القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch43 الخطاف الخلفي

 Ch43 الخطاف الخلفي

 


استيقظ تشو تشيتشن من ذلك الحلم المفزع ، 

ولم يستطع النوم بعدها مجددًا ،

ظلّ مستلقيًا على السرير ، يحدّق في السقف بعينين 

مفتوحة ، حتى مضت فترة طويلة ، 

ثم سمع فجأة صوت ارتطام قويّ بالباب ، 

جعله ينتفض من مكانه ،


الصوت حادّ لدرجة أنه تحرك بغريزة دفاعية ، 

و مدّ يده إلى درج الطاولة الجانبية كأنه يبحث عن شيءٍ 

يمسكه ، وكأنه يستعدّ لمواجهة طارئٍ ما


بعد لحظات ، أضاء ضوء الصالة ، وسمع صوت عجلات 

حقيبة تسحب على الأرض ، 

ثم صوت حقيبة ظهر وُضعت أرضًا ،

عندها فقط أدرك أن القادم ليس غريبًا — بل هو لانغ فنغ


دخل لانغ فنغ متلمّسًا الطريق في الظلام وقال بصوتٍ خافت:

“ آسف ، الحقيبة اصطدمت بالباب… أزعجتك أليس كذلك ؟”


ربما خشِي أن تزعجه الإنارات ، فلم يشغل مصباح غرفة 

النوم ، وكاد أن يتعثر بحقيبة أخرى موضوعة عند المدخل


كان تشو تشيتشن لا يزال نصف نائمٍ ونصف يقظ ، 

لكن ضجيج دخوله جعله يبتسم ، 

فمدّ يده وأضاء مصباح إنارة السرير ،

قال له وهو يعتدل قليلًا :

“ لا بأس ، لم أكن نائمًا أصلًا . 

لكن أنت… هل أخذت إجازة مجدداً ؟”


كان مظهر تشو يدلّ على أنه لم ينوَي النوم أصلًا — 

و لا زال يرتدي ملابس مرتبة وليس بجامة ، 

يرتدي تيشيرت أسود وبنطال طويل ، 

و مستلقي فوق البطانية وليس تحته ، 

وفوقه شرشف خفيف فقط 


لم يُجب لانغ فنغ على سؤاله ، بل خلع معطفه ورماه على 

الأرض ، ثم تقدم نحوه وعانقه بقوة


كان عناقه دائمًا صادقًا وثقيلاً ، بلا تحفظ ، واليوم كان أشدّ 

دفئًا من أي وقتٍ مضى


وفي تلك اللحظة فقط، أدرك تشو تشيتشن أنه لا يتذكر آخر 

مرة عانقه أحد بهذه القوة —

لا والداه فعلا ذلك ، ولا أي حبيب سابق ،

أقرب ما اختبره لمثل هذا العناق كان وداع رفيق سلاح ، 

لكن الصداقة ليست الحب


و عناق لانغ فنغ حمل معه دفئًا حقيقيًا ، وقوةً جعلت 

أنفاسهما تتناغم كأنهما يتنفسان برئة واحدة


شعر تشو بضيق طفيف في صدره من شدّة العناق ، 

فتنحنح قليلًا وقال مبتسمًا:

“ حسنًا ، كما ترى ، لم أفقد ذراعًا ولا ساق ، 

ما زلت كما كنت في أخر مرة رأيتني فيها .”

ابتسم له بخفة وربت على المكان الذي بجانبه إشارةً له أن 

يستلقي معه


لكن لانغ فنغ لم يبتسم ، ولم يتحرك ، 

و ظلّ جالسًا على حافة السرير ينظر إليه بهدوء وسأل :

“ لا تستطيع النوم ؟”


أجابه تشو تشيتشن وهو يتنهد:

“ ليس تمامًا ، نمت قليلاً ثم استيقظت بعد الثانية أو الثالثة 

فجراً. ربما لأنني في إجازة منذ يومين ، لست معتادًا على 

البقاء دون عمل .”


تأمل لانغ فنغ كلامه بصمت للحظات ، ثم خلع سترته 

وحذاءه ، واستلقى بجانبه ، ممسكًا بمعصمه كأنه يخشى أن يبتعد


قال بهدوء :

“ هل… تريد أن تتحدث قليلًا ؟”


ردّ تشو بابتسامة باهتة :

“ عن ماذا ؟ عن الحادث ؟”


: “ إن كنت ترغب في الحديث ، فسأستمع ،،

وإن لم ترغب ، يمكننا أن نفعل شيئ آخر "


لم يُجب تشو تشيتشن فورًا ، بل أمسك بيده وربت عليها ،


اكتشف أن الصمت بينهما بعد أن أصبحا معًا لم يعد ثقيلًا ، 

بل صار طبيعيًّا ومريحًا


لذا لم يستعجل لانغ فنغ في سؤاله أو إصراره ، 

بل انتظر بصبر حتى يُنهي تشو تشيتشن تفكيره ،


وبالفعل ، فكر تشو تشيتشن بصدق ، وبعد دقيقة أو 

دقيقتين قال بهدوء:

“ كان ذلك قبل ثلاث سنوات ، في صباحٍ من شهر أكتوبر ، 

حين كنتُ أتدرّب في قاعدة تشوشان البرية .

كانت في الأصل مناورة تدريب عادية ، ولو لم يقع أي طارئ، 

لكنا أنهينا المهمة قبل الحادية عشرة ظهرًا ….”


اتسعت عينا لانغ فنغ وهو ينظر إلى وجهه الجانبي، لكن تشو

تشيتشن لم يلتفت نحوه


عيناه تتأملان النافذة التي تُركت مفتوحة قليلًا ، 

والرياح تدخل منها صارخة كما لو أنها تجرّ وراءها ذكرياتٍ بعيدة


فهم لانغ فنغ أنه لا يتحدث عن الحادث الأخير في الجسر ، 

بل عن حادث التحطم قبل ثلاث سنوات ، حين كاد يفقد حياته


قال تشو تشيتشن بصوت خافت :

“ بعد الإقلاع بدقيقتين تقريبًا ، وقعت المشكلة ... 

اصطدمت طيور بالمحرّك ، وسمعتُ صوت الانفجار .

المقاتلة صغيرة ، وموقع الجلوس قريب من المحرك ، 

فظننتُ لوهلة أن التدريب تحوّل إلى معركة حقيقية ، 

وأن هناك من يطلق النار في السماء ….


بعدها انطلقت صفارات الإنذار ، 

و كل أجهزة التحذير اشتغلت في وقتٍ واحد ، 

وبدأت الطائرة تفقد ارتفاعها بسرعة ، 

ومن خلال الإحساس وحده أدركتُ أن كلا المحركين قد تعطّلا ،

كنتُ على ارتفاع أقل من 495 مترًا، ولم يكن أمامي سوى 

ثوانٍ معدودة لأتصرّف .

أول ما خطر لي: لا بد ألا أسقط في مكان مأهول بالسكان .

والفكرة الثانية : يجب أن أعيش ….



قالوا لي لاحقًا إنني أجريت ثلاث مناورات متتالية — يسارًا ، 

ثم يمين ، ثم يسار مجدداً — وكنتُ أُعدّل وضع الطائرة حتى 

اللحظة الأخيرة ،،،

لكنني لا أذكر شيئًا من ذلك ،، 

الثلاثون ثانية تلك اختفت من ذاكرتي تمامًا ، لا أذكر أي 

بيانات أو تفاصيل ….

ما بقي في ذهني فقط هو الخوف …..

وحين استعدت وعيي ، وجدت نفسي في حقل خضار لأحد المزارعين ...

كنت محظوظ ، فالتراب كان مقلوب حديثًا فخفّف من قوة الاصطدام ...

لكن بسبب الكسور الكثيرة أغمي عليّ من الألم ، 

وعندما فتحت عيني مجددًا كنت في المستشفى ...


أنا لا أكره تذكّر الحادث من أجل نتائجه أو الألم الجسدي — 

فالألم يمكن احتماله ….

ما لا أطيقه هو تذكّر تلك الحالة ، حين يسيطر الخوف على 

كل شيء ، فلا يبقى فيك سوى الغريزة ، 

مجرد رغبة عمياء في النجاة … ذلك الإحساس كان مرعبًا للغاية ..


قبل ثلاثة أيام ، عندما أدركت أن المكابح لا تعمل ، 

عاودني ذلك الشعور مجددًا …..

لكن هذه المرة ، لو فشلت ، فلن تكون حياتي وحدها على 

المحك ، بل حياة أكثر من مئة شخص ...

لهذا السبب كلما أغمضت عيني خلال هذه الأيام ، 

لا أرى الجسر ، بل قمرة قيادة مقاتلة جيان-15 في تلك 

اللحظة الأخيرة قبل القذف ...

الضغط الشديد وتشوش الرؤية… لم أعد أرى شيئ ….

والآن فقط أدركت أن ما تركه ذلك الحادث في داخلي أعمق 

بكثير مما كنت أتصور "


ساد الصمت طويلًا ، ثم قال لانغ فنغ بصوت خافت :

“ أنا آسف "


توقف تشو تشيتشن مذهولًا:

“ لماذا…؟”


تنفس لانغ فنغ بعمق :

“ بشأن تلك المكالمة السابقة "


ابتسم تشو تشيتشن بخفوت :

“ آووه .. كنت متعبًا جدًا وقتها ، ولم أشأ أن أكرر الشرح ،

لا بأس ، المهم أنك جئت .”


كان ظهور لانغ فنغ المفاجئ قد أربكه أصلًا ، 

وفكر للحظة إن كان يجب أن يظل غاضبًا ، 

ثم قرر أن لا جدوى من ذلك ،


أضاف لانغ فنغ بهدوء:

“ في الحقيقة ما كنت أريد قوله هو… كيف حالك ؟ 

هل أنت بخير ؟”


فأجابه تشو تشيتشن بابتسامة صغيرة:

“ المعنى واحد ، لكن طريقة السؤال مختلفة .”


قال لانغ فنغ بجدية :

“ هناك كلمات لا بد أن تُقال .

في المرة القادمة… لا تُغلق الخط في وجهي ، فقط أعطني 

قليلًا من الوقت .”


: “ ممم ، أنا أيضًا لا أرتاح أحيانًا للحديث عن مثل هذه 

الأمور عبر الهاتف. وجهاً لوجه أفضل بكثير ، 

ولم أكن غاضبًا في الحقيقة ، فقط… كنتُ أحاول استيعاب مشاعري ….”

توقف لحظة ثم أضاف بصوتٍ خافت:

“ في الواقع ، بعد أن أوصلت تيانتيان إلى المنزل وجلست 

أهدأ وحدي ، أول ما خطر لي هو أن أتصل بك ،

حتى قادة الشركة أخبرتهم بعدك ، وأصدقائي الآخرون لم 

يتمكنوا من التواصل معي إلا في الصباح ،، 

أنت أول من رغبت في الاتصال به "


عقد لانغ فنغ حاجبيه أكثر وهو يسمعه ، وتذكّر نبرة صوته 

الباردة في تلك المكالمة، وتصرّفاته الرسمية الخالية من الدفء

لكن تشو تشيتشن ابتسم ليطمئنه قائلًا:

“ لا بأس ، لا تفكّر في الأمر أكثر من اللازم . ما دمت أراك 

الآن ، فكل شيء بخير .”


اغتنم لانغ فنغ الفرصة وقال فجأة:

“ في الواقع جئت بسرعة ليس فقط لأنني كنت قلقًا عليك ، 

بل لأن هناك أمرًا أردت أن أخبرك به وجهًا لوجه "


شعر تشو تشيتشن بانقباضٍ مفاجئ في صدره، وقال بتوتر:

“ أنت…”

آخر مرة بدأ لانغ فنغ حديثه بهذا الأسلوب ، انتهى الأمر بخبر 

أن علاقتهما ستصبح عبر قارتين


لكن لانغ فنغ أدرك قلقه فسارع لطمأنته:

“ إنه أمر جيد ، لا تقلق ...”

ثم ابتسم وأضاف:

“ أو على الأقل ، أنا أراه أمرًا جيدًا ...”


أخرج هاتفه ومرّر بإصبعه قليلاً حتى وقف عند بريد 

إلكتروني ، ثم ناوله لتشو تشيتشن


ألقى تشو تشيتشن نظرة واحدة على الشاشة ، 

فتجمّد في مكانه ، ثم نهض من السرير مدهوشًا وأعاد قراءة 

الرسالة من البداية حتى النهاية


الرسالة عبارة عن عرض توظيف رسمي ، 

مكتوبة باللغتين الصينية والإنجليزية —- 

قرأ النسخة الصينية ، ثم عاد ليتأكد من الإنجليزية أيضًا —-


عنوان البريد وتوقيعه في النهاية واضحين تمامًا — 

من شركة هاينان للطيران — ،

لقد استلم قبل سنوات رسالة مشابهة جدًا — ،


لانغ فنغ بهدوء:

“ كنت دائمًا أسمعك تتحدث عن أن هاينان تبحث منذ 

أشهر عن كباتن لطائرات A330، فقررت أن أجرّب حظي "


لم يكن تشو تشيتشن يتوقع أن يفعل لانغ فنغ شيئًا كهذا 

دون أن يخبره، ومع ذلك لم يستغرب كثيرًا — فهذه 

طبيعته ،

لكنه ما يزال غارقًا في الصدمة :

“ وهل… في شينزن؟ أم…”


أجابه لانغ فنغ:

“ في بكين . الشرط الوحيد الذي وضعته — بجانب الراتب 

طبعًا — هو أن تكون القاعدة في بكين .

العرض لم أقبله بعد ، ما زلت أنتظر كلمتك .

إن قلتَ نعم… فسآتي إلى هنا .”


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي