذ الأمتعة من الرف العلوي واتجه نحو باب الحافلة
توقف شين آنتو للحظة ، ثم أسرع في اللحاق به
وقبل أن يخطو خارجاً ، ألقى نظرة نحو رف الأمتعة الفارغ—
{ لقد أخذ شي دوو حقيبتي أيضاً }
كان جميع المشاركين في المسابقة سيقيمون في فندق محدد ،
طالبان في كل غرفة ،
مع اختيار الشركاء عشوائياً من قِبل المعلم
وعندما علم شي دوو أنه وُضع مع زميل آخر ، لم يتفاجأ
فبعد كل شيء ، شين آنتو سيجد طريقة ليكون معه
وكما توقّع ، حين عاد من الحمام ، كان الزميل الذي كان من
المفترض أن يشغل السرير المجاور قد تم استبداله بالفعل بشين آنتو
ومع ذلك ، لم يستطع شي دوو أن يمنع نفسه من استفزازه: “ ماذا تفعل هنا ؟ أين دينغ كانغ ؟”
لمحة من الحرج عبرت وجه شين آنتو : “… أراد أن يشارك
الغرفة مع تشانغ بينغ .
إنهما مقربان…”
كان تشانغ بينغ في الأصل هو الشريك المخصص لغرفة شين آنتو
: “ حقاً ؟”
لم يضغط شي دوو في السؤال أكثر ،
فتنهد شين آنتو تنهيدة ارتياح خافتة ،
لكن في اللحظة التالية ، رآه يخلع قميصه أمامه مباشرةً ،
كاشفاً عن جسده النحيل
و احمر وجه شين آنتو فوراً لرؤية صدر شي دوو العاري فجأة :
“ ماذا تفعل ؟!”
: “ ماذا تظن أني أفعل؟ سأستحم.”
ولما لاحظ أن شين آنتو قد استدار عنه بسرعة ،
دار عمداً ليقف أمامه مجدداً : “ كلانا فتيان .
ما الذي يجعلك تخجل ؟”
أينما تحرّك شي دوو ، كان شين آنتو يدير وجهه في الاتجاه المعاكس
ورغم أن أذنيه تشتعلان حمرة ، إلا أنه أصر بعناد :
“ لستُ خجولاً ! أنا فقط… فقط لا أريد النظر !”
كان شي دوو يعشق رؤيته هكذا
فكلما احمر وجهه وتجنب النظر إليه ، ازداد رغبته في مضايقته
: “ لم يبقَ سوى ساعة قبل أن نتجمع في الأسفل ، والوقت ضيق ...
ما رأيك أن نستحم معاً ؟
سأساعدك في غسل ظهرك .”
وأثناء كلامه ، كان يدفع شين آنتو للخلف حتى بلغ حافة السرير
فقد توازنه وسقط على السرير
فاستغل شي دوو الفرصة وثبته في مكانه ،
ممسكاً بمعصميه بيد واحدة ،
بينما الأخرى تسللت تحت كنزته الصوفية
كانت قوة شي دوو ساحقة ، ولم يستطع شين آنتو الإفلات
وكل ما استطاع فعله هو الصراخ: “ شي دوووو
اتركني ! ماذا تفعل ؟!”
حتى وهو يحاول رفع قميصه ، ظل تعبير شي دوو رسمياً تماماً
بل إنه سأل بنبرة متعمدة : “ لماذا لا تدعني أخلع ملابسك؟
ما الأمر ، هل أنت فتاة ؟”
: “ ما الذي تهذي به!” ارتبك شين آنتو
لم يستطع السماح لشي دوو بأن يخلع قميصه—لم يستطع أن يراه
حاول ركله بعيداً ، لكن شي دوو كان قد توقع الحركة ،
فثبته بركبته في مكانه
: “ شي دوووووو انهض عني ! توقف عن رفعه ! لا تنظر !”
لاحظ شي دوو مقاومته الغريبة
تجاهل الاحتجاجات ورفع طرف كنزته ، لكنه تجمّد عند ما رآه
خصر وبطن شين آنتو الشاحبان كانا مغطَّين بكدمات واسعة،
ليست تلك التي يتركها حادث عرضي، بل آثار وحشية
لقبضات شخص ما
تجمّد بصر شي دوو على الكدمات : “ من فعل بك هذا؟”
لم يفهم شين آنتو سبب التحوّل المخيف في ملامح وجه شي دوو ،
لكنه لم يرغب أن يثقل عليه بفوضى عائلة شين —
“ سقطت…”
: “ أنت تكذب ! "
اشتدت قبضة شي دوو دون وعي،
مما جعل شين آنتو يتألم
فأطلقه على الفور وأعاد ترتيب ملابسه، لكنه لم يبتعد
ظل مرتكزاً فوقه ، كفيه على جانبي رأسه، وعيناه ثقيلتان بالمشاعر
: “ شين آنتو .. إنهم لا يعاملونك كما يجب .
تعال وعش معي بدلاً من ذلك .”
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق