القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Extra8 | DSYOM

 Extra8 | DSYOM


[ الأخ الأصغر ]


رغم أنّها كانت فترة الظهيرة ، إلا أن إضاءة المطعم 

مضبوطة على وهج دافئ خافت


غُطيت الطاولة بمفرش أبيض ناصع،  

وفوقها كؤوس نبيذ كريستالية


وحين قاد النادل شو تشي إلى مقعده ، 

كان رجل نحيل في منتصف العمر يجلس بالفعل أمامه


قال شو تشي وهو يناوله الملف الذي يحمله :

“ الأستاذ وي "


أخذ الرجل الملف ، مرّره إلى السكرتير الجالس بجانبه ، 

وأشار إلى شو تشي بالجلوس


شو تشي:

“ أشكرك على مساعدتك الكريمة أستاذ وي "


ابتسم الرجل :

“ إنه مجرد عمل . 

عليك أن تشكر نفسك لأنك دفعت بسعر الاستحواذ إلى هذا 

الحد المنخفض ….” ثم ألقى نظرة سريعة عليه:

“ لديك موهبة في حرب المعلومات .”


شو تشي:

“ ألا تريد أن تعرف من أين جاءت تلك المعلومات أستاذ وي؟”


ضحك الرجل :

“ أنا لست محامي ، ولا قاضي ، ما فائدة الحديث عن عدالة الإجراءات ؟”


أنهى السكرتير قراءة الأوراق ، أعادها إلى الملف ، 

وقدّمها للرجل ، 

وضع الرجل كفه فوقه وقال :

“ اطلعت على تقريركم المالي للربع الثاني . 

يبدو أن المشروع يتقدّم جيدًا هذا العام . 

بحلول نهاية السنة، من المفترض أن تبدأ الشركة بتحقيق أرباح أليس كذلك ؟”


أجاب شو تشي : “ صحيح ، شكرًا لثقتكم بنا . 

لن أنسى أبدًا فضل استثماركم الأول .”


حين تأسست الشركة ، كان يركض بين مؤتمرات الاستثمار المختلفة ، 

وحتى يتعقّب رواد الأعمال الذين أنهوا للتو محاضرات في الجامعات ، 

لكنه كان يُرفض في كل مرة ،

كانوا مجرد مجموعة من طلاب جامعات ، بلا علاقات ، 

بلا خلفية ، 

جدد في السوق ولا يملكون البلاغة الكافية لإقناع المستثمرين ،


حين بدأ الفريق يفقد الأمل ، اتصل بهم أحد رواد الأعمال 

الذين زاروا مؤتمر الشركات الناشئة ، 

وأبدى استعداده لتقديم بعض الأموال ——


في جولات التمويل الثلاث ، كان هناك مستثمرون ساهموا 

بمبالغ أكبر ، 

والأستاذ وي نفسه ضاعف لاحقًا استثماراته ، 

لكن الاستثمار الأول كان ذا معنى مختلف


كان يمثل اعتراف ، يعني أن أفكارهم قابلة للتحقق ——- 

وكان شو تشي ممتنًا لذلك الاعتراف بعمق


لكن الرجل الجالس أمامه عبس بحاجبيه قليلًا وسأله بدهشة :

“ ألم تكن تعلم ؟”


ازداد ارتباك شو تشي


الرجل:

“ ظننت أن والدتك أخبرتك بالفعل . 

الاستثمار الأول كان بتكليف منها ، لأقدمه إليك ”


شعر شو تشي بطنين يملأ صدغيه :

“ ماذا ؟”


الرجل:

“ إنها مستشارتي في مبيعات الملابس ، وكنا على معرفة لا بأس بها . 

جاءتني وطلبت أن أستثمر مالها فيك . 

أما أنا فقد واصلت الاستثمار لاحقًا لأنكم أثبتم قيمة شركتكم . 

لكن المستثمر الأول كان والدتك وليس أنا .”



لم يعرف شو تشي كيف خرج من ذلك المطعم ——-


فتح هاتفه ، بحث عن رقم والدته ، 

وأبقى إصبعه معلّقًا فوق زر الاتصال طويلًا ، 

لكنه في النهاية لم يضغطه


عاد إلى مكتبه وجلس إلى مكتبه طيلة فترة ما بعد الظهر، 

متخذًا قرارًا


———


حين عاد إلى المنزل ، كانت أضواء غرفة المعيشة مضاءة بالفعل


لكن التلفاز لم يكن مشغَّلًا ، وجلست شو تشييا إلى طاولة الطعام ، 

تحدّق في هاتفها وهي تتصفّح مقاطع التيكتوك 


كان هذا المشهد أشبه بدائرة لا تنتهي


تقدّم شو تشي إلى الكرسي المقابل لها، سحبه وجلس ، قال:

“ كيف عرفتِ كلمة المرور الجديدة ؟”


أطفأت شو تشييا الشاشة وقالت :

“ ذلك الفتى أخبرني .”


أخذ شو تشي نفسًا عميقًا :

“ التقيتِ بجيانغ يو ؟”


أجابت :

“ نعم ، إنه في غرفة المكتب ، 

قال إنه لن يزعجنا ونحن نتحدث .”


نظر شو تشي إلى والدته ، تردّد قليلًا ثم قال أخيرًا:

“ إنه الشخص الذي أحبه .”


خيم الصمت على شو تشييا —- وبعد وقت طويل تكلّمت:

“ هذا مؤسف حقًا .”


: “ لماذا ؟”


: “ يبدو كطفل تربّى وسط محبة .”


أدار شو تشي رأسه نحو باب غرفة المكتب المغلق وقال:

“ في الواقع الأمر ليس تمامًا كذلك . 

إنه فقط… يمتلك قدرة خاصة . 

أن يحب ويُحَب كلاهما سهل بالنسبة له "


لم تجب شو تشييا


لم يكن شو تشي متأكدًا إن كانت تفكر في السبب الذي 

جعل الأمر صعبًا عليهما إلى هذا الحد


قطع الصمت قائلًا :

“ لماذا لم تخبريني بشأن الاستثمار ؟”


نظرت إليه والدته بعينين جعلا قلبه يؤلمه :

“ لأن ما كنتَ تحتاجه آنذاك هو ثقة مستثمر ، وليس اعتراف أم "


أنزل شو تشي رأسه محدّقًا بالطاولة :

“ لا يوجد ما يستحق الاعتراف ”


شو تشييا:

“ لو لم أكن مهووسة إلى هذا الحد بفتح متجر ، 

لما أصبحتَ على هذه الحال ،

لم أفكر سوى في البدء من جديد ، ولم أضع مشاعرك في الحسبان . 

قلتَ إنك لا تحتاج إلى مالي ، ولم أرغب أن أشتري غفرانك بالمال .”


شو تشي:

“ مصدر هذه العقدة ليس أنتِ . بل أولئك الذين أنتقم منهم الآن . 

لا مجال لحديث عن الغفران .”


غرق الاثنان في الذكريات ؛ منذ لحظة وصولهم إلى بكين ، 

ومنذ تلك القضية الجنائية ، بل حتى قبل ذلك ، 

حين بدا أن الحياة قد تهاوت بالفعل ،


شو تشييا:

“ لماذا لم تخبرني بشأن ضربك ؟”


في ذلك الصمت الطويل ، بدا لشو تشي وكأنه يرى الماضي كله


عائلتهم لم تكن بارعة في التواصل ، 

بما في ذلك والده الراحل


لم يعرف أحد ما الذي كان يجول في قلبه في اللحظة التي أمسك فيها بالسكين


أخرج شو تشي وثيقة وبطاقة ، ودفعهما عبر الطاولة نحو والدته


ألقت شو تشييا نظرة على البطاقة ثم هزّت رأسها:

“ لا أحتاج أن ترد لي المال .”


شو تشي:

“ هذا ليس ردًا ، بل أرباح . أنتِ أول مستثمر في الشركة ، 

ومن الطبيعي أن تملكي أسهماً .”


انتقل بصرها من البطاقة إلى الوثيقة

“ وما هذه ؟”


: “ افتحيها وانظري "


و ببطء ، أخرجت شو تشييا الوثيقة ، وتوقفت يدها حين 

وقعت عيناها على العنوان البارز


[ اتفاقية إيجار متجر ]


شو تشي:

“ لنفتح المتجر من جديد . 

في ذاكرتي، كانت أمي أسعد ما تكون وهي تدير عملها .”


حدّقت شو تشييا طويلًا في الاتفاقية ، ثم رفعت رأسها ، 

مترددة في الكلام


شو تشي:

“ لم تعودي بحاجة لإرسال الرسائل النصية باستمرار 

لتذكيري بتناول الدواء ، 

ولا للمجيء كل يوم لتتأكدي إن كنتُ قد تعرضت لنوبة ، 

ولا للقلق والبحث عني بقلق إذا لم أجب على اتصالاتك ، 

الآن يوجد من يرافقني إلى المستشفى ، و يذكرني بالدواء ، 

ويتأكد من أنني أرتاح جيدًا ،

سأأكل جيدًا ، وأرتاح جيدًا ، وأعيش بصحة .”


قد لا يكونان من نوع الأم والابن الذين يتواصلون يوميًّا بحديث حميم ، 

لكن كلًّا منهما يستطيع أن يعيش حياته الخاصة ، 

منفصلَين بسلام ،


شو تشي :

“ لا داعي للقلق ، سأكون بخير .”


تأمّلت شو تشييا ابنها بعمق للحظة ، 

ثم نهضت ومشت إلى الجهة الأخرى من الطاولة


فتح شو تشي ذراعيه ليعانقها





وبعد أن ودّع والدته ، دخل غرفة المكتب  ، 

رأى جيانغ يو جالسًا إلى المكتب يقرأ كتاب


وحين رأى شو تشي يقترب ، ابتسم باعتذار وأعاد العلامة إلى صفحات الكتاب

قال وهو يميل برأسه نحو الباب :

“ شعرت بالملل قليلًا ، وصادفت هذا الكتاب . 

أردت أن أرى إن كان بوسعي التعرّف على بعض الكلمات . 

هل غادرت العمة ؟”


أجاب شو تشي:

“ نعم .”


قال جيانغ يو بنبرة يعتريها شيء من الذنب :

“ أنا من أخبرتها بكلمة المرور… 

قالت إنها تريد التحدث معك…”


رفع شو تشي يده يربّت برفق على شعره :

“ لا بأس ، افعل ما تشاء .”


وبشعور وكأنه مُنح إذنًا مطلقًا ، قال جيانغ يو بنبرة غامضة:

“ أريد أن أريك شيئ .”


: “ ماذا ؟”


أخذ جيانغ يو قلمًا من الحامل ، 

وأمسك بورقة مطبوعة من أحد الجوانب ، 

ثم قلبها وبدأ يخطّ على ظهرها ،


كانت قبضته على القلم غير متقنة ، والكتابة صعبة عليه، 

فكان يضغط بقوة تاركًا حفر عميقة في الورق


راقبه شو تشي وهو يكتب بجهد حتى أنهى أخيرًا ، 

ثم رفع الورقة ملوّحًا بها بفخر


على الورقة منقوشة بعمق كلمتان : [ شو تشي ]


جيانغ يو:

“ أصبحت أستطيع كتابة اسمك الآن .”


مرّر شو تشي أصابعه على الحروف المائلة ، 

يستشعر التجويفات الطفيفة مزيج المحبة والجهد


طوى الورقة بعناية ، وحفظها بوقار ، ثم التفت إلى جيانغ يو


جيانغ يو :

“ أستطيع كتابة اسمك فقط .”


كانت نبرة جديّة نادرة على لسانه ، وعيناه مثبتتان بتركيز على من أمامه


وبعد لحظة، أدرك شو تشي أخيرًا ما الذي يعنيه


لم يكن ذلك إعلان قدرة ، ولا طلبًا للمديح ؛ بل كان اعتراف


اندفعت أشعة الشمس عبر النافذة ، فملأت الغرفة بضوء ذهبي


مدّ شو تشي ذراعيه واحتضنه بقوة ، 

كأنه يمسك بالشمس ذاتها


قال بصوت مبحوح:

“ أنا آسف .”


لم يفهم جيانغ يو سبب اعتذاره ، لكنه رفع يده ووضعها على ظهره


——- قبل فترة —-  سأل شو تشي جيانغ يو عن أساليب عمل العاملة المنزلية ، 

كان الأمر تمامًا كما ظن زميله القديم في الصف ،


لقد كانت فرصة مثالية للتحرّك والتجسس على مواد البناء ، 

وصعوبة الحصول على المعلومات تكاد تكون معدومة —- ،


والأدهى من ذلك ، أن نهاية الخطة لم تكن سوى : جيانغ يو


طالما أنه يختلق أي عذر ، فإن جيانغ يو سيفعله من أجله


{ لا .. لم أكن بحاجة حتى إلى عذر ؛ جيانغ يو كان سيوافق مباشرةً … 


جيانغ يو دخل عالمي . وأصبحنا شريكين في الجريمة ...


وكان هذا أشبه بأقوى علاقة ارتباط في العالم }


وما إن خطرت له هذه الفكرة حتى ارتبك 


{ ماذا كنت أفعل ؟ …


لقد فقدت كل الحدود ، 

لكن إن صار جيانغ يو جزءًا من خطتي ، فلن أبقى إنسانًا بعد ذلك … }


في بلدته القديمة ، كان كثير من أقاربه يمارسون البوذية ، 

فيحرقون البخور ويسجدون للعبادة كل صباح


أما هو فلم يكن يؤمن بأي ديانة ، ولا بوجود آلهة أو بوذا في 

العالم يمنحون الخلاص ، أو الكارما ، أو التناسخ


{ لكن إن كان هناك شيء في حياتي يمكن أن يقترب من بوذا ،،،، فهو جيانغ يو …..


إنه يفهم كل شيء ، 

ويغفر كل شيء ، 

ويعوضني من كل شيء 


كانت أمي محقّة ، إنه لأمر مؤسف حقًّا …

كل ما أملكه لا يُعير جيانغ يو اهتمامًا ؛ وكل ما أفتقر إليه ، 

كان جيانغ يو قد امتلكه منذ زمن …. 


لست قادرًا على منح جيانغ يو أي شيء ، 

ومع ذلك …. يظلّ جيانغ يو يأتي إلى جانبي


ما كنت أتوق إليه وأحنّ إليه ، امتلأ بهذا الشكل ….

بهذه البساطة ، بهذا السخاء …. }


دفن شو تشي وجهه في الكتف النحيل للشخص بين ذراعيه، 

فرأى بطرف عينيه كتاب الشعر على المكتب

قال:

“ هل تتذكّر هذا الكتاب ؟”


اتّسعت عينا جيانغ يو :

“ هل أنا رأيته من قبل ؟”


شو تشي : “ نعم , قبل أكثر من عشر سنوات ، في العيادة "


….


حينها قد التوى كاحل شو تشي ، وكان يضع كمادة ثلج على ساقه ( نهاية اكسترا 2 تقريباً )


أما جيانغ يو فكان جالسًا على سرير آخر ، يلعنه بهدوء


ظلّ طريح الفراش لوقت طويل ، لا يستطيع الحراك


 قلق جيانغ يو أن يملّ شو تشي ، فسأله :

“ هل تريد أن تقرأ كتاب ؟”


لقد تذكّر أنه كان يحبّ القراءة


فقال شو تشي إن هناك كتاب شعر على الطاولة لم يُنهيه بعد ، 

فركض جيانغ يو إلى الصف وأعادها له


قال جيانغ يو وهو يسلّمه الكتاب :

“ أنت مذهل حقًا "


في ذلك العمر ، كان قليل من الأطفال يحبون قراءة كتب الشعر


لم يكن جيانغ يو يفهم الشعر ، لكنه كان يعلم أن القدرة 

على قراءته وفهمه أمر مبهر


أخذ الفتى الراقد في السرير الكتاب ، ولاحظ أن الآخر في الغرفة لم يغادر ، فقال :

“ سأقرأ ، ماذا ستفعل أنت ؟”


فكّر جيانغ يو قليلًا ثم قال:

“ اقرأه لي "

وإن كان لا يفهم الشعر ، فقد أراد أن يسمع صوته


ففتح الفتى الصفحة التي وُضعت فيها العلامة ، 

وبدأ يقرأ بصوت خافت :


“ لقاءُ إنسانٍ في الحياة

هو أمرٌ يبعث الدهشة حقًا

لأنه يأتي حاملاً ماضيه ، حاضره ، ومستقبله

إذ تجيءُ حياةُ المرء كاملةً معه

ولأنها هشة

فقد يكون القلب قد تحطّم يومًا

القلبُ يأتي هو أيضًا

قلبٌ لا يهدأ إلا بنسيم لطيف

حتى لا يتأذّى

وإن استطاع قلبي أن يُشبه ذلك النسيم

فبوسعه أن يصبح مأوى رحيمًا ”



نهاية اكسترا [ الأخ الأصغر ] 🩵

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي