القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch5 برج الأبروش

 Ch5 برج الأبروش



بعد أن أوقف فانغ هاو سيارته في المرأب ، صعد إلى الطابق العلوي ،، 

ربما بسبب انتقاله مؤخرًا من نوبات العمل الليلية إلى النهارية ، 

اختلّ إيقاعه البيولوجي قليلًا ، حتى إن شهيته لم تكن كبيرة


منزله يقع في مجمّع سكني قريب من المطار


صحيح أنّ مراقبي الحركة الجوية لا يحصلون على رواتب عالية جدًا ، 

إلا أن المهنة مستقرة ، وتوفّر العديد من المزايا ، 

مثل السكن وعدة تأمينات اجتماعية ،، 

و بعد أن رتّب بعض أغراضه ، خطّط للذهاب في جولة ليلية 

للركض حتى يُصفّي ذهنه 


منذ أيام دراسته الثانوية وهو ضمن فريق ألعاب القوى ، 

واستمر في هذا الشغف لأكثر من عشر سنوات


اعتاد أن يركض يوميًا لمسافة عشرة كيلومترات ، وإذا أراد 

المشاركة في سباق لتحسين رقمه الشخصي ، فإنه يتّبع 

خطة تدريب أكثر صرامة


لكن منذ أن تم تكليفه بالعمل في مطار داشينغ، أصبحت 

نوبات عمله أكثر كثافة ، مما صعّب حصوله على قسط كافٍ 

من الراحة بعد المناوبات الليلية


لذا نادرًا يركض أكثر من خمسة عشر كيلومترًا في النهار


وبينما يغيّر حذاءه الرياضي ، رنّ هاتفه برسالة جديدة


نظر فانغ هاو إلى الشاشة فرأى اسم المرسِل: [ غو تشون ]

: [ فانغ هاو هل تعمل في عطلة نهاية الأسبوع؟ 

هل تودّ المجيء إلى منزلي لتناول مشروب ؟ ]


المفاجأة أن غو تشون كتب اسمه المكوَّن من حرف واحد ' هاو ' بشكل صحيح

{ حقًا ، يستحق لقب الطالب المتفوق } ابتسم فانغ هاو 

وقيّمه بإعجاب صامت 


فانغ هاو قد التقى بغو تشون قبل أسبوع فقط في حانة مخصّصة للمثليين


بدا غو تشون رجلًا ناجحًا في مهنته، يعمل محلّلًا ماليًا أنيق المظهر ، حسن السلوك ، وجذّاب


ورغم أنّ فانغ هاو لم يكن معجبًا به كثيرًا ، إلا أنّه وجده لطيفًا ، مهذّبًا ، ومُريح للنظر


تذكّر أنه شرب كثيرًا في تلك الليلة ، ثم رافق غو تشون إلى 

شقته الفسيحة في الشارع المالي


و واصلَا الشرب هناك ، وانتهى بهما الأمر بقضاء الليلة معًا


كان انطباعه عن تلك الليلة شبيهًا بانطباعه الأول عن غو تشون

ليس جيّد جدًا ولا سيّئ


لكن بما أنّ غو تشون كان مؤدبًا وترك له زمام المبادرة ، لم تكن التجربة مزعجة


بل إن فانغ هاو فكّر أنّ تكرار الأمر ليس مستبعدًا


ثم تذكّر أنّ بعد الجنس ، وجد نفسه غارقًا في العرق ، 

و استلقى على سرير غو تشون و دخّن سيجارة الاستمتاع 

عندها سأله غو تشون


غو تشون : “ هل أنت طالب ؟” فجأة جلس كمن أصابه الذعر : “ طالب جامعي ؟”


ردّ فانغ هاو بهدوء :

“ عمري تسعة وعشرون سنة .”

مظهره الشاب ، مع قصة شعر قصيرة كالمجندين، غالبًا 

تجعل الآخرين يشكّون في عمره الحقيقي


غو تشون: “إذن، أين تسكن؟”


أجاب فانغ هاو: “في داشينغ.”


لم يكن متأكدًا إن كان غو تشون يحكم عليه من خلال هذا الجواب، لكنه لم يهتم

ففي النهاية ، لقاؤهما مجرد لقاء بين شخصين انسجموا معًا ، 

و لم يكن الأمر مرتبطًا بالعلاقات المهنية أو المصالح


تابع غو تشون سؤاله : “ وماذا تعمل ؟”


أجاب فانغ هاو بلا تردد :

“ أعمل في مراقبة الحركة الجوية ، تحديدًا في إدارة الملاحة الجوية . 

لهذا أعيش بالقرب من مطار داشينغ”


كانت هذه المهنة غير معروفة للكثيرين ، ومن الواضح أن 

غو تشون لم يسمع بها من قبل. فسأل:

“ هل يعني ذلك أنك مثل شرطي المرور ؟”


ابتسم فانغ هاو :

“ يمكن القول أنه شيئ قريب من هذا .”


لكن الحقيقة أنّ تشبيه مراقبة الحركة الجوية بشرطي المرور ليس دقيقًا


فالمراقبة الجوية مهمة معقّدة تتم في فضاء ثلاثي الأبعاد، 

من مهمة تحديد الاتجاه والموقع ، و أيضًا إدارة السرعة والارتفاع ، مع مراعاة خصائص كل طائرة وحجمها ،

يعتمد كل مراقب على خبرته الواسعة ، وسرعته في 

استرجاع المعلومات ذهنيًا ، لضمان الدقة والكفاءة في كل 

لحظة ، وللحفاظ على السلامة باستمرار


ومع ذلك ، لم يكن فانغ هاو ينوي تلميع مهنته أو جعلها تبدو براقة ، 

فهي في الواقع غالبًا تكون مليئة بالضغط وقليلة العائد ، 

فذلك الإحساس بالإنجاز بعد النجاح في إدارة تدفّق كثيف 

للحركة الجوية ، أو ذلك الارتياح والرضا بعد إنقاذ الموقف 

في أزمة محتملة ، أمور لا يمكن لمعظم الناس أن يدركوها


فرح هذه المهنة ، حزنها ، وصعوباتها لا يعرفها إلا من يعمل في هذا المجال


و لم يظن فانغ هاو أنّ غو تشون قد يُلغي موعدهما بسبب مهنته ، وبالفعل بعد أسبوع تلقّى رسالة منه


أغمض عينيه وفكّر فيما إذا كان عليه الذهاب أم لا


كانت المسافة من منزله إلى منزل غو تشون تستغرق قرابة ساعة بالسيارة ، 

وكان يعتبر ذلك معيارًا جيدًا للحكم على 

جدّية الطرف الآخر


لطالما قال لنفسه : الشخص المستعد لقيادة ساعة كاملة 

من أجل موعد ، لا بد أنه مهتم فعلًا


وربما شعر غو تشون بتردده ، فسارع بإرسال رسالة أخرى:

[ ما رأيك أن آتي أنا هذه المرة إلى منزلك ؟ ]

ثم أرسل بعد قليل رسالة ثانية :

[ وربما نتناول عشاءً معًا ؟ ]



هذه المرة ، لم يجد فانغ هاو سببًا لرفض الدعوة


كان غو تشون يشبه قليلًا حبيبه السابق لو جياوي


كلاهما موظفان في مكاتب أنيقة ، يعيشان حياة مستقرة بدخل ثابت ، 

وحتى كانا متشابهين بعض الشيء من الخلف ، 

مرّ عامان منذ أن انفصل فانغ هاو عن لو جياوي، 

وهو انفصال نهائي بسبب خيانة لو جياوي


لكن حتى بعد ذلك ، ظلّت محادثاتهما التي جرت بعد 

الانفصال عالقة في ذهنه


فبدلًا من أن يكون لو جياوي صريحًا ويطلب الانفصال ، 

فضّل أن يخاطر وظلّ يخونه مرارًا وتكرارًا ، 

مع أنه كان يحتفظ بمفتاح منزل فانغ هاو


كان من الصعب على فانغ هاو تقبّل هذا منطقيًا أو عاطفيًا


صحيح أن لو جياوي هو من كان يُلاحقه في البداية ، 

بينما فانغ هاو لم يشعر بانجذاب فوري نحوه ، 

لكنه مع الوقت بدأ يقدّر وجوده واستثمر الكثير في العلاقة ،


إلى أن جاء ذلك اليوم…

بعد أن أنهى فانغ هاو نوبتين ليليتين متتالية ، قاد سيارته 

لأكثر من ساعة كي يفاجئ لو جياوي في منزله


لكنه ما إن دخل ، حتى وجده متشابكًا مع شاب وسيم في غرفة المعيشة


لو جياوي محامي في شركة محاماة دولية كبرى ،

فصيح اللسان، ولم يبدو عليه الارتباك حتى حين ضُبط متلبسًا

و بعد ذلك ، وجد كلاهما فرصة للجلوس والتحدث


بدا أن لو جياوي قد استعد مسبقًا ؛ ففي أثناء الحوار اعترف قائلاً :

“ حياتنا أصبحت مملة جدًا . أردت إنهاء العلاقة منذ وقت 

طويل ، لكنني لم أجد طريقة لأخبرك . 

في كل مرة حاولت ، كنت تغضب ، وتبدأ بالانهيار إن خرجت 

الأمور عن سيطرتك ، فظللت أؤجل . 

لكنني الآن سئمت من نفسي ومن رؤيتك على هذه الحال . 

لم أعد أعرف ما الخطأ تحديدًا . ولهذا لم أرغب بلقائك 

كثيرًا في الأشهر الماضية…”


فكّر فانغ هاو ببرود أن لو جياوي يحاول التلاعب بمشاعره


ما ارتكبه لو جياوي كان خطأ واضحًا ، ومع ذلك نجح في 

جعله يشعر وكأنه هو المخطئ


في البداية كان فانغ هاو قد عزم على لقاء لو جياوي لإنهاء 

العلاقة والمضي قدمًا، لكنه لم يتوقع أن يختلق الأخير عذرًا 

واهيًا وضعيفًا كهذا


وفي ذلك الوقت ، كان لا يزال يحمل له مشاعر ، لذا غرق في البؤس والظلم


لم يفهم فانغ هاو طوال تلك المحنة ما الخطأ الذي ارتكبه 

ليصبح وجوده نفسه عبئًا يثير ضيق لو جياوي


لكنه لطالما كان عاجزًا عن مجادلته ، فلم يجد سوى أن يغادر 


ومنذ ذلك الحين ، بقي أعزبًا لعامين كاملين دون أن يتوقع ذلك


خلال هذه الفترة ، لم يحاول بجدية للبحث عن علاقة جديدة


أحيانًا ، حين يذهب إلى الحانات أو يسترخي مع أصدقائه ، 

إن صادف شخصًا ينسجم معه ، يخرج معه كما فعل مع غو تشون قبل أسبوع


لكن غالبًا يكتفي بالبقاء في شقته في داشينغ ، يحتسي مشروب ، و يقرأ الكتب ، و يخطط لجولات الركض الطويلة ، 

وأحيانًا يقضي أمسيات أفلام عن بُعد مع شقيقه الأصغر فانغ شنغجي ، 

و هكذا استقر على حياة هادئة تدور بين المطار ومنزله —-

{ ربما … أنا فعلاً شخص ممل ، كما يقول لو جياوي دائمًا }


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي